سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    الاحتلال رفض 5 أسرى طالبت حماس بالإفراج عنهم والقائمة الكاملة ليست جاهزة    إجراء عقابي محتمل من ترامب ضد النرويج حال عدم منحه نوبل للسلام وصحيفة تكشف ما يحدث    «ابني مات بجرعة مخدرات».. كيف أقنع مبعوث ترامب «بن جفير» بإنهاء حرب غزة؟    بمشاركة دغموم.. الجزائر المحلي ينتصر على فلسطين بثلاثية وديا    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    غرقت في ثوان، 13 صورة ترصد كسح مياه الأمطار من شوارع وميادين العجمي بالإسكندرية    بسبب محل.. التحقيق مع مسؤول بحي العمرانية لتلقيه رشوة من أحد الجزارين    طقس مائل للحرارة نهارًا ومعتدل ليلًا.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الجو اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025 في مصر    تحويلات مرورية لتنفيذ أعمال إنشائية خاصة بمشروع المونوريل بالجيزة    4 أعشاب سحرية تريح القولون وتعيد لجهازك الهضمي توازنه الطبيعي بشكل آمن    اليوم.. انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بالبحيرة لاختيار 4 أعضاء    استدعاء كريم العراقي لمعسكر منتخب مصر الثاني بالمغرب استعدادًا لكأس العرب    محمد العدل: 3 أشخاص كنت أتمنى تواجدهم في قائمة الخطيب    حبس ديلر المخدرات وزبائنه في المنيرة الغربية بتهمة حيازة مخدر البودر    اليوم، انطلاق انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء    حماس: حصلنا على الضمانات.. والحرب انتهت بشكل كامل    رسميًا.. موعد بداية فصل الشتاء 2025 في مصر وانخفاض درجات الحرارة (تفاصيل)    متى يتم تحديد سعر البنزين فى مصر؟.. القرار المنتظر    تراجع حاد للذهب العالمي بسبب عمليات جني الأرباح    رئيس فولكس فاجن: حظر محركات الاحتراق في 2035 غير واقعي    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع يانيك فيريرا فى الزمالك بحضور جون إدوارد    وليد صلاح الدين: لا إصابة مزمنة لأشرف دارى وعودة قريبة لإمام عاشور فى الأهلي    وصول عدد مرشحى النظام الفردى لإنتخابات مجلس النواب الى 1733 شخصًا    أوقاف الفيوم تعقد 150 ندوة علمية في "مجالس الذاكرين" على مستوى المحافظة.. صور    سعر الذهب اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025.. الجنيه الذهب ب42480 جنيها    منتخب المغرب يهزم البحرين بصعوبة وديا (فيديو)    وزير الخارجية الإيطالى يشكر مصر والوسطاء على جهود التوصل لاتفاق سلام فى غزة    النيابة تصدر قرارًا ضد سائق وعامل بتهمة هتك عرض طالب وتصويره في الجيزة    الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل طقس الجمعة 10 أكتوبر وأماكن سقوط الأمطار    أسامة السعيد ل إكسترا نيوز: اتفاق شرم الشيخ إنجاز تاريخي أجهض مخطط التهجير ومصر تتطلع لحل مستدام    اتحاد كتاب مصر ينعى الناقد والمؤرخ المسرحي عمرو دوارة    محافظ شمال سيناء: اتفاق وقف الحرب لحظة تاريخية ومستشفياتنا جاهزة منذ 7 أكتوبر    شيماء سيف: «أنا نمبر وان في النكد»    "كارمن" تعود إلى مسرح الطليعة بعد 103 ليلة من النجاح الجماهيري.. صور    كريم فهمي يكشف حقيقية اعتذاره عن مسلسل ياسمين عبد العزيز في رمضان 2026    كيف يحافظ المسلم على صلاته مع ضغط العمل؟.. أمين الفتوى يجيب    موعد أول أيام شهر رمضان 2026 فى مصر والدول العربية فلكيا    زاخاروفا: الجهود المصرية القطرية التركية لوقف حرب غزة تستحق الإشادة    عشان تحافظي عليها.. طريقة تنظيف المكواة من الرواسب    د. عادل مبروك يكتب: كيف ننقذ صحة المصريين؟    