المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    عماد الدين حسين: إقبال كبير في دوائر المرشحين البارزين    ارتفاع الطلب على السبائك..أسعار الذهب اليوم الخميس 13-11-2025 في بني سويف    وزير المالية السابق: 2026 سيكون عام شعور المواطن باستقرار الأسعار والانخفاض التدريجي    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    وزير الخارجية الأمريكي: يجب وقف تسليح قوات الدعم السريع ومحاسبتها على الانتهاكات الممنهجة    لافروف: إحاطات سرية دفعت ترامب لإلغاء القمة مع بوتين في بودابست    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    انطلاق معسكر فيفا لحكام الدوري الممتاز بمشروع الهدف 15 نوفمبر    أمطار تضرب الإسكندرية بالتزامن مع بدء نوة المكنسة (صور)    انفجار ضخم يهز منطقة كاجيتهانة في إسطنبول التركية    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    بالصور.. علي العربي يتألق على السجادة الحمراء لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    خالد النبوي.. فنان يروي الحكاية بصدق الإبداع ودفء الإنسان    الولايات المتحدة تنهي رسميا سك عملة السنت بعد أكثر من قرنين من التداول    طريقة عمل فتة الحمص بالزبادي والثوم، أكلة شامية سهلة وسريعة    أسباب الشعور المستمر بالتعب والإرهاق عند النساء    أسعار السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الخميس 13 نوفمبر 3035    الغرفة التجارية: إيقاف 51 ألف محمول في أكتوبر بسبب تطبيق «الرسوم الجمركية»    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    الفراعنة يرفعون وتيرة التدريبات قبل اللقاء الودي أمام أوزبكستان    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    «مكنش يطلع يستلم الميدالية».. مجدي عبد الغني يهاجم زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    دوامٌ مسائي لرؤساء القرى بالوادي الجديد لتسريع إنجاز معاملات المواطنين    محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيقضي على مشكلة «تشابه الأسماء»    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تنفيذ 22 عملية ضد داعش في سوريا خلال شهر واحد    التصريح بدفن جثمان الزوجة المقتولة على يد زوجها فى المنوفية    حادث مرورى بنفق قناة السويس بالإسكندرية وعودة الحركة المرورية    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    ذروة الهجمة الشتوية.. إنذار جوى بشأن حالة الطقس اليوم: الأمطار الرعدية تضرب بقوة    فضائح الفساد في أوكرانيا تثير أزمة سياسية ورفضا للمناصب الوزارية    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    تعرف على ملاعب يورو 2028 بعد إعلان اللجنة المنظمة رسميا    ليلى علوي: مهرجان القاهرة السينمائي يحتل مكانة كبيرة في حياتي    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    أحمد تيمور خليل: ماما مها والدة مى عز الدين معانا بروحها    كيف تحققت كلمات ووصايا والد محمد رمضان بعد رحيله.. اعرف الحكاية    محامي أسرة أم كلثوم: إجراءات قانونية ضد الشركة المخالفة لحقوق كوكب الشرق    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. فنزويلا تعلن التعبئة فى مواجهة التحركات الأمريكية.. سك العملة الأمريكية تنتج آخر دفعة من السنت.. وفضيحة فساد تهز قطاع الطاقة فى أوكرانيا    ترامب يحمل «جين تاتشر» وكيندي استخدم مرتبة صلبة.. عادات نوم غريبة لرؤساء أمريكا    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    شريف عامر: قانون الإجراءات الجنائية الجديد أحد أهم القوانين على مستوى العالم    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعداء الوطن الذين حرمونا من العيد: السكوت عار وخيانة

للعام الثاني على التوالي.. يحرمنا أعداء الوطن من القدرة على رفع عيني في وجوه أحبتي لأهنئهم بعيدهم، مثلما يحرصون على تهنئتي في جميع المناسبات.. فبينما يستعد أهالي شهداء نجع حمادي لإحياء الذكرى السنوية الأولى لأحبائهم، ولم تندمل بعد جراح فراقهم ؛ تصعقنا أنباء سقوط ضحايا جدد من أبناء مصر على أيدي الإرهابيين المجرمين، أعداء الشعوب وأعداء الحياة وأعداء الله.
