«سد النهضة».. عباس شراقي: السد العالي جاهز والسودان المتضرر الأكبر    التأمين الصحي والمعاشات.. تفاصيل اجتماع مجلس نقابة المحامين    لو نسيت كستور المحلة يفكرك.. إسعاد يونس تحيى ذكرى نصر أكتوبر بطريقة ساخرة    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 750 معلماً مساعداً ضمن مسابقة 30 ألف معلم    متحدث الحكومة: زيارة رئيس الوزراء للمنوفية تستهدف التنمية البشرية ورفع مستوى معيشة المواطنين    معهد التخطيط القومي يستقبل الممثلة الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر    موعد صرف مرتبات أكتوبر ونوفمبر وديسمبر 2025 للمعلمين.. أماكن الصرف    البنك الزراعي المصري يحمي بيانات بطاقات الدفع من الاختراق بمعايير عالمية    يصر على التفاوض تحت ضغط النيران.. شريف عامر: نتنياهو يواصل قصف غزة    الإنتر ضد سلافيا براغ.. النيراتزوري يحسم الشوط الأول بثنائية "فيديو"    «الأوروبي للدراسات»: أوروبا وروسيا على حافة مواجهة مباشرة مع تصاعد الخروقات    وزير الحرب الأمريكي: لن نقبل تعيين جنرالات يعانون من السمنة (فيديو)    «هاري بوتر» يثير قلق إنريكي قبل لقاء برشلونة.. ما علاقة بيدري؟    بينتانكور يقترب من تجديد عقده مع توتنهام    تقرير يكشف خطة مانشستر يونايتد للإطاحة بروبن أموريم    ضبط نصف طن دقيق مخابز بلدية ب إحدى الطواحين غير المرخصة في أسوان    جمارك مطار الإسكندرية الدولي تضبط تهريب هواتف محمولة مستعمله    غادة عادل: دوري في فيلم «فيها إيه يعني» مختلف ويحمل الكثير من الحنين والذكريات    «زواج وعلاقات».. تعرف على أسوأ صفات برج الميزان    خبير سياسي ل"كلمة أخيرة": خطة ترامب لغزة "اختراع إسرائيلي".. ونتنياهو لن يلتزم بها    أول ظهور إعلامي.. داليا الخطيب تستضيف بطل «ضي»    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    دينا أبو الخير: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار    الكشف على 1110 مواطنين مجانًا ضمن قوافل حياة كريمة ب الإسماعيلية    «الرعاية الصحية» تطلق 6 جلسات علمية لأحدث التدخلات القلبية وبروتوكولات علاج قصور القلب    الصحة تكشف أعراض فيروس «اليد والقدم والفم» وطرق الوقاية منه    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    أيمن عبدالعزيز: الزمالك لعب أمام الأهلي 80 دقيقة بلا مدرب    وزير الاستثمار يستعرض مع وفد صندوق النقد الجهود المبذولة لدعم وتحسين مناخ الاستثمار    وزير الإسكان يُعلن بدء تسليم وحدات مشروع "ڤالي تاورز إيست" بالعبور الجديدة ضمن مبادرة "بيتك في مصر"    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    زينة أشرف عبد الباقى: أشعر بتوتر كبير فى العمل مع والدى    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في بني سويف    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    وزير التربية والتعليم يصدر قرارًا وزاريًا بشأن حافز التفوق الرياضي    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    اتحاد الكرة يؤكد ثقته في الحكام المصريين    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    قناة مجانية تنقل مباراة منتخب الشباب ضد نيوزيلندا في المونديال    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    صلاح أساسيا في تشكيل ليفربول المتوقع أمام جالاتا سراي    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    "حياة كريمة" و100 مليون صحة.. السيسي يستعرض أبرز المبادرات الوطنية لتحقيق التنمية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستفتاء كشف أزمة النخبة المصرية

هل أبالغ إذا قلت إننا فى مصر كنا قبل الاستفتاء أفضل منا بعده؟ وهل يصح القول بأن أجواء الجدل الذى ثار بين المؤيدين للتعديلات الدستورية والمعارضين لها جاءت خصما على الإجماع الوطنى وليس تكريسا له أو إضافة إليه؟
1)
لا أريد بالسؤال أن أصطف مع آخرين ممن سارعوا إلى التشاؤم والتعبير عن القلق، ولكننى أتمنى أن نفكر فى الإجابة عليه بعيدا عن الصخب الذى أصبح الإعلام ساحته الرئيسية، بل صار مصدره فضلا عن منبره. ونحن نفكر فى الموضوع، ولكى لا نقسو على أنفسنا ونحول المناقشة إلى جلد للذات، أرجو أن نضع فى الاعتبار ثلاثة أمور هى:
● إن الثورة لم تكمل شهرين، بما يعنى أننا حديثو عهد بالتجربة كلها. إذ لم يحدث خلال نصف القرن الأخير على الأقل أن استدعى المجتمع لكى يتحمل مسئوليته إزاء النهوض بالبلد وصناعة حلمه. فلا هم دعونا ولا نحن ذهبنا. وكانت النتيجة أنه طوال تلك المدة كانت السلطة فى واد والمجتمع فى واد آخر. وقد فاجأتنا ثورة 25 يناير. حين وجدنا أن المجتمع تقدم الصفوف وأسقط السلطة المستبدة، وقرر أن يسترد وطنه المخطوف وأن يأخذ الزمام بيده فى إدارة شئون البلد.