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميلة أميرة الرفاعي لحصولها على درجة الماجستير    بيفكروا قبل ما يطلعوا الجنيه من جيبهم.. 5 أبراج بتخاف على فلوسها    أميرة أديب ترد على الانتقادات: «جالي اكتئاب وفكرت أسيب الفن وأتستت»    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    فلسطين.. تجدد القصف الإسرائيلي شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    استقرار أسعار الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    نقابة أطباء الأسنان بالدقهلية توضح ملابسات وفاة شاب داخل عيادة أسنان بالمنصورة    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    نصائح للأمهات، طرق المذاكرة بهدوء لابنك العنيد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    الثلاثاء المقبل.. أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجماعة الإسلامية من المنصة إلى المنصة
نشر في التحرير يوم 18 - 04 - 2014


«الوش بعد الوش بعد الوش
الكل طلع مقلب ووطنى الخاسر
الكل متربى فى عش الغش
وألف رحمة عليك يا عبد الناصر»
الخال/ عبد الرحمن الأبنودى
سألنى كثيرون من زملاء المهنة ومن أصدقائى أن أكتب عن الجماعة الإسلامية، وعن أحداث التسعينيات، وعن مبادرة وقف العنف التى أطلقتها الجماعة، هل هى حقيقة أم خداع للخروج من السجن؟
وكان الطلب يزداد كلما ذكرت لهم بعضًا من هذه الذكريات، وكلما ظهر على الساحة أحد الإسلاميين يسألوننى هل تعرفه؟.. فإذا أخبرتهم عنه، وأوجزت لهم شخصيته وأفكاره، وأكدت لهم الأيام صدق رؤيتى، وصحة نظريتى، زاد إلحاحهم. وما منعنى من الكتابة هو أنى أحتسب فترة الاعتقال عند الله عز وجل، فهو من أنعم بالمحنة، وتفضل وجعلها منحة، فلله الحمد فى الأولى والآخرة. ولكن تراكمت أسباب وراء أسباب جعلتنى أكتب قصة الجماعة الإسلامية من البداية إلى النهاية.
هل دفع نظام مبارك الجماعة إلى استخدام العنف ضد الدولة؟
حنبنيها
نعود إلى محمد المحلاوى، يئس من أن يحول باقى أعضاء الجماعة إلى أدوات لتنفيذ أفكاره الإجرامية، ففكر فى أعضاء الجماعة الذين لم يشاركوا فى الأحداث، وهم طلبة الجامعة أو المتعلمون فى أن ينظم بهم العمل فى دمياط.
وكأنه غراب البين.. لا ينعق فى مكان.. إلا أذن بفراق الأحبة
اجتمع معى ومع المهندس عبد العليم فهيم ومحمد حسن بدوية المدرس، وقرر تنظيم العمل بدمياط، وأسند مسؤولية العمل بالمحافظة إلى المهندس عبد العليم الذى رفض، فهو سوف يسافر بعد أسبوع للعمل فى الإمارات، فألح عليه، غراب البين، قبل أن يتولى المسؤولية لمدة أسبوع، ثم بعدها يسافر إلى الإمارات، فكان ثمن هذه الموافقة اعتقال المهندس عبد العليم وأشقائه الثلاثة ثم أفرج عن أحدهم، واستمر اعتقال عبد العليم وأخويه ثلاث عشرة سنة.
ألم أقل إنه «غراب البين»
وكان هذا الاجتماع فى المدينة الجامعية بالقاهرة، ففيه تم توزيع المهام الإدارية على الموجودين بالاجتماع.
ثم قام المحلاوى بطلب قلم رصاص، وكتب به رسالة لأحمد الإسكندرانى يخبره فيها أنه سيقتص من قتلة عز ورفيقيه، ونسى أنه المتسبب فى قتلهم لهربه، وعدم عودته لهم، وذكر فيها أنه عرف أسماء الضباط الذين قتلوهم، وقام بتطبيق الخطاب ثم قام بوضع كيس بلاستيك عليه، وقام بلصقه بالنار، فأصبح أشبه بشىء مكعب بحجم علبة الكبريت، وأعطاه لمحمد بدوية، ليعطيه لأحمد الإسكندرانى فى السجن.
ولما اعترضنا قال: إنه كتبه بالقلم الرصاص حتى إذا عثر الأمن عليه لن يدين أحدا لأن النيابة لا تعترف بالقلم الرصاص.
كم كان ساذجا «نموذج مثالى لنظرية الطوبة».
