ضبط شخص وزع كوبونات غذائية على ناخبين مقابل التصويت بالإسكندرية    الخامس في قنا.. القبض على " قرموش" لشراء اصوات الناخبين    قدرة الردع والانتخابات البرلمانية والجبهة الداخلية    محمود مُحيي الدين: كي يشعر المواطن بثمار الإصلاح نحتاج معدلات نمو اقتصادي لا تقل عن 7%    ما حقيقة انتشار الدواجن السردة بالأسواق المحلية وتأثيرها على صحة المواطنين؟    الإنتاج الحربي يعزز الشراكات الدولية في EDEX 2025    العراق يفوز علي البحرين 2-1 في مستهل مشوارهما بكأس العرب 2025    الخارجية السورية: وفد سفراء مجلس الأمن يزور دمشق    عون: لبنان تعب من المهاترات التي مزقته    مستحقات تصل إلى 505 ألف دولار.. فرجاني ساسي سبب إيقاف قيد الزمالك 3 فترات جديدة (خاص)    مشاهدة مباراة أرسنال وبرينتفورد بث مباشر الآن.. قمة مشتعلة لحسم الصدارة في الدوري الإنجليزي    بث مباشر مباراة أرسنال وبرينتفورد: قمة لندنية نارية لحسم صدارة الدوري الإنجليزي 2024-2025    المتهم بإطلاق النار على «بلكونة جاره»: «شتم أمي»    بالصور.. انهيار عقار مكون من 4 طوابق دون وقوع خسائر في الأرواح بأسوان    طابع بريد تذكارى بمناسبة مرور 130 عاما على تأسيس دار الإفتاء المصرية    سعيد عبد الحافظ ل الحياة: جولة الإعادة خطوة طبيعية لتصحيح المسار الانتخابى    رئيس الاعتماد والرقابة الصحية: معايير جهار ترفع تنافسية القطاع الخاص    الصحة تحذر من حقنة هتلر: قد تؤدي للوفاة (فيديو)    لجنة إدارة الإسماعيلي تؤكد سعيها لحل أزمات النادي المالية وإنهاء قضايا الفيفا    العرض العالمي الأول للفيلم الفلسطيني أعلم أنك تسمعني في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    تصريح صادم من الكاتب أحمد مراد عن فيلم الست    القبض على 4 أشخاص بحوزتهم مبالغ مالية بمحيط لجان انتخابية في جرجا    إندونيسيا ترسل سفنا حربية لدعم عملية توزيع المساعدات في آتشيه المتضررة جراء الفيضان    مياه الشرب بالجيزة: كسر مفاجئ بخط مياه قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    محافظ الجيزة يتفقد الموقف التنفيذي لتطوير حديقتي الحيوان والأورمان    الجيزة تنفّذ حملة مكبرة بعثمان محرم لإزالة الإشغالات وإعادة الانضباط إلى الشارع    فيدريكو جاتي يغيب عن يوفنتوس بسبب إصابة الركبة    «الري» تتعاقد على تنفيذ التغذية الكهربائية لمحطتي البستان ووادي الصعايدة    في اليوم العالمي لذوي الهمم.. غزة تواجه أعلى معدلات الإعاقة في العالم بسبب حرب الإبادة الجماعية.. 12 ألف طفل فقدوا أطرافهم أو تعرضوا لعاهات مستديمة.. و60% من السكان صاروا معاقين    مدرب تونس: طوينا صفحة الخسارة أمام سوريا ونستعد بقوة لمواجهة فلسطين    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    3 سنوات سجن للمتورطين في تزوير شيكات باسم الفنانة بوسي    يروي قصة أرض الإمارات وشعبها.. افتتاح متحف زايد الوطني بأبوظبي.. صور    سكرتير عام المنوفية يشهد افتتاح معرض «ابتكار مستدام»    ما مصير امتحانات الثانوية العامة بعد بلوغ «عبد الحكم» سن المعاش؟.. تفاصيل    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    6 قرارات جديدة للحكومة.. تعرف عليها    زينة: "ماشوفتش رجالة في حياتي وبقرف منهم"    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    7 ديسمبر.. الإدارية العليا تنظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    بداية شهر رجب 1447 هجريًا... الحسابات الفلكية تكشف موعد ظهور الهلال    السيدة انتصار السيسي تحتفي بيوم أصحاب الهمم: قلوب مليئة بالحب    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    هالاند: الوصول ل200 هدف في الدوري الإنجليزي؟ ولم لا    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إرهاب وقتل وسفك دماء.. جرائم الجماعة الإرهابية لا تسقط بالتعاطف الكاذب
نشر في صوت الأمة يوم 01 - 05 - 2021

- اغتالوا 14 شرطي بالا ربى جى.. والقصاص العادل يشفى صدور المصريين

لن يتوقف رجال الشرطة البواسل عن تسجيل البطولات يومًا تلو الآخر، والتى تضاف في سجل الشرف، فهم لن يتوانوا لحظة عن تقديم أرواحهم فداء من أجل هذا الوطن، لتبقى ذكراهم الخالدة في ضمير الوطن، تلعن الإرهاب وتجار الدين ومن قتلوا وسحلوا بل ومثلوا بجثامين شهداء الواجب من رجال الشرطة من قوة مركز كرداسة.
وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله "اقتلوا شيوخ المشركين"، وتناول المفسرون هذا الحديث بأنهم المحاربين من كبار السن وليس الهرمى الذين لا قوة لهم ولا رأى، وقياسا فإن الرسول خلال حربه على المفسدين في الأرض لم يرد عنه اى نص يفيد بأسقاط العقوبة لكبر السن او شيئا من هذا القبيل، ولعل الحديث الذى روته السيدة عائشة يؤكد أن الإسلام كمنهج كان حريصا على مواجهة المفسدين بكل قوة حيث قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يكون فى آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا ظهر الخبث" فكيف يريدون لنا ان نترك أصحاب الخبث لانهم طعنوا في السن".
ستظل مذبحة كرداسة التي نفذها عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية في أغسطس 2013 عقب فض اعصامى رابعة والنهضة المسلحين، ستظل عاراً يلاحق جماعة الإخوان الإرهابية إلى الأبد، فهى مذبحة كبرى بمشاهد بشعة لا يتحملها بشر.. استشهد خلالها 18 رجل شرطة من قوة قسم شرطة كرداسة المتواجدين في القسم أثناء أداء واجبهم وحماية القسم وشرف مهنتهم.. بداية من القيادات وعلى رأسهم العميد محمد جبر، مأمور قسم شرطة كرداسة، الذي استشهد قبل تنفيذ قرار ترقيته ب24 ساعة، وقبل زفاف ابنته بأيام، وكان معروف عنه أن أغلب يومه يقضيه في عمله وكان يرفض مغادرة القسم أثناء فترات الراحة، ونائبه العقيد عامر عبدالمقصود، النقيب محمد فاروق معاون مباحث القسم، والملازم أول هاني شتا، والنقيب هشام شتا، الذي تخرج في 2009 وعمل ضابطا نظاميا بأكتوبر، ثم نقل إلى مركز كرداسة ليعمل معاونا لرئيس المباحث، اللواء مصطفى الخطيب الذي عمل ضابطا مساعد فرقة شمال الجيزة، العقيد عامر عبدالمقصود نائب مأمور المركز، النقيب محمد فاروق نصر الدين، الذي استشهد بعد عودته من الأراضي المقدسة مباشرة، اللواء مصطفى إبراهيم الخطيب قائد الحملات الأمنية لتطهير البؤر الإجرامية بالجيزة، النقيب محمد صفوت حرب معاون مباحث شرطة مغاغة، المقدم مصطفى العطار نائب مأمور مركز مطاي، الملازم أول مينا عزت، النقيب شادي مجدي عبدالجواد بدر، النقيب أشرف محمود محمد محمود، الملازم أول محمد سمير إبراهيم عبدالمعطي، الملازم أول محمد محمد جودة عثمان، النقيب حسام البهي من قوة الأمن المركزي بمحافظة الإسكندرية.
ويعد شهداء الشرطة في مدينة كرداسة، من البطولات التي لن ينساها المصريون، وعلى رأسهم اللواء محمد جبر، مأمور مركز شرطة كرداسة، الذي ملحمة بطولية عندما رفض تسليم مبنى المركز للعناصر الإرهابية الذين تجمهروا بمحيطه، تزامناً مع فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة المسلحين.
وبعد سنوات من مذبحة مركز شرطة كرداسة، سطرت دائرة الإرهاب برئاسة المستشار محمد شيرين فهمى، كلمة النهاية فى إعادة محاكمة المتهمين بقضية "مذبحة كرداسة"، فى اتهامهم باقتحام مركز شرطة كرداسة وقتل مأمور المركز ونائبه و15 ضابطا وفرد شرطة آخرين، فى أعقاب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، ومعاقبة المتهمين بالإعدام شنقا ل20 متهما، والسجن المؤبد لسامية شنن و79 آخرين فى قضية والسجن المشدد 15 سنة ل34 متهما، والسجن 10 سنوات لمتهم حدث، وبراءة 21 متهما.
