أثير خلال الأسبوع الماضى جدل واسع حول موقف "بريطانيا" من جماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية, وذلك على خلفية تداول بعض وسائل الإعلام أخبارا عن بدء تحقيقات من قبل الحكومة البريطانية فى موقف جماعات الإسلام السياسى, وعلى رأسها جماعة "الإخوان المسلمين", وخطورتها على منطقة الشرق الأوسط وعلى "بريطانيا" نفسها. هذا الأمر وإن كان مفاجئا بالنظر إلى موقف "بريطانيا" من نشأة تلك الجماعات منذ ثلاثينيات القرن الماضى بداية من الحركة الوهابية ومرورا ب"الإخوان المسلمين" حتى الجماعات التى ظهرت مؤخرا تحت مسميات عدة بدعوى الجهاد, فإنه لا يجب أخذه على محمل أن السلطات البريطانية لديها نية القضاء على تلك الجماعات أو محاصرتها –على الأقل- فى الشرق الأوسط, فإن ما يراه بعض القيادات السابقة فى "الإخوان المسلمين" تحديدا أن بريطانيا لن تتخذ أية إجراءات جدية فى هذا الصدد. القيادى الإخوانى د. "كمال الهلباوى" المتحدث باسم التنظيم الدولى سابقا, والذى أقام فى "بريطانيا" نحو 25 عاما حتى عودته عام 2011, من جانبه نفى أن تكون "بريطانيا" قد فتحت تحقيقات حول "الإخوان", وقال هى مرحلة تحقق وجمع معلومات وبيانات, وتكليف أجهزة الداخلية والخارجية والمخابرات ومراكز الأبحاث لتحرى فلسفة "الإخوان" وغاياتهم وأنشطتهم فى "بريطانيا". وأضاف: النص الإنجليزى الصادر عن الحكومة البريطانية أن رئيس الوزراء تلقى سلسلة من التقارير من دول المنطقة عن خطورة "الإخوان المسلمين" فبدأ ينتبه إلى الأمر على حد تعبير "الهلباوى", مضيفا: الأمر سيستغرق وقتا طويلا, وعندما تتخذ الحكومات قرارا فإن القضاء يمكن أن ينظر فيه ويخالفه, وتابع: تسليم "أبو حمزة" ل"أمريكا" استغرق 10 سنين وتسليم "أبو قتادة" ل"الأردن" استغرق أكثر من 10 سنوات. وأشار إلى أن تحرك رئيس الوزراء البريطانى تمكن قراءته على انه التقارير التى قدمت له خطيرة بالفعل. واتفق القيادى الإخوانى السابق "مختار نوح" مع "الهلباوى" وقال: كل ما يتردد مجرد كلام, ف"بريطانيا" لم تتخذ أى موقف ولم تعلن عن شئ لا فى سبيل التحقيق ولا فى سبيل التحقق ولا الدراسة. وأضاف: هذه الدول تنظر لمصلحتها فقط, وهم سعداء بهذ الإرهاب فى "مصر", مشددا على ان "بريطانيا" لن تتخذ إجراء ضد "الإخوان" إلا إذا كان الأمر يمسها, ومشيرا إلى أن "بريطانيا" لديها أكثر من 4000 لاجئ سياسى من جماعات الإسلام السياسى, أعطتهم حق اللجوء السياسى وتصرف لهم مرتبات, وحتى الآن –يقول "نوح"- لم يصدر تصريح سياسى واحد أو إجراء تم اتخاذه فى "بريطانيا". فيما قال القيادى الإخوانى السابق "سامح عيد" أن التحرى عن تلك الجماعات من المفترض ان أى جهاز أمنى أو مخابراتى يقوم به دون إعلان, أما فى هذه الحالة فقد تم الإعلان عنه دون اتخاذ إجراء, مما يوحى انه للغرض الإعلامى مجاملة لكل من "السعودية" و"الإمارات" باعتبارهما الدولتين اللتين تضغطان فى هذا الاتجاه, وكانت قد اعتبرتا تلك الجماعات إرهابية. وأضاف: "بريطانيا" دائما ما تدعم "الإخوان" منذ نشأتها فى 1928, وكذلك الحركة الوهابية فى "السعودية", وبالتالى هى ليست ضد عمل تلك الجماعات طالما لم ينعكس عليها نشاطها, لكن المشكلة بالنسبة ل"بريطانيا" أنها اكتشفت ان نحو 250 بريطانى, ونحو 200 بلجيكى, وعدد من الفرنسيين شاركوا فى الحرب فى "سوريا" فى صفوف الجيش الحر, وبالرغم من أنهم من يدعمونه إلا انهم توصلوا معه ألا يستقبل مشاركين فى صفوفه من جنسياتهم, فالقضية لديهم أن يكون العنف خارجى وليس داخليا, إلا أنهم فوجئوا أن "جيش النصرة" و"الدولة الإسلامية فى الشام والعراق" المعروفة ب"داعش" استقبلتهم, بل إن بعضهم نفذ عمليات انتحارية, فبدأت "بريطانيا" تقلق من أن "طباخ السم يمكن أن يذوقه" –بتعبير "عيد"- فبدأت تتخذ احتياطاتها, إلا أن ذلك لا يعنى انها سوف تمنع "الإخوان" من التواجد خاصة من القيادات. وأوضح: بريطانيا" لديها من المستشرقين من درس الفقه والفكر الإسلامى ويفهم "الإخوان" والجماعات الإسلامية جدا, مشيرا إلى أن تلك الجماعات هى التى حاربت بالوكالة عن "أمريكا" و"بريطانيا" ضد "روسيا" فى "أفغانستان", وتساءل مستنكرا: "روسيا" التى ساندتنا فى فى بناء السد العالى والتى ساندتنا فيما بعد فى حرب 1973, تكون تلك الجماعات هى أول من يحاربها؟ وتابع: "الإخوان" سيعطون "بريطانيا" تعهدات بأنهم لن يمارسوا عملياتهم ضدها, وانهم سوف يظلون كواجهة إعلامية وسياسية وحقوقية ضد النظام السياسى المصرى الحالى.