من قال له هذا الهراء؟!
ولو افترضنا أنه عثر ولم يدن فى النيابة، هل الأمن لن يترك المجتمعين هنا.
بلاهة فى التفكير، ومعلومات مغلوطة هى النموذج الأمثل للطوبة التى تريدها الجماعة من أبنائها.
انصرف المحلاوى، وتفرق المجتمعون.
وذهب محمد بدوية مع أم أحمد لزيارته فى سجن ليمان طرة، واضعا اللفافة الورقية فى جيبه، فعثر عليها الأمن فى جيبه وهو يفتشه تفتيشا روتينيا، فقبض على محمد بدوية وساموه سوء العذاب، فاعترف على المجتمعين، فاعتقلوا جميعا لمدة أربعة عشر سنة بلا جريرة سوى أن نعق غراب البين لهم.
تسبب هذا الخطاب فى حالة رعب عند ضابط أمن الدولة عبد العزيز النحاس، خاف أن تقتله الجماعة بعزّ رفيقيه.
عندما اعتقل المهندس عبد العليم وعاد من الاعتقال، قابله النحاس.
قال له: إنت عارف بتكلم مين؟ وكان المهندس معمى العينين.
المهندس: قال نعم أنت عبد العزيز بك.
النحاس: افتح عينيك واخلع الغماية.
ففعل فقال له.
النحاس: اجلس وأمسك النحاس بمصحف وحلف عليه أنه لم يكن هناك فى البصارطة يوم مقتل عزّ ورفيقيه.
المهندس: نعلم ذلك.
وانتهى اللقاء.
لم يهدأ المحلاوى، فقد اعتقل باقى أعضاء الجماعة بدمياط، لم يتبق سوى عدد قليل من الأعضاء ما بين ستة عشر عاما، وثمانية عشر عاما لم يستطع الوصول إليهم.
إذن هم فى الأمان، لن يقبض عليهم، لن تصلهم توجهات المحلاوى القاتلة، لكن هيهات، نظرية الطوبة، فعلت بهم الأفاعيل.
فاجتمع هؤلاء الأعضاء، وإن شئت الدقة الصبية، وأرادوا أن يستمروا فى ما تعلمون من الجماعة، فكانوا يحضرون مقرأة لتلاوة القرآن على يد عضو الجماعة محمد فؤاد جوهر، الطالب بمدرسة الصنايع بدمياط، ويجتمعون على تدريب الكونج فو على يد عضو الجماعة محمد محمود شبكة، أويمجى من الخياطة، وكانوا يقومون بتغيير المنكر الذى سبق وأن تعلموا تغييره على يد أحمد الإسكندرانى، فكانوا يجتمعون بعد صلاة الفجر، ويقومون بتقطيع وإزالة أفيشات السينما من على الحوائط فى دمياط.
وذات يوم اتفقوا على أن ينقلوا نشاطهم إلى مدينة رأس البر على الضفة الغربية للنيل، فانتقلوا بعد أن صلوا فجر يوم 17/6/1992م إلى رأس البر، وحملوا معهم أكياس سوداء بها برطمانات بها بمب أطفال ومسامير، وذهبوا إلى شارع النيل، حيث توجد بها دار سينما رأس البر والجمهورية، وكان يوجد بجوار سينما الجمهورية مقر قسم شرطة رأس البر القديم، فشاهدهم أحد المخبرين، وهم يحومون فى ساعة مبكرة حول دار السينما، وعندما حاول استوقفهم للتأكد من شخصيتهم، خصوصا وبعضهم يحمل أكياسا سوداء، فروا هاربين.
وبدأت مطاردة بين المخبر، وقد استعان ببعض زملائه، وصبيبة الجماعة فى رأس البر.
انتهت المطاردة بالقبض على قائد المجموعة، وهو محمد مصطفى عصعوص «نجار، أمى»، 17 سنة، وهشام محمد عز الدين «نجار، أمى» 16سنة. واللذان اعترفا بما اتفقا عليه. فتم القبض على باقى الصبية وهم: محمود محمود البابلى وشقيقه عادل ومحمد متولى أبو عمر ومحمد شيكة ومحمد جوهر وهانى سلامة.
وأحيلوا إلى الجنايات فقضت محكمة الجنايات بالجلسة المنعقدة بها يوم 16 ديسمبر 1992 ببراءة محمد فؤاد جوهر ومحمد محمد شبكة مما نسب إليهما.
