محافظ الدقهلية: انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية بلقاح sat1 غدًا السبت    البيت الأبيض: لقاء بوتين وترامب سيعقد بصيغة "ثلاثة مقابل ثلاثة"    انفجار كبير يهز مانهاتن واشتعال نيران على سطح أحد البنايات    الاهلي يتقدم بثنائية أمام فاركو في الدوري    غلق كلي بكوبري الجلاء في الاتجاهين وتحويلات مرورية لتسهيل الحركة بالجيزة غدًا    رئيس جامعة بنها يتفقد مستشفى بنها الجامعي للاطمئنان على الخدمة الطبية المقدمة للمرضى    الزراعة: تكثيف الجهود لمتابعة الأنشطة البحثية والإرشادية للمحطات البحثية    الإحصاء: معدل البطالة يتراجع 0.2% إلى 6.1% في الربع الثاني من 2025    "ثمرة سنوات من الجد والاجتهاد".. رئيس جامعة بنها يوجه رسالة لخريجي كلية التربية -صور    محافظ المنيا يفتتح مسجد العبور ويؤدي صلاة الجمعة بين الأهالي (صور)    خبير استراتيجي: المساعدات الإنسانية لغزة لا تغطي سوى 1% من احتياجات القطاع    بيان أزهري شديد اللهجة ردًا على وهم "إسرائيل الكبرى"    "الطفولة والأمومة" يحبط زواج طفلتين بمحافظتي البحيرة وأسيوط    سجل الآن، انطلاق اختبارات القدرات لطلاب الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    محافظ الدقهلية يتفقد المخابز ويوجه بتكثيف حملات التفتيش (صور)    ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية بقيمة 6 ملايين جنيه في 24 ساعة    الأحد.. عمرو سليم وياسين التهامي على مسرح المحكى بمهرجان القلعة للموسيقى والغناء    ET بالعربي يعلن توقف فيلم كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني والمنتج يرد    20 صورة- بسمة بوسيل ترقص وتغني في حفل الدي جي الإيطالي مو بلاك    خطيب المسجد الحرام: الحر من آيات الله والاعتراض عليه اعتراض على قضاء الله وقدره    خطيب الأزهر يحذر من فرقة المسلمين: الشريعة أتت لتجعل المؤمنين أمة واحدة في مبادئها وعقيدتها وعباداتها    وزير الأوقاف ومحافظ الوادي الجديد يؤديان صلاة الجمعة بمسجد التعمير بشمال سيناء    تناول مضاد حيوي.. مستشفى المنصورة الدولي ينقذ حياة رجل أصيب بمتلازمة خطيرة    الصحة 47 مليون خدمة مجانية في 30 يومًا ضمن حملة «100 يوم صحة»    مؤسسة شطا تنظم قافلة صحية شاملة وتكشف على الآلاف في شربين (صور)    الحل في القاهرة.. قادة الفصائل الفلسطينية يشيدون بجهود مصر بقيادة الرئيس السيسى فى دعم ومساندة غزة    مؤلف «سفاح التجمع» يكشف كواليس أول يوم تصوير    رانيا فريد شوقي في مئوية هدى سلطان: رحيل ابنتها أثر عليها.. ولحقت بها بعد وفاتها بشهرين    «النيل عنده كتير».. حكايات وألوان احتفالا بالنيل الخالد في أنشطة قصور الثقافة للأطفال    محافظ الجيزة يوجه بمضاعفة جهود النظافة عقب انكسار الموجة الحارة | صور    الاتحاد السكندري يعاقب المتخاذلين ويطوي صفحة فيوتشر استعدادًا ل «الدراويش» في الدوري    تفحمت بهم السيارة.. مصرع 4 أشخاص في اصطدام سيارة ملاكي برصيف بالساحل الشمالي    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    فليك: جارسيا حارس مميز وهذا موقفي تجاه شتيجن    تشالهانوجلو يعود إلى اهتمامات النصر السعودي    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 فلكيًا في مصر (تفاصيل)    بطعم لا يقاوم.. حضري زبادو المانجو في البيت بمكون سحري (الطريقة والخطوات)    الصفقة الخامسة.. ميلان يضم مدافع يونج بويز السويسري    ترامب يؤيد دخول الصحفيين إلى قطاع غزة    قصف مكثف على غزة وخان يونس وعمليات نزوح متواصلة    الكشف على 3 آلاف مواطن ضمن بقافلة النقيب في الدقهلية    الكنيسة الكاثوليكية والروم الأرثوذكس تختتمان صوم العذراء    متى تنتهي موجة الحر في مصر؟.. الأرصاد الجوية تجيب    محافظ أسيوط يتفقد محطة مياه البورة بعد أعمال الإحلال    البورصة: ارتفاع محدود ل 4 مؤشرات و 371.2 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول    السيسي يوافق على ربط موازنة هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لعام 2025-2026    الزمالك يمنح محمد السيد مهلة أخيرة لحسم ملف تجديد تعاقده    عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    نجاح جراحة دقيقة لطفلة تعاني من العظام الزجاجية وكسر بالفخذ بسوهاج    ملك بريطانيا يحذر من "ثمن الحرب" فى الذكرى ال 80 للانتصار فى الحرب العالمية الثانية    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



96 عاما.. مين ما يحبش ليلى مراد !!
