ينتظر عشاق السيارات معارض السيارات الرئيسية في مصر سنويا للإطلاع علي أحدث معروضات السوق المحلي. والواقع أن معارض السيارات المحلية بكل هذا التطور الذي تشهده تعد نتاجا لرحلة طويلة تمتد إلي نحو 82 عاما تغيرت خلالها ملامح نلك المعارض وطريقة العرض ونوعية المنتجات، وبالطبع تغير كذلك الوكلاء والماركات العارضة. ولنعد بالذاكرة إلي عام 1927 وهو العام الذي شهد تنظيم أول معرض للسيارات في مصر وسمي حينها "المعرض الدولي الأول للأوتومبيلات" وكان حدثا كبيراً خلال تلك الفترة التي لم تكن خلالها السيارات قد إنتشرت علي نطاق واسع في أرجاء مصر. إفتتح المعرض في السادس عشر من فبراير عام 1927 وإستمرت فعالياته لمدة 18 يوما، وقام بتنظيمه نادي السيارات الملكي. لم تقتصر أهمية المعرض علي ظهور الكثير من السيارات الجديدة في مصر بل أيضا لكونه سببا في ظهور الموضوعات الدعائية عن السيارات والكثير من الإعلانات التي تروج للموديلات المعروضة خلال هذا الحدث الضخم. وكانت غالبية تلك الإعلانات والموضوعات تركز علي أن السيارات المعروضة صنعت خصيصا لتناسب الأجواء المصرية، وهو ما يحدث حتي يومنا هذا وكأن مصر جزء من كوكب المريخ. سبق المعرض إستعدادات ضخمة منها إعداد أرض الجمعية الزراعية الصناعية بالجزيرة لإستضافة هذا الحدث ومنها تجديد المكان ودهانه "بالزيت" كي يليق بأهمية المعرض. وتكلفت التجديدات أكثر من ألفي جنيه وفقا لتقديرات تلك الفترة، وكان بطبيعة الحال مبلغا باهظا. سبق المعرض حملة دعائية ضخمة تحث المصريين علي الزيارة لمشاهدة أحدث الأوتومبيلات والإستمتاع بالبرامج الترفيهية التي سيتم تنظيمها علي هامش فعالياته. وجاء اليوم الموعود حيث أفتتح المعرض الأمير عمر طوسون والنبيل عباس حليم وعدد من كبار الشخصيات وأعضاء نادي السيارات الملكي. وفيما بعد زار المعرض الكثير من الشخصيات البارزة في مصر ومنها الملك فؤاد ملك البلاد في تلك الفترة وزاره أيضا الزعيم الراحل سعد زغلول. تناقلت الصحف أخبار المعرض وقامت بتوفير تغطية جيدة وإن كانت تختلف بشكل كبير عن التغطيات الصحفية لمعارض اليوم. وربما ظهر من خلال تلك التغطية إفتقار البلاد لصحافة متخصصة في مجال السيارات. ولكن المذهل في أمر المعرض نفسه هو المشاركة الواسعة لعشرات الشركات التي حرصت علي التواجد فيه من خلال وكلائها في مصر. وربما كانت تفاصيل هذا المعرض خير وسيلة لمعرفة اللاعبين الرئيسيين في سوق السيارات خلال تلك الفترة و لأشهر موديلاتها. ويبين إحصاء المشاركين أن معظم وكلاء السيارات في مصر خلال تلك الفترة كانوا من الأجانب ربما بإستثناء مصري واحد هو شكري بك الزيني و كان وكيلا لسيارات إيتالا الإيطالية و هي من الماركات التي لم يعد لها وجود. شاركت في المعرض أكثر من 40 شركة علي رأسها بطبيعة الحال رولز رويس التي لم يكن لها موزعا في مصر ولكنها حرصت علي التواجد بموديلين وهما 40-50 حصان ليموزين وموديل 10 حصان شاسيه كابريوليه. أما الوكلاء فكانوا كثيرين ومنهم