وبمعاقبة محمد متولى أبو عمر بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة، وتقدم المحامى القدير سعد حسب الله رحمه الله، بتظلم إلى مكتب نائب الحكم العسكرى، فقبل التظلم، وأعيد محاكمة محمد متولى أبو عمر، فحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
فتقدم للمرة الثانية بتظلم فقبل التظلم وأقر الحكم مع النزول بالعقوبة من عشر سنوات إلى ثلاث سنوات.
وتم تغيير نماذج الحبس ليبدأ من 22/8/1992م وحتى 22/8/1995م، لكن تدخلت يد أمن الدولة فى سجن بورسعيد، ونزعت من أوراقه هذه النماذج، وأبقت على نماذج الحبس القديمة التى تبدأ من 22/8/1992م وحتى 22/8/2002م، فاستمر فى قضاء العقوبة الملغاة لمدة سبع سنوات كاملة.
وبالنسبة إلى باقى صبية الجماعة، فحكم على هشام عز الدين ومحمود عادل البابلى بالحبس لمدة ستة أشهر وبالنسبة لهانى سلامة ومحمد عصعوص بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وصدر الحكم من محكمة الأحداث.
لم يبق من أعضاء الجماعة بفضل المحلاوى وتخطيطاته ونتيجة لاستثمار أمن الدولة هذه الأخطار جيدا، خارج السجن أحد سوى المحلاوى ورفيقيه.
فى هذه الأثناء تم تجميع كل معتقلى الجماعة فى سجن بورسعيد مع المحكوم عليهم فى قضية تكسير المقاهى.
كان هدف عبد العزيز النحاس الضابط بأمن الدولة تحديد هل سيفرج عن المحكوم عليهم بعد انتهاء العقوبة فى شهر يناير 1993م أم لا، لذا أرسل مرشدا له معتقلا فى السجن اسمه نجاح من السنانية، وكانت الجماعة تعلم أنه مرشد.
واجتمع الإسكندرانى مع المهدى، وقررا استقبال هذا المرشد ليرسلا عن طريقه رسائل لأمن الدولة، لتسهم فى الإفراج عن أعضاء الجماعة المعتقلين والمحكوم عليهم بعد انتهاء عقوبتهم، وكان الضابط النحاس يحضر كل خميس لمقابلة هذا المرشد ليستلم منه، التقرير الأسبوعى:
وكانت الرسائل التى أرسلها أحمد إلى أمن الدولة عن طريق هذا المرشد، ليفرج عن المعتقلين هى:
1- أعضاء الجماعة يتدربون يوميا لمدة ثلاث ساعات على الكونج فو، ويرددون هتافات عدائية مثل «طالعلك يا عدوى طالع».
2- يوجد حديث دائم عن القصاص لعز ورفيقيه فى خطب ودروس الجماعة، خصوصا عادل الشرقاوى، الذى أقسم فى خطبته على القصاص لدم الشهداء.
3- كتب محمد المهدى بخط كبير، وهو خطاط، على جدران فناء السجن وجدران الزنازين «القصاص القصاص لدم شهدائنا».
4- عندما أفرج عن عضو الجماعة خالد بركة ونزل إلى مديرية أمن دمياط، فى أثناء التحقيق معه قال لهم: سنقتص لدم الشهداء، وبعد الضغوط عليه اعترف تفصيلا باتفاقه مع المهدى والإسكندرانى على قتل الضابط النحاس والضابط تامر وأمين الشرطة رشاد قصاصا لقتل أمن الدول لعز ورفيقيه.
فكانت الرسالة واضحة فى مضمونها، وسهلة ومباشرة فى لغتها. وأغلقت أمن الدولة ملف الإفراج عن أعضاء الجماعة بدمياط نهائيا لحين الانتهاء من ملف الجماعة على مستوى الجمهورية.
لم يكتف الإسكندرانى بأن أشعل الأحداث، وأكملها تلميذه النجيب المحلاوى، وورَّد باقى أعضاء الجماعة للسجون، إنما قفلها الإسكندرانى والمهدى وعادل الشرقاوى بالضبة والمفتاح.