نشر في صوت الأمة يوم 24 - 05 - 2014

على الفور تلتقط «ليلى» الميكروفون من «عبد الحليم» وتغني نفس الكلمات مع تغيير طفيف وتحيل «فين أهرب من حبك» إلى «فين أهرب من ذنبك» و«بدعيلك آه يانا» تصبح «بدعيلك بأمانة».. فيضطر «عبدالحليم» للالتزام ويغني مرة أخرى طبقاً لما تريده «ليلى مراد»!!
لا أحد بالطبع سيدرك لماذا غيرت «ليلى مراد» ولماذا التزم «عبد الحليم».. ولكن الكلمتين تشكلان أهمية قصوى ونقطة محورية في حياة «ليلى مراد» هذا التغيير الطفيف الذي حدث عام 1955 هوبداية إحساس «ليلى مراد» بأنها لم تعد «ليلى مراد» التي لا يراجعها أحد ولا يجرؤ أيضاً أحد ولكن بالفعل كان الزمن قد تغير.. «ليلى مراد» رددت هذه الأغنية في آخر أفلامها «الحبيب المجهول» عام 1955 كان عمرها 37 عاماً أي أنها في عز عمرها الإبداعي ولكن الإذاعة المصرية وكانت هي أهم الوسائط الإعلامي - قبل ظهور التليفزيون - فوجئت «ليلى مراد» بأن لجنة النصوص تعترض على كلمتين في الأغنية وهما «ذنبك» اعتبروها كلمة «أبيحة» تحمل دلالات جنسية فالهروب بالذنب يعني أنها تحمل سفاحاً هكذا قرأت لجنة النصوص بالإذاعة الموقرة «ذنبك».. الكلمة الثانية «بدعيلك بأمانة» قالوا كيف تدعي بأمانة وهي تقول بعد ذلك روح منك لله لم يدركوا المعنى الشاعري الكامن وراء هذا التناقض بين الكلمتين وكأن الدعوة بأمانة قاصرة فقط على الدعوات الحميدة!!
علمت «ليلى مراد» بأن الإذاعة المصرية تريد منها تغيير الكلمتين مرة أخرى وأبلغها بذلك ملحن الأغنية الموسيقار «كمال الطويل» مؤكداً لها أن شاعر الأغنية «مأمون الشناوي» التزم بالتغبير حتى توضع الأغنية في أرشيف الإذاعة ويتم تداولها عبر المحطات الإذاعية.. رفضت «ليلى مراد» وقالت لكمال الطويل عندما تغني «ليلى مراد» لا أحد يراجعها.. تحدي «ليلى مراد» لم يسفر سوى عن إعادة الأغنية بصوت «نجاة» ونجحت الأغنية وأصبحت واحدة من أشهر أغنيات «نجاة» وحفظها الجمهور في نسختها الجديدة وصار ينسبها إلى «نجاة» بالإضافة إلى أن الفيلم لم يحقق النجاح الجماهيري الضخم فلم يعد أحد يتذكر الأغنية إلا بصوت «نجاة».. لكن «ليلى مراد» لم تنس وصححت الكلمتين لعبد الحليم الذي اجتمع بها في هذا التسجيل عام 1959 والتقط «عبد الحليم» بذكائه المعنى الكامن وراء إصرار «ليلى» فهي تريد أن تقول له هذه أغنية «ليلى مراد» وليست لنجاة!!
