فى 29 أبريل الماضى أصدر المستشار نبيل صليب، رئيس محكمة استئناف القاهرة، قرارًا بإنهاء ندب المستشار عادل إدريس قاضى التحقيقات فى قضية تزوير انتخابات الرئاسة 2012، التى تم إسناد التحقيق فيها لإدريس قبل أكتوبر من العام الماضى بعد اعتذار 3 قضاة متعاقبين عن الاستمرار فى القضية. قرار إنهاء ندب إدريس صدر دون إبداء أسباب، ولم ينفذه إدريس الذى أكد استمراره فى عمله بالقضية حتى انتهاء التحقيقات، وفق بيان أصدره إدريس نفسه ووزعته «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية يوم الجمعة 9 مايو الجارى. وفى 12 مايو الجارى بثت الوكالة بيانًا ثانيًا للقاضى إدريس يعلن فيه انتهاء التحقيقات فى القضية، وأنه صار فى مرحلة تحديد المراكز القانونية وتحديد المسؤوليات، وتقدير أدلة البراءة والإدانة فيها، وفى اليوم التالى أصدر القاضى تصريحًا يؤكد فيه أن أحدًا غيره لم يطلع على أوراق القضية. تزامن مع ذلك، وتحديدًا يوم 15 مايو أنْ أذاعت قناة «صدى البلد» وعدة قنوات أخرى أن القاضى إدريس أصدر قرارًا بحبس الرئيس السابق محمد مرسى 15 يومًا على ذمة قضية تزوير انتخابات الرئاسة، وتحدث الكاتب الصحفى مصطفى بكرى عبر برنامجه عن خلاف كبير بين قاضى التحقيق والمستشار صليب، رئيس محكمة الاستئناف على خلفية إصرار صليب على التدخل فى عمل القاضى ومطالبته بالتوقف عن نظر القضية لعدم ملاءمة الظروف الحالية، وعندما لم يجد منه تجاوبًا حاول أن يلغى قرار ندبه، لكنْ إدريس رفض قرار إنهاء ندبه باعتباره غير قانونى، ولكونه قاضى تحقيق يمتلك كل صلاحيات قاضى المنصة فى الاستقلال وعدم جواز العزل، طالما لم يتنح بنفسه عن القضية. ■ ■ ■ كل هذه التفاصيل يتداولها الإعلام ويتداول غيرها حول القضية ذاتها منذ وقت طويل، والشخص الذى يرد اسمه فى كل خبر، وهو المستشار صليب، لا يتحدث ولا يعقب. وإذا كانت هناك علامات استفهام كثيرة حول القضية، فإنها تبدأ من تحريك القضية ومدى تأثيرها على نتيجة الانتخابات السابقة حتى لو أثبتت التزوير، ومدى تأثيرها على الانتخابات الحالية، ومرورًا باعتذار 3 قضاة متعاقبين عن نظر القضية بعد انتدابهم للتحقيق فيها، وانتهاء بمحاولات وقف إدريس. وأول من أمس نشر الزميل على السيد فى «المصرى اليوم» مزيدًا من المعلومات التى تؤكد وجود رغبة لمنع القاضى من استكمال عمله، وأخطر ما جاء فى هذه المعلومات أن قاضى التحقيق أصدر قرارًا باستدعاء أعضاء اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية السابقة للمثول أمامه وأخذ أقوالهم، غير أنه لم يمثل أمامه سوى المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس محكمة استئناف القاهرة سابقا، مما دفع إدريس إلى إصدار «ضبط وإحضار» لأعضاء اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية السابقة عبر النيابة العامة بعد فشل كل المحاولات الودية معهم للمثول أمامه للاستماع لأقوالهم. وفى اليوم نفسه نشر الزميل هشام الميانى فى «بوابة الأهرام»، أن المستشار إدريس، أقام دعوى قضائية أمام دائرة رجال القضاء ضد المستشار صليب، لإيقاف قرار إلغاء ندبه، باعتبار أنه لا يملك ذلك وفق القانون. ■ ■ ■ هذه إذن ضغوط حقيقية وليست من صنع الإعلام، لا تسمح لك إلا بأن تعتقد أن القضاة الثلاثة السابقين على إدريس تعرضوا إلى ضغوط مماثلة استجابوا لها بالاعتذار عن القضية، وتكشف لك أن قضاة كبارًا أجلاء يرفضون المثول أمام قاض للإدلاء بشهاداتهم فى قضية مهمة، فأى قدوة يقدمها هؤلاء لمواطن عادى إذا كان عدم الاكتراث بسلطة القاضى يأتى من القضاة أنفسهم؟! عندما اعتذر قضاة سابقون عن القضية فى عهد مرسى، قيل إن الإخوان ووزير العدل المحسوب عليهم ضغطوا عليهم، واليوم ذهب الإخوان وبقيت الضغوط، وبقى عادل إدريس قاضيًا تحت الحصار، يواجه ضغوطًا حقيقية لمنعه من استكمال القضية. لمصلحة مَن هذه الضغوط؟ فى حوار مع الزميل كرم جبر على فضائية «أونست» قبل أيام، قال د.سعد الدين إبراهيم: «إن المجلس العسكرى برئاسة المشير طنطاوى ضغط على لجنة فاروق سلطان لإعلان فوز مرسى بدلًا من شفيق». لا أستطيع أن أجزم بصدق سعد الدين إبراهيم، لكننى سأصدق القاضى عادل إدريس حين ينتهى من قضيته، فالمعطيات جميعها تفرض أن يستكمل القاضى مهمته، لأن كل محاولة لمنعه معناها سعى لطمس حقيقة، المستفيد من طمسها واضح ومعروف.