وكلاء و موزيعن لماركات لا تزال موجودة حتي اليوم منها أوبل وكان وكيلها الخواجة ج يويرل وشارك بأربع سيارات منها موديل مكشوف بأربع مقاعد و قوة 9 حصان وسيارة صغيرة مقفولة بقوة 9 حصان وسيارة مكشوفة بخمس مقاعد قوة 20 حصان. ولكونه وكيلا لشركة DKW الألمانية قام الخواجة بعرض موتوسيكل رياضي قوة 4 أحصنة من إنتاج تلك الشركة. كان لأستون مارتن البريطانية وكيلا في مصر، وهو الخواجة أ. كلابريسي وعرض سيارة مقفولة 6 سلندر وأخري مكشوفة مزودة بمحرك ذي 4 سلندرات. ومن الشركات الأمريكية التي حرصت علي التواجد خلال المعرض نجد كرايسلر من خلال شركة مصايف لبنان وكيلها الوحيد خلال تلك الفترة والذي عرض باص ليموزين إمبراطوري (80) - 6 سلندر قوة 29 حصان 6-7 مقاعد ورودستر (70) 6 سلندر 2-4 مقاعد قوة 23 حصان أمريكاني. كما عرض الوكيل شاسيه 70-6 سلندرات وسيارة مكشوفة 50- 4 سلندرات ذات 5 مقاعد قوة21 حصان أمريكاني. في الواقع كانت السيارات الفرنسية تتمتع بشعبية كبيرة خلال تلك الفترة يؤكد عليها إقبال أبناء الشرائح الأعلي من الطبقة المتوسطة علي إقتنائها نظرا لسعرها المعقول مقارنة بالموديلات الأمريكية التي لم تكن مناسبة من حيث السعر سوي للأجانب والباشوات. كان للفرنسيين تواجد كبير في المعرض الأول للسيارات من خلال ماركات بيجو وستروين ورينو. فبالنسبة لبيجو، كان وكيلها يدعي الخواجة ج. فالساميدس وشاركت بست موديلات وهي كابريوليه 5 حصان وسيارة مكشوفة 5 حصان وموديل توربيدو 6 مقاعد بقوة 11 حصان وسيارة 14 حصان بدون سوباب و أخري 18 حصان بدون سوباب وكانو 50-7 متر. أما ستروين فكانت الشركة المصرية المساهمة لسيارات أندريه ستروين هي وكيلها في مصر، وكان التوكيل مملوكا للخواجة تويلو فينسنت وعرض مجموعة ضخمة من السيارات بلغت 11 موديلا. أما رينو فعرض وكيلها الخواجة ج. لأبنرخت وشركاه 15 موديلا وبعض الشاسيهات. شاركت الكثير من الماركات العالمية الأخري التي لا تزال موجودة في مصر حتي اليوم ومنها ماركات جنرال موتورز وكان وكيلها الشركة العامة لتوريد السيارات وعرض الوكيل سيارات أوكلاند و بويك وكاديلاك بونتياك وشيفروليه وأولدزموبيل و ناش. أما فيات فشارك وكلائها الخواجات فيكتوريو جيانوتي وشركاه بمجموعة متنوعة من موديلات الشركة من سيارات وكاميونات ومحاريث وسيارات إطفاء وسيارات رش ومكانس !! شاركت عشرات الشركات الأخري التي لم يعد لها وجود اليوم حيث كان لتلك الماركات وكلاء في مصر ومنها علي سبيل المثال لا الحصر أوستن وكلينو وهيلمان الإنجليزية وبين وستودبيكر وهوب ومارمون الأمريكية علاوة علي ماركات أخري منها لافلي ومنيرفا ودي ديون بوتون وأيه إم وستير موتورر ووركس وتاراراتس وS.O.M.U.A ، كما شاركت دودج الأمريكية و لكن بشكل محدود. وعلاوة علي ذلك ظهرت الكثير من الأسماء الغريبة التي لا يكاد أحد يعرفها اليوم ومنها أميل كار ودولونيل بلفي ولاتيل وسيزار بيروك ورجبي. وعرضت تلك الشركات الحافلات جنبا إلي جنب مع السيارات. شريف علي