وخلال جلسة الحكم ألقى المستشار محمد شيرين فهمى استهلها بالآية القرآنية " وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"..
وتابعت المحكمة: "أنها جريمة بشعة تقف العبارات عن وصفها إنها نموذج عن الأنفس المتربصة بالقتل، إن هؤلاء المتهمين ارتكبوا جرائم تضيق بسببها صدور ذوى المروءة، وقد ورطوا أنفسهم فى موبقات مهلكة، حرمة الدماء عظيمة وقتل الأبرياء بلا حق كبيرة من كبائر الذنوب، ففى صباح يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 أثيرت بعض الفتن بأن الشرطة قتلت الكثير، احتشد المتهمون وآخرون سبق الحكم عليهم فى تجمهر غير مشروع من أهالى كرداسة وناهية وبدأوا يتجمعون أمام مركز شرطة كرداسة".
وقالت المحكمة: "المتهمون يدعون الرحمة وهم فاقدوها.. المحكمة قامت بدورها بالبحث عن الحقيقة من خلال محاكمة منصفة، من خلال الشرعية الإجرائية، وقامت بنظر الدعوى فى جلسات متعاقدة واستمعت لجميع شهود الإثبات للإحاطة، واستمعت لجميع دفاع المتهمين لتقديم دفاعهم شفاهة، وبالعدالة المنصفة، وعدد جلسات بلغت 52 جلسة حققت المحكمة قواعد، وبلغ عدد صفحات محاضر الجلسات لأكثر من 800 ورقة.
لن ينسى أحد كيف تجمع المئات وتجمهروا حول مبنى مركز كرداسة، وآخرين يحملون الأسلحة والذخيرة، والبعض يهتف ضد رجال الشرطة،، ووقف اللواء محمد جبر مأمور المركز يحث ضباطه على الاستبسال والدفاع عن المبنى لآخر لحظة فى العمر، فى مشهد يعيد للأذهان ملحمة الإسماعيلية سنة 1952، عندما تصدى أبطال الشرطة لقوات الاحتلال الإنجليزى واستبسلوا فى الدفاع عن المبنى
كان اللواء جبر قد اتخذ قراره بالدفاع عن مقر عمله مهما كلفه ذلك من ثمن، ووسط هذه الأجواء الملتهبة أثناء فض الاعتصامين المسلحين، لم يبالِ أبطال الشرطة بتهديدات المسلحين، ورفضوا مطالبهم بالخروج من المركز وتسليمه لهم.
لم يكن غريباً أن يستشهد اللواء محمد جبر وسط ضباطه، فقد عاش بينهم ومات بينهم، حيث كانوا يعتبرونه بمثابة الأب والقدوة، فهو شديد الالتزام فى عمله، أول من يحضر للمبنى صباحاً وآخر من يغادره، يعطى ضباطه الصغار دروساً عملية فى الالتزام والجدية، والعمل على حفظ الأمن وسلامة واستقرار الوطن.
اللواء محمد جبر النشيط فى عمله كما يصفه زملاؤه، قضى معظم خدمته فى الداخلية بقطاع الأمن العام، وشغل موقع "المأمور" فى ثلاث مراكز فى الجيزة هى "الواحات، ثم أبو النمرس، ثم كرداسة"، وقضى على ظاهرة العصابات المسلحة فى كرداسة بحملات أمنية متكررة، وتم تكريمه لأكثر من مرة، تقديرا لنشاطه الدائم والمستمر، وصدر له قرار بترقيته لرتبة «لواء» ونقله من مركز كرداسة للعمل مساعدا لمدير أمن الجيزة، وتأخر تنفيذ قرار الترقية 24 ساعة بسبب اندلاع أحداث شغب إبان فض اعتصام رابعة، فوقعت المجزرة واستشهد.