نعم تبدوتفصيلة صغيرة لكنها كانت بالفعل تحمل الكثير من المعاني.. فلقد كان هذا اللقاء مع «عبد الحليم» محاولة من «عبد الحليم» لكي يزيح عن «ليلى مراد» الطعنة الغادرة الثانية التي تلقتها وكانت هذه المرة من «عبد الحليم حافظ» نفسه.. كانت «ليلى» تعتقد أنها وحتى تلك السنوات لا تزال هي الحلم الذي يرنوإليه كل الملحنين والشعراء وبالفعل عرض عليها «بليغ حمدي» في مطلع حياته عام 1957 أغنية «تخونوه».. كان «بليغ» قدم فقط اثنين أوثلاثة ألحان أشهرها «ما تحبنيش بالشكل ده» لفايزة أحمد.. أعجبت الأغنية «ليلى مراد» وطلبت منه أغنية أخرى وهكذا أجرت عشرات من البروفات في معهد الموسيقى العربية على أغنية «تخونوه» وقبل تسجيلها بأربع وعشرين ساعة فقط اكتشفت أن «بليغ حمدي» باع هذه الأغنية إلى «رمسيس نجيب» منتج فيلم «الوسادة الخالية» ليقدمها «عبد الحليم» في الفيلم وحاول «بليغ» الاعتذار وعز عليها وقتها أن تعلي صوتها بالغضب ولكن ما الذي يمكن أن يفعل الغضب.. إنها هزيمة ثانية والغريب كلمات الأغنية التي كتبها «إسماعيل الحبروك» تقول «تخونوه وعمره ما خانكمن الكلمات!!
كانت «ليلى مراد» ولا تزال للآن لوحسبت فارق القوة الشرائية هي أغلى مطربة عرفتها الشاشة كانت تحصل على 15 ألف جنيه في الفيلم وحتى يصبح للرقم دلالة يمكن الاستناد إليها أقول لكم أن «فاتن حمامة» النجمة الأولى على الشاشة كانت تحصل على أجر قدره 5 آلاف جنيه.. «ليلى» ثلاثة أضعاف «فاتن»!! الزمن بدأ يخفت حولها في تلك الأثناء وتحديداً منذ نهاية عام 1952 أي بعد قيام ثورة يوليوبأقل من خمسة أشهر عندما أصابها سهم طائش قاتل مع قيام ثورة تزيل كل ما يعوقها كانت الإساءة ا لقاتلة هي أن «ليلى مراد» قد تبرعت لإسرائيل ب 50 ألف جنيه مصري من أجل دعمها عسكرياً وبالطبع لم يكن يخفى على أحد أن اليهود المصريين بعد 48 تقلص عددهم قليلاً بعضهم سافر إلى فلسطين قبل هذا التاريخ استعداداً لإعلان الدولة من بينهم بعض أقارب «ليلى مراد» أي أنه كانت النظرة لليهودي أنه مصري إلا قليلاً.. «ليلى مراد» قبل 52 وتحديداً عام 1946 كانت قد أشهرت إسلامها أي قبل أحداث 48 بعامين وكأنها تخشى من أي سوء فهم قادم.. ربما كان «أنور وجدي» الذي كان قد تزوجها قبل ذلك التاريخ بعام واحد فقط هوالدافع المباشر لها لإعلان إسلامها فهوكان يدرك أن الإسلام ربما يقربها أكثر للجمهور.. لا أعتقد طبقاً لما تطرحه مفردات الزمن في تلك السنوات أن المصري كان يفرق بين الأديان أوأن الدين في تلك المرحلة الليبرالية التي عاشتها مصر كان يشكل نقطة محورية أوخلافية.. إسلام «ليلى مراد» هوشيء نابع من قلبها الغريب في الأمر أن الشيخ الذي أشهرت على يديه إسلامها هو«محمود أبوالعيون» شيخ اشتهر عنه التشدد وكان يخرج ممسكاً بعصاة ليجوب الشواطئ في الصيف وكل من يراها ترتدي المايوه ينهال عليها ضرباً وكتب «بيرم التونسي» قصيدة يتهكم فيها على «أبوالعيون» ،والكثيرون يعتقدون أن «أبوالعيون» صفة أطلقها «بيرم» على شيخ يطارد النساء!!
