مدبولي: 12 جامعة أهلية جديدة تدخل الخدمة قريباً    مدبولي: الاقتصاد المصري يتجه نحو التحسن رغم التحديات    برلمانيون: سياسة مصر الخارجية القوية أحد أعمدة الجمهورية الجديدة | تقرير    التعادل يحسم الشوط الأول من مباراة الجونة أمام مودرن بالدوري    تقرير: دي ليخت يقترب من الغياب أمام أتليتك بلباو    الأرصاد: غدًا طقس حار نهارًا معتدل ليلًا على أغلب الأنحاء    محافظ القليوبية يُسلِم ملابس الإحرام لحجاج الجمعيات الأهلية    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    ميرتس وماكرون يدعوان الهند وباكستان إلى التهدئة    «ضربوه لأن رجله بتوجعه ومقدرش يجري».. القبض على والدَي تلميذ اعتديا على زميل ابنهما داخل ملعب المرج    رسميا.. اعتماد جداول امتحانات النقل والشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2025 ببني سويف    آيساب روكي يكشف سبب حمل ريهانا المتكرر    محافظ أسوان ينيب السكرتير العام لحضور ختام فعاليات مهرجان أفلام المرأة    إنقاذ حياة طفل.. فريق جراحى بأورام المنوفية ينجح فى إجراء عملية استئصال ورم ضخم    رأس المال السوقي يخسر 25 مليار جنيه.. مؤشرات البورصة تهبط بختام جلسة اليوم    رئيس مسار بعد التتويج بدوري السيدات: هدفنا المساهمة في تطوير كرة القدم المصرية    جوندوجان يحلم بأن يكون مساعدًا ل "الفيلسوف"    بالصور.. ملك أحمد زاهر تتألق في أحدث ظهور لها    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    بينها «أخبار اليوم» .. تكريم رموز الصحافة والإعلام في عيد العمال    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    الهلال الأحمر المصري يشارك في النسخة الرابعة من منتدى «اسمع واتكلم»    جوتي ساخرًا من برشلونة: أبتلعوا الأهداف مثل كل عام    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    عمر طلعت مصطفى: العمل الاحترافي يجذب 400 ألف سائح جولف لمصر سنويًا    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنانون السوريون بين مخالب«الأسد» وغضب الشعب!
طارق الشناوي يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 02 - 05 - 2011

· الفنان لا يمكن أن يقف وينتظر الجبهة ا لواضحة ليعلن ولاءه لها فالشعب ينتظر دوما من يؤيده والحاكم أيضا
مع بداية الثورة في اليمن انحاز المطرب والملحن "أحمد فتحي" إلي جانب الشعب وغني في الميدان مع الثائرين.. بينما عندما بدأت شرارة الغضب في سوريا كان المطرب "سامو زين" قد اختار الوقوف إلي جانب "بشار الأسد" وذهب قاصداً السفارة السورية في القاهرة وغني لبشار ورقص الدبكة رداً علي من تظاهروا من السوريين المقيمين في مصر ضد بشار.. الفنان لا يمكن أن يقف وينتظر الجبهة الرابحة ليعلن ولاءه لها الشعب ينتظر أن ينضم إليه والحاكم ينتظر أن يؤيده في هذا الموقف المصيري.. الشعب لديه قائمة سوداء لمن لم يناصره والحاكم في العالم العربي طالما في يده السلطة يستطيع أن يمنح ويمنع ويبطش أيضاً!!
