· نواب «الوطني» يغمضون أعينهم عن الصفقة والمستثمر يعرض 15 مليون جنيه · الأوقاف أعلنت عن المزاد ووثائقها تؤكد عدم أحقيتها في الأرض · الأهالي يحملون أوراق الملكية في جيوبهم لإثبات حقوقهم هي تبيع كل شئ، ولم تعد حكومة أحمد نظيف قادرة علي التفرقة بين الملكية العامة، والملكية الخاصة جداً، والأخيرة التي شدد الدستور علي صونها وحمايتها تتعرض الآن للكثير من عمليات الخلط في أوراقها، إرضاء لبعض أصحاب النفوذ، الواضحون في الصلف منهم والغامضون الذين يديرون الأحداث علي هواهم من خلف الستار.. فأحدث وصية تتعرض لها الملكيات الخاصة هي الإعلان عن مزاد علني، علي إحدي المناطق الملاصقة للنيل في مدخل القاهرة الكبري، بما عليها من أراض ومنازل، وتشريد أهلها وتركها لمصير مجهول. فعلي أطراف حي المنيب بالجيزة تجري وقائع هذه الفضيحة، التي تورطت فيها الحكومة مع سبق الاصرار والترصد،بغرض اضافة هم جديد يضاف إلي الهموم التي ابتليت بها بلادنا، فالضحايا 400 أسرة يقيمون في عزبة «البكباشي» التابعة لزمام جزيرة الدهب، وهذه العزبة محاصرة بين طريق أسيوط ونهر النيل ويحدها من الناحية القبلية برج سكني 7 نجوم تباع فيه الشقة الواحدة ب10 ملايين جنيه ويحتوي البرج علي مهبط للطائرات الصغيرة ومرسي للنشات علي النيل بعد ردم أجزاء منه بالاضافة إلي فندق تحت التشطيب ومنتجع سياحي فاخر ويملك هذا المنتجع والبرج والفندق رجل الاعمال يسري التاجوري المصري من أصل ليبي، ومعه 14رجل أعمال ومستثمرًا من دول الخليج ومن الناحية البحرية لعزبة البكباشي توجد أراض أخري اشتراها رجل الأعمال أكمل قرطام ويقيم عليها مشروعا استثماريا بالاضافة إلي