سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم في الأسواق.. آخر تحديث قبل شراء الشبكة    خطأ شائع عند شوي اللحوم على الفحم.. يسبب السرطان    اعرف موعد صلاة العيد 2024 في المغرب وساحات المساجد المختلفة    موقف أحمد فتوح من اللحاق بمباراة القمة أمام الأهلي؟.. مصدر يكشف التفاصيل.. عاجل    موعد صلاة العيد 2024 في بغداد.. اعرف أماكن الساحات    ما هي قصة رمي الجمرات بين سيدنا إبراهيم والشيطان؟    أزهرية تبكي على الهواء: دموعي لا تقف في يوم عرفة من خشية الله (فيديو)    ما حكم صيام يوم العيد؟.. احذر هذا الفعل    9 خطوات لتبريد المنزل بدون تكييف في الموجة الحارة    وفد الكنيسة الكاثوليكية بشرم الشيخ يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    عيد ميلاد صلاح.. عودة أوروبية وحلم إفريقي في عامه الجديد    وزير الرياضة: فتح مراكز الشباب بالمجان أمام المواطنين خلال العيد    خلال وقفة عيد الأضحى.. الزراعة تتابع برامج تربية التقاوي وتفحص عينات التصدير    حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسى والشعب المصرى بعيد الأضحى    أمام الكعبة.. إلهام شاهين تهنئ محبيها بعيد الأضحى | صورة    بعد تريند «تتحبي».. تامر حسين يكشف تفاصيل تعاونه مع عمرو دياب للأغنية 69    محمد رمضان يشوق محبيه بطرح «مفيش كده» خلال ساعات | صور    بينهم نائب قائد سرية.. الاحتلال يعلن تفاصيل مقتل 8 من عناصره في كمين القسام    وزير سعودي خلال زيارته للفلسطينيين في مكة: لا مكان لمن يقتات على الفتن في هذه البلاد المباركة    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    «الرصيف العائم» ينفصل عن الشاطئ للمرة الثانية!    إحالة مديري وحدتي الرعاية الأساسية بالميدان والريسة ب العريش للتحقيق بسبب الغياب    لا تتناول الفتة والرقاق معًا في أول يوم العيد.. ماذا يحدث للجسم؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحذر الحجاج من الوقوف في منطقة تقع على حدود جبل عرفات في السعودية ويشير إلى أنها "يفسد الحج".    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    محمد شريف يعلن تفاصيل فشل انتقاله ل الزمالك    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    وفاة حاج عراقي علي جبل عرفات بأزمة قلبية    وزير الصحة السعودى: انخفاض حالات الإجهاد الحرارى بين الحجاج    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    الدفاع المدنى الفلسطينى: قطاع غزة يشهد إبادة جماعية وقتلا متعمدا للأطفال والنساء    ميسي يتصدر قائمة الأرجنتين النهائية لبطولة كوبا أمريكا 2024    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    الكشف على 900 حالة خلال قافلة نفذتها الصحة بمركز الفشن ببنى سويف    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    أخبار الأهلي : هل فشلت صفقة تعاقد الأهلي مع زين الدين بلعيد؟ ..كواليس جديدة تعرف عليها    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    الغرف العربية: 3 تريليونات دولار مساهمة القطاع الخاص العربي في الناتج المحلي الإجمالي    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في بورسعيد    جورج كلونى وجوليا روبرتس يشاركان فى فعالية لجمع التبرعات لحملة بايدن    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    ما أفضل وقت لاستجابة الدعاء في يوم عرفة؟.. «الإفتاء» تحددها    شروط تمويل المطاعم والكافيهات وعربات الطعام من البنك الأهلي.. اعرفها    بقايا الجيل الذهبي تدافع عن هيبة تشيلي في كوبا أمريكا    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة في وقفة عرفة    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى باب زويلة
نشر في التحرير يوم 10 - 04 - 2014


1
عندما خرجت من منزلى القاطن بعطفة الأخضر المتفرعة من شارع باب البحر بحى باب الشعرية.. غُصت فى زحام المناكب.. ضجيج الزحام المتكتل أمام الحوانيت الضيقة.. البائعات افترشن أرض الزقاق بالجرجير والفجل وبعض من أعواد البقدونس والنعناع وقد ألقين ملء كوب من الماء البارد على لفائف الخضرة.. يهتفن على بضائعهن الفقيرة.. دفعنى مملوكى ضخم الجثة يحمل وراء حزامه خنجرًا دقيقًا أفسحت له الطريق مسرعًا.. شدتنى مقاعد الحاج أبو سعادة الذى أعلن أن الغلاء أصاب بن اليمن السعيد فارتفعت أسعار المقهى.. واسألوا أصحاب الضرائب والمكوس والجمارك.. أشار عليه أحدهم بأن يشترى من بورسعيد.. فأومأ معجبًا بالفكرة.
2
عندما جلست فى مقهى الحاج أبو سعادة وطلبت القهوة ذات السعر الجديد مِلت بمقعدى الخيزرانى نحو الأريكة الخشبية التى جلس عليها الكثيرون يشربون الشاى بالنعناع.. وحلبة حصى.. فى حين كان آخرون يدخنون النرجيلة.. سرقت عيناى صورة جمال عبد الناصر.. مكتوبًا تحتها أن الاحتفال بذكرى ميلاده سيتم فى مركز عابدين.. تأملت فى عينيه ونظراته الحزينة.. فسألت عنه.. أجابنى صبى المقهى بأنه لا يعرفه، بل ولا يرى صورته على الحائط.