●إن المفاجأة أخذتنا ونحن مشتتون وممزقون سياسيا وفكريا، بحيث أصبح المجتمع مفتقدا للبوصلة الهادية وموزعا على «قبائل شتى»، إن لم تكن متناحرة فيما بينها فهى فاقدة الثقة بين بعضها البعض. إذ فى غيبة مشروع وطنى يحتشد حوله الجميع، هيمنت الشراذم على الساحة السياسية. وصرنا بإزاء مفارقة جديرة بالملاحظة، هى أن لدينا وطنيين كثيرين فى حين لا توجد لدينا جماعة وطنية حقيقية، متصالحة ويكمل بعضها بعضا.
●إن ما نلحظه من مرارات ومشاعر غير صحيحة يكاد يكون محصورا فى أوساط النخب أو الطبقة السياسية، التى لها هواجسها وحساباتها الخاصة المتأثرة إما بمواقفها الأيديولوجية أو خلفياتها التاريخية ولأن تلك النخب صاحبة الصوت العالى فى مختلف وسائل الإعلام، خصوصا الصحافة والتليفزيون، فإنها وظفت تلك المنابر فى التسويق لتلك المرارات والمشاعر غير الصحية على نحو قدم صورة مغلوطة للمجتمع، وكانت نتائج الاستفتاء نموذجا لتلك الحالة. التى ملأت فيها عناصر النخبة الأجواء بحملة واسعة النطاق لرفض التعديلات، فى حين تبين أنهم يحدثون بعضهم البعض، وأن أغلبية الرأى العام المصرى لا علاقة لها بالموقف الذى عبروا عنه.
(2)
إن شئت فقل ان نتيجة الاستفتاء التى أعلنت مساء الأحد الماضى (20/3) دلت على أمرين، أولهما أن السطح فى حياتنا السياسية مختلف عن القاع والوهم أكبر من الحقيقة. وثانيهما أن بعض الذين أداروا الحوار حول التعديلات الدستورية وقعوا فى أخطاء جسيمة ارتدت عليهم وأوقعت بهم أضرارا جسيمة.
ذلك أن السنوات التى استمر فيها تزوير إرادة الشعب محت من ذاكرة النخبة خرائط المجتمع المصرى وتضاريسه الحقيقية. فصحفنا تتحدث مثلا عن «القوى السياسية» فى مصر الراهنة. وبين الحين والآخر نقرأ أن تلك القوى اجتمعت وقررت كذا، أو أن ممثليها التقوا شخصيات من أعضاء المجلس العسكرى ونقلت إليهم رغبات معينة، كما تقرأ أحيانا أن بعض الزوار الأجانب عقدوا لقاءات مع ممثلى تلك القوى السياسية.. إلخ. لكن أحدا لا يسأل عن أوزان تلك القوى على الأرض، خصوصا أن بعضها اكتسب شرعيته وظل يعمل فى النور منذ أكثر من ثلاثين عاما، دون أن يثبت حضورا يذكر.
ذكرت فى وقت سابق أن نجاح الثورة التى حدثت فى مصر يتطلب إجراء عدة مصالحات، بينها ما يؤدى إلى تطبيع العلاقات بين السلطة والمجتمع وبين النخبة والمجتمع. وذلك لا يتأتى إلا من خلال وضوح الرؤية الاستراتيجية الجامعة وتفعيل القيم الديمقراطية التى تجعل السلطة انتخاب المجتمع وليست قدرا مكتوبا ومفروضا عليه، وهى ذاتها التى تعزز القواسم المشتركة وتوفر الآلية التى تجعل النخبة تعبيرا عن ضمير المجتمع ومصالحه وليست بوقا للسلطة أو ظلا لمشروعات مقطوعة الصلة بالواقع المعيش.
