ليس هذا فقط، بل تراجعت الحكومة عن إنشاء الشركة القابضة لمشروع توشكي والتي كان من المقرر إنشاؤها لتولي إدارة التسويق للمشروع،وكذا قامت وزارة الموارد المائية والري بفسخ العقد المبرم مع شركة استصلاح الأراضي التي تقوم باستصلاح فرع 3 بمساحة 200 ألف فدان وهو يمثل 37% من مشروع توشكي. وعلي المستوي الفني توقف العمل في إنشاء السحارة الخاصة بفرعي 3 و4 وبلغت نسبة التنفيذ بمشروع السحارة 20% فقط بتكلفة 14 مليون جنيه في حين تبلغ التكلفة الإجمالية لإنشاء السحارة كاملة 70 مليون جنيه، الأمر الذي أدي إلي تعطل الاستفادة من فرعي 3 و4 بالمياه لمساحة أكثر من 300 ألف فدان. السحارة التي كان من الممكن تنفيذها منذ 10 سنوات بقيمة 70 مليون جنية تكلف تنفيذها الآن 6,7 مليار جنيه، أليس هذا إهدارا لأموال المصريين؟ ولن نفتح الآن ملف مئات الأفدنة التي تملكها مستثمرون عرب بملاليم وبعقود غير قانونية علي رأسهم الوليد بن طلال الذي لم يستصلح سوي 7000 فدان من 100000 فدان قام بشرائها، وكلنا نعرف قصة العقد الذي أبرمته الحكومة معه ويفضح الفساد في مصر في أبهي صوره، ولكن هناك علامات استفهام فاغرة فاهها علي مصراعيها أمامي الآن، هل يقتنع النظام بشكل حقيقي بالجدوي الاقتصادية لهذا المشروع؟ وإذا كان مقتنعا لماذا جاءت القرارات بتسريح العمالة ومحاولة تصفية المشروع؟ ولماذا يتم إحياؤه الآن مرة ثانية؟ وعلي ماذا يراهن؟ العقل يقول إن سيناء أولي بالمليارات التي تُهدر في أرض أثبتت أبحاث الخبراء أن أرضها لا تصلح للزراعة بسبب عيوب في التربة، وأنها لو زرعت سوف تستهلك أضعاف ما تحتاجه أراض أخري قد تقل عنها خصوبة، وعلي المدي البعيد لن تحقق الجدوي الاقتصادية، وأن سيناء التي يتم اختراقها الآن عن طريق المال، ويعيث فيها رجال الأعمال الإسرائيلون فسادا دون أن ينتبه إليهم أحد، مستغلين حاجة المواطنين هناك والذين أهملهم النظام - بقصد أو بدون قصد - ومستغلين أيضا ضعف الموسم السياحي علي مدي عامين كاملين في مصر، وطالعين نازلين يشتروا القري السياحية الخسرانة، وأراضي سيناء بأسماء مواطنين مصريين، سيناء في حاجة لأن يفكر فيها النظام كمشروع قومي، وما ينفق عليها سوف يكون استثمارا حقيقيا علي المدي القريب والبعيد، يكفي أن نستثمر بُعد الأمن القومي علي أراضي سيناء، ونتجاوز خطورة الاختراق الإسرائيلي لها، ويكفي ان نضمن ولاء المواطنين هناك ونشعرهم بقيمة المواطنة الحقيقية، سيناء في حاجة لمليارات تًهدر دون جدوي في توشكي الآن، والرهان الحقيقي للنظام وسط هذا اللهب المتصاعد في مصر سياسيا واقتصاديا هو تلك البقعة الغالية المقدسة من أرض مصر، بعضا من الصدق والانتماء لصالح شعب تحمل الكثير في الماضي والحاضر سيجعل سيناء علي أجندة المشروع الانتخابي القادم لمرشح الرئاسة لمصر أيا كان .