الفصل السادس
المواجهة بين الجماعة والدولة
«إن العنف أصل البلاء فى ما يصيب البشر».. تولستوى
هل كان نظام حسنى مبارك هو البادئ بالمواجهة مع الجماعة؟
هل أجبرت أمن الدولة بتجاوزاتها الخطيرة الجماعة اللجوء إلى العنف؟
لكى نجيب عن هذه الأسئلة علينا أن نعود إلى بداية حكم مبارك.
أحداث أسيوط 8 من أكتوبر عام 1981م:
خلفت الجماعة نتيجة هذه العملية الإجرامية أكثر من مئة وعشرين قتيلا، غير مئات المصابين. ماذا كان رد فعل مبارك بعد تسلمه الحكم؟
أولا: لم يستخدم مبارك سلطاته بإحالة مرتكبى هذه المجزرة إلى القضاء العسكرى، إنما أحالهم إلى محكمة الجنايات أمام القاضى الطبيعى، ترى لو بدلنا الأوضاع، وكانت الجماعة هى من تحكم، وخرجت مجموعة عليها، قتلت رئيس الدولة، ثم ارتكبت مجزرة بشعة كمجزرة أسيوط، ماذا سيكون رد فعل الجماعة؟
الإجابة: معروفة سلفا، إعدام كل من شارك أو أسهم أو حرض أو عاون، والدليل الشرعى موجود، لن يعجزوا عن الإتيان بدليل فعلهم، تلك هى عادتهم التى لا تنقطع.
أما مبارك فحاكمهم محاكمة عادلة لمدة ثلاث سنوات كاملة، لم يحكم فيها بإعدام أىّ من المنفذين أو المحرضين أو المخططين لهذه المجزرة.
يقول على الشريف فى مذكرته فى جريدة الموجز: «كنت على يقين أننى سوف أحصل على حكم الإعدام شنقا».
ويقول حمدى عبد الرحمن فى حواره مع مجلة المصور: «ثقة الأفراد فى قيادتهم، وأنهم قيادات لا تحركهم الأهواء، إنما تتحرك تحركا شرعيا سليما، وأنهم تحملوا فى سبيل معتقداتهم المشاقّ والسجون، وكادت رؤوسهم تعلق فى حبل المشنقة، فقد ارتدى سبعة من الأعضاء المشاركين فى قضية 1981م بدلة الإعدام الحمراء، فالأعضاء كانوا مستعدين لتقديم أرواحهم دفاعا عما يعتقدون، كل هذا جعل الثقة من الأفراد فى قياداتهم موجودة، لأنهم يتحركون من أجل المصلحة».
ثانيا: تم علاج من أصيب منهم فى هذه المجزرة..
يقول على الشريف: «وذهبت إلى إدارة السجن وطلبت منهم الذهاب إلى مستشفى القصر العينى لعمل عملية إعادة الأمعاء إلى داخل بطنى، وإعادة فتحة الشرج الطبيعية إلى عملها، فوافقت إدارة السجن، ورحلتنى إلى مستشفى القصر العينى».
ثالثا: بل الأكثر من ذلك تم إقناع مبارك أن الأحداث السابقة يتحملها الرئيس السادات بأفعاله، وأن عليه فتح صفحة جديدة مع التيار الإسلامى ومع الأقباط، وأنه لتمرير عودة البابا شنودة لكرسيه البابوى، يجب أن يفرج عن التيار الإسلامى المشارك فى أحداث أسيوط، لكى يحدث انفراجة فى البلاد.
وكاد هذا الأمر يتم بهذا السيناريو، لولا رفض قيادات الجهاد مقابلة ضباط أمن الدولة، الذين جاؤوا لترتيب هذا الأمر معهم فى عام 1983م، وهى الفرصة التى ندمت عليها الجماعة كثيرا، وكان المفاوض هو اللواء فؤاد علام.
رابعا- حركت النيابة العامة فى بداية عهد مبارك الدعوى العمومية تجاه أربعة وأربعين ضابطا من وزارة الداخلية بتهمة تعذيب المتهمين فى أحداث 1981م، التى سميت بقضية التعذيب الكبرى.
خامسا: تم تنفيذ أحكام المحكمة فى القضية المسماة «قضية الجهاد الكبرى»، وأفرجت وزارة الداخلية عن من صدر بحقهم أحكام بالبراءة أو أحكام بثلاث سنوات.