لم تكن بطولة مأمور مركز شرطة كرداسة الوحيدة، بل سطر آخرين بطولات عديدة، وعلى رأسهم اللواء مصطفى الخطيب الذي استشهد برصاصة غدر في مسجد بكرداسة، حيث تقول سحر يوسف زوجة البطل:" تزوجت من "الخطيب" فى 1986، حيث كان يحمل رتبة "نقيب"، وكان يعمل فى الأمن العام بمديرية أمن الجيزة لمدة سنتين، ومنها انتقل لأسيوط خلال أحداث الإرهاب، حيث واجه المتطرفين برفقة زملائه لمدة 3 سنوات، ثم انتقل لمباحث السياحة والآثار لمدة 17 سنة، وفى عام 2011 كان مأموراً لمركز شرطة أبو النمرس، وبعدها نقل مأموراً لمركز شرطة كرداسة، حيث كان يدير عمله من القرية الذكية، وقتها بسبب حرق القسم، وخلال هذه الفترة نجح زوجى فى تقريب وجهات النظر بين الأهالى والشرطة، حيث كان يعقد الاجتماعات بالأهالى فى كرداسة، ويصلى بهم فى المسجد القريب من المركز، حتى تم إعادة افتتاح المركز وعاد الهدوء للمنطقة مرة أخرى."
وأضافت الزوجة فى حديثها، أنه بالرغم من حصوله على ترقية كمساعد مدير أمن الجيزة لمنطقة الشمال، إلا أنه ظل متعلقا بكرداسة، فقد كان يفضل البقاء فى القسم والمرور عليه من حين لأخر، حيث كان يقع فى نطاق عمله ضمن عدة أقسام أخرى.
تمسك زوجة الشهيد بشهادة تقدير حصل عليها زوجها قبل استشهاده من جميعة بكرداسة تؤكد مدى ارتباطهم به، ثم تقول: " كانت علاقة زوجى بأهالى كرداسة أكثر من جيدة، حيث كان يحل مشاكلهم، ويجلس معهم ويتحدث لهم، ويكرموه فى حفلاتهم، ولم يتخيل يوماً أن تغدر به أيادى الإرهاب بالمنطقة فى لحظة من اللحظات."
تحبس الزوجة دموعها، وتقول: "كانت الأجواء ملتهبة بسبب فض اعتصام رابعة والنهضة، ويومها قرر زوجى الذهاب صباحاً لمركز كرداسة، حيث أكد لى أن هناك تجمهرات وأنه سوف يتحدث مع الأهالى، خاصة أنه مقبول لدى الجميع وقادر على احتواء الأمر، وشعرت وقتها بشىء غريب، فقد كان وجهه مشرق وبشوش، ولم أدرى أنه سيكون المشهد الأخير الذى يجمعنا، تحدثت معه فى العاشرة صباحاً تليفونياً، وعرفت أنه يوجد تجمهر من المواطنين أمام المركز، لكن اللافت للانتباه، أن المتجمهرين قدموا الأطفال والنساء فى الصفوف الأولى، بعدها فى الحادية عشر صباحاً، تحدثت معه مرة أخرى، فقال لى: "فيه اشتباك اقفلى"، بعدها تحدثت معه الحديث الأخير، حيث قال لى: "اقفلي ..اقفلي دلوقتي"، وكانت هذه الكلمات أخر ما سمعته منه.
وتقول الزوجة، تسلل الخوف لقلبى، خاصة أن هاتفه بات مغلقاً، فاتصلت على هاتف شرطى كان يعمل معه، فرد على شخص غريب وقال لى: "انتي عايزه مين؟"، فقلت له: "فلان الفلانى العسكرى اللى مع مصطفى الخطيب"، فرد على: "قتلناهم كلهم"، فانقبض قلبى، وحاولت التواصل مع الضباط بالمركز دون فائدة، حتى اتصل بى شقيقى الذى كان يحمل رتبة لواء فى الداخلية، وقال لى بصوت حزين"البقاء لله".
وعن غدر الإرهاب، تقول الزوجة، أن الإرهابيين المتجمهرين أمام المركز وقتها، طلبوا من رجال الشرطة بخروج زوجى للحديث معهم، وبالفعل قرر الذهاب إليهم ولا يدرى بخيانتهم، حيث استدرجوه للمسجد القريب من مبنى المركز، وما أن دخل حتى أطلقوا عليه رصاصتين من الخلف، ليلقى ربه داخل المسجد، كما تعود على الذهاب إليه للصلاة فيه."
الشهيد البطل محمد وهدان ضابط كرداسة، أحد الأبطال الذين سطروا ملاحم بطولية، حيث تقول والدته أن نجلها الشهيد كان في المنزل يوم أحداث قسم كرداسة، موضحة أن زميله " هشام شتا " الذى أستشهد أيضا في نفس الاحداث أتصل عليه هاتفيا ,اخبره بأن القسم محاصر من قبل عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، لافتة إلى أن الشهيد أصر على النزول والذهاب إلى القسم والالتحاق مع باقى زملائه من العساكر والضباط لحماية القسم والحفاظ على الأمن في تلك الظروف العصيبة التي مرت بها مصر، مشيرة إلى أنها ظلت تطلب منه وتتوسل إليه الا يذهب إلى القسم في ذلك اليوم، إلا أنه أصر على الذهاب بعد أن أكد لها أن الأمر طبيعى ولا يوجد شيء يستدعى كل هذا القلق الذى ينتابها.
