الذهب يتلألأ عالميا.. 8 أسابيع متتالية من المكاسب مع تجاوز حاجز 4.000 دولار للأوقية    البامية ب100 جنيه والفاصوليا ب40.. ارتفاع كبير في أسعار الخضروات بأسواق قنا    من بروكسل.. وزيرة التخطيط تُدشّن النسخة الإنجليزية من الملخص التنفيذي ل«السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» بمنتدى البوابة العالمية    اسعار الدينار الكويتي اليوم السبت 11اكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    وزير الرى يلتقى المدير التنفيذى لإدارة مصادر المياه بمنظمة التعاون الإسلامى    وزير الزراعة: نستهدف زراعة ما لا يقل عن 3.5 مليون فدان من القمح    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا السبت 11 أكتوبر 2025    إعلام إسرائيلي عن مصادر: الكشف النهائي للأسرى الفلسطينيين يضم فقط 195 أسيرا محكوما بالمؤبد    إصابة واعتقالات خلال اقتحام الاحتلال للخليل وبلداتها    أيمن محسب: الصلابة السياسية للرئيس السيسى منعت انزلاق المنطقة إلى فوضى جديدة    فرنسا ضد أذربيجان.. ديشامب يثير قلق ريال مدريد بشأن إصابة مبابي قبل الكلاسيكو    نجم تونس: علاء عبد العال مدرب كبير.. ومبارياتنا مع الأهلي والزمالك "عرس كروي"    عماد النحاس مديرا فنيا للزوراء العراقي    ختام منافسات الكبار والناشئين فى بطولة العالم للسباحة بالزعانف بالعلمين    إصابة 14 شخصا إثر حادث انقلاب سيارة ميكروباص بطنطا    عم أطفال دلجا: ننتظر حكم الإعدام اليوم    تحرير 164 مخالفة تموينية.. وضبط أسمدة وسلع مدعمة في حملات بالمنيا    اضطراب الملاحة بجنوب سيناء بسبب نشاط الرياح وارتفاع الأمواج    عرض جثث 3 أطفال شقيقات غرقن بالبانيو نتيجة تسرب الغاز بالمنوفية على الطب الشرعى    مصرع شخص أسفل عجلات القطار فى طنطا    من هو زوج إيناس الدغيدي؟ الكشف هوية العريس الجديد؟    عيد ميلاد الهضبة.. عمرو دياب ال بابا الذى لا يشيخ فى عالم الموسيقى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    هل فيتامين سي الحل السحري لنزلات البرد؟.. خبراء يكشفون الحقيقة    فوز الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام وإهدائها ل ترامب    قتلى ومفقودين| انفجار مصنع متفجرات يورد منتجات للجيش الأمريكي بولاية تينيسي    الصين تعتزم فرض قيود شاملة على تصدير المعادن الأرضية النادرة    بالأرقام.. ننشر نتيجة انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بقنا    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    غدًا.. ثقافة العريش تنظم معرض «تجربة شخصية» لفناني سيناء    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    مواقيت الصلاه اليوم السبت 11اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    إصابة 14 شخص في انقلاب سيارة ميكروباص علي طريق طنطا - كفر الزيات    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    «علي كلاي» يجمع درة وأحمد العوضي في أول تعاون خلال موسم رمضان 2026    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    ملك زاهر: ذهبت لطبيب نفسي بسبب «مريم»| حوار    «الوزراء» يوافق على إنشاء جامعتين ب«العاصمة الإدارية» ومجمع مدارس أزهرية بالقاهرة    تصفيات كأس العالم 2026| مبابي يقود فرنسا للفوز بثلاثية على أذربيجان    استعداداً لمواجهة البحرين.. منتخب مصر الثاني يواصل تدريباته    أولياء أمور يطالبون بدرجات حافز فنى للرسم والنحت    رسمياً.. التعليم تعلن آلية سداد مصروفات المدارس الرسمية والمتميزة للغات 2025/ 2026    محمد سامي ل مي عمر: «بعت ساعة عشان أكمل ثمن العربية» (صور)    برد ولا كورونا؟.. كيف تفرق بين الأمراض المتشابهة؟    وصفة من قلب لندن.. طريقة تحضير «الإنجلش كيك» الكلاسيكية في المنزل    أحمد فايق يحذر من خطورة محتوى «السوشيال ميديا» على الأطفال    والدة مصطفى كامل تتعرض لأزمة صحية بسبب جرعة انسولين فاسدة    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر النص الكامل لخطبة يوم عرفة
نشر في صوت الأمة يوم 27 - 06 - 2023

ألقى عضو هيئة كبار العلماء فضيلة الشيخ الدكتور يوسف بن محمد بن سعيد اليوم خطبة عرفة لحج 1444ه في مسجد نمرة.

وفيما يلي النص الكامل للخطبة:
الحمد الله العزيز الوهاب جعل الجماعة نجاة، والفرقة سبباً للعذاب، وأمر سبحانه بوحدة الصف وجمع الكلمة والائتلاف، ونهى عن كل ما يحدث التفرق والاختلاف.