وفي الوقت الذي كان فيه الأسوياء من أبناء هذا الوطن يستعدون لتبادل التهانئ والأمنيات الصادقة بحلول عام جديد، انتشرت في أرجاء البلاد أفاعي الفتنة تبذر سموم الكراهية وتتسلل بفحيحها إلى منابر بعض المساجد وبعض وسائل الإعلام ومنتديات الإنترنت، تنشر حمى تحريم التهنئة بالعام الجديد، الذي هو مناسبة سعيدة يحتفل بها الجميع بصرف النظر عن انتمائهم الديني. ويمتد التحريم بالطبع إلى تهنئة غير المسلمين بأعيادهم.. بدعوى أنه لا يصح للمسلمين أن يحتفلوا بغيرعيدي الفطر والأضحى؛ كما لو أن من فرض الاحتفال بهذين العيدين يريد منا أن نقضي بقية العام في هم وغم وكآبة، فلا يصح الاحتفال أو الفرح إلا يومين على سبيل الحصر طوال العام!
وكان لابد لهذه البذور المسمومة التي نمت وترعرعت تحت سمع وبصر مؤسسات رسمية أن تؤتي ثمارها المريرة مع موعد احتفال الأحبة بعيدهم. فإذا بالغل والحقد ينفجران في وجوه طيبة، تتعبد إلى ربها في دار عبادة يذكر فيها اسم الله، وينتمي إليها من قال عنهم في كتابه الكريم أنهم أقرب الناس مودة إلينا، “ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون.” ويأتي اليوم من يخترع تفسيرا جديدًا للآية الكريمة حتى يبرر لنفسه وللناس كرها وغلا يتعارضان مع صفات التسامح والرحمة والمحبة التي يجب أن يتصف بها الداعون إلى الله.
وبطبيعة الحال تشتعل نيران الغضب في صدور أهالي الضحايا، وتجد من يغذيها ويدعو إلى الانتقام بإشعال أحد المساجد الذي هو أيضا دار عبادة يذكر فيها اسم الله، وهكذا تكتمل دائرة الحقد، وتبرد قلوب مشعلي الفتنة مطمئنة إلى نجاح المؤامرة الدنيئة.
كنت بصدد الكتابة عن خبر جميل سمعته، صلاة أقامتها كنيسة قصر الدوبارة بالقاهرة، وحضرها نحو ألفي مسيحي ليلة الخميس/ الجمعة استمرت ست ساعات، قام فيها الحاضرون بإنشاد ترانيم وتسابيح يدعون فيها الرب كي يحفظ مصر وشعبها ويباركها ويحميها من المخاطر. وقسم المصلون أنفسهم إلى أربعة أقسام اتجهت صوب الاتجاهات الأربعة الرئيسية، يطلبون أن تعم البركة والحماية جميع أنحاء مصر. في مظهر جميل من مظاهر حب الوطن والخوف على سلامته.. قلوب تتوجه إلى الله بدعائها وتبقى مصر حاضرة في وجدان المص لين.. هؤلاء أخوتنا خرجوا من رحم هذا الوطن، يربطنا بهم رحم ودم فعلا لا مجازا.. أهل مصر الحقيقيون وليسوا وافدين عليها، هم أقباطها حتى لو اختلطت دماؤهم بدماء حضارات أخرى سكنت مصر، ونحن أبناء مصر الحقيقيون، أحفاد المسيحيين القدامى، أقباطها أيضا، ولسنا ضيوفًا عليها حتى لو اختلطت دماؤنا بدماء عربية.. فكيف هان على من خرج من نفس الرحم أن يمد يده بسوء إلى لحمه ودمه؟
