الإرهاب، مصطلح يتم تداوله فى الآونة الأخيرة كحالة من العنف الوحشى الشرس، الذى تحرّمه كل الأديان والقوانين والنظم، باعتبار أنه يتم توجيهه إلى كل فئات المجتمع على نحو عشوائى همجى، ودون تمييز بين رجل وامرأة وطفل وشيخ، أو بين عقيدة وأخرى، مما يهدّد حياة وأمن وأمان وسلامة أى مواطن وكل مواطن، فى أى لحظة وأى مكان وزمان، بغض النظر عن جنسه أو سنّه أو عقيدته أو فكره.. والإرهاب هو وسيلة غير شرعية، لإكراه المجتمعات على سياسات بعينها، نتعارض مع ما تتفق عليه إرادة هذه المجتمعات، عبر استخدام القوة المفرطة، التى تهدف إلى خلق أجواء من التخويف والترويع، دون الاهتمام بقدر ما يلفظ من أنفاس، أو يزهق من أرواح، أو يسال من دماء.. والإرهاب يكون موجَّهًا دومًا ضد بعض المعارضين، سياسيًّا أو دينيًّا أو أيديولوجيًّا، وفيه استهداف متعمّد أو تجاهل لسلامة المدنيين، وهو أعمال غير مشروعة فى كل مكان فى العالم، ونوع من الحروب القذرة التى تستخدم نفس التكتيكات التى تستخدمها التنظيمات الإجرامية، لفرض قوانينها الخاصة التى تتعارض مع المجتمعات والأخلاقيات.. وحتى الأديان.. وتعود أسباب الإرهاب إلى ثقافة حب السيطرة والرغبة فى الفوز بمكاسب غير مشروعة وزجر الناس، لإجبارهم على الإتيان بما يتعارض مع مفاهيمهم الاجتماعية الثابتة.. وتاريخ الإرهاب يعود إلى مئات السنين، وربما يكون أكبر مثال لها هو طائفة الحشاشين، التى منها أخذ المصطلح الإنجليزى (Assassin) أو (الاغتيال) أو طائفة (الدعوة الجديدة)، كما أطلقوا على أنفسهم، وهم طائفة إسماعيلية نزارية، انفصلت عن الفاطميين، فى أواخر القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى)، لتدعو إلى إمامة (نزار مصطفى لدين الله)، ومن جاء من نسله، وهى طائفة أسسها (الحسن بن الصباح)، الذى اتخذ من قلعة الموت فى (فارس) مركزًا لنشر دعوته، وترسيخ أركان دولته، وكانت استراتيجيتهم تعتمد على الاغتيالات وإلقاء الرعب والترويع، وعدم المبالاة بأرواح مَن يخالفونهم، فى سبيل تحقيق أهدافهم الخاصة، متخذين من القلاع والحصون مأوى لهم، متصوّرين أنهم قادرون على السيطرة على العالم، كما يتصوّر أقرانهم الحاليين، الذين ركبهم الغرور، وتصوّروا وهم يحملون سلاحًا لم يصنعوا منه إبرة تنشين، أنهم بذرة أستاذية العالم، لمجرّد أنهم أفظاظ غلاظ القلوب، قساة الأفئدة، بلا مبادئ أو ضمير حى.. ولكن ولأن الله سبحانه وتعالى، المعز المذل المنتقم الجبار يمهل ولا يهمل، ولأنه عزّ وجلّ يأبى أن يكون قساة القلوب متحجرو المشاعر تعبيرًا عن دينه الرحمن الرحيم، أمهلهم دهرًا، لعلّهم يفيقون من غيّهم وطغيانهم، فلما أعمى الشيطان عيونهم، وقيل لهم اتقوا الله فأخذتهم العزّة بالإثم، أرسل الله سبحانه لهم المغول، فانقضّوا على حصونهم وقلاعهم، ودكّوها دكًّا فى فارس، وقاتلوهم بشراسة تفوق شراستهم، حتى قضى المغول على تلك الطائفة فى (فارس) عام 1256م، بعد مذبحة كبيرة، أحرقوها خلال قلاعهم وحصونهم، وذبحوهم عن دابرهم، حتى الأطفال منهم، وسبوا نساءهم، وأنجبوا منهن عبدة للنار والأوثان، ثم جاء الظاهر (بيبرس) ليقضى على فلول حركة الحشاشين القاسية القاتلة المتعجرفة فى (الشام)، عام 1273م، و.. للحديث بقية.