فوجئ سكان منطقة كفر طهرمس بالجيزة بحركة غير عادية تجري في الشارع الرئيسي أو طريق الكفر كما يطلق عليه الأهالي، عمال النظافة يكنسون الشارع.. اللوادر تضع مخلفات الكنس وأشياء أخري علي سيارات لتنقلها بعيداً عن المنطقة.. سيارة ترش الطريق بالمياه.. تجار الخضاروالفاكهة التزموا أماكنهم ولم يضعوا بضاعتهم في نهر الطريق! أصحاب المقاهي أبعدوا الكراسي عن الرصيف!.. رجال الحي يجوبون الشارع ويصدرون الأوامر لعمال النظافة بضرورة انجاز العمل بأقصي سرعة! ويطلبون من الباعة وأصحاب المقاهي ضرورة الالتزام حتي «تعدي الزيارة علي خير»! بينما تجوب سيارة بداخلها شخص يبدو أنه مسئول كبير بالحي لمتابعة آخر الاستعدادات! ويصدر أوامره لموظفي الحي بضرورة تنفيذ التعليمات حرفياً! الحركة غير المسبوقة التي يشهدها الشارع والهمة والنشاط التي يؤدي بها الجميع عملهم جعلت أهالي المنطقة يتوقعون أن شخصية مهمة جداً في طريقها إلي المنطقة! سألت سيدة تحمل طفلاً وتجر خلفها اثنين آخرين «قوللي ياخويا هوصحيح الريس جاي يزورنا» رد عليها واحد بنرفزة «ريس» مين ياست اللي هيزورنا.. انت بتخرفي! معقولة «الريس» ييجي كفر طهرمس! تدخل شخص ثالث تقمص دور الفنان القدير الراحل توفيق الدقن في فيلم مراتي مدير عام وقال عندي معلومات ما تخرش الميه» مسئول كبير في الحكومة جاي يزور جماعة قرايبه في الكفر آي والله! رد عليه رابع يدعي الحكمة «مستعجلين علي إيه.. ياخبر بفلوس.. كمان ساعة يبقي ببلاش! لم تمض ساعات حتي قطعت زيارة اللواء سيد عبدالعزيز محافظ الجيزة لإحدي مدارس المنطقة الشك وليعرف الأهالي أن كل ما سبق من ترتيبات كان من أجل هذه الزيارة التي لم تستغرق أكثر من ساعة! تمت الزيارة وغادر المحافظ المنطقة.. وقبل ان يصل إلي مبني المحافظة القريب من منطقة كفر طهرمس.. كان كل شئ قد عاد إلي أصله! غادر عمال النظافة الشارع بعد أن لملموا أشياءهم! انطلق موظفو الحي ليبحث كل منهم عن «سبوبة» عادت أقفاص الخضار والفاكهة وكراسي المقاهي إلي الشارع! وعادت سيارات «الميكروباص» التي يقودها صبية صغار لتلتهم ما تبقي من الشارع بعد أن اختفت طول مدة الزيارة! وعاد أهالي المنطقة لممارسة حياتهم وكأن شيئا لم يكن! وطبعاً السيد المحافظ عاد إلي مكتبه بعد أن شاهد علي الطبيعة شارعاً نظيفاً أعيد تنظيفه وترتيبه بفعل فاعل! باختصار نستطيع أن نقول ما حدث في طريق كفرطهرمس ما هو إلا فيلم عربي قديم شاهده الناس أكثرمن مرة وجرت أحداثه علي امتداد بر المحروسة وليس كفر طهرمس وحدها، فما أن يعلم المسئول بنية مسئول أكبر في زيارة منطقة تقع تحت ولايته حتي يهب المسئول الأصغر ويجند كل الأجهزة والأدوات المتاحة وغير المتاحة لتحويل منطقة الزيارة إلي لوحة جميلة! وهذا يعني أن المسئول الأصغر لايعمل من أجل الناس التي عينته الدولة من أجلهم! لكنه يعمل ويبذل الجهد من أجل أن يرضي عنه المسئول الأكبر! قد يقول قائل.. ماذا أضفت؟إنك لم تأت بجديد.. عاداتنا ولن نشتريها.. وهي متأصلة ومتغلغلة فينا! هذه العادة مزروعة فينا منذ أيام الفرعون الذي كان له ملك مصر والانهار التي تجري من تحته.. المسئول الأصغر يعرف ويعي تماما أن مصيره مرتبط ارتباطاً وثيقاً برضي المسئول الأكبر عنه! ويعرف أن رضا الناس وثناءهم عليه شيء ثانوي! ولو عرف هذا المسئول أنه سيفقد منصبه عندما يهمل خدمة الناس الذين جاء من أجلهم لتغيرت أشياء كثيرة! ودعوني افترض أو أتخيل أن أحداث الواقعة محل «المقال» جرت أحداثها دون علم مسبق أي أن اللواء سيد عبدالعزيز محافظ الجيزة ذهب لزيارة منطقة كفر طهرمس دون علم المسئولين عن الحي فماذا سيشاهد؟ ودعوني أتخيل وافترض أن السيد المحافظ بعد أن يقرأ هذا المقال وذهب إلي المنطقة فماذا سيشاهد؟ بالطبع وكما قلت عندما ذهب السيد المحافظ إلي منطقة كفر طهرمس فإنه شاهد شارعاً نظيفاً ومرتباً! وعندما سيذهب خلسة دون علم السادة المسئولين عن الحي فإنه حتما سيشاهد شارعاً مختلفاً! المهم أريد أن أعرف موقف سيادته والإجراء الذي سيتخذه في حالة ثبوت تقصير من جانب المسئولين عن الحي الذين أوهموه وزيفوا له الحقيقة! أنا شخصياً أتمني أن أري كل شوارع الجيزة وكل الشوارع في مختلف محافظات مصر مثل طريق كفر طهرمس أثناء زيارة السيد محافظ الجيزة لإحدي مدارس المنطقة وأشعر بسعادة بالغة عندما يسهم قلمي المتواضع في التخفيف من متاعب الناس.. ولا أتواني أو أجد حرجاً في الاشادة بالمسئول عندما يتلافي السلبيات أو يقضي عليها! وعندما يعود طريق كفر طهرمس إلي الصورة التي كان عليها وقت الزيارة أو علي الأقل 50% منها فإنني لن أتواني عن معاودة الكتابة والاشادة بالمسئولين! ولكن عندما يقتصر العمل وبذل المجهود لإرضاء السيد المحافظ ولساعات معدودة يمر فيها سيادته فإنني أقول لمن يفعل ذلك.. عيب، اتق الله في الناس وكفاية تمثيل عليهم! والله يرحمك يا دقن.. بعض المسئولين تفوقوا عليك.. آي والله. نجاح الصاوي