«ليلى مراد» كانت هدفاً لتلك الشائعة القاتلة التي فجرها «أنور وجدي» انتقاماً منها لأنها أصرت على طلب الطلاق وإن كان أنور وجدي بعد ذلك قد تنكر لتلك الشائعة الخبيثة بعد أن قرر مكتب المقاطعة العربية لكل ما هوإسرائيلي مقاطعة شراء أفلام «ليلى مراد» وعدد كبير من هذه الأفلام إنتاج «أنور وجدي» أي أن سهم الشائعة أصابه في مقتل ووجد نفسه يخسر فسارع هولنفي الشائعة التى تُفقده أغلب ثروته.
هل نسيت «ليلى» حلم الفن؟ الواقع «لا» لم تنس.. قالوا أنها اعتزلت عام 1955 والحقيقة أنها أخذت هدنة لترى ما الذي حدث في الشارع الفني من متغيرات وبالفعل كان الزمن تغير كثيراً.. «ليلى مراد» نفسها فقدت الكثير من وهجها وازداد وزنها بحكم الحمل والإنجاب.. إلا أنها لم تعتزل نهائياً والحقيقة أنها حاولت أن تعيد فتح الجسور مع السينما من خلال مؤسسة السينما المصرية وذلك بعد أن بدأ القطاع الخاص لا يرحب بها كنجمة وكان لها لقاء مع الأديب الكبير «عبد الحميد جودة السحار» الذي وعدها بإنتاج فيلم استعراضي لها فلقد كان يشغل موقع رئيس مؤسسة السينما لكن لا شيء كانت «ليلى» تبحث عن حقوقها المشروعة في أن تقدم فيلماً وهذا يؤكد أنها لم تعتزل الفن هي دائماً كانت مبتعدة عن الإعلام تفضل أن يتعرف إليها الجمهور فقط من خلال أفلامها وأغانيها.. وحاول في نفس التوقيت الموسيقار الكبير «كمال الطويل» أن يعيدها للغناء وبالفعل سجلت «ليلى» أغنيات لحساب إذاعة الكويت لحنها «حلمي بكر» خمسة أغنيات لا تملكها الإذاعة المصرية حتى الأن ولم تُذع.. كان «كمال الطويل» هوالمسئول عن توقيع هذا الاتفاق مع «ليلى مراد».. وفي عام 1987 أي قبل رحيل «ليلى مراد» ب 8 سنوات فقط .
«ليلى مراد» هي نموذج لما ينبغي أن يكون عليه الفنان حيث أن المناخ يلعب دوراً.. ولدت «ليلى مراد» في 17 فبراير 1918 والدها المطرب «زكي مراد» وكان مشوارها الفني في البداية من خلال مدرسة الراهبات فتعلمت أصول التراتيل اليهودية وهناك عدة تسجيلات بصوتها ثم تركت المدرسة وبدأت المشوار برعاية كل من الملحن «داود حسني» والمخرج «توجومزراحي» الأول موسيقار يهودي والثاني مخرج يهودي إلا أن هذا لا يحمل أي دلالة دينية لأنهما من كبار المبدعين في عالمنا العربي فهما ربما كان الأقرب إلى والدها.. ولهذا انضم سريعاً إلى البدايات عمالقة في الموسيقى بحجم الشيخ «زكريا أحمد» و«رياض السنباطي» و«محمد القصبجي».. شاركت كمغنية في فيلم «الضحايا» الناطق ولكن البداية الحقيقية كبطلة مع فيلم «يحيا الحب» أمام «محمد عبد الوهاب» والذي كان من المفترض أن يصبح هونقطة لقاء بين «أم كلثوم» و«محمد عبد الوهاب» لولا أنها اشترطت أن يشترك في التلحين كل من «زكريا» و«القصبجي» و«السنباطي» ورفض «عبد الوهاب» فكان البديل هوالمطربة الجديدة «ليلى مراد».. كان عمرها وقتها أقل من 20 عاماً و«عبد الوهاب» يكبرها ب 17 عاماً.. أصر «عبد الوهاب» أن تشاركه «ليلى مراد» البطولة برغم أن مخرجه الأثير «محمد كريم» كان يراها لا تصلح للوقوف أمام الكاميرا والمفاجأة كما أكدت الأيام أن «ليلى» هي المطربة الأولى في السينما وأن نجوميتها لم يستطع أحد أن يطاولها وحتى الآن.. كان «أنور وجدي» يقدم أدواراً صغيرة في العديد من أفلام البدايات بجوار «ليلى