1- جحيم فى خدمة الجماعة للمؤرخ الفرنسى «جورج بنوا» دراسة فريدة عن تاريخ جهنم، استعرض فيها، كيف تطورت فكرة الجحيم عند شعوب وثقافات مختلفة، بل عند المجتمع الواحد، مرات بحسب عوامل متنوعة بعضها سياسى، أو حضارى. جهنم البدائيين، فى إسكندنافيا أو عند قبائل إفريقيا، ثقب أرضى، رطب يستقر فيه الموتى أخيارهم وأشرارهم جماعة، ويواصلون حياتهم بشكل مغاير للأرض، بينما بدأت تكتسب جهنم بُعدًا عقابيًّا، مع ظهور الحضارات الشرقية، بدياناتها المتعددة. ففى الشرق ارتبط المصير فى الآخرة بنتاج الدنيا، وفى بعض الأحيان بمقدار طاعة الملك، فالأرواح الشريرة، مصيرها العذاب، تقول كتب الموتى الفرعونية، إنها تأمل برازها وتشرب بولها، ويقطعها «أميت» وهو شبح برأس تمساح وجسد أسد. مع توالى الأديان، تنوّعت واشتركت ملامح العذاب، ثم تقلّصت أحيانًا، نتيجة إصلاح دينى، أو تراجع تأثير مواعظ التخويف لدى الكنيسة، كما فى أوروبا منتصف الخمسينيات. واستعراض تاريخ جهنم، لدى الشعوب عبر الحقب، يفضينا إلى مجموعة نتائج، لعل منها أنه كلما تعقّدت تفاصيل حياتك، كلما تعقّدت تفاصيل جحيمك، وكلما تغلغل الدين فى الفعل الحضارى، بتفاصيله السياسية والاجتماعية كلما حضرت جهنم كرادع لخصوم المشروع، أو للمشكّك فى أصحابه، أو كعزاء للمهزومين. المشروع الإسلامجى استدعى الجحيم، دائمًا كرادع للخصوم، فهم متآمرون على الدين، وعند الموت مصيرهم جهنم، خالدين فيها، هكذا تطمئن آلة الإسلامجية الدعائية أنصارهم وهم فى خضم المعركة السياسية، ومع قرب السقوط تثبتهم بجوائز الآخرة، وهلاك الأعداء، وبعد الهزيمة تدشن أدبياتهم أساطير كبرى للأجيال المقبلة من الإسلامجية المنتظرين، وهنا تأتى جهنم إلى الأرض، فتقول حكايات الإخوان مثلًا إن الملك فاروق فقد ملكه وشرّدت بناته لأنه تسبب فى قتل حسن البنا، وإن ضباط السجن الحربى فى العهد الناصرى، ماتوا بطريقة بشعة، بأسياخ حديد فى الحلق، أو شُلّت أيديهم وأرجلهم جزاء ما مارسوه من تعذيب بحق قيادات الجماعة، وهناك قصص متعددة ومتنوعة تزخر بها أسفار الإخوان عن نهايات حمزة البسيونى وصلاح نصر. هنا تأتى جهنم على عجل، وتطل برأسها فى الدنيا، كى يتعظ جنود الله الجدد، ويرى القدامى بعض العزاء. استدعوا جهنم للمحلة بعد أشهر قليلة من فقدان العرش، وفض رابعة. 2- البورنو الحلال القرائن عديدة على أن وراء انتشار فيديوهات مدرب الكاراتيه، جمهور إسلامجى، منها مثلًا أن بوستات «لينكات» فيديوهات الرجل ونسائه، كانت متبوعة بأخرى تعترض على سجن أبو إسماعيل فى قضية التزوير، وتقتبس أخرى صورًا من بورنو الكاراتيه، وتدمجها مع صور لنساء تتلو القرآن، مع تعليق يؤكد أنهن فى اعتصام رابعة، ثم تهليل ذوى الأصابع الأربع فى التعليقات، بل تجرّأت مواقع إخوانية ونشرت بصيغة واحدة مقاطع من الشرائط الجنسية متبوعة بآيات قرآنية عن انتقام الله. الإسلامجية روّجوا للبورنو المحلاوى، ولم يقفوا حتى عند ضوابط الدين، الذى يقولون إنه أساس لمشروعهم السياسى، ومنها ستر الفضيحة، وصرامة الأدلة، وتعدّد شهودها، وخصوصية الجريمة وفرديتها، فلا ينتقل وزرها إلى شخص آخر. كل ذلك ألقوه فى القمامة ووضعوا بجوار اللينكات صورًا لزوجات وبنات سياسيين وقضاة وضباط، خصوم للجماعة. التعاطى الإسلامجى مع بورنو المحلة كان كاشفًا لما أخفته الابتسامات الصفراء لسنوات، عكس استحلالًا للمنكر، منبعه إيمان بأنهم فرقة ناجية من الخطيئة والعذاب، من حقّها أن تتعالى أخلاقيًّا على غيرها. وإذا كانت الدماء سالت فى رابعة، وسقط المشروع الإخوانى، فإن الجماعة جزاؤها الجنة، ولم تنتظر جهنم طويلًا على خصوم الإسلامجية، فنزلت إلى الأرض تتعجّل الانتقام.