سد التقاطعات أصبح سياسة معتمدة فى معظم شوارع العاصمة منذ قرر المسؤولون عن المرور أن يريحوا رؤوسهم ويعتمدوا على اليوتيرن اللعين الذى يقوم بتجميع السيارات من الأمام ومن الجنب ويدفع بها جميعا فى بطء رهيب وهى تلامس بعضها بعضا، وبهذا يتم نقل الزحام إلى مسافة عشرة أمتار بعيدا عن التقاطع الذى رئى إلغاؤه لإحداث الانسياب! رغم هذا فقد فوجئنا بفتح الإشارة التى كانت ملغاة عند تقاطع شارعى عباس العقاد ومصطفى النحاس. وفى الحقيقة، فإن وجود أى إشارات مرورية هو بالنسبة لى خبر سعيد، لأن الأصل فى الشوارع أنها تتقاطع وأن توضع بها إشارات للمرور تنظم للناس المرور.. لكننى قرأت فى جريدة «الشروق» أن هذه الإشارة السعيدة لم يتم وضعها من أجل عباد ربنا من المواطنين، وإنما من أجل مدير المرور الذى يسكن هناك! وأنا من جانبى لا يضايقنى أن تسهل حركة السيد مدير المرور فى الذهاب والعودة إلى البيت، لكنى أطلب منه أن يسهل حياة الناس ويأمر بإلغاء نظام اليوتيرن العقيم الدال على الكسل والظلم من كل الشوارع.. نعم الظلم لأنه يحرم المشاة حقهم فى تعدية الشارع الذى لا تتوقف فيه السيارات! ومن المعروف فى كل دول العالم أن حقوق المشاة الذين يسيرون على أقدامهم تسبق حقوق راكبى السيارات. أتمنى من السيد مدير المرور أن يترك هذه البصمة التى تنفع الناس وتنفعه هو شخصيا بعد أن يترك منصبه، لأنه لو اكتفى بأن يحظى بامتياز الإشارة المجاورة لمنزله، فإن من يأتى بعده سيلغى الإشارة ويعيد الوضع إلى ما كان عليه! وعلى الجميع أن يتعظ مما حدث للواء إسماعيل الشاعر، الذى كان سكان حى المعادى يدعون عليه فى صلواتهم كل يوم، وبالذات سكان شارع اللاسلكى، لقد كنت عند زيارتى لمكتبة الكتب «خان» بهذا الشارع لا أستطيع أن أركن السيارة رغم خلو الشارع على الجانبين، وذلك لأن السيد الذى كان مديرا لأمن القاهرة قد أمر بمنع المواطنين من صف سياراتهم بالشارع رغم اتساعه لأن سيادته كان يمر منه وكان يحب أن يراه خاليا فى أثناء مروره. وأذكر فى ذلك الوقت أن أصحاب المكتبة الكائنة بالشارع والمحلات المجاورة لها كانوا قد أعجزتهم الشكوى وطرق كل الأبواب، لأن زبائن المحلات لم يكونوا يجدون سبيلا للركن ومن ثم فقد كانوا ينصرفون للشراء من أماكن أخرى لا يسكنها رجال يتصورون فى أنفسهم أهمية تمنحهم الحق فى الاستيلاء على الشارع وحرمان الناس من حقهم فيه. وأذكر أيضا أن من سكان الشارع من طلبوا منى أن أكتب عن هذا الموضوع عسى أن يرق قلب أحد المسؤولين فيأمر بإعادة حقهم فى الشارع، ومن الطبيعى أننى لم أستجب لرجائهم لأنه بالعقل من هو هذا المسؤول الذى سأكتب له مخاطبا قلبه وضميره؟ هل أكتب لمبارك أم لحبيب العادلى أم لإسماعيل الشاعر نفسه؟ والغريب أن هذا الثلاثى أصبح يضمه قفصا واحدا يحاكمون فيه فى قضية قتل الثوار.. أما الشارع فقد تم فتحه بعد ثورة يناير وبعد رحيل مدير الأمن الذى ظن نفسه قد ملك ضاحية المعادى إلى الأبد وأن المنصب سيدوم. وإذا كنت قد رفضت فى السابق أن أستجيب لطلب سكان شارع اللاسلكى بالكتابة للأستاذ الذى أخلى الشارع من السيارات ليخلو له وحده، وذلك لانعدام ثقتى فيه وكذلك ثقتى فى وزيره ورئيسه، فإننى لا أحمل ذات الشعور السلبى نحو مدير المرور الحالى ومدير الأمن الحالى ومعهما وزير الداخلية، لكنى أتعشم أنهم ينتمون إلى عصر جديد يعلى من قيمة المواطن ويستجيب لما يريحه ولا يجد فى هذه الاستجابة ما يمس الهيبة كما كان يتصور السابقون، لذلك فإننى أتوجه إلى مدير المرور بالنظر بجدية فى إلغاء أسلوب اليوتيرن وإعادة الإشارات إلى كل التقاطعات باعتبارها من مظاهر العدالة بين المشاة وراكبى السيارات.. فهل يستجيب؟