الثورة أي ثورة تعني الخروج من الذات إلي آفاق وحدود أبعد وأرحب لتصل إلي حدود الوطن بأحلامه التي لا تعرف مستحيلاً.. الناس بكل طوائفها ومشاربها تشارك عادة في ثورات الغضب، إلا أن كل من لديه مصلحة ما يفكر ألف مرة ماذا لو قال نعم وأيد مطالب الثوار ولم تنجح الثورة؟ لا شك أن الحل هو الانتقام الذي لا يعرف التسامح.. قد لا تتمكن السلطة في العالم العربي من ملاحقة كل أصحاب رءوس الأموال الذين ارتبطوا بها في صعودهم، إلا أنها تتوعد في العادة النجوم الذين تعتقد أنها منحتهم الجوائز والتكريمات من أجل شيء واحد وهو أن عليهم دعمها وأن نجوميتهم ليست كلها لهم إنهم يعتبرون أنها ملكاً للحكام أيضاً.. الدول الديكتاتورية تتصور أنها صانعة للنجاح الجماهيري، بل وضامنة لاستمراره.. علي الجانب الآخر ينتظر الجمهور الصانع الحقيقي للنجوم أن يرد هؤلاء النجوم الجميل وينحازوا إليه ولا ينسي الناس بسهولة مواقف النجوم، خاصة أننا في عصر التوثيق عبر النت لا أحد يستطيع أن يقول كلمتين متناقضتين في نفس الوقت لا أحد يركب حصانين وينطلق بهما.. مع الأسف فعلها عدد من النجوم في مصر، كنا نري مثلاً "أحمد بدير" في أحد الفضائيات يبكي ويقول ما تزعلش مننا يا ريس، وبعدها بخمس دقائق يقول علي فضائية أخري ارحل بقي كفاية عليك كده!
يعتقد بعض النجوم أن هناك حلاً سحرياً وهو الوقوف في المنطقة الآمنة وهي أن يعلن أن المتظاهرين لديهم حق في مطالبهم ولكن للدولة وللرئيس الحق في أن نذكر إنجازاته.. وهذا الحل مثلاً لجأت إليه "هند صبري" في أول تعقيب لها بعد أيام من اندلاع ثورة الياسمين في تونس، ولكنه لم يشف غليل الجمهور التونسي الذي اكتشف أن "هند" لا تزال تقف في جانب "بن علي" إلا أنها بعد ذلك في نفس اللحظة التي غادر فيها "بن علي" تونس متجهاً إلي المملكة العربية السعودية قالت "بن علي" كان خاطفاً لتونس.. لم يصدقها الناس الكل شعر بأنها تنحاز لمن يكسب.. حيادها كان يحمل ترقباً تتجه بعده للفائز.. "لطيفة" أيضاً قالت في عز الثورة التونسية كلمات محايدة مثل اللهم احمي تونس ولم تزد رغم أنها كثيراً ما كانت هي صاحبة الصوت الأعلي في مؤازرة القضايا العربية.. الفنان العربي في العادة يستطيع أن يعبر عن مواقفه بحرية لو كنا بصدد قضية عربية متفق علي تفاصيلها مع توجهات النظام، وهكذا مثلاً يعلو عادة صوت الفنان عندما يتعلق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني أو شجب العدوان المسلح ضد غزة.. الفنان العربي يصول ويجول ويفتح علي الرابع كما يقولون باللهجة المصرية إذا تعلق الأمر بقضية عربية عليها توافق ولكن إذا انتقل إلي قضايا بلده فسوف يبقي عليه أن يواجه العين الحمراء من النظام ولهذا يؤثر في العادة السلامة ولا يتعدي المسموح.. مثلاً الفنانة "رغدة" هي أكثر الأصوات التي شاهدناها في القضايا العربية في حصار غزة أو ضرب العراق أو الاعتداء الإسرائيلي علي الجنوب اللبناني دائماً "رغدة" هي صاحبة الصوت الأعلي الآن في عز ثورة الشعب السوري لم نسمع منها رأياً.. اختارت "رغدة" أن تصمت تماماً.. هي حالياً تلعب دور الملكة اليمنية "بلقيس" علي خشبة المسرح القومي بالقاهرة ولم تكن "بلقيس" سوي صوتاً للحق وخاضت معارك عديدة للدفاع عن