جزء كبير من مشكلتنا مع رموز النظام البائد أنهم لم يكتفوا بتجريف حاضرنا ونهب ثرواتنا، بل الأزمة الأعمق والأكبر أنهم باعوا مستقبلنا ومستقبل أولادنا وأحفادنا، وهذا هو جوهر أزمة بيع الغاز لإسرائيل، فالحكاية لا تقف عند حدود بيع طاقتنا لعدونا، لأنهم باعوه بأسعار أرخص لإسبانيا، ولكن الأخطر أنهم باعوا المخزون الاستراتيجى للبلاد وهذا ليس ملكنا بل هو حق الأجيال القادمة، فكما هو معلوم أن مصر ليس لديها مصادر وفيرة من الطاقة والكمية المستخرجة من الغاز تكفى بالكاد تغطية احتياجاتنا المحلية من توليد الكهرباء، والاحتياطى لا يمتد لأكثر من ثلاثين عاما، ولكنهم استكثروا علينا الفتفوتة فباعوها لإسرائيل وإسبانيا، وهذه هى الجريمة الأولى، أما الجريمة الثانية فهى البيع بأقل من الأسعار العالمية، حيث كان النظام الفاسد يقوم بتدعيم سعر الغاز، والكهرباء للمنازل، والمصانع فى إسبانيا وإسرائيل، أى أنه كان يبيع ما لا يملكه وبخسارة مالية فادحة. والسؤال الذى سيأتى على ذهن القارئ المحترم: ما علاقة هذه القصة بالرياضة؟ وما الذى دفعنى كى أذكركم بهذه الأيام الغبرة؟ والإجابة لأننى تذكرتها وأنا أسمع قصة بيع إدارة الزمالك ورئيسها المستشار جلال إبراهيم لموارد النادى المستقبلية، من أجل توفير سيولة مالية لدفع عقد العجوز أحمد حسن (4 ملايين)، والمدلل شيكابالا (5 ملايين)، والحكاية كما علمتها أن مجلس الإدارة الذى يرفض رئيسه التوقيع على شيكات آجلة لحين تغطيتها، قرر أن يبيع المستقبل ويحصل على إيجار بعض المحلات لثلاث سنوات قادمة، والواقعة المثبتة هنا، التى تمت قبل أيام قليلة أن مجلس إدارة النادى وافق على أن يدفع البنك التجارى الدولى (cib) قيمة إيجار المحلات التى يشغلها على سور النادى حتى نهاية عام 2014 بعد خصم مبلغ ثلاثة ملايين جنيه كضريبة أو فائدة عن الدفع المقدم، حيث حصل الزمالك على 5 ملايين جنيه من أصل 8 ملايين جنيه. والواقعة هنا تنطوى على جريمتين فى حق النادى وأعضائه وجماهيره، الجريمة الأولى أن النادى حصل على موارد مستقبلية ليست من حقه، بل هى حق مجالس قادمة، فمن سيأتى بعدهم سيكتشف أنه تم تجريف موارد النادى، وأن الاحتياطى الاستراتيجى قد تم نهبه من قبل إدارة فاشلة تبرم عقود سفيه ماليا، وتستنفد مواردها فى الصرف على لاعبين لم يحرزوا كأس دورة رمضانية، بينما يحصلوا على أضعاف مضاعفة مما يحصل عليه لاعبو الأهلى محتكرو البطولات، أما الجريمة الثانية التى ارتكبها مجلس جلال ومعه الأستاذ عمرو الجناينى مهندس الصفقة مع البنك، فهى إهدار المال العام على قارعة الطريق، فالمبلغ المتفق عليه فى العقود بين الزمالك والبنك يقضى بحصول النادى على مبلغ وقدره 8 ملايين جنيه على دفعات تنتهى فى 2014، إلا أن استعجال الزمالك فى الحصول على الإيجار مقدما، دفع البنك للتحكم وفرض شروطه، ليخصم 3 ملايين من أصل المبلغ، وأنا هنا لا ألوم البنك أو الوسيط الأستاذ عمرو الجناينى عضو مجلس الإدارة السابق والصديق الصدوق للأستاذ ممدوح عباس، الذى ورط النادى فى الفلوس الضخمة التى يدفعها الزمالك لشيكابالا وغيره، ولكننى ألوم مجلس الخيبة والعجز الذى لا يستطيع أن يبنى فريقا وفقا لإمكانياته وقدراته المالية، وهى بالمناسبة معقولة جدا (40 مليون جنيه تقريبا)، ولكنها ليس لها قيمة إذا كنا سندفع 25 مليون جنيه منها لأربعة لاعبين هم: شيكابالا، وميدو، وعمرو زكى، وأحمد حسن، فالحكاية ليست فلوس فقط بل الأهم العقلية الإدارية فإذا كانت عاجزة ومرتعشة ومتآمرة فإنها ستسقط بالنادى، أما العجز فهو عدم القدرة على مواجهة الجماهير واستبعاد اللاعبين أصحاب العقود المالية الضخمة، والارتعاش فى يد المستشار جلال إبراهيم الذى يرفض التوقيع على الشيكات خوفا من المساءلة القانونية، فكيف لرجل يخشى التوقيع على شيك أن نستأمنه على مستقبل ناد؟ أما التآمر فمن الأستاذ عبد الله جورج سعد، الذى يعمل على أجندة الأستاذ ممدوح عباس أكثر مما يعمل على أجندة الزمالك، وبعد أن استقال هو والمستشار جلال إبراهيم عادا إلينا ليرتكبا بالتعاون مع باقى أعضاء مجلس الإدارة جريمة بيع موارد النادى المستقبلية وإهدار ماله العام.