لقد ألقى كل هؤلاء بثقلهم وراء الدعوة إلى رفض التعديلات الدستورية، وجندوا لذلك ما لا حصر له من الشخصيات العامة، واستخدموا فى ذلك كل وسائل الإعلام المرئى والمكتوب والمسموع، حتى الإعلانات المصورة المدفوعة الأجر أسهمت فى حملة التعبئة والحشد، ولكن ذلك الجهد لم يصل إلى أقل من ربع الأصوات (22٪) التى كان أغلبها يعوم على سطح المجتمع ولا علاقة لها بعمقه.
(3)
الحوار حول التعديلات لم يكن صحيحا، فجاءت نتيجته سلبية من وجهة نظر الجماعة الوطنية. ولأنه لم تكن هناك أوضاع مؤسسية تدير الحوار، فقد ظلت ساحته الحقيقية والمعلنة هى وسائل الإعلام (الصحف والتليفزيون) والإنترنت (فيس بوك وتويتر) وللدقة فإن الخلاف فى الموضوع بدأ قبل إعلان التعديلات، أعنى منذ لحظة إعلان تشكيل اللجنة التى أنيطت بها العملية.
إذ ارتفعت أصوات بعض الغلاة منتقدة ذلك التشكيل، ومتحفظة بوجه أخص على وجود أحد أعضاء جماعة الإخوان فيه رغم خلفيته القانونية وخبرته التشريعية. وقد نقل بعض الكتاب هذا النقد إلى ممثلى المجلس العسكرى أثناء الاجتماع معهم. إذ فى حين أن أحدهم احتج على ذلك غاضبا فإن آخر سأل بخبث عن عدد المتعاطفين مع الإخوان من بين أعضاء المجلس العسكرى.
بكلام آخر، فإن أعراض ما يمكن أن يسمى الإسلاموفوبيا والإخوانوفوبيا ظهرت فى الأفق بمجرد تشكيل اللجنة وقبل فتح ملف التعديلات. وهى البذرة التى نمت بعد ذلك وتحولت إلى عنصر فاعل القى بظلاله على مسار المناقشات والمواقف اللاحقة.
حين أعلنت التعديلات لوحظ ما يلى: لم يعن التليفزيون الرسمى بعرضها على الناس وشرح مضمونها ومراميها، أغلب الظن بسبب حالة الإرباك التى يمر بها جهازه. وكانت النتيجة أن كثيرين شكلوا انطباعاتهم السلبية والإيجابية عنها من خلال الأصداء التى ترددت فى وسائل الإعلام الأخرى. ومارس نفر من القانونيين والسياسيين حقهم فى نقدها أو الدفاع عنها. وفى تلك المرحلة المبكرة نسبيا كان النقاش محصورا فى «الموضوع»، على أساس أن ثمة خلافا فى الوسائل وليس الغايات، التى كانت محل اتفاق الجميع.
بمضى الوقت حدث تطوران مهمان، الأول أن المناقشات تحولت إلى اتهامات بين الطرفين ولعبت وسائل الإعلام دورها فى تأجيج هذه المشاعر. ولأن الفيس بوك وتويتر مفتوحان للجميع فقد كان لهما الحظ الأوفر فى إشاعة الاتهامات وتأجيجها التى وصلت إلى حد تبادل إطلاق صفات العمالة والتكفير والماسونية والوهابية والاتجار بدم الشهداء وغيرها بين الطرفين.
التطور الثانى تمثل فى الاصطفاف فى أوساط المؤيدين والمعارضين للتعديلات. ورغم أن الجانبين ضمَّا خليطا من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية، إلا أن التعبئة الإعلامية أشاعت بين الناس ان الإسلاميين يؤيدون التعديلات، وان كل من عداهم يعارضها. ولم تكن تلك الشائعة مقصورة على وسائل الإعلام المصرية فحسب، وانما وجدنا لها صدى فى الصحافة العربية أيضا، حيث نشرت صحيفة «الحياة» اللندية على صفحتها الأولى (عدد 18/3) عنوانا قالت فيه: الإسلاميون يخوضون ضد الجميع معركة الاستفتاء على تعديلات الدستور. وذهبت تلك الحرب الباردة إلى أبعد حين روجت بعض الصحف للادعاء بأن ثمة تحالفا بين الإخوان وبين فلول الحزب الوطنى. ونشرت أنهما أصبحا «يدا واحدة» وانتشرت تلك الشائعة العبثية التى اصطنعت غراما مفاجئا بين الخصمين التاريخيين حتى تحدثت صحيفة الأهرام على صفحتها الأولى فى اليوم التالى للاستفتاء عن «تنسيق غير معلن بين الإخوان وفلول الوطنى». وكان ذلك التطور بمثابة منعطف خطر أضاف إلى الاستقطاب عمقا ومرارة.
