بعدما أجبر المعتصمون، بشارعى قصر العينى والشيخ ريحان، قوات الجيش والأمن المركزى، ليل أول من أمس، على التراجع من ميدان التحرير، والابتعاد عن الجدار العازل «الحجرى»، واستيلائهم على الجدار والوقوف عليه والهتاف ضد القمع مرددين «انتصرنا.. انتصرنا»، انطفأ فجأة نور مجمع التحرير، ليجلسوا فى حالة تأهب، استعدادا لهجوم أفراد القوات المسلحة، فى أى لحظة، مثل كل يوم فى نفس الموعد. البداية كانت مع محاولة يائسة من بعض المتظاهرين، بهدم المانع الخرسانى الموجود فى شارع الشيخ ريحان، والآخر الموجود فى شارع قصر العينى، لكن عددا كبيرا من المتظاهرين حاول إقناعهم بضرورة العودة إلى الميدان، وعدم الاشتباك مع جنود الجيش والأمن المركزى، مرددين هتاف «ع الميدان.. الثورة لسه فى الميدان»، لكن البعض، الذين وصفهم المتظاهرون بالمندسين، أصروا على إلقاء الحجارة على الجيش خلف المانع الخرسانى. المعتصمون رجحوا، بعد رجوعهم إلى الميدان، أن هجوما ينفذ من شارع عمر مكرم، مما دفع مجموعة منهم للوقوف فى وضع الاستعداد عند مدخل الشارع، ولم يخيب الأمن المركزى ظنهم، لكنه فاجأهم بهجومه منفردا من دون الجيش، حيث استمر الاشتباك من الثانية صباحا حتى الخامسة فجرا، وسط أعيرة طلقات نارية بكثافة طوال ساعتين متواصلتين، ولم يعلم الثوار من أين مصدرها؟ البعض قال إنها من فوق المجمع، والبعض الآخر توقع أن تكون من قوات الجيش. قوات الجيش، بدورها، لم تخيب ظن الذين افترضوا تدخلهم، ففى الفترة التى حدث فيها هجوم الأمن المركزى، بعدما صعد شيخ من المتظاهرين وهتف «سلمية.. سلمية»، وأقنع المتظاهرين بأن الأمن المركزى لن يضرب أحدا، ما دام لا أحد يرميه بالحجارة، صوب أحد ضباط الجيش سلاحه، مطلقاُ أعيرة نارية أصابت الشيخ وشابا يدعى إسلام. صفوف المتظاهرين تراجعت فى ارتباك بعد سقوط الشهيدين، وراحت ناحية المتحف، بعد نقل المصابين بالموتوسيكلات والسيارات الخاصة، وجدت بالصدفة، بينما لم يشهد الميدان وجودا لسيارات الإسعاف، مما ترك انطباعا لدى الثوار بأن المستشفيات القريبة من الميدان تلقت أوامر بمنع إرسال سيارات الإسعاف. قبل اختفاء الظلام، وولوج الفجر، على ميدان التحرير بنصف الساعة، تراجعت قوات الجيش والأمن المركزى إلى صينية المجمع، واستمرت فى إطلاق الأعيرة النارية بكثافة، مما جعل المتظاهرين يلتزمون الأرض للوقاية من الطلقات، وظلوا يراقبون صينية التحرير، لمعرفة مصدر الرصاص، لكن دون جدوى، بسبب الظلام، إلى أن جاء الصباح، ليكتشف المعتصمون أن الجدار العازل بشارع الشيخ ريحان، تمت تعليته، وأن الهجوم كان «تمويها». الاشتباكات امتدت حتى الساعة السادسة من صباح أمس (الثلاثاء)، قبل أن تنسحب قوات الأمن المركزى وتتراجع، بعد أن أجبرت المتظاهرين على التراجع إلى شارع طلعت حرب والمتحف المصرى.