اللواء نبيل فراج أحد الأبطال في كرداسة، حيث سجل فى 19 سبتمبر سنة 2013، ضمن قوائم الشرف، لدى مداهمة الإرهابيين الذين كانوا يسعون لفرض سيطرتهم على منطقة كرداسة، ليسقط شهيداً، تاركاً خلفه زوجته "المهندسة نضال" و3 من أبنائه، الذين أبدوا رغبة كبيرة فى الالتحاق بكلية الشرطة لاستكمال مسيرة الكفاح لوالدهم.
وتخرج "فراج"، من كلية الشرطة عام 1981، والتحق بالإدارة العامة لاتصالات الشرطة عام 2004، وحصل على رتبة عقيد سنة 2007، وعرف بكفاءته فى العمل، حتى ترقى لدرجة لواء فى يوليو 2013، ومنها تمت ترقيته مساعدا لمدير أمن الجيزة حتى استشهد أثناء اقتحام كرداسة.
"نبيل فراج"، الضابط الصعيدى الذى تمتد جذوره لمحافظة سوهاج، كان محبوباً من الجميع خاصة من زملائه والمقربين منه ومن تعاملوا معه، فضلاً عن شدة ارتباط أسرته به، فقد كان زوجاً مثالياً وأبا قدوة لأبنائه .
لاحقت أجهزة الأمن، المتهمين بقتل اللواء نبيل فراج وتمكنت من ضبطهم، وأحيلوا فى أول مارس 2014 للمحاكمة، وفى 30 يوليو 2016 قضت المحكمة بإحالة أوراق 13 متهما منهم لفضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأى، وحددت جلسة 24 سبتمبر للحكم، وفى العاشر من يناير 2018 أيدت محكمة النقض حكم الإعدام ضد ثلاثة متهمين، وصدر حكم بالسجن المؤبد ل4 آخرين، والمشدد 10 سنوات ل5 متهمين آخرين.
ونفذت مصلحة السجون، حكم الإعدام شنقا بحق المتهمين الثلاثة، الأمر الذى أثلج قلب أسرة الشهيد، حيث شعروا بأنه تم الثأر لروحه الطاهرة، فضلاً عن حرص الدولة ومؤسساتها على تكريم أسرة الشهيد فى كل المحافل، والعمل على تلبية متطلباتهم ورعايتهم باستمرار.
تقول زوجة الشهيد البطل اللواء نبيل فراج المهندسة نضال:"شاهدت لحظة استشهاده مباشر على الفضائيات المصرية، وكنت قد تأكدت من استشهاده برغم الاتصالات التى استقبلت مرددين "نبيل بيه مصاب بس وفى المستشفى" وحولى أبنائى عمر وزياد وأحمد، مؤكدة أن أصعب لحظة فى حياتى شوفتها قدام عينى وكان لازم أفضل قوية أمام ولادى.
ووجهت زوجة الشهيد الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى وكل مؤسسات الدولة وفى مقدمتهم وزارة الداخلية التى لم تتأخر فى تقديم الدعم والتعازى للأسرة.
وعن تفاصيل الحادث قالت، إن الشهيد قام بالاتصال بنجله، يوم استشهاده، ليخبره بأنه سيذهب إلى مأمورية خطرة للقبض على متهمين إرهابيين، وطالبه بأن ينتبه لنفسه ولأسرته، وأنها شاهدته فى التليفزيون أثناء استشهاده وذلك أثناء بث إحدى القنوات الفضائية مأمورية مطاردة هؤلاء الإرهابيين.
وتابعت زوجة الشهيد: لحظات صعبة مرت على الأسرة بأكملها، وأن أبنائه متماسكين حتى هذه اللحظة وذلك بسبب ما تعلموه من والدهم.
ماحدث أمام قسم شرطة كرداسة يوثق الإرهاب والقتل وسفك الدماء وترويع الآمنين، عقب محاصرة مركز الشرطة واغتيال 14 ضابط ورجل شرطة.
