* يسأل الأستاذ حسن عبدالسلام من البتانون منوفية: ما حكم صلاة الجنازة وما فضلها وما حكم رفع اليدين مع كل تكبيرة؟ * * يجيب الشيخ رسمي عجلان من علماء الأزهر: صلاة الجنازة فرض كفاية في الإسلام وأمر بها سيد الأنام "صلي الله عليه وسلم" في أحاديث كثيرة وهي صلاة لا ركوع فيها ولا سجود. ولها فضل عظيم للمصلي والمصلي عليه "المتوفي". فللمصلي قيراط في الجنة وإن شيعها قيراطان لقوله: "صلي الله عليه وسلم": "من شهد الجنازة حتي يصلي عليها فله قيراط في الجنة. ومن شهدها حتي تدفن فله قيراطان. قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين" "مسلم". وأما بالنسبة للمتوفي: فصلاة الجنازة أغلبها دعاء للميت واستغفار له لقول رسول الله: "إذا صليتم علي الميت فأخلصوا له الدعاء". وقوله: "صلي الله عليه وسلم": "ما من مسلم يموت فيقوم علي جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه". قال المناوي: "المقصود بهذه الصلاة الدعاء والاستغفار والشفاعة للميت. ويرجي قبولها عند توفر الاخلاص وحضور القلب. ولهذا شرع في الصلاة علي الميت من الدعاء ما لم يشرع مثله في الدعاء للحي" فقال ابن القيم: "وهذا يبطل قول من زعم أن الميت لا ينتفع بالدعاء له". واتفق الفقهاء علي أن التكبيرات في صلاة الجنازة ركن من أركانها لا تصح إلا به. وجمهور الفقهاء أجمعوا علي أن عددها أربع تكبيرات "الأولي: تقرأ فيها بالفاتحة. والثانية: الصلاة علي النبي بالصيغة الإبراهيمية. والثالثة: الدعاء للميت بإخلاص. والرابعة: يقال فيها: اللهم لا تحرمنا أجره. ولا تفتنا بعده. ثم التسليم". واتفق الفقهاء علي أن رفع اليدين في التكبيرة الأولي واجب. ونقل عن الامام النووي في المجموع "5/ 232" قال ابن المنذر في "الإجماع": "أجمعوا علي انه يرفع اليدين في أول تكبيرة واختلفوا في سائرها". وقال ابن حزم في المحلي "5/ 128": وأما رفع الأيدي فإنه لم يأت عن النبي انه رفع في شيء من تكبيرات الجنازة إلا في أول تكبيرة فقط. فلا يجوز فعل ذلك. وقد ثبت عن النبي انه كبر ورفع يديه في كل خفض ورفع في الصلاة. وصلاة الجنازة ليس فيها خفض ورفع. والعجب ممن يقول برفع الأيدي في كل تكبيرة في صلاة الجنازة. ولم يأت قط عن النبي ذلك. ومنعه من رفع الأيدي في كل خفض ورفع في سائر الصلوات مع انه صح عن النبي ذلك. لكن بعض الفقهاء قالوا: باستحباب رفع اليدين مع كل تكبيرة في صلاة الجنازة. ودليلهم ما رواه البيهقي "4/ 44" بسند صحيح عن ابن عمر قال: "ان النبي كان إذا صلي علي الجنازة رفع يديه في كل تكبيرة وإذا انصرف سلم". وروي عن كثير من السلف رفع اليدين في كل تكبيرة في صلاة الجنازة. لكن بعض الفقهاء قالوا: بعدم الرفع إلا في التكبيرة الأولي فقط واستدلوا بما رواه البيهقي بسند صحيح عن ابن عباس: "أن رسول الله كبر علي جنازة فرفع يديه في أول تكبيرة ووضع اليمني علي اليسري ثم لا يعود". وروي عن سفيان الثوري وإبراهيم النخعي وأبو حنيفة ومالك وابن حزم والشوكاني وغيرهم بعدم الرفع إلا في التكبيرة الأولي فقط. وخلاصة القول: من أخذ برأي الفريق الذي يمنع رفع اليدين في تكبيرات صلاة الجنازة إلا في التكبيرة الأولي فقط "جائز". ومن أخذ برأي الفريق الذي يجيز رفع اليدين في تكبيرات صلاة الجنازة علي الاستحباب "جائز". ولكل من الفريقين دليلهم والأمر فيه سعة فلم الخلاف بسبب أمر ليس من مبطلات الصلاة. وفيه اجتهاد بين الفقهاء والكل مأجور في اجتهاده وكل منهما معه دليله. فلا ينبغي أن يحتد أحد ويتهم من أخذ برأي الفريق الآخر بالبدعة.