استطلاع الرأي السنوي السابع الذي أجراه الحزب الوطني واستعرض خلاصة نتائجه جمال مبارك الوريث القادم، يفطس من الضحك.. الاستطلاع المضحك نشرته الصحف علي صدر صفحاتها الأولي الثلاثاء الماضي، وهو يوم سجلت فيه مسارح مصر ودور السينما التي تعرض أفلاماً كوميدية، انخفاضاً هائلاً في عدد المتفرجين بعد أن حدث لهم حالة تشبع من الضحك المتواصل بعد أن قرأوا تصريحات السيد جمال مبارك في الصحف.. فلم يكن رواد المسرح أو السينما في حاجة إلي الضحك أو التسلية بعد أن فطسوا من الضحك علي نتائج الاستطلاع الذي أكد أن عدد المصريين الذين ازدادت ثقتهم في حكومة الدكتور أحمد نظيف «أي حكومة الحزب الوطني» ارتفع من 22% العام الماضي إلي 39% العام الحالي، وأن غير الواثقين تراجعوا من 29% إلي 21%«!!» وقال السيد جمال مبارك الذي يدير الوزارة فعلاً بدلاً من نظيف، إن الشعب المصري الآن يعيش حالة رضاء عام وأضيف أنا كاتب هذه السطور بأن الشعب مبسوط كمان ومتسلطن علي الآخر وبيدعي للدكتور أحمد نظيف وكل الوزرا اللي شغالين معاه «!!». ملحوظة: استطلاع الرأي في حكومة الحزب الوطني.. أجراه الحزب الوطني وليست جهة محايدة!! نتائج هذا الاستطلاع التي تلاها ابن الرئيس مبارك تدعو إلي الخوف قبل أن تدعو إلي الضحك والسخرية.. فهذا دليل آخر علي أن الرئيس ونجله وحكومته لايدركون شيئا مما يعانيه الشعب المصري.. بل إنهم انفصلوا تماماً عن الجماهير. أقول للسيد جمال مبارك إن الإحباط أصاب كل المصريين، وأن الذين حولك ينافقونك كما ينافقون والدك.. الحقيقة ياسيد جمال أن المصريين فقدوا الأمل.. ولو سألت أي شاب أو حتي رجل مسن ماذا تريد؟ سيقول لك أريد أن أهاجر من هذا البلد. نعم المصريون أصيبوا بالإحباط بعد أن فقدوا الأمل في إيجاد حلول حقيقية لغالبية مشاكلهم.. فالأسعار ترتفع بشكل جنوني، والحكومة فقدت السيطرة عليها.. الدخول مازالت ثابتة لاتكفي لسداد الاحتياجات البسيطة لأي أسرة.. البطالة سكنت كل بيت في مصر. وأسأل السيد جمال مبارك هل ذهبت إلي الدويقة ومنشية ناصر وبطن البقر في مصر القديمة وعزبة خيرالله.. هل ذهبت إلي شبرا الخيمة ومسطرد وعزبة القرود.. هل ذهبت إلي المنيرة الغربية وبشتيل وبولاق الدكرور.. هل دخلت الحواري والأزقة وركبت سيارة ميكروباص بدون أبواب أو حتي لوحات معدنية.. وهي السيارة التي يستخدمها سكان هذه المناطق ولا بديل عنها.. هل زرت سكان المقابر الذين يصل عددهم في القاهرة وحدها إلي حوالي مليون مواطن.. هل حاولت أن تشرب المياه التي يشربها سكان هذه المناطق.. وهل تعلم يا سيد جمال كم عدد مرضي الفشل الكلوي والكبدي والسرطان الذين أصيبوا بسبب المبيدات المسرطنة والماء الملوث.. ثم أسألك يا سيد جمال: هل كل هذه الملايين من سكان مصر يعيشون في حالة رضاء، وأنهم واثقون في حكومة نظيف أو حتي حكم والدك؟! يا سيد جمال: الشعب المصري أصيب بالاحباط واليأس بسبب تجاهل حكم والدك لمشاكله ومعاناته علي مدار 28 عاماً.. المواطن المصري أصبح مقهوراً في حياته السياسية.. ما يريده لايستطيع تحقيقه، فالانتخابات تزور عيني عينك.. ورأي الشعب ليس له قيمة لديكم، وهو مقهور في لقمة عيشه، يجدها بمرارة وإذا استطاع أن يجد ما يكفيه اليوم فهو شديد الشك من أن يجده غداً، وهو مقهور في تعليم أولاده، وفي علاجهم وفي إمكانية الحصول علي شقق يتزوجون فيها. المواطن المصري أصبح مقهوراً وليس مهموماً لأنه فقد الأمل في تحسن الأوضاع.. فالمشكلات الاقتصادية تزداد سوءاً يوما بعد يوم. والذي لاتعلمه يا سيد جمال أن المواطن المصري يمكن أن يتحمل ويعاني بعض الشيء إذا كان هناك أمل في الإصلاح، بل هذا الأمل يجعله أكثر استعداداً لتحمل التعب لأنه سيعوضه سنوات المعاناة.. ولكن فقد الأمل في الإصلاح يمنح المواطن مزيجاً من الاحساس باليأس والإحباط والعدمية. إن المواطنة أخذ وعطاء.. بمعني أن يعطيني الوطن رعاية واهتماماً وأعطيه حبا وتضحية.. لكن إذا لم يعطني فماذا سأعطيه. كنت أتمني أن تقولوا الحقيقة حتي لو كانت مرة، حتي تنالوا احترام الشعب.