قبل أن أسمع الأنباء بساعات قليلة كانت صديقتي الحبيبة “منى” تهنئني بالعام الجديد، وتطمئنني إلى أنها طلبت من بعض آباء كنيستها أن يصلي من أجلي، كلامها كان يريح ذهني المكدود من تنغيص أتعرض له في عملي. كيف أجرؤ الآن على أن أواجهها وأطلب منها أن تصلي من أجلي؟ لقد كانت تشكو إلي من إمام المسجد المجاور لبيتها، الذي يستغل خطبة الجمعة للتعريض بعقيدتها، والتحريض على أهلها. وكنت أحاول طمأنتها إلى أن أمثاله لا يفهمون دينهم، ولا يعرفون أن الله الرحمن الرحيم لايمكن أن يقبل أن يمثل دينه أناس بهذه الغلظة والحدة وقسوة القلب، وأن غالبية المصريين في مصر لا يقتنعون بكلامه. فهل تصدقني منى الآن؟ وهل يصدقنا بقية أصدقائنا وأخوتنا ونحن نزعم أن ديننا لا يدعو إلى الإرهاب والكراهية والدم؟ هل نستطيع أن نؤكد لهم أن فهمنا هو الأصح، في حيل تحمل أيدينا آثار دماء أبنائهم الذين شاركنا في اغتيالهم، لأننا لم نبذل الجهد الكافي في التصدي لأعداء الوطن والحياة والله؟
قلت قبل ذلك في أكثر من مناسبة أن مقتل مصر لا قدر الله لن يكون أبدا في الجوع، فقد جُبِل المصريون على التكافل واقتسام اللقمة بينهم. كما لن يكون على يد احتلال، فتاريخ مصر حافل بالنضال ضد المحتلين ودحرهم؛ لكن مقتلها لا قدر الله لن يكون إلا في تفتيت وحدتها، ودفع أبنائها إلى قتال بعضهم البعض؛ وهو غاية ما يتمناه المتربصون بها من الخارج وعملاؤهم في الداخل.
لقد دارت رحى المعركة بين الاستنارة والظلامية، بين العقل والجهل، وبين أبناء الوطن الحريصين عليه وأعدائه. ولم يعد الجرح يحتمل التغطية على مافيه من صديد. رائحة الصديد فاحت ، وصار لابد من التطهير.. وآن أوان المواجهة الصريحة وفضح المجرمين الحقيقيين، الذين يسعون حثيثًا لسلب مصر أعز ما تملك: ثقافتها المتسامحة والعقلانية، وإحلال ثقافة غريبة جلبها سوس ينخر في عقول المصريين منذ عقود، يساندهم في ذلك عملاء يهمهم أن ينشغل أبناء البيت الواحد في اقتتال يلهيهم عن أعداء طامعين في البيت وأصحابه. . صار السكوت على تجريح عقائد المسيحيين والتحريض على كراهيتهم والدعوة لمقاطعتهم اقتصاديا جريمة تمس بالأمن القومي للبلاد.. وإذا كانت الدولة تتهاون في مواجهة هذه الجرائم وتستغلها للتغطية على جرائم الفساد والتزوير والاستبداد، فعلينا أن نأخذ نحن أبناء مصر الذين يهمهم أمرها بزمام المبادرة وندعو لفضح كل إمام مسجد، وكل إعلامي، أو كاتب أو معلم ينشر سموم الفتنة والتمييز. وليبحث المشتغلون بالقانون أمر رفع دعاوى قانونية ضدهم، باعتبارنا أصحاب مصلحة في أمن هذا البلد الذي يهدده هؤلاء. كما صارت المطالبة بقيام دولة مدنية، تقوم على أسس المواطنة الحقة، واجبا قوميا، وفرض عين على كل مصري شريف. لم يعد السكوت على ما يجري من ذهب، وإنما جريمة تهدد الأمن القومي.
جريدة البديل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.