قال "صبري أوك" القيادي البارز في حزب العمال الكردستاني ، إن حزبه صار على قناعة بأن الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان غير راغبة في السلام ، وأنهم أمام هذا الوضع سيعلنون الحكم الكونفيدرالي في المناطق الكردية من طرف واحد ، إذا لم تلتزم الحكومة التركية بالسلام وتسارع في المباحثات وتتخذ خطوات عملية لحل القضية الكردية، وإذا لم تفعل ذلك فهذا معناه انتهاء عملية السلام بين الجانبين. وانتقد "أوك" في حواره مع "صوت الأمة" في جبال "قنديل" معقل الحزب على الحدود التركية العراقية ، تدخل رئيس الوزراء التركي "أردوغان" في الشأن الداخلي المصري، ووصف مواقفه بالمتناقضة ، وبأنه مصاب بمرض السلطة والهيمنة ، ويعتبر نفسه خليفة عثماني ، وكان يحلم بأن يصل الإسلاميون للحكم عقب الربيع العربي ، ليكون سلطاناً للمسلمين . وقال إن جماعة الإخوان المسلمين تتاجر بالدين للوصول إلى السلطة ، وأنها لا تعترف بالديمقراطية ولا الآخر ، وأن جماعات الإسلام السياسي تخالف جوهر الإسلام ، ولا حاضنة اجتماعية لها بين شعوب المنطقة . وأعتبر انحياز المؤسسة العسكرية للشعب أمر جيد ، ولكن الأهم هو الديمقراطية والتغيير بالوسائل السلمية، مشيراً إلى أن مصر تخطو نحو الديمقراطية. . إلى أين وصلت مباحثات السلام بينكم وبين الحكومة التركية؟ نحن كنا ومازلنا جادون في رغبتنا في السلام ، وقمنا بما يجب علينا أن نقوم به ، ولم نترك فرصة لدعم السلام إلا وقمنا بها ، لكن للأسف الطرف التركي ليس على هذا الشكل ، وتأكد لدينا أنه غير راغب في السلام ، وأنه فقط يحاول كسب الوقت . وفي هذه الوضعية نحن ننوي إعلان حكم ديمقراطي لأنفسنا ، وعلى الدولة التركية إما أن تعترف بالقضية الكردية من خلال جولة المباحثات والمفاوضات، وإما نعلن من طرف واحد حكم كونفيدرالية ديمقراطية ذاتية . لأننا توصلنا إلى نتيجة أنه على تركيا إما أن تكون جادة وسريعة في حل القضية، أو أننا نقوم بمفردنا ومن طرف واحد بهذا الاعلان ، لأننا نرى أن مباحثات السلام وصلت إلى منعطف نهائي ولاوجود لحل حقيقي حالياً . ويجب على حزب العدالة والتنمية أن يكون أكثر جدية ،وأن يقوم خلال فترة قصيرة بمباحثات جدية معنا ، وأن يكون لدى كل طرف لجنة للتفاوض وكلاهما يقوم بمباحثات جدية ، وإذا لم يحدث ذلك فإننا نتصور أننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة ، فنحن لدينا مسئولية تاريخية تجاه شعبنا وتجاه الشعب التركي أيضاً ، ونحن قمنا بما يجب أن نقوم به ، وأعطينا فرصاً كثيرة للحكومة التركية، وإذا حدث شئ فإن الطرف التركي هو الذي يتحمل المسئولية وحده ، لأننا أعطينا مبادرات بما يكفي للسلام . . إذن هل بعد عام من مبادرة أوجلان وصلتم إلى نتيجة نهائية بأن الطرف التركي لا يريد سلاماً وبالتالي فقدتم الأمل ؟ نحن نتمنى الوصول إلى سلام، ولكن مع الأسف مثل ما قلت في البداية ،إننا وصلنا إلى استنتاج بأنه لا يوجد أمل في السلام . قبل أسابيع في 26 أبريل التقى وفد من حزب السلام والديمقراطية مع السيد الرئيس أوجلان ، وقبل هذا اللقاء كان هناك لقاء للحكومة التركية مع القائد ، وهو قال حرفياً بأنه إذا لم يتم تغيير الدستور التركي بما يثبت حكم الكونفيدرالية الديمقراطية في المناطق الكردية ،إذن هذه تعني انتهاء المحادثات .وعملية السلام . وقبل شهرين أعلنا بياناً من الحزب أن مباحثات السلام مع الأسف تتوجه نحو الانتهاء . . انتهاء مباحثات السلام أم عملية السلام برمتها والعودة إلى النضال المسلح ؟ هناك أمران أكدنا عليهما ، أولاً نحن صرحنا لحزب العدالة والتنمية بأن هذه المباحثات لا نتيجة منها وأنها انتهت. والقائد أوجلان قال حرفياً أنه إذا لم يكن هناك جدية فلن يكون هناك حل للقضية، لأنه في مباحثات السلام يجب أن يكون هناك طرفان ،ونقاط محددة للنقاش حولها .وإلا كل شئ سينتهي . . هل هذا الموقف من الحكومة التركية الحالية راجع إليها وحزب العدالة والتنمية أم أنه عائد إلى الدولة التركية نفسها ؟ حتى العامين أو الثلاثة أعوام المنصرمة كانوا يقولون إن هناك سطوة للجيش على القرار السياسي ، وهناك منظمة اسمها "أرجنكون" وأخرى "باليوس" وفئات القوميين والعنصريين لديهم تأثير على الحكومة أو القرار السياسي ،وأنهم كانوا ضد ايجاد حل سلمي لقضية وحقوق الكورد ،ولكن أردوغان قام بتعظيم دوره على المؤسسة العسكرية وهؤلاء ، ولهذا فإننا نطالبه بأن يظهر جديته ورغبته الحقيقية للقيام بخطوات للحل ،ونحن نرى أنه يستطيع أن يقوم بدور كبير في هذا المجال . فمثلاً في الانتخابات الأخيرة رأينا أنه حصل على نتائج مرضية ، ونحن نريد ايجاد حل سلمي لقضية كوردستان والجميع يريد ايجاد حل سلمي لها ، وليس هناك من يقول لأردوغان لماذا تجد حلاً سلمياً لهذه القضية ؟ ولكن المشكلة هي في ذهنية أردوغان . فنحن نراه يسافر إلى ألمانيا ويطلق تصريحات يقول فيها إنه ضد "تذويب" الشعوب وانصارها داخل شعوب أخرى .ونحن نقول له أنت تمارس نفس ما ترفضه داخل تركيا مع الأكراد . إذن المشكلة هي في ذهنية أردوغان نفسه ،لأنه يعتبر نفسه خليفة عثماني . والترك عندهم مشكلة في التفكير تجاه الشعب الكوردي. . إذن نتائج الانتخابات التركية الأخيرة لم يكن لها تأثير على عملية السلام ؟ لو يريد أردوغان من صميم قلبه أن يخطو باتجاه السلام فإنه يستطيع القيام به .ولكني أرى أنه لا يريد ذلك لأنه فقط في كل محاولاته يريد أن يكسب الوقت . . في رأيك مامبررات أو أسباب أردوغان في هذا التباطؤ الشديد؟ ولماذا لا يريد حلاً للقضية الكوردية في تركيا ؟ هذه مشكلة . ونحن نستطيع أن نقول أنه خلال عام 1923 وهو تاريخ تأسيس الدولة التركية الحديثة توجد عقلية انكار لوجود الكورد في تركيا ، فلذلك فإن المشكلة العويصة هي في طريقة تفكيرهم فهم لا يقبلون بوجود شعب وقومية كوردية ، وإنما يقبلونهم بصورة أخرى كأقلية . أنها مشكلة عنصرية عقيمة عمياء يعاني منها الأتراك . . هل هذا يعود لأن أردوغان وحزبه له مرجعية إسلامية وحزب العمال له مرجعية ماركسية ؟ قبل الإجابة على السؤال أريد أن أصحح لك شيئاً فنحن لسنا حركة ماركسية ، صحيح أننا في بداية تأسيس حزبنا كنا متأثرين بالماركسية وكان لدينا نفس اللغة ،لكننا نعتبر أنفسنا اشتراكيين ديمقراطيين ولسنا حركة ماركسية كلاسيكية ، فقد تجاوزنا هذه المرحلة ،وقمنا بإيجاد تغيير في حزبنا ، نحن مع الديمقراطية الحقيقية . وبالنسبة للجواب على سؤالك فإن أردوغان أصيب بشئ من السلطوية ، والسلطة والهيمنة عليها جعلا منها يخالف مبادئ الإسلام ، لأنه كما تفضلت أنت فإن مبادئ الإسلام لا يوجد فيها اضطهاد شعوب وتفرقة بين شعوب وأخرى ،ولكن حزب أردوغان وهو نفسه يقومون باستعمال الإسلام لمصلحتهم ويلعبون به كورقة رابحة لصالحهم ،فهو أصيب بمرض السلطة . . في الآونة الأخيرة شهدنا صراعاً بين فتح الله كولن وأردوغان ، ما موقفكم من حركة كولن ؟ كولن وأردوغان كان بينهما علاقة حميمة لسنوات طويلة ، وكان كولن شريكاً لأردوغان طوال سنوات حكمه الماضية في كل شئ ، وكان لديهما علاقات سياسية واقتصادية ، ومواقف واحدة تجاه الشعب الكوردي ، وكولن كان له فتاوى ضد الكورد ، منها على سبيل المثال الدعوة لإحراق بيوت الكورد ، واقتلوهم بالمجموعات ،فمن ناحية الفكر والرؤية هما متشابهان ،ووجهان لعملة واحدة ،والخلاف بينهما جاء عندما أدرك أردوغان أن كولن بسط سيطرته على مؤسسات الدولة مثل الشرطة والمخابرات والقضاء وغيرها . فالصراع بينهما صراع مصالح ليس إلا . . متى نشهد الربيع الكردي ؟ أتمنى أن يأتي الربيع الكردي ، وأعتقد فعلاً أنه قد أتى ،فشعبنا في غربي كوردستاني سيحقق ما يريده ، وهو حقق انجازات مهمة في هذا الصدد ، وشعب كوردستان في الشمال قمنا بنضال طويل ، والنضال الشعبي ، أستطيع أن أقول أنني أرى ربيعاً كردياً، والشعوب في المنطقة سيسعدهم ذلك ، فجميع الشعوب تريد أن تعيش معاً في وئام . . هل تتابعون الأحداث في مصر وتطوراتها ؟ نعم نتابع شئون مصر ،والأوضاع فيها ، ونحن نعتبر ما يحدث في مصر هام بالنسبة لنا ،ومصر لها موقع استراتيجي في الشرق الأوسط . ونتابع باهتمام تطورات الأحداث فيها ،وهناك انتخابات رئاسية قريبة ، ونعتقد أنها انتخابات مهمة خاصة أنها تأتي في مرحلة تاريخية هامة . . ما تقييمكم لتجربة الإخوان المسلمين في الحكم ؟ المنظمات والجماعات الإسلامية تستخدم الإسلام كإسم فقط ، وهي في حقيقة الأمر تختلف عن الإسلام كجوهر وقيم . وبالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين نرى أن لهم وجود (جذور عميقة داخل المجتمع المصري) ولديهم تاريخ طويل هناك . وقد اتضح مؤخراً للشعوب الأوسطية أن بعض الحركات الإسلامية استعملت الإسلام كغطاء سياسي لما يقومون به ، ولكن هؤلاء لم يستطيعوا أن يجدوا حاضنة إجتماعية من شعوبهم ، ولذلك فإن هؤلاء لا يعتبرون بدائل للشعوب وإنما البدائل الحقيقية للشعوب هي السلام والوئام، وأن يعيش الجميع في ظل الأخوة والديمقراطية وقبول الآخر .وفي خارج هذا الاطار هناك أنظمة استبدادية والدول القومية وهذه الأنظمة حالها كحال تنظيم القاعدة لم تستطع أن تكون بديلاً للشعوب . . إذن أنتم لا تؤيدون ولا تعترفون بما يسمى "الإسلام السياسي" ووصوله للحكم ؟ نحن نرى أن الإسلام ليس سياسة، وإنما نرى فيه ثقافة معرفية ، فالرأسمالية في الماضي والحاضر تحاول أن تعمل كل شئ من أجل السلطة وتسخر كل شئ من أجلها ، ونحن نرفض هذا ،ولا يجب أن يستخدم الإسلام كغطاء للسياسة ، ونحن مع الإسلام كثقافة ، ونرفض استخدامه للإستحواذ على السلطة ،فلو تم تفسير الإسلام كسياسة سنرى إسلاماً يشبه أردوغان في الحكم ، ولذلك يجب استبعاد الإسلام من الأمور السياسية . يجب النظر إلى جوهر مبادئ الإسلام مثل السلام والأخوة ، ولكن الذين يريدون الاستحواذ على السلطة فإنهم يستعملون الإسلام كوسيلة للوصول إليها ثم الاستحواذ عليها وهكذا فعل أردوغان في تركيا والإخوان المسلمين في مصر . . البعض يرى أن للإخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية التركي لهما نفس المرجعية الإسلامية ، فلماذا فشل الإخوان المسلمون في مصر ونجح أردوغان في تركيا ؟ مصر تختلف عن تركيا ،الواقع المصري لا يشبه كثيراً الواقع الموجود في تركيا ،صحيح إن الإخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية وأردوغان لهما نفس الأسس والقاعدة ، إلا أنهما مختلفان أيضاً في نفس الوقت . وبينهما اختلافات كثيرة ،فالواقع في تركيا يختلف كثيراً عن مصر ، فمثلاً نحن نرى في تركيا الطغمة العسكرية تقوم كل نحو عشر سنوات بتغيير الحكم ، وهذا لا يحدث في مصر . . ما رأيكم فيما قام به الجيش المصري بالانحياز إلى الشعب المصري سواء في ثورة 25 يناير أو ثورة 30 يونيو وازاحة حكم الإخوان المسلمين ؟ أرى أن الإخوان المسلمين يجب أن يكونوا ديمقراطيين ،وأن يقبلوا الآخرين ، وأن ينفتحوا على الديمقراطية والآخرين المختلفين معهم . وأنا لدى انتقادات لاذعة لجماعة الإخوان المسلمين ، ولكن نحن في حزب العمال الكردستاني نقف ضد تدخل العسكر بقوة السلاح لإيجاد تغيير في الأوضاع السياسية ، ونحن كحزب على طول تاريخنا عانينا من مثل هذه الظروف ،وعانينا كثيراً من ممارسات العسكر في تركيا ، ومبادئنا الحزبية ضد ذلك. ووقوف المؤسسة العسكرية بجانب الشعب وانحيازها له هذا أمر جيد جداً ، ولكن يجب أن تكون الانتخابات والوسائل الديمقراطية هي الفيصل ، ولا تستعمل طرق أخرى ، ومع ذلك فنحن ضد عميات الإعدام ، لأننا كشعب كردي في تركيا مررنا بتجارب قاسية جداً مع الإعدامات ، نحن بشكل عام ضد العنف والإعدام، ونرى أن النضال السياسي والأساليب السلمية هي الأفضل للديمقراطية ، ونأمل أن تخطو مصر خطوات نحو الديمقراطية ، وهذا ما نعتقد أنها في طريقها إليه . . توضيح . المؤسسة العسكرية في مصر انحازت إلى الشعب حتى لا تقع مصر في ما يمكن تسميته الحرب الأهلية بين الشعب والإخوان المسلمين ، والشعب خرج ليطالب بالثورة ورحيل الإخوان . والمؤسسة العسكرية لا علاقة لها بالعمل السياسي ، فقط هي انحازت للشعب وحققت مطالبه ثم تركت الساحة وهناك رئيس مؤقت وحكومة . فهي لم تقم بانقلاب ولم تستخدم السلاح والقوة لفرض إرادتها . نحن لا نعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين تعترف بالديمقراطية أو تؤمن بها ، أو تعترف بالآخرين ، أو تقبل بالأراء المختلفة ، نحن لدينا انتقادات كثيرة ولاذعة للجماعة لأنها منظمة سياسية إسلامية ، تختزل الإسلام في السياسة ، وهي تجرد الإسلام من جوهره الأساسي ،ولكننا نرى أن أسلم طريقة في إحداث تغيرات هي الديمقراطية والآليات السياسية وليس باستعمال القوة . . ما رأيك في موقف أردوغان وتدخله في الشأن المصري .وهو مواقفه كانت متناقضة ففي الوقت الذي كان يؤيد فيه الثورات العربية في الربيع العربي ، نجده ينكر عليكم حق تقرير المصير. ثم انقلب على موقفه وأنكر على المصريين قيامهم بإسقاط الإخوان المصريين من الحكم . فما رأيك في هذه المواقف المتناقضة ؟ هذا صحيح . توجد تناقضات كثيرة في مواقف أردوغان ،وهو لايدعم أو يقف موقفاً مؤيداً للشعوب المتحررة ، وهو فقط يحاول الاستحواذ والهيمنة على السلطة ،وهو توقع في بداية الربيع العربي أن يأتي الإسلاميون إلى الحكم في مصر وتونس وليبيا وسوريا ، أي أنظمة مشابهة لنظامه ،وتوقع أن جميع الأنظمة في الشرق الأوسط ستكون إسلامية وهو يكون وصياً وخليفة على هذه الدول . ولكن المعادلة كلها انقلبت بعد سقوط الإخوان ، ولذلك نراه يقف ضد ما قام به المصريون . واتفق معك في موقفه من الكرد في تركيا ، فهو لا يعترف بهم كشعب له حقوق . بل وينكر وجودهم من الأساس . . عقب الربيع العربي شهدنا بعض التغيرات في المنطقة. هل تأثرتم كأكراد بهذه التغيرات وما موقعكم في الخريطة الجديدة للشرق الأوسط؟ ما شهدته المنطقة أثر كثيراً . ونحن نناضل منذ 40 عاماً ، وبإمكان الشعوب أن يتقدموا بالديمقراطية . ولكننا نرى أن هناك مشكلات في قيادة الحركات الشعبية والثورات العربية . ففي سوريا هناك نظام غير ديمقراطي واستبدادي، ولكن المقابل لهذا النظام هم أيضاً لا يقلون عنه . ولذا نرى أن هناك مشكلة في قيادة هذه الحركات . ونرى أنه لا فرصة لبقاء هذه الأنظمة الاستبدادية في المنطقة ، والشعوب سيكون عليها صياغة أنظمتها الجديدة الديمقراطية .