وأشهد أن لا إله إلا الله إياه نرجو ومنه نخاف، قال تعالى: (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم)، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله أمر بالتعاون والاجتماع، ونهى عن التنافر والنزاع، فجمع الله به القلوب وأصلح الله به الأحوال، أمره الله بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة، (قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت)، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه.

أما بعد:
فيا أيها المسلمون اتقوا الله تعالى بطاعته والتزام شرعه وحفظ حدوده لتكونوا من المصلحين الفائزين في الدنيا والآخرة قال تعالى: (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم).

وإن من حفظ حدود الله عدم صرف شيء من العبادات لغير الله، قال تعالى: (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، فمن كان من أهل التوحيد كان من أهل الهداية، وكانت له النجاة والعاقبة الحميدة، قال تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولًا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين).

وقال سبحانه مقرراً شهادة التوحيد لا إله إلا الله، (ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون)، كما قرر شهادة الرسالة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: (محمد رسول الله)، وقوله: (ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليمًا).

وهذه الشهادة تقتضي تصديق أخباره وطاعة أوامره واجتناب مناهيه وألا يعبد الله إلا بما جاء به، ومما جاء به إقامة الصلوات الخمس في اليوم والليلة، وإيتاء الزكاة فيدفع الغني جزءاً يسيراً من ماله مواساة لإخوانه الفقراء وإسهاماً في المنافع العامة قال تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة).

ومما أمر الله سبحانه به صيام شهر رمضان، قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)، وحج بيت الله الحرام، قال تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، وهذه أركان الإسلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، والإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).

أيها المؤمنون حجاج بيت الله الحرام لقد كان من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في الحج: (يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ألا بلغت، إن الله حرم بينكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) أخرجه أحمد بسند صحيح.

فاختلاف اللغات والألوان والأعراق ليس مبرراً للاختلاف والنزاع بل هو آية من آيات الله في الكون، كما قال تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين).

وإن مما تتابعت النصوص على تأكيده الأمر بالاجتماع والمحبة والتآلف والنهي عن التنازع والتفرق والاختلاف، قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)).

ولذا امتن الله على نبيه صلى الله عليه وسلم باجتماع أصحابه عليه فقال: (فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين، وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم)، وقال الله تعالى ناهيًا عن التفرق: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون)، وقال سبحانه: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم).

وذلك أنه في اجتماع الكلمة صلاح الدين والدنيا وتحقق المصالح وزوال المفاسد، وبه يحصل التعاون على البر والتقوى، وبه يُنصر الحق ويدحر الباطل، ويغتاظ الأعداء وتحبط مساعي الحاقدين والمتربصين، ومتى تفرقت الكلمة دخلت الأهواء والضغائن وتضادت الإرادات فُسفك الدم الحرام، واُستحل المال المعصوم وانتهكت الحرمات، وصعُب على الأمة الرقي في حياتها وعسُر الالتزام بالطاعات، ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم:((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))، وقال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُ بعضهُ بعضا))، ويد الله مع الجماعة، والشيطان مع من فارق الجماعة، وتُعرف قيمة الاجتماع بما يحصل من آثار مؤلمة للتفرق والاختلاف في الفرد والأسرة والمجتمع، قال تعالى: (وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد).

ومن هنا أقام الشرع الضمانات الواقية والحصانات الكافية التي تحول دون تأثير معاول الهدم والتخريب لتمزيق المجتمع بوضع سياج منيع يمنع من تصدع بنيانه، وتزعزع أركانه على مستوى الأسرة والمجتمع والوطن، بل والعالم أجمع.

ومن هنا أمر الله المسلمين عند النزاع بالرجوع للكتاب والسنة، قال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً)، وقال: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب)، وقال: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون).

كما أمرهم بحسن الخلق وإحسان التعامل ورحمة بعضهم بعضًا، قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر)، ورغبهم في أن يتخلقوا بخلق الصبر والصفح عن الأخطاء، قال تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)، وقال: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).

وتحقيقًا لمقصد جمع الكلمة جاءت الشريعة بتوثيق الروابط الاجتماعية والأسرية والإيمانية فأمرت بصلة الأرحام، وأوضحت حقوق الأزواج والزوجات، والآباء والأبناء والبنات، وأمرت بالإحسان إلى سائر القرابات والجيران والمساكين، قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربي والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً).

وفي الحديث: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).

وأمرت الشريعة بالتعاون على الخير كما قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، ونهت عن الحديث السيء (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً).