خرجت أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة بعد مرور ثلاث سنوات، كانوا خلالها قد أصَّل قيادات الجماعة لأحداثها الدامية، خرج هؤلاء الأعضاء يحملون فكر الجماعة الدموى، وانطلقوا إلى المساجد التى كانوا احتلوها قبل عام 1981، فعادوا واحتلوها مرة أخرى.
لقد رسخ فى ذهن قادة وأعضاء الجماعة أن الدولة قد استفرغت وسعها فى الرد على ما اقترفته أيديهم من قتل السادات وأحداث أسيوط وما تكشف من قضايا كمذبحة نجع حمادى، فالدولة قبضت عليهم وعذبتهم وحاكمتهم، وفى النهاية خرجوا بقوة القانون.
ظنوا أن القانون هو الذى سيحكم العلاقة بينهم وبين الدولة، ولن تستطيع الدولة أن تتخذ ضدهم فى حالة معاودتهم مثل أحداث 1981 إجراءات أشد مما اتخذت.
هكذا تصوروا، وهكذا رسخ فى أذهانهم، لم يستوعبوا أن الدولة وتحديدا نظام مبارك لم يحمل عداء لأحد فى بداياته.
انتشرت الجماعة الإسلامية فى صعيد مصر، وعادت إلى الجامعات الموجودة هناك، أحكمت سيطرتها عليها.
سادسا: فى عام 1986م وفى أثناء لصق أحد أعضاء الجماعة بأسيوط ويدعى شعبان راشد مصلقا يدعو الناس لصلاة العيد، وكان الوقت بعد صلاة الفجر مباشرة، اشتبه مخبران فيه، وارتاب فى وجوده فى ساعة مبكرة ومعه أشياء يحملها، فاستوقفاه، ليتحققا من شخصيته، إلا أنه غافلهم، وفر هاربا، فما كان منهم سوى أن أطلقا عليه النار، فأصيب فى مقتل، ولقى ربه رحمه الله.
ذكر لى أسامة حافظ نائب رئيس مجلس شورى الجماعة هذه القصة، وقال لى: إن نظام مبارك لم يكن يحمل لنا عداء، إنما نحن من استفززناه إلى عداوتنا.
قلت له: كيف ذلك؟
قال: لقد أمر مبارك بالتحقيق مع هذين المخبرين، وأحيلا إلى المحاكمة، فحكمت عليهما بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات.
واستقبل مبارك والدى شعبان فى القصر، وأمر بأن يسافرا عمرة على حساب الدولة.
فتعجبت!
قال: لا تعجب، لم نفهم هذا الموقف على الوجه الصحيح، إلا بعد أكثر من عشر سنوات.
كان هذا الحديث فى ليمان طرة فى 1997م بعد المبادرة، وبعد أن أمضى هذان المخبران فترة العقوبة، خرجا من محبسهما فى عام 1993م، فقتلتهما الجماعة ثأرا لشعبان راشد.
وهذا الموقف يدل على التناقض الصارخ.
ففى حوار حمدى عبد الرحمن مع مجلة «الأهرام العربى» يقول:
المجلة: فى الشرع من قتل له دية، فهل تقدمون دية لأسرة السادات؟
حمدى: فى الشرع من قتل عمدا، فولى الدم مخير بين أمور ثلاثة، وهى: القصاص أو الدية أو العفو، فإما أن يقتصوا من القاتل بقتله، وإما أن ينزل القصاص إلى الدية، وإما أن يعفو أيضا عن الدية.. ومن قتل السادات وهم خالد ورفاقه تم القصاص منهم ومنهم محمد عبدالسلام فرج باعتباره المحرض الأول على القتل، وهنا لا حقّ لأسرة السادات من الناحية الشرعية فى الدية.
المجلة: إذا كان موقف السادات قد تم حسمه، فما موقف الدكتور رفعت المحجوب الذى قتل خطأ بدلا من عبد الحليم موسى؟
حمدى: أيضا معظم الذين اشتركوا فى قتل رفعت المحجوب تم قتلهم بعد الحادثة وبعضهم سُجن.. فإن كان رأى الجماعة أن سجن أعضائها، قتلة المحجوب، قد أسقط عنهم أى عقوبة أخرى. فلماذا قتلوا هذين المخبرين بعد أن أمضيا فترة عقوبتهما؟!
لا أجد أصدق من كلمات خالد صلاح: «تفسيرات دينية حسب الطلب فى زنازين الجماعة الإسلامية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.