الحق في اليمن فما الذي أصاب "رغدة" إنها تدرك بالطبع مثل الجميع قسوة النظام السوري في التعامل مع من يخالفوه الرأي وأظنها ستحاول حتي اللحظات الأخيرة الوقوف علي الحياد.. القسوة هي عنوان النظام السوري الذي لا يدرك حجم التغيير في العالم وأن سوريا مثل كل دول العالم لا يمكن أن تظل في إطار تلك المقولة التي باتت تنتمي للعهود السحيقة "بشار للأبد" فلم تعد الرئاسة مدي الحياة ممكنة في العالم العربي نعم كانت الجماهير تردد لوالده "حافظ إلي الأبد" لم يعد هذا مقبولاً الآن.. الأجهزة السورية القمعية لم تطور أدواتها في التعامل مع الواقع الذي صار يسمح بقدر من الاختلاف.. لا يرضي النظام السوري بأي درجات أقل من الخضوع المطلق للحاكم و لكل ما يصدر عن الدولة وهكذا مثلاً تمت الإطاحة بالصحفية "سميرة مسالمة" واقصائها عن رئاسة تحرير جريدة "تشرين" التابعة للدولة لأنها طالبت بإجراء تحقيقات في بلدتها "درعا" التي تعرضت لقسوة من النظام.. لم يغفر لها هذا النظام دفاعها الدائم عن شرعية "بشار" ووقوفها ضد التظاهر ومنحها شرعية فض التظاهر فقط هي ضد الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين.. وبعد إقالتها عن منصبها ظل الخوف قابعاً بداخلها قالت إنها سوف تربي أولادها علي حب الوطن وحب "بشار" والغريب أن أهلها في درعا تبرءوا منها لأنها لم تناصرهم منذ البداية!!
لا تستطيع أن تطلب من الفنان العربي في الوطن العربي أن يتمتع بنفس القدر من الحرية التي يمارسها الفنان في الغرب.. في العالم العربي العقاب يختلف وتتفاوت درجاته.. في سوريا من الصعب أن تجد فناناً يعلن معارضته للنظام.. في مصر وقبل 25 يناير كان عدد قليل جداً من الفنانين لديهم هامش مثل "خالد الصاوي" الذي شارك في تنظيم "كفاية" وكثيراً ما شارك في المظاهرات، كما أنه في يوم 25 يناير كان هناك العديد من النجوم المصريين في الشارع مع المتظاهرين مثل "عمرو واكد" و"آسر يسن" و "أحمد عيد" هؤلاء وغيرهم انضموا مبكراً للثورة.. بالتأكيد لو أخفقت الثورة ولم تحقق أهدافها كان هؤلاء سوف يتحولون إلي أعداء للنظام وبعضهم كان سيجبر علي التراجع عن مواقفه السابقة مؤكداً أنه غرر به.. النظام لديه أسلحته في كل الدول العربية القبضة الحديدية تعلن عن نفسها وهكذا في يوم 27 يناير عندما اجتمع الفنانون المصريون في نادي نقابة الممثلين لإصدار بياناً مؤيداً للمتظاهرين تصدي له كل من نقيب الممثلين "أشرف زكي" وأيضا رئيس اتحاد النقابات الفنية "ممدوح الليثي" لأن الدولة تمسك بالكثير من الخيوط وهي التي في النهاية تدعم مرشحيها في النقابات الفنية من أجل حماية مصالحها.. استطاع "أشرف زكي" في مصر أن يجيش عددا من الفنانين للذهاب إلي باب التليفزيون المصري والوقوف علي مقربة ورفع مظاهرات التأييد لمبارك، ثم اتجهوا إلي ميدان مصطفي محمود لمواصلة الهتاف لمبارك ولكن بعد نجاح الثورة أخذ كل منهم يردد أسباباً واهية تؤكد أنه كان مع الثورة ضد "مبارك".. مصر كان بها هامش يسمح بقليل من الاختلاف مع إيماني بأن هناك مخاطرة ولا شك إلا أن في سوريا أجهزة الأمن و دولة المخابرات تستطيع أن تلعب دورها بقسوة لملاحقة كل من لا يقول "بشار إلي الأبد" فما بالكم بمن يشارك في مظاهرة؟!
