أصبح الواقع المصري، الذي كان زمان زي العربجي الذي استولت البلدية علي الكارو والحمار بتاعة، لكنه ظل محتفظا بالكرباج من باب الوجاهة والمنظرة وأهي حاجة يخوف بيها العيال وهو قاعد علي الغرزة يضرب بانجو، أصبح مثل الولية المعتوهة التي أرادت أن تستر لحمها العاري المترهل الذي يباع علي الأرصفة وفي المجمعات جملة وقطاعي، فنزلت في المجاري، ثم خرجت وهي تغني: بحقك أنت المني والطلب.. والله يجازي اللي كان السبب. تجاوز الواقع المصري في السنوات الأخيرة مرحلة المسخرة إلي مرحلة البرطعة الحماري، وأخيرا.. مرحلة اللامعقول، حيث يصبح رقص المعيز أجدع من رقص الغوازي، وترتدي الخرفان أقنعة العفاريت وتلبد للبني آدمين في الخرابات واللي تطوله تركبه أو تغزه في كرشه تطلع مصارينة فلا يمكن لأحد أن يصدق ما يحدث الآن؟! ولايمكن مثلا لمواطن عادي واقف طوال النهار في طابور العيش عشان ياخد كام رغيف اسمنتي يسد بيهم بطن العيال المخرومة، أو ولية غلبانة بتبيع شوية فجل وبصل علي الرصيف، وكل شوية البلدية، تفقعها مقلب حرامية، وتجرها من شعرها في الشارع، أن يحتفظا بتوازنهما النفسي أو قناعتهم بالمقسوم، وهما يسمعان عن الملايين التي تدفع من أجل رضاء الحبيب، أو مكافأة نهاية خدمة للزوج عشان يسيب الولية وأهه بالقرشين اللي خدهم يجيب بدل منها عشرة. لايمكن بأي حال من الأحوال لبشر يعيشون تحت حد الفقر، بل ان الفقر نفسه قرف منهم ومن حياتهم السودة، أن يتابعون هذه الوقائع التي تجعل الوطن مثل مغارة علي بابا، كل راجل جدع ياخد له شوالين دهب علي ياقوت علي مرجان، ويطلع بالناقة علي الدائري عدل والست مرجانة طول يومها نشوانة. فبعد حكاية سوزان تميم- ولايهمنا هنا من القاتل- والملايين التي كانت تدفع بالشوال، وكأننا شعب من الهنود الحمر والزرق كمان، جاءت حكاية الأميرة خلود والكومي ولايهمنا أيضا مين فيهم ضحك علي التاني، فالحكاية معروضة أمام القضاء لكن الذي يهمنا الملايين التي دفعت كمهر أو حتي صدقة بمنتهي البساطة، ولاحكاية قصر الندي، وفي الآخر قالك زواج عتريس من فؤادة باطل.. ونفسي أعرف.. الفلوس دي كلها.. بيجيبوها منين؟! أعتذر للقراء الذين اشتكوا من عدم قدرتهم علي قراءة المقال الماضي لصغر البنط، وأعدهم بتوزيع قطرة آخر حلاوة وتجلي النظر العدد القادم، وهاتخليهم كلهم بإذن الله زرقاء اليمامة وديك الجن كمان. محمد الرفاعي