مراد» مثل «ليلى بنت الريف» ، «ليلى في الظلام».. إلا أنه كان يرى في «ليلى مراد» الفنانة التي تملك جاذبية غير مسبوقة وعلى الفور بخفة الظل والفهلوة المدعمة بالذكاء قرر أن ينتج لها «ليلى بنت الفقراء» ليخرج الفيلم المخرج الكبير «كمال سليم» أستاذ «أنور وجدي» ورحل «كمال سليم» وتوقف المشروع لكن «أنور وجدي» كان مقدراً له أن يصبح مساعداً للمخرج وبطلاً مشاركاً وكاتباً للسيناريوامتلك الجرأة لكي يقنع «ليلى» بأن تمنحه الفرصة ليصبح مخرجاً بالاستعطاف تارة وبخفة الظل تارة ويتقرب من «ليلى مراد» ولا ينتهي الفيلم إلا بأن يتحول الشريط السينمائي إلى حقيقة و»ليلة الزفاف» السينمائية التي تقدم في نهاية استعراضات الفيلم تصبح هي ليلة زفاف شرعية والمأذون كان مأذونا شرعيا أيضا ويكتب الصحفيون الذين حضروا هذا المشهد خبر الزواج وفي نفس الوقت يتحقق رواجاً للفيلم بدعاية مجانية وتظل العلاقة الفنية بين «أنور وجدي» و«ليلى مراد» تعبر في مجملها عن الجمال الأرستقراطي المستحيل الذي تمثله «ليلى مراد» بينما يؤدي «أنور وجدي» دور ابن البلد خفيف الظل الشهم القادر على أن ينتزع قلب جميلة الجميلات إنها صورة كانت ترتبط بملامح مجتمع ما قبل الثورة حيث طبقتي الأثرياء «الباشاوات» والطبقة الشعبية.. ولم يكن هذا يعبر عن حقيقة العلاقة بين الطرفين في بيت الزوجية.. كان «أنور وجدي» يرى فيها النجمة التي تضمن له رواجاً جماهيرياً وتدر عليه الآلاف وكثيراً ما كان يضن عليها بأن تحصل على أجرها وكان كثيراً ما يعتدي عليها ضرباً عندما تطالب بحقوقها المادية أوعندما تطلب أن تتمتع بمشاعر الأمومة.. حكى لي الشاعر «حسين السيد» أنه بعد أن اقترب من «ليلى مراد» و«أنور وجدي» وصار من الأصدقاء خاصة بعد فيلم «غزل البنات» الذي كتب كل أغانيه كان «حسين» معزوماً على الغداء وتأخر قرابة ساعة عن الموعد فقال مبرراً ذلك أنه كان بصحبة زوجته في المستشفى أثناء إنجابها نظرت «ليلى مراد» إلى «أنور وجدي» وقالت له ألم يحن الوقت يا «أنور»؟! لم يكن «أنور» قادراً على الإنجاب كان عقيما فما كان منه سوى أن نهرها بألفاظ قاسية وأخذها من يديها إلى غرفة النوم واستمع «حسين السيد» إلى صفعات ودموع ولكنهما خرجا بعدها متشابكي الأيدي وضحكات تغمر وجهها وأكملا وجبة الغذاء مع «حسين السيد».. لم تكن قسوة «أنور وجدي» تبدوفقط في توجيه العقاب البدني إلى «ليلى مراد» ولكنه كان يهينها بالخيانة عندما تعرف على ابنة عازف كمان فرنسي الجنسية وضبطته «ليلى مراد» وكما حكى لي الفنان «كمال الشناوي» أن «ليلى مراد» كانت قد ربطتها صداقة معه أثناء تنفيذ فيلم «م القلب للقلب» وطلبت منه أن يصطحبها إلى الشقة التي استأجرها «أنور وجدي» لمصاحبة تلك الحسناء الفرنسية وبالفعل اكتشفت خيانته ولم تشأ سوى أن تضبطه متلبساً وتطلب الطلاق وعندما ذهبا للبيت اعتقد «أنور وجدي» أنه سوف يتعرض لمعركة مع «ليلى مراد» أخذ يعد العدة للدفاع عن نفسه بأي قصص وهمية مثل أنه ينفذ وصية أحد السحرة بإقامة علاقة مع فتاة أجنبية حتى يصبح قادراً على الإنجاب؟! لم تقل له «ليلى مراد» سوى أنا كسبت الرهان يا «أنور» كانوا يقولون لي أنك بلا قلب ولا تفكر إلا في الفلوس والشهرة ولكني اكتشفت بالفعل أن لديك قلب كبير وتستطيع أن تحب!!