مع بداية أحداث الثورة السورية قبل نحو خمسة أسابيع.. تباينت ردود فعل النجوم السوريين كانت "سوزان نجم الدين" هي صاحبة الصوت الأعلي وأيضاً الأول في الدفاع عن شرعية "بشار" وأصدرت بياناً.. بعد ذلك اتهمت "سلاف فواخرجي" في بيان آخر المتظاهرين بأنهم مجموعة من البلطجية.. عدد من الفنانين مثل "بسام كوسا" ، "مني واصف" ، "نجدت أنزور" ، "جمال سليمان" ، "عباس النوري" ، "دريد لحام" وغيرهم قرروا كتابة كلمة تقف علي الحياد نؤيد مطالب الشعب في الحرية ونطالب الجميع بالوقوف وراء "بشار" لاستكمال المسيرة.. والتليفزيون السوري يحرص علي أن يستضيف الفنانين المؤيدين لبشار الذين يوجهون نداءات للشباب بالتوقف عن التظاهرات مردداً شعار "بشار إلي الأبد".. الإعلام الرسمي في سوريا يشبه تماماً الإعلام المصري قبل ثورة 25 يناير في تلك النظرة إلي أي تظاهرة بأنها مجرد محاولات للتخريب.. الناس في الشارع تقول "الله سوريا الحرية وبس" وهم يواجهونهم بشعار آخر يردده بعض المؤيدين لبشار وهو "الله سوريا بشار وبس".. في الصراع الدائر دخلت القنوات التليفزيونية الفضائية في المعركة صارت هذه الفضائيات هي المتهمة في نظر الدول، خاصة "الجزيرة" و "العربية" وتستطيع أن تري الهجوم الذي يشنه عدد من الجماهير المنتشرة في أكثر من بلد بالهجوم الضاري علي تلك القنوات، بل إن أي ضيف طالما وافق علي الاستضافة من سوريا يبدأ حواره بالهجوم علي المحطة متهماً إياها بتعمد التشويه في حين أن سوريا لا تسمح لأي قناة غير سورية بالتصوير في الشارع رغم أننا في هذا الزمن تأتي دائماً الحقيقة من ثقب إبرة وهكذا لعب الموبايل الدور الأساسي في مد هذه القنوات بالمادة الوثائقية التي تؤكد أن المظاهرات هي فعل إيجابي تعيشه تلك الدول ولكن دائماً ما تعتبر السلطة الحاكمة أن هذه القنوات هي العدو الأول للاستقرار، وكما حدث في مصر من تشويش وتغيير لتردد البث لعدد من القنوات العربية لجأت أيضاً الدول العربية التي تشهد الآن ثورات مماثلة إلي نفس الحيلة التي تجاوزها الزمن.. أتذكر أن مصر قبل إصدار قرار إغلاق مكتب الجزيرة جيشت عدداً من المثقفين الذين يعملون في الصحف المستقلة لكي تضمن درجة مصداقية ودافعوا عن قرار الإغلاق باعتباره تأخر إصداره كثيراً !
إلا أن الثورات سوف تنجح في نهاية المطاف ويبقي علي الفنان أن يدرك هذا التغيير الذي صار عليه الناس فلا يمكن مثلاً لمجد القاسم المطرب السوري المقيم بالقاهرة أن يصدقه الناس وهو يغني للثورة المصرية، بينما هو يقف مكتوف الأيدي أمام ما يجري في بلاده.. كان مثلاً "حميد الشاعري" أكثر ذكاء عندما انضم للثوار في بلده ليبيا وفي وقت مبكر أعلن هذا الموقف وأتصور أن التوقيت مهم جداً.. لقد كان "عمار الشريعي" مثلاً هو أكثر فنان مصري لحن واستفاد مادياً وأدبياً في عهد "مبارك" ولهذا التقط بسرعة روح الثورة وراهن عليها مبكراً ولهذا تسامح معه الناس، بينما لم يغفروا مثلاً لعادل إمام تواطؤه مع النظام السابق ودفاعه الدائم عنه رغم أن "عادل" حاول بعد ذلك أن يتبرأ من كل مواقفه المؤيدة لمبارك.
