إحساس غريب بالرهبة والمهابة ينتابنا ونحن نقترب من منزل سيادة الفريق والوقت يداهمنا والخوف من الفشل يملأنا فقد فشلنا فى رؤيته قبل ذلك لمرات. كلما اقتربنا من المنزل تسارعت ضربات القلوب وبدا علينا القلق. ثمة محاولات يائسة لبث الطمأنينة بأننا سننجح هذه المره من "إيهاب" ؛ ودعاء لا ينقطع من "رامى" بأن ننال شرف اللقاء وأنا اغالب نفسى محاولا التخلص من غيظى من الذى كان السبب فى ما حدث لسيادة الفريق. نقترب من المنزل وهو منزل لا يبدو ان ساكنه كان فى يوم من الأيام هو الرأس المدبر لإنتصار العرب الوحيد على إسرائيل فلا حراسة ولا تنويه عن سيادته؛ فقط عمارة سكنيه عاديه جدا وكأن الله اختار له سكن القصورالدائمه حيث النعيم الوارف بدلا من متاع الدنيا الزائل. كان الإتفاق مع ابنة سيادته على ان نرسل باقة زهورعليها كارت موقع بأسمائنا بدون ان نراه أو حتى ندخل الشقة؛ ولكن ماحدث أننا عندما ذهبنا ووجدناها فى انتظارنا دعتنا إلى الداخل وهنا احسست انى أخيرا سأراه ولكن لوهلة تذكرت الإتفاق المسبق وقبل أن أستغرق فى أحلامى ذكرتنا السيدة كريمته بالإتفاق و بالطبع تفهمنا موقفها.
وقبل ان نتكلم فوجئنا بسيادة الفريق وهو يدخل علينا مرحبا بنا وشاكرا لنا هذه الزيارة وهنا أحسست بعظمة هذا الرجل.. من الذى واجب عليه ان يشكر من ..والله لو قدم المصريون والعرب جميعا الشكر لسيادته ما كفى ولكنه تواضع الكبار الذى ميزه دوما. كان يسير على مهل بمساعدة من زوجتة وكان باسما كالعادة قال لنا فى هدوء : "عليكم ان تنتظروا حتى أحضر إليكم أنتم لم تكونوا تنتظروا ذلك الشاب فى الثلاثين ذو البزة العسكرية" ثم ضحك فى ملء فيه فضحكنا جميعا وشكرنا تشريفه لنا بالمقابلة وعندما مد يده لنا يسلم علينا تسابقنا جميعا لتقبيل هذه اليد الطاهرة العفيفة التى وبرغم المنصب الكبير لم تسرق أو تبطش أو تتجبرعلى أحد من المصريين برغم قدرتها على ذلك .حاول سيادة الفريق ان يسحب يده فى حياء بعد إقدامنا على تقبيلها ولكن ذلك لم يكن ليثنينا عن تقبيلها باعثين رسالة شكر من جيل لم يحارب إلى الأب الحقيقى للإنتصار و رأس الحربة التى اذاق العدو ويلات الهزيمة فهذا أقل شىء من الممكن ان نقدمه لشخص حارب وناضل ونفى وسجن من اجل مصر.
فقط أردنا ان نوصل لسيادته رسالة مفادها انه كما عرفنا نحن الحقيقة فأيضا سيأتي اليوم الذى تعرف فيه كل مصر الحقيقة لأن الحق أحق ان يتبع ومن واجبنا ان نرد الفضل لأهله ولا أهل لذلك الفضل غير الفريق الشاذلى. تسابقنا جميعا للحصول على صوره مع سيادة الفريق فهي بالتأكيد صورة للتاريخ سنفتخر بها حتى حين ثم عرض علينا سيادة الفريق ان يستمع لكل مانقول بدون ان يتكلم هو لأن الكلام يجهد سيادته وبدون تفكير ولا تردد قلنا كلنا أننا ننأى بأنفسنا عن ان نكون السبب فى أى ضرر لسيادته مهما كان قليل ..فعرضت عليه أبنته ان يستريح بالداخل فى غرفته فلم يعترض أو يستجيب حياء ان يتركنا بدون ان يجلس معنا ولكننا أبينا ان نتسبب فى أى اجهاد لسيادته فإعتذر عن المجلس فى تواضع ودخل الى غرفته بالداخل.. ولا أستطيع ان أتكلم عن التواضع والادب والإحترام الذى وجدته فى هذا الرجل . ناقشنا مع كريمة سيادته الصعوبات التى واجهت الأسرة لطبع المذاكرات الخاصه به حتى إن أمريكا بلد الحريات "الزائفة" لم تجد بها دار نشر واحدة لنشر الكتاب لأن التعتيم الإعلامى كان رهيب وكان المطلوب ان يظهر السادات فى صورة البطل حتى يوقع على كامب دافيد "وقد وقع بطل الحرب و السلام الزائف على اتفاق كامب دايفد "سأترك لك الاجابة على السؤال هل الاسقاط فى كلمة زائف على السلام ام على البطل" حتى اضطرت كريمته لنشر الكتاب على نفقتها الخاصة بدون مساعدة من أحد. ثم تكلمنا عن كيف ان السلطات المصرية صادرت جميع ممتلكات الرجل من أموال ومقتنيات وكتب "لماذا الكتب لا أعرف" حتى النياشين والأوسمة الا مارحم ربى. ثم سألت سيادتها سؤالا عن كيف ان سيادة الفريق إستطاع ان يبقى على هذه الإبتسامة على الرغم من التجاهل فى التكريم والنفى والسجن ومصادرة الممتلكات ..فكان الرد التلقائى "أصل بابا مؤمن قوى" إنتهى اللقاء حتى هنا وودعونا شاكرين لنا مافعلناه ولا زلت لا أفهم كيف لهم هم ان يشكرونا نحن والعكس كان هو الواجب .. أما إنطباعنا عن الأسرة فببساطة أستطيع ان أقول أن فيهم سمات اصالة المصريين من كرم الضيافة لبشاشة الوجه وحسن الإستقبال حتى اننا لم نشعر للحظه أننا غرباء أبدا وكأننا نعرفهم منذ امد بعيد .أحببت ان أؤكد لهم أننا سنعمل كل الجهد على ان نعرف الناس من جيل الشباب من هو "سعد الدين الشاذلى" ليكون قدوة لنا ولمن بعدنا اجمعين سائلين الله أن يمن علينا بمن ينصر هذه الأمة من عباده وأن يرزق الفريق سعد الدين الشاذلى حسن الجزاء في الدنيا و الاخرة. آمين. نقلا عن: شريف البلاط مجموعة الفريق الشاذلي على الفيسبوك