وكانت الطلقة الثالثة بينهما أي أنه لا يجوز فيها العودة إلا باستخدام محلل وهوما رفضته «ليلى مراد» وهكذا تعرضت بعدها إلى قذائف «أنور وجدي» الطائشة التي تشكك في ولائها الوطني!!
«أنور» لم ينس «ليلى مراد» كما قال لي المخرج الراحل «حسن الصيفي» في تسجيل لي معه قدمته في حلقة تليفزيونية على قناة الأوربت تناولت «أنور وجدي» قال لي «حسن الصيفي» الذي كان يعمل كمساعد مخرج لأنور وجدي وارتبط أيضاً بصداقة مع «ليلى مراد» وأخرج لها آخر أفلامها «الحبيب المجهول» قال لي أن «أنور وجدي» قد كلفه بالاتصال بليلى مراد لإقناعها بمعاودة العمل معه لكن «ليلى مراد» كانت قد قررت أن لا ترى «أنور وجدي» بعد أن أصابها في أعز ما تملك شرفها الوطني؟! الغريب هوأنني استمعت إلى تسجيل أجرته الإذاعية «آمال العمدة» مع «ليلى مراد» سألتها عن «أنور وجدي» وذلك قبل رحيل «ليلى مراد» بسنوات قلائل قالت «ليلى مراد» أنها نسيت الإساءة ولم تعد تتذكر سوى «أنور وجدي» خفيف الظل الشاطر الموهوب.. لم أر رقة في التسامح أكثر من ذلك ولوأعيد هذا التسجيل مرة أخرى واستمعت إليه سوف تشعر إلى أي مدى كانت «ليلى مراد» صادقة في تسامحها مع «أنور وجدي».
«ليلى مراد» قال عنها الموسيقار «محمود الشريف» أن «ليلى مراد» ثم «شادية» فقط لا غير هما المطربتان صاحبتا الشخصية المميزة اللتان ظهرتا في عصر «أم كلثوم» ولم تكن أي منهما صدى لأم كلثوم.. كان «الشريف» يرى أيضاً أن «سعاد حسني» لها ملمح خاص أخذته من «ليلى مراد» إنه جاذبية الصوت عندما يحمل نداء الأنوثة.. لكن «ليلى مراد» قماشتها الغنائية أوسع فهي تجيد كل الألوان إنها مطربة متكاملة قدم لها «الشريف» الكثير من الألحان التي لا تنسى أذكر منها «اطلب عنيه» على إيقاع «التانجو» وهذا اللحن كثيراً ما أجده في أفلام أجنبية.. اللحن النغمي وليس الإيقاع.. مع «محمد عبد الوهاب» مثل لا ننسى لها رائعة «الحب جميل».. كانت «ليلى مراد» صوت ملهم ولهذا مثلاً أخذ «حسين السيد» منها تعبير «يا لطيف يا لطيف» ووضعه في «دويتو» أغنية «حاسس بمصيبة جيالي.. يا لطيف يا لطيف».. قال لي «حسين السيد» أن «ليلى مراد عندما تقول لها الجوصحواليوم يا «ليلى» تقول يا لطيف يا لطيف.. الدنيا أصبحت غالية اليومين دول يا «ليلى» تقول يا لطيف يا لطيف.. النهاردة ح ناكل بامية يا «ليلى» تقول أيضاً يا لطيف يا لطيف وهكذا جاء الدويتومع «نجيب الريحاني» وكان هذا الفيلم يعبر عن رغبة لنجيب الريحاني الذي كان يقطن في نفس العمارة «الإيموبليا» فلقد شاهد «نجيب» «ليلى مراد» وهي تصعد إلى الأسانسير سألها متى نلتقي أريد أن يجمعني فيلم معك قبل أن أموت قالت له بعد الشر يا أستاذ ولكن ريت يا أستاذ نشتغل معاً وأوصلت «ليلى مراد» نص المحادثة إلى «أنور وجدي» الذي كان قد أمسك بيده القلم وخلال 24 ساعة فقط كتب القصة السينمائية التي تجمع بين «ليلى مراد» و«نجيب الريحاني» ولم يكتف بهذا القدر بل شاهدنا في الفيلم العمالقة «يوسف وهبي» و«محمد عبد الوهاب» وكان «عبد الوهاب» لديه عقلية تجارية تنافس «أنور وجدي» في هذا المجال فلم يحصل على أجر اشترك بغناء «عاشق الروح» وتلحين كل أغنيات الفيلم واقتسم أرباح «غزل البنات» مع «أنور وجدي»!!
