شهدت الدقائق الأولي من العام الجديد 2011 جريمة بشعة استهدفت أمن مصر وشعبها راح ضحيتها أكثر من عشرين شهيدا مصريا وعشرات الجرحي، خيم علي وجوه الناس صباح السبت الماضي بسبب تلك الجريمة مسحة حزن لا تخفي علي أحد لتختلط التهنئة بالعام الجديد بالتعزية في الضحايا الأبرياء الذين قضوا بسبب العمل الارهابي الجبان. الحديث عن موقع الجريمة ليس هو المهم رغم ما أراده الارهابيون الذين نفذوا العملية، والكلام في دين الضحايا ليس هو المهم أيضا رغم أنف المجرمين الذين أرادوها فتنة بين ابناء الوطن الواحد في واحدة من العمليات البشعة التي تركز علي الاخوة المسيحيين في مصر أو علي دور العبادة الخاصة بهم في محاولة مستميتة لزرع كلمة كنيسة ومسجد وقبطي ومسلم في قاموس النزاعات اليومية بين الناس. في العملية البائسة الأخيرة.. لجأوا الي تفجير عبوة ناسفة أمام كنيسة القديسين في اسكندرية، في الدقائق الأولي من العام الجديد، فأصيب المسجد كما أصيبت الكنيسة وسقط الضحايا من بين المسلمين كما سقط اخوانهم من الأقباط شهداء، لم يفرق الانفجار بين المباني ولا بين الناس فالكل في شارع واحد هو شارع مصر ، شارع الوطن. ردود فعل المصريين قبل ردود فعل الدول والشعوب الأخري خيبت آمال مدبري الحادث الاجرامي الذي نتج عنه موقف وطني قوي يستنكر الارهاب ويرفض الوقيعة بين المواطنين المصريين المختلفين في العقيدة والمتفقين والمتوحدين في الايمان بالله والتمسك بوحدة الوطن. أرادها مدبرو الحادث فتنة وغضبا مشتعلا بين أبناء الوطن الواحد، لكن حادث كنيسة الإسكندرية أوجع قلوب المصريين جميعا مسلمين وأقباطا كما قال الرئيس مبارك بحق، وأكد أن انفجار كنيسة القديسين في الاسكندرية، يحمل في طياته دلائل علي تورط أصابع خارجية، تريد أن تصنع من مصر ساحة لشرور الارهاب، وقال إنه لن يسمح لأحد بالاستخفاف بأمن مصر ، ونحن معه، كل المصريين معه علي قلب رجل واحد لا فرق بين مسلم وقبطي ولا مؤيد ومعارض. مما يدعو الي الاطمئنان أن الرئيس شدد مجددا علي أنه لن يسمح بالمساس أو الاستخفاف بأمن مصر القومي ، قائلا "أمن مصر القومي هو مسئوليتي الأولي لا أفرط فيه أبدا، ولا أسمح لأحد أيا كان بالمساس به أو الاستخفاف بأرواح أو مقدرات شعبنا". أن دماء الشهداء المسلمين والأقباط امتزجت علي أرض الإسكندرية، لتؤكد أن مصر برمتها هي المستهدفة. من ناحيته أكد البابا شنودة الثالث أن حادث الإسكندرية الارهابي استهدف زعزعة استقرار البلاد وأمنها، وأن هناك قوي لاتريد خيرا لهذا البلد إرتكبت هذا العمل الإجرامي في ليلة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد. قال البابا إن الذين يستهدفون أمن مصر هم أعداء للمسيحيين والمسلمين علي السواء، وهم لايريدون خيرا لهذا البلد ويسعون إلي إثارة الفتنة علي أراضيه، مؤكدا أن كل من يحاول إثارة الفتنة علي أرض هذا الوطن لن يجد سوي جسد منيع قوي يأبي الانهيار، وهو قادر علي التصدي لكل هذه المؤامرات وكشفها ودحرها. في ضوء التحقيقات الأولية التي بدأت علي نطاق واسع، نفي النائب العام المستشار عبد المجيد محمود أن يكون حادث كنيسة «القديسين» الإرهابي بالإسكندرية موجها للإخوة للمسحيين وأكد أنه يستهدف زعزعة استقرار مصر. متابعة ردود الفعل الأولية تشير إلي حقيقة مؤكدة وهي أن العملية الارهابية الغريبة علينا وعلي مجتمعنا وإن كانت أوقعت خسائر بشرية تؤلم نفوسنا ألا أنها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق الهدف الأساسي لها وهو شق الصف الوطني وإشعال الغضب بين المواطنين المصريين بعضهم وبين البعض الآخر. فقد انكشفت الخدعة علي الفور وتنادي المصريون بادراك الحقيقة وعدم الوقوع في الفخ، أدرك المصريون أن الجريمة إرهابية تستهدف أمن الوطن واستقراره وليس لها ذلك البعد الديني الطائفي الذي اتشحت بثوبه. الحس الوطني لم يخطئ لدي كل الأطراف فقد انتبه الجميع الي عدم الاسراع بالتحليل والاستنتاج، وقرر الوطن في لحظة صدق مع النفس ابتلاع آلامه وتضميد جراحه وتجاوز الجريمة إلي آفاق البحث الدقيق وعقاب الجاني الحقيقي الذي يهدد أمن مصر والمصريين.