الفنان عادة يقول أنا أكثر واحد انتقدت في أفلامي ومسرحياتي الفساد والحاكم الديكتاتور كل ذلك صحيح ولكن الصحيح أيضاً أن هذه الأعمال الفنية تخرج للناس لأنها تعبر عن رأي النظام فهو يعتبرها نوعا من التنفيس عن مشاعر الغضب بعيداً عنه ويختار في العادة فنانا له شعبية في الدولة ليقدمها، وهكذا كان "دريد" ينتقد في أفلامه ومسرحياته ومسلسلاته حتي في أيام "حافظ الأسد" الكثير من السلبيات في المجتمع السوري إلا أن السقف في النهاية هو الرئيس ينبغي أن يظل هو ممثل الشرعية الوحيدة في البلاد ويصبح هو الملجأ الأخير.. ولهذا عندما سألوا "دريد" عن رأيه في القائمة السوداء التي تم تناقلها في مصر وضمت "عادل إمام" يبدو أنه تذكر نفسه وقال لهم إن أفلام "عادل" كانت تحمل قدراً من الغضب والرفض.. في سوريا ولا شك قوائم سوداء ستطول عددا من النجوم ولن يتم تفعيلها إلا بعد سقوط النظام.
إن السؤال الذي ينبغي أن يدركه الجميع هو إذا كانت الجماهير علي باطل في مواقفها فلماذا رضخت إذن القيادات لمطالبها لماذا وافقوا جميعاً علي تخفيف القوانين المقيدة للحريات عندما استشعروا أن الناس تريد إسقاط النظام فقرروا إصلاحه ليحتفظوا بمواقعهم.. هل يؤتمن هؤلاء بعد ذلك علي الإصلاح الحقيقي؟!
في تونس ومصر أصر الثوار علي رحيل "بن علي" و "مبارك".. لم تجد تلك المحاولات التي حاولوا فيها تخفيض سقف المطالب في ليبيا واليمن يحاول القذافي وصالح المقاومة حتي النفس الأخير.. في سوريا المعركة أظنها أكثر ضراوة لأن النظام الحاكم لديه
************
في مهرجان «الجزيرة» .. أمل دنقل وجمال عبد الناصر !
أكثر من فيلم عرض في مهرجان "الجزيرة" للأفلام التسجيلية حمل زاويتي رؤية عربية وأجنبية برغم أن الحدث يتناول شخصية عربية.. عين إبداعية مشتركة جمعت بين المخرج المصري "أيمن الجازوري" والمخرجة الإيطالية "كريستينا بوكياليني"، حيث توجه الاثنان إلي الشاعر الكبير الراحل ابن صعيد مصر "أمل دنقل".. قدما شاشة إبداعية تنضح بعمق شعر "أمل دنقل" الذي تجد فيه الفيلسوف والناسك والمتمرد.