كانت «ليلى مراد» تغني لكل الغصون الإبداعية.. أتذكر أنني حاولت أن أجري معها حوار بعد أن باءت كل محاولاتي بالفشل كلما اتصلت بها جائني صوتها «الست مش موجودة» فلقد كانت تنتحل شخصية الشغالة حتى تهرب من ملاحقة الصحفيين.. فلم أجد سوى عمي الشاعر الكبير «مأمون الشناوي» وكانت «ليلى مراد» في أكثر من حوار لها تؤكد أنه أقرب الشعراء إلى قلبها وعقلها فأيقنت أن هذه الواسطة لن تخيب أبداً ولكنها قالت له يا «مأمون» انت وحشتني قوي تعالى زورني نلعب مع بعض كوتشينه وكانت المسافة بينهما سيراً على الأقدام لا تتجاوز 5 دقائق فالاثنان يقيمان في جاردن سيتي ولم أحظ بلقاء «ليلى مراد» حتى جاء خبر الرحيل في 21 نوفمبر 1995.. نشرت الجرائد أن الجنازة في «عمر مكرم» اعتماداً على أن المشاهير يخرجون من «عمر مكرم» وذهب الجميع إلى هناك لنكتشف أن الجنازة قد خرجت من مسجد «السيدة نفيسة» طبقاً لوصية «ليلى مراد» فلقد كانت تشعر بالطمأنينة في «السيدة نفيسة» ومن بعدها ظهرت الأقاويل مرة أخرى حول إسلام «ليلى مراد» وأنها دفنت طبقاً للطقوس اليهودية وكل ذلك بالطبع لا أساس له من الصحة ولكن إسرائيل حاولت الاتصال بها وفي أعقاب اتفاقية السلام كان يسعى «شيمون بيريز» للقاءها بالقاهرة وكانت الإذاعة الإسرائيلية الناطقة بالعربية تقدم أغانيها باعتبارها يهودية.. وكان ذلك هوموقف إسرائيل من «ليلى مراد» لكن «ليلى مراد» كانت مصرية مسلمة وكل أشقاءها أسلموا وقبل رحيل «ليلى مراد» بنحو14 عاماً رحل شقيقها الأصغر الملحن «منير مراد» وخرجت الجنازة بالمناسبة من جامع «عمر مكرم».. نعم لم تتوقف الشائعات عن ملاحقة «ليلى مراد» وحتى الآن كثيراً ما تفتح صفحات حياتها فهي شخصية لها سحر. الغموض الذي غلف حياة «ليلى مراد» أحالها إلى شخصية أسطورية.. منحها حضوراً لا يزال مؤثراً.. إنها هي الجمال المستحيل في السينما صوتها لا يغادر مشاعرنا تقول لنا «الحب جميل» للي عايش فيه له ألف دليل اسألوني عليه.. ولنا من الأدلة مليون على عشقنا لليلى مراد.. هي أصدق من غنى للحب ، قبل أيام قليلة أطفأت ليلي مراد 96 عاما فكان ينبغي أن نقول لها أنت لا تزالى في قلوبنا!!
نشر بعدد 689 بتاريخ 24/2/2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.