(4)
وسط الجدل المحتدم والاتهامات المتبادلة ظهرت لافتة فى الإسكندرية نسبت إلى أحد الدعاة (الشيخ أحمد المحلاوى) قوله ان تأييد التعديلات واجب شرعى وتبين أنها حملت توقيع الإخوان المسلمين. حينذاك قامت الدنيا ولم تقعد. واستهجنها المتحدث باسم الجماعة وطلب رفعها، لكن صورتها ظلت تنشر فى الصحف يوما بعد يوم. زاد الطين بلة أن السلفيين دخلوا على الخط بلافتاتهم الدينية وبياناتهم التى تفرق ولا تجمع. ولست واثقا من ان التوتر ازداد بعد ظهور عبود الزمر الذى أدين فى قتل الرئيس السادات بعد اطلاق سراحه ثلاث مرات فى ليلة واحدة، بلحيته الكثة وآرائه المقلقة، ولكن البعض حدثنى بذلك.
على الجانب الآخر تبين ان الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية أصدرتا «نصائح» لرعاياهما برفض التعديلات. وسمعت رأيين فى التعليق على ذلك التوجيه، أحدهما ذكر انه رد فعل على الاحتشاد الإسلامى وظهور الزمر على التليفزيون. والثانى قال ان التوجيهات صدرت قبل ذلك، منذ أعلن الإخوان انهم يؤيدون التعديلات.
ما يلفت النظر فى هذا الصدد ان الإعلام المصرى استهول العملية وبالغ كثيرا فى حجمها وفى التعويل عليها، واعتبر ان العنصر الدينى لعب الدور الأساسى فى حسم الاستفتاء لصالح قبول التعديلات. والغريب فى الأمر أن قطاعات غير قليلة من المثقفين تبنت هذا الرأى وتحدثت عن ان البلد انقسم وان الاستقطاب حدث بين الإسلاميين من جانب والأقباط والوفديين والناصريين واليسار من جانب آخر. ورغم ان تعليقات المواطنين التى سمعناها خلال بعض البرامج التليفزيونية (قناة دريم برنامج العاشرة مساء الأحد 20/3) نقضت ذلك الادعاء وكذبته إلا أن بعض عناصر النخبة المصرية التى سمعناها مساء اليوم ذاته على شاشة قناة الجزيرة تمسكت به. لقد قال المتحدثون فى البرنامج الأول انهم ليسوا إسلاميين ولا علاقة لهم بالإخوان لكنهم صوتوا لصالح التعديلات لأنهم يرون انها توفر لهم الاستقرار الذى ينشدونه. فى حين أصر المتحدثون فى البرنامج الثانى ان أغلب المؤيدين تصوروا انهم بذلك سيدخلون الجنة!
خلاصتان يخرج بهما المرء من استعراض ما جرى. الأولى اننا خرجنا من الاستفتاء مشوهين وبأسوأ مما دخلنا فيه. والثانية ان أغلب عناصر النخبة فاقدة الثقة فى وعى الجماهير، حيث تفترض فيها انها تضم قطيعا من السذج والبلهاء الذين يسوقهم الدعاة والمحرضون فيتعلقون بأذيالهم حيثما يذهبون.
إن الحاخامات فى إسرائيل يطلقون أثناء كل انتخابات دعوات توزع مساحات فى الجنة على الذين يصوتون لصالح من يساندون من المرشحين، لكن أحدا لا يأخذ كلامهم على محمل الجد، ولا يتعرضون لحملات التنديد والترويع التى شهدناها فى مصر. والفرق بينهم وبيننا أنهم هناك يثقون فى الناخب اليهودى ويحترمونه، أما عندنا فأغلب مثقفينا يستخفون بالناخب ويحتقرونه، رغم انه هو الذى صنع الثورة التى يتباهون بها وليس غيره.
اننى أخشى أن يذكر لنا التاريخ ان الشعب فى مصر صنع الثورة، لكن المثقفين خنقوا روحها.

جريدة الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.