شهد لبنان تصعيدًا عسكريًا خطيرًا مع استمرار الغارات الإسرائيلية على جنوب البلاد، وسط تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله. وفي ظل الفشل الدبلوماسي في وقف إطلاق الصواريخ من حزب الله على الشمال الإسرائيلي، أعلنت إسرائيل إصرارها على متابعة الهجمات لتحقيق أهدافها في الجنوباللبناني.
شنت القوات الجوية الإسرائيلية سلسلة غارات عنيفة منذ صباح الخميس، استهدفت مناطق عدة، منها مجدل زون، صور، الحوش، كفرتبنيت، كفرمان، تبنين، برعشيت، زوطر الشرقية، معركة، دير قانون رأس العين، والصوانة. كانت تلك الغارات مدمرة بشكل خاص، حيث تسببت إحداها في تدمير حي كامل في مدينة بعلبك.
أعلن وزير الصحة اللبناني الدكتور فراس الأبيض أن غارات يوم الأربعاء وحدها أسفرت عن استشهاد 51 شخصًا وإصابة 223 آخرين. وأوضح أن المستشفيات في جنوبلبنان تعمل بأقصى طاقتها لاستيعاب العدد الكبير من المصابين، مشيرًا إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية خلفت مئات الشهداء والجرحى خلال الأيام الأخيرة.
استجابة للتصعيد المستمر، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لمناقشة العدوان الإسرائيلي على لبنان. وخلال الجلسة، طالب ممثلو الدول المشاركة بوقف فوري لإطلاق النار ووقف استهداف المدنيين. وفي كلمته أمام المجلس، أكد وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي أن ما يحدث في لبنان هو عدوان صارخ وانتهاك لسيادة دولة عضو في الأممالمتحدة. ووجه انتقادًا لمجلس الأمن لعجزه عن وقف الحرب الدائرة منذ عام على غزة، محذرًا من أن استمرار هذا الصراع سيؤدي إلى اتساع نطاقه ليشمل ساحات إقليمية أخرى ويهدد الأمن والسلم الدوليين.
أكد عبد العاطي أن الانتهاكات الإسرائيلية تُعد خرقًا صارخًا لميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي. ودعا إلى التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر في عام 2006، والذي ينص على وقف الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل. وأشار إلى أن تنفيذ هذا القرار بشكل غير انتقائي من شأنه أن يعيد الاستقرار إلى لبنان ويوقف التدخلات العسكرية المتكررة.
على صعيد آخر، أصدرت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، بدعم من العديد من الدول الغربية والعربية، بيانًا مشتركًا يدعو إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان لإعطاء فرصة للدبلوماسية. وقال الرئيسان الأمريكي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك إنهما عملا معًا لدعوة مشتركة لوقف إطلاق النار بهدف تجنب مزيد من التصعيد وإعطاء فرصة للدبلوماسية لحل الأزمة.
في سياق متصل، أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن العبرة في تحقيق الاستقرار تكمن في التزام إسرائيل بالقرارات الدولية. وفي كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن، دعا ميقاتي إلى تضافر الجهود الدولية للضغط على إسرائيل من أجل وقف فوري لإطلاق النار. كما شدد على أهمية تنفيذ القرار 1701 كحل جاد يمكن من خلاله إعادة الأمن والاستقرار إلى لبنان.
أكد ميقاتي أن لبنان كان من أوائل الدول التي شاركت في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى دور مندوب لبنان السابق الدكتور شارل مالك في تلك الجهود. وأضاف أن هذا الإرث يعكس التزام لبنان العميق بالقيم الإنسانية والعدالة الدولية. ودعا المجتمع الدولي إلى دعم حق لبنان في السيادة والأمن واستعادة أراضيه المحتلة، مؤكدًا أن لبنان يعمل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة.