· نجيب جبرائيل يطلب الآن حظر النشر والطرمخة علي القضية وهو نفسه الذي ملأ الدنيا ضجيجاً في قضايا العائدين للمسيحية · لو كانت كاميليا أسلمت فتسليمها للكنيسة جريمة وإذا كانت الواقعة مختلفة فلماذا لا يتم التحقيق فيها مع كل الأطراف؟ · كاميليا رددت ما أملي عليها والمونتاج المتتالي للرسالة دليل علي ذلك · الكنيسة اعترضت علي حكم الزواج الثاني وداست علي القانون .. ولا نعرف ماذا ستكون الصورة لو نال الكموني عقابا غير الإعدام؟! 11 دقيقة أطلت فيها كاميليا زاخر شحاتة في رسالة مصورة أقرب لبيانات مؤسسة سحاب التابعة للقاعدة ظن صانعوها أنها حققت أهدافها، هدأت الأجواء برأيهم، تراجعت زوجة الكاهن عن إسلامها المزعوم، خفتت المظاهرات والدعوات للخروج المليوني والنداء علي كاميليا أمام أسوار الكاتدرائية، ظهرت الرسالة والأجواء محتقنة ، ووصلت الذروة، ولم يتبق معها إلا المواجهات المباشرة علي خلفية الشحن الديني والطائفي. الوصول إلي الذروة الطائفية كان له أكثر من رافد، أبرزها شعور الغاضبين من المسلمين ممن يجدون في الدين هوية في ظل دولة رخوة أن الكنيسة أقوي من الدولة ومؤسساتها، خرج منها كاهن يعلن أن المظاهرات لن تجدي معهم حتي لو تواصلت كل يوم، فيما أقر آخر أن موضوع كاميليا شأن خاص وليس من حق أحد البحث عن مكانها، المتظاهرون أغلبهم يجد من الأسلمة انتصارا وهميا يعزز به موقعه ويتقرب به إلي الله، لكن الغضب امتد إلي خارج تلك الزمرة، فنحن أمام واقعة تقول إن هناك فتاة مصرية أرادت بحسب شهود أن تغير عقيدتها ثم سلمتها الدولة إلي الكنيسة، وأخفت الأخيرة بدورها، بعد رفض إشهار إسلامها. الواقعة بفرض صدقها فتسليم المرأة إلي الكنيسة جريمة ضد الإنسانية ووأد لحق أساسي هو الحق في الاعتقاد، وبفرض كذبها فالدولة هنا تخاذلت بحق من أشعلها وادعي القصة من الأساس، وحق المجتمع أن يحاكم هذا الرجل، ولكي تكون المحاكمة عادلة لابد من الاستماع إلي شهادته ورؤية دلائله ومناقشة بطلة الواقعة ذاتها وهذا لم يحدث. الرسالة المصورة التي ظهرت فيها كاميليا، قالت فيها إنها مسيحية وأن الكنيسة التي تعلم الناس الحب والتسامح لا يمكن أن تعذب أبناءها، وأن الصحافة اخترعت الأزمة وبالغت في خلاف بسيط بينها وبين زوجها الكاهن وادعت أنها أرادت الدخول في الإسلام. شك كثيرون في كون السيدة المتحدثة والتي ظهرت تصلب وتصلي هي كاميليا، لكن التشكيك ليس في محله، خاصة أن كاميليا لها زملاء وصديقات ومن السهل أن يلاحظ هؤلاء أي محاولة للتزييف، لكن هناك ملاحظات أخري علي هذا الظهور المتعجل، منها أن كاميليا سخرت من الصحافة وقالت إنها لا "تستبعد أن تتهمها أنها وراء فشل المفاوضات المباشرة!!".. في سياق الدلالة علي أن الكنيسة اتهمت بتعذيبها، وهو قول لا يتناسب مع ثقافة فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها تعيش في أرياف المنيا وتعمل مدرسة ابتدائي.. إضافة إلي أن الخطاب لا يتناسب مع شخصيتها ، حلا أيضا من الإشارة إلي الواقعة ذاتها وقصتها وهروبها وأسلمتها، ومن هو أبو يحيي، ولماذا تستمر أصلا في الكنيسة إلي الآن.. كل هذه الأسئلة اكتفت بالإجابة عنها بالقول إنها "تريح أعصابها قليلا"، وكأن الكنيسة باتت مصحة للاستشفاء الزوجي. كانت كاميليا تردد ما أملي عليها، سواء باقتناع أو عدم اقتناع، والمونتاج المتوالي أكثر من مرة دليل علي أن الكلام لم يكن عفويا، بل أقرب إلي رسائل الرهائن في أيدي تنظيم القاعدة، لكن البعض من الأقباط اعتبر الأمر انتصارا، وكسبا لجولة منه صراع وهمي يدخل فيه الفائز والمهزوم الجحيم. علي الجانب الآخر كان الغاضبون من المسلمين مقسمين إلي فئات عديدة، منها المتعصبون الذين يرون في الأسلمة انتصارا لجولة طائفية، ومنهم من يشعر بالخطر من قبل كنيسة تري نفسها أكبر من الدولة، تثور علي حكم قضائي يسمح بالزواج الثاني ويجاهر رئيسها أنه لن ينفذه، ثم ترضخ الدولة وتدشن قانونا جديدا يرضيه، يعرف رأسها أن القانون والمؤسسات لا وزن لها أمام هيمنة النظام. الأمر إذن برأي الفئة الأخيرة أخطر من احتقان طائفي، فهو دليل جديد علي ترهل دولة، وله نتائج كارثية، فطالما أن الكنيسة رأت النظام يمارس هيمنته علي مؤسسات الدولة، ويخرج لسانه لها فمن حقها إذن أن تمارس الدور بنفسها، من حقها أن تعترض علي أحكام القضاء لو لم تتوافق مع مصلحتها، فماذا ستكون الصورة لو خرج الكموني براءة من تهمة ارتكاب مذبحة نجع حمادي أو حتي عاقبه القاضي بحكم غير الإعدام؟! الأزمة أظهرت وجها آخر لمن يدعي أنه يبحث عن حقوق الإنسان، يطلب نجيب جبرائيل حظر النشر في قضية كاميليا و"الطرمخة"علي حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته يقود مظاهرة دعائية اعتراضا علي حرق المصحف.. يمارس السياسة ولعبة التوازنات، ومنطق الصفقات، ولم لا وقد أثبتت الأيام أنها أكثر ربحا، وهو الرجل ذاته الذي رفع لواء الحقوق ذاتها في قضايا العائدين من المسيحية، ومحمد حجازي وماهر المعتصم. الكنيسة عالجت الأمر بقصر نظر، تصورت أن زوجة الكاهن لو عادت فستكون عبرة لغيرها، ولن تجرؤ فتاة علي تكرار فعلتها، والدولة وجدت في الأمر صفقة مريحة تضمن بها ولاء الكنيسة، وهاهو شريط مسجل مدته 11 دقيقة ينهي الأمر!!.. لكن المحصلة الحقيقة مزيد من الغضب والطائفية والكراهية.