المشهد كان صادمًا، لعناصر إرهابية متطرفة تزحف نحو المركز وتحاصره ويطلق إرهابى قذيفة أربى جى على المبنى، ثم يهاجموه ويسحلوا رجال الشرطة ويقتلوهم ويمثلوا بجثثهم، ثم نجحت الشرطة، في القبض على العديد من العناصر الإرهابية، التي ارتكبت العديد من الجرائم، وكانت تتخذ من كرداسة وكرًا لها، وعلى رأسهم المتهم بإطلاق أول قذيفتى آر بى جى على مبنى مركز شرطة كرداسة، عقب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، ثم دعوة الجماعات الإرهابية والبلطجية لمحاصرة المبنى واقتحامه، ومطاردة القيادات الأمنية به وقتلها.
وتبين أن المتهم يقطن بمنطقة العرب، بعد أبورواش، وسبق ارتكابه للعديد من الوقائع الإجرامية، وأن قوات الأمن كانت تداهم أوكاره بين الحين والآخر، إلا أنه كان يهرب إلى جبال أبورواش، ويتخذ منها حصنا للاحتماء بها من الشرطة حتى لا يتم القبض عليه، وأنه عندما علم بفض اعتصام رابعة العدوية، وأن هناك حالة من الانفلات الأمنى حمل آربى جى كان يملكه وتوجه به إلى مدينة كرداسة، حيث وجد العشرات يتجمهرون أمام المبنى، وأطلق قذيفتى آر بى جى نحو المبنى، وسط تكبيرات من الجناة، ثم أشار لهم بيده لبدء عملية الاقتحام، والتى خلفت وراءها قتلى ومصابين وتدميرًا وتخريبًا، ثم استولى المتهم على بعض مسروقات المبنى، وهرب بها إلى المنطقة التى يقيم بها.
والتقطت له الكاميرات، صورًا وهو يحمل الآر بى جى أمام مبنى المركز قبل تنفيذ مخططه الإجرامى، وتم التوصل إلى هويته، وإصدار قرار بضبطه وإحضاره، حيث إنه من المتهمين الرئيسين باقتحام القسم.
المشهد الأكثر قسوة، للإرهابية سامية شنن التي قدمه مياه النار لنائب المأمور العقيد عامر عبد المقصود، حيث تعد سامية شنن، المتورطة فى أحداث اقتحام قسم شرطة كرداسة وقتل ضباطه، أحد أبرز الأمثلة على تورط قسم الأخوات فى تنفيذ العمليات الإرهابية، حيث تعد شنن المرأة الوحيدة المتهمة فى قضية مذبحة كرداسة، بعد أن أظهر مقطع فيديو وقت وقوع الحادث فى أغسطس عام 2013، تورطها فى الاشتراك مع بقية المتهمين فى قتل وذبح مأمور قسم شرطة كرداسة ونائبه وآخرين.
وأوضح الفيديو تورطها فى التمثيل بجثث الضباط بعد ذبحهم وخلع ملابسهم داخل القسم فى مشهد دموى إرهابى، ونجحت أجهزة الأمن فى القبض عليها فى سبتمبر من 2013، وفى فبراير 2015 أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بمعاقبتها بالإعدام شنقا مع ما يقرب من 182 آخرين، إلا أنها تمكنت من الإفلات من حكم الإعدام، بعد أن قبلت محكمة النقض الطعن المقدم وقضت بإعادة محاكمتها، ليتم تخفيف الحكم للمؤبد.
"هتعيشى وتموتى سجينة، أى نعم ولادك هايزوروكى، لكن عمرك ما هتكونى حرة طليقة، وإذا كنتى نفدتى من حكم الإعدام، حكم ربنا مستنيكى، لأن ربنا أقوى من الكل، كانت هذه الرسالة التى وجهتها زوجة الشهيد عامر عبد المقصود للإرهابية سامية شنن صاحبة واقعة كرداسة.
الإرهابيون حرقوا سيارات الشرطة ودور العبادة وقتلوا مواطنين أبرياء، وأحدثوا حالة من الفوضى بالمنطقة، وحاولوا عزل كرداسة عن بقية المدن، إلا أن الشرطة داهمتها لتطهيرها من الإرهابيين فقتلت رصاصة غدر اللواء نبيل فراج، وتم القبض على الإرهابين وتقديمهم للعدالة، وصدرت ضدهم أحكام بالإعدام على 7 متهمين فى إعادة محاكمتهم فى القضية، والسجن المشدد 10 سنوات ل5 متهمين وإلزامهم بالمصاريف وبراءة متهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.