تقدمت امرأة متسربلة فى ثياب سوداء.. غطت الأرض تدوس عليها.. انحنت بقرب أذنى وسألتنى عن باب زويلة.. أجبتها من الذى أتى بك إلى هنا.. جلست على الحصى وأسندت ظهرها إلى جدار المقهى.. أخذت تقص علىّ قصتها منذ مجيئها من قرية الرمالى، حيث تاه ولدها فأخبرها القوم بالبحث عند باب زويلة.. ذكّرتنى بوجه أمى وهدى سلطان.. فأشرت لها نحو الطريق البعيد.. شرحت لها طويلا، لكنها لم تفهم شيئًا.. ألقيت للحاج بالدراهم.. وأخذتها من يدها نحو باب زويلة.
3
عندما ذهبنا- أنا والمرأة- نحو باب زويلة بحثًا عن ابنها..
كانت الأحصنة قد اجتمعت فى الميدان.. وأشار قائد الحرس للعابرين ذهابًا وإيابًا بالتوقف.. والتماس طريق آخر بعيدًا عن الميدان.. توقفت سيارة ضخمة نزل منها عساكر كثيرون يرتدون حُلُلًا بيضاء.. يمسكون هراوات سوداء من معدن مرن.. ويحملون دروعًا سوداء أيضًا.. فى حين انشغل آخرون بتعليق عدة لافتات على الأبنية وفى عرض الشارع.
قبضت على يد المرأة التى أبدت دهشتها من بناء الكوبرى العلوى.. وسألتنى عن كنهه.. فأخبرتها أنه لا وقت للسؤال فى هذه المدينة يا أمى.. سرنا نحو الشوارع الخلفية.. وجدتها أمامى هكذا يلتصق كتفها بكتفى.. صرخت من؟.. منال.. وضعت رأسها على كتفى وهى غير مصدقة للمفاجأة أمسكت حقيبة كتبها، سألتها عن أخبار قصر العينى والطب والمرضى المساكين.. ألحّت علىّ أن أركب معها الحافلة رقم 28 المتجهة لعين الصيرة، أخبرتها أن فى يدى امرأة غريبة.. تبحث عن ابنها.. نظرت منال نحو المرأة.. احتضنتها وأخبرتنى أنها تذكرها بأمها وهدى سلطان.. دعتنا لزجاجتين من المياه الغازية فى مقهى مجاور خلف الميدان.
4
عندما دخلنا- أنا والمرأة ومنال- إلى المقهى لنطلب زجاجات المياه الغازية.. اقترب منا شاب فى مقتبل العمر.. أشار إلى مقاعد ثلاثة وراء مائدة دائرية.. جلسنا، أخذت منال تحدث المرأة التى ظلت تقص حكايتها بنفس التفاصيل عن ابنها وباب زويلة، عبث فى قلبى الشك.. حينما لوّح أحد الجالسين فى المقهى.. التفتُّ فلم أجد غير هذا الرجل الجالس وحيدًا يشرب شايًا ويلعب فى شاربه.. يحرك مبسم النرجيلة شمالًا ويمينًا.. أشار لى ملحًّا.. فتجاهلته.. قام.. اقترب من مائدتنا.. قال بلهجة خشنة السلام عليكم.. أجبناه ملهوفين على معرفة ما وراءه.. صمت لحظة بعدها، جلس بيننا ثم تحدث هامسًا ألا تعرفوننى؟.. أجبناه نفيًا.. ظهرت علامات الحزن والأسى على وجهه.. قال بلهجة أقل خشونة وأكثر حزنًا.. أنا على فهمى زميل أحمد عرابى فى ثورته.. جئت من المنفى منذ أيام.. لم يعرفنى أحد.. قصّ لنا قصة الثورة العرابية من بداياتها.. لكنه لم يكملها حين شك أن أحد الجالسين فى المقهى من أعوان الخديو توفيق.. نهضنا بعد أن أصر على دفع الحساب.. سألنا عن وجهتنا فأخبرناه.. فجاء معنا نحو باب زويلة.
5
عندما خرج على فهمى معنا- أنا والمرأة ومنال- نحو باب زويلة كانت أقمشة غالية الثمن معلقة خلف نوافذ زجاجية حيث وقف شهبندر التجار يراقب عملية البيع.
مناديًا بعض المماليك الواقفين على أبواب الشوارع ومداخل الميادين.. فرغ العمال من تعليق الصور الضخمة على الجدران العالية.. وتساءل على فهمى عن معنى «فياجرا» المكتوب على تلك العربات الضخمة ذات العجلات السوداء.. أعلنت المرأة رغبتها فى شرب الماء من «زير» بجوار أحد الدكاكين.. انتفضنا جميعًا حينما أسرعت خيول وعربات حربية نحو الشوارع.. رافعين السيوف والأعلام والبنادق.. جارين المجانيق.. يتقدمها رجل قصير يحيونه جميعًا باسم بونابرت.. اندفعنا إلى طريق جانبى.. ألقينا بأنفسنا جوار مقعد خشبى طويل مخصص لرجل نوبى يرتدى جلبابًا أبيض.. سألناه عن أقرب طريق لباب زويلة.. امتعضت ملامح وجهه الأسود.. بانت أسنانه ناصعة البياض وهو يشير لنا بالطريق الذى نتجنب فيه جيوش بونابرت وإعلانات فياجرا.. أخرج من جلبابه مصحفًا مكتوبًا بخط اليد.. أهداه للمرأة، حيث كان الجزع باديًا على وجهها.. وانصرفنا مسرعين.
6
تساءل الناس فى صباح اليوم التالى عن تلك الرؤوس الأربعة الغريبة المعلقة على باب زويلة منذ ليلة أمس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.