· السرقات لم تتوقف حتي الآن.. تأكدنا من ذلك عندما حملنا أثناء تصويرنا لموقع السرقات - قطعة من قضيب وسرنا بها دون إزعاج من أحد.. · المشروع تكلف 320 مليون جنيه وتوقف بعد سنتين من تشغيله حارس محطة القنطرة شرق: مفيش جرارات.. والموظفين بيمشوا الساعة 12 ظاهرة سرقات المال العام باتت من العلم العام بحيث لا تحتاج دليلا لإثباتها.. وهي كارثة بكل المقاييس تتضاعف قسوتها وخطورتها إذا كان المسروق كبيرا واستغرق فترات طويلة، كما هو الحال في واقعة سرقة 35 كيلو مترا من قضبان شريط السكة الحديد الواصل بين القنطرة في محافظة الإسماعيلية والرمانة في شمال سيناء. وقد يكون مقبولا إذا ما تم ضبط الجناة في أي من مراحل السرقة التي تجاوز عمرها 8 سنوات علي الأقل، وهو ما لم يحدث مما يشير بأصابع الاتهام إلي أيادي أصحاب نفوذ تستفيد من هذه السرقات، خاصة إذا علمنا أن سرقة كهذه تستغرق وقتا طويلا ومجهودا ضخما في النشر والخلع والتحميل فوق السيارات التي تمر حتما في طرقات بها نقاط أمنية ومرورية فكيف لم تلاحظ الأجهزة الأمنية ذلك وإيقاف اللصوص. البداية ربما كانت في عام 2000 بعد توقف العمل علي الخط الذي افتتحه الرئيس مبارك في عام 1998 وتم تسيير قطارات لمدة سنتين قبل الإعلان عن عدم وجود جرارات وكأن 320 مليون جنيه هي تكلفة المرحلة الأولي التي تربط بين فردان - العريش - رفح لا تعني شيئا بالنسبة للحكومة. السرقات لم تتوقف حتي الآن.. تأكدنا من ذلك عندما حملنا - أثناء تصويرنا لموقع السرقات - قطعة من قضيب وسرنا بها دون ازعاج من أحد.. إنها متاحة لمن يريد وخاصة في منطقة «بلوظة». بداية رحلتنا لإثبات التسيب وإتاحة سرقات المال العام بدأت بوصولنا إلي محطة «القنطرة شرق» في الإسماعيلية التي افتتحها مبارك كبداية للمشروع فلم نجد أحدا، وبعد نحو 30 دقيقة جاء إلينا عامل بسيط اسمه سعيد محمد علي وقال لنا إنه يعمل بالحراسة في هذه المحطة وعندما سألناه عن الموظفين قال «مشيوا الساعة 12 هما هييجوا يعملوا إيه يعني.. ما هو مفيش شغل». سألناه عن سبب توقف العمل في المحطة ولماذا لا نري القطارات والبشر فضحك وقال «القطر واقف بقاله 9 سنين أصل مفيش جرارات وفي أزمة في الجرارات بس إحنا سمعنا أنهم هيجيبوا قريب». سألناه: ألم يكن هناك جرارات؟ فقال «لا.. كانت موجودة بس باظت بعد سنتين من افتتاح المشروع وبعدين مكانش فيه ناس كتير بتيجي تركب أصلا لأن المحطة بعيدة عن مدينة القنطرة بحوالي 10 كيلو يعني عايز مواصلة تانية عشان تركب القطر، طيب ما الواحد يركب عربية علي طول». وحول سرقة قضبان السكك الحديدية قال سعيد «آه فيه قضبان اتسرقت بس أكيد لو الجرارات جت اللي عمل ده كله يعمل قضبان بدل اللي اتسرقت» اتجهنا بعد ذلك إلي شمال سيناء حيث المحطة الثانية في مسار القطار المزعوم ومقرها قرية جلبانة وهناك وجدنا سرقة قضبان القطار علي مسافة نحو 100 كيلو متر ولم نشاهد أي حارس أو أمين شرطة فالمنطقة شبه صحراء خاوية، ثم انطلقنا إلي محطة «بالوظة» ثالثة المحطات فوجدنا الطامة الكبري وهي مرور القضبان وسط بحر من الرمال المتحركة التي غطت - بمرور الوقت - القضبان نهائيا ووصل ارتفاعها أمتاراً فوق القضبان والجزء الظاهر من القضبان غير موجود ما عدا قطعة واحدة يبدو أن اللصوص تركوها لحين عودتهم في المرة المقبلة فحملناها وانتظرنا قليلا ربما يأتي من يضبطنا أو يحاول منعنا وهو ما لم يحدث فتركناها وتحركنا إلي محطة «شرق التفريعة» التي كان يفترض فيها خدمة ميناء شرق التفريعة ببورسعيد وهناك وجدنا القضبان أيضا أسفل الرمال مع سرقة أجزاء منها. «الرمانة» كانت محطتنا الأخيرة في شمال سيناء وهي مبني فخم يشبه مبني محطة «القنطرة شرق» وهناك لم يختلف الأمر كثيرا. أخيرا وجدنا اثنين من أمناء الشرطة وفور علمهم بأننا صحفيون اتصلوا بالعميد عادل الغواري مأمور قسم فردان وسألوه عن كيفية التصرف فقال لهم «لا تعطوهم أي معلومات واللي عايزين يعرفوه يروحوا القسم ويقابلوا نائب المأمور»!! ومن بعدها لم ينطق الأمناء معنا سوي بكلمة واحدة وهي «مقدرش أقولك حاجة» غادرنا المحطة أو «بيت الزواحف» تراودنا الأسئلة ومنها علي من تقع مسئولية إهدار 320 مليون جنيه من المال العام؟ وهل يعلم الرئيس مبارك أن المشروع الذي افتتحه تحول إلي سراب؟ سعيد أبوفريشح عضو المجلس المحلي عن محافظة الإسماعيلية قال إن الخطأ كان مبكرا عندما تحدد مسار القطار دون دراسة فقد كان القطار في السابق - الستينيات - يسير بمحازاة الساحل في أرض مستوية بينما المسئولون وضعوه حديثا وسط الكثبان الرملية ما يستدعي تدبيش تلك الكثبان وزراعة مسار السكة الحديد علي الجانبين لتكون مصدات للرمال. وأضاف أبوفريشح الأهم من ذلك أن يتم عمل حراسة مشددة علي مسار السكة الحديد كما كان معمولا به سابقا أو حتي يتم تعيين الحراسة من أهل المنطقة والذين يسكنون المكان، ويجب العمل علي سرعة إصلاح مسار السكة الحديد وعودة القطارات التي تم نقلها - حسب علمنا - إلي مسارات أخري واستكمال المشروع حتي رفح كما كان لخدمة أكبر قدر من أبناء سيناء ووصوله إلي وسط سيناء حيث المنطقة الصناعية التي تتطلب نقل المواد الخام الموجودة في وسط سيناء كرمل الزجاج والتربة الزلطية والسن المستخدم في خرسانة التسليح والطرق الاسفلتية والرخام، مطالبا بالتحقيق في واقعة سرقة القضبان.