ونهت الشريعة عن الانسياق وراء الإشاعات والأراجيف التي يقصد منها تفريق الصف، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، ومن هنا يُحذر المؤمنون من الحملات المغرضة بمختلف وسائلها وأساليبها الموجهة لتفريق الكلمة، وتأليب بعض المجتمع على بعضه، كما جعل الله عدداً من الطاعات تؤدى بشكل جماعي كما في اجتماعكم اليوم على صعيد عرفات، ومثل اجتماعكم في صلاة الجمعة والجماعة، ومما يؤدي إلى الاجتماع ما جاءت به الشريعة من التكافل الاجتماعي ودفع الزكاة والنفقات ووضع الأوقاف وإخراج الصدقات، قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خُلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون).

ولذا جاءت الشريعة بتذكير المتخاصمين بأخوتهم بعضهم لبعض والترغيب في الإصلاح عند حصول التخاصم قال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون).

وعلى الأمة أن تربي أبناءها تربية جادة على الاجتماع قال تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، وقال: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون).

كما جاء التأكيد بوجوب السمع والطاعة لولاة الأمر لتحقيق مقصد اجتماع الكلمة قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية)).

ومما يدخل في ذلك تأليف القلوب عليهم وترغيب الناس في طاعتهم، والقيام معهم فيما يُصلح أحوال العباد والبلاد، والدعاء لهم. ولئن كان الاجتماع مأمورًا به والتفرق منهيًا عنه في جميع المواطن، فإن ذلك يتأكد في موسم الحج، ومواطن الشعائر، فيجتنب الحاج أي أمر أو فعل يشغله عن أداء مناسكه، بل يتفرغ لعبادة ربه ويجتنب كل ما يؤثر في طمأنينة إخوانه ضيوف الرحمن.

فيا معاشر المسلمين.. ويامن له تأثير اتقوا الله في الأمة بالسعي في جمع كلمتها وإطفاء الفتن وإسكات دعاتها، وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا))، وقال: ((وتطاوعا ولا تختلفا)).

وليتق الله المتنازعون بحقن الدماء والسعي في تحقيق الصلح امتثالاً لقوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)، ولأن تكون تابعًا في حقٍ خيرٌ من أن تكون متبوعًا في باطل ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

حجاج بيت الله الحرام:
بعد أن خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرفة أمر بلالاً فأذن، ثم أقام فصلى الظهر مقصورة ركعتين، ثم أقام فصلى العصر مقصورة ركعتين، ثم وقف في عرفة على ناقته يذكر الله ويدعوه حتى غرب قرص الشمس، ثم ذهب إلى مزدلفة، وكان يوصي أصحابه بالرفق، ويقول: (يا أيها الناس عليكم بالسكينة والوقار؛ فإن البر ليس بالإيضاع) أي: الإسراع.

فلما وصل مزدلفة صلى المغرب ثلاثاً، والعشاء ركعتين جمعاً وقصراً، وبات بمزدلفة وصلى الفجر بها في أول وقتها، ثم دعا الله إلى أن أسفرت ثم ذهب إلى منى فرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس بسبع حصيات، وذبح هديه وحلق ثم طاف طواف الإفاضة، وبقي في منى أيام التشريق يذكر الله ويرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال، يدعو عند الصغرى والوسطى، ورخّص لأهل الأعذار في ترك المبيت بمني.

وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المكث بمنى إلى اليوم الثالث عشر وهو الأفضل، وأجاز التعجل في الثاني عشر، فلما فرغ من حجه وأراد السفر طاف بالبيت.

حجاج بيت الله الحرام:

إنكم في موطنٍ شريفٍ وزمانٍ فاضل ترجى فيه مغفرة السيئات وإجابة الدعوات، ولهذا أفطر - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة في حجه؛ ليتفرغ للذكر والدعاء.

فأكثروا من دعاء ربكم لأنفسكم ولمن تحبون ولمن لهم عليكم حق وللمسلمين عامة بأن يصلح الله أحوالهم، وأن يجمع كلمتهم على الحق.
ولا تنسوا الدعاء لمن أحسن إليكم كما في الحديث: ((من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له)).

وإن ممن أحسن للمسلمين من يقوم بخدمة الحرمين الشريفين، ويسهر على راحة ضيوف الرحمن، وفي طليعتهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ومن يعمل معهم. فادعوا الله لهم.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام نسألك أن توفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اللهم كن معه مؤيداً وناصراً، ومعيناً على كل خير، اللهم جازه خير الجزاء على ما يقدمه من جهود في جمع كلمة المسلمين، اللهم بارك في ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، اللهم شد عضده به واجعله من أسباب وحدة الصف.

اللهم تقبل من الحجيج حجهم، ويسر لهم أمورهم، واكفهم شر من أراد بهم سوءاً، اللهم أعدهم لبلدانهم سالمين غانمين قد غفرت ذنوبهم، وقضيت حوائجهم.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، وألف ذات بينهم وأصلح قلوبهم، وتول شأنهم وآمنهم في أوطانهم، وأجمع كلمتهم واحقن دماءهم وبارك لهم في أرزاقهم واهدهم لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق.

(سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.