كان "أمل" قد أصيب بمرض السرطان وواجه الموت قبل ربع قرن وسجلت تلك اللحظات المخرجة التسجيلية "عطيات الأبنودي" التي كانت في ذلك الوقت زوجة للشاعر "عبدالرحمن الأبنودي" الصديق الأقرب إلي "أمل"، حيث أنهما من قريتين متجاورتين من محافظة قنا.. "الغرفة" كان هو عنوان فيلم "عطيات"، بينما "بصمات أمل دنقل" كان هو عنوان الفيلم الذي شارك ونافس علي جوائز الفيلم القصير في مهرجان "الجزيرة".. مزج المخرجان بين الموسيقي الفلكلورية والرسوم الكاريكاتيرية التي بها نبض الصعيد، كما استضافا أسرته أمه وأخيه وأرملته "عبلة الرويني" وجري تصوير أجزاء عديدة من الفيلم داخل بيته القديم، حيث نكتشف أن مشاعر "أمل" وفكره تفتح علي مكتبة والده التي كانت تضم أمهات الكتب الأدبية.. وسجل رأيه عن "أمل" عدد من الأصدقاء بينهم "الأبنودي" و"د.جابر عصفور" والشاعر "بهاء جاهين" ونكتشف أن "دنقل" وحتي اللحظات الأخيرة كان محتفظاً بروحه الساخرة المتطلعة حتي للتصالح مع الموت، حتي إنه قال لأخيه الصغير إنه يستمع بخياله إلي أغنية "نجيب الريحاني" و"ليلي مراد" عيني بترف وراسي بتلف وعقلي فاضله دقيقة ويخف.
كما أنه منح "جابر عصفور" كل ما معه من أموال حتي يتم نقل جثمانه بالطائرة إلي مسقط رأسه في قنا علي نفقته الخاصة.. كانت قصيدته التي ينتقد فيها الصلح المصري مع إسرائيل "لا تُصالح" هي واحدة من أهم وأروع القصائد التي تناولت بالرفض اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل ولا تزال حتي الآن كلما احتج المواطنون العرب في أي مكان علي الممارسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين لجأ إلي هذه القصيدة التي تعتبر أن الصلح يشبه من يمنحك شيئاً مادياً "مقابل" أن يفقأ عينيك لأنها أشياء لا تشتري.. تحدث أيضاً بالتحليل النقدي أكثر من ضيف في الفيلم عن خصوصية الشاعر واختياره لتلك المفردات التي جعلت من أشعاره حالة خاصة بين كل المبدعين فهو جاء حلقة متوسطة بين جيل الشاعر "صلاح عبد الصبور" الذي يعتبر هو رائد الشعر الحديث في مصر والأجيال التالية له.. الفيلم أخذ روح قصائد "أمل دنقل" وأحالها أيضاً إلي قصيدة سينمائية!!
ومن سويسرا أطلت ملحمة السيرة الهلالية أشهر الملاحم العربية من خلال عين غربية هي المخرجة "جبسي ساندا" وعين عربية المخرج "عبد المحسن أحمد".. ينقل المخرجان أجواء السيرة الهلالية من مبدعيها الذين تناقلوها عبر الأجيال، بل وتوارثوها من جيل إلي جيل لتستقر في الوجدان باعتبارها مخزوناً شعبياً.. الفيلم يوثق السيرة الهلالية من خلال شهودها الأحياء من مبدعيها وفي نفس الوقت يقدم دراسة عن سر خصوصية سيرة بني هلال في الوجدان العربي، حيث صارت هي مرادفاً للبطولة العربية عبر الزمن.. حاول المخرجان إيجاد حالة من الربط النفسي بين شخصية "عبد الناصر" والبطل الأسطوري "أبو زيد الهلالي" ولم تكن تلك الرؤية في الحقيقة موفقة كان بها ولا شك قدر من التعسف حيث إن فريق العمل كان في زيارة إلي الاستوديو عندما كان يجري قبل نحو عامين تصوير مسلسل عن حياة جمال عبد الناصر كان الهدف من الزيارة هو إجراء لقاء مع الكاتب الكبير يسري الجندي الذي تخصص في كتابة الملاحم والسير الشعبية ومن بينها السيرة الهلالية وعندما شاهدا الممثل مجدي كامل يؤدي دور عبد الناصر قررا تقديم جزء تعسفي في الفيلم والبحث عن المشترك بين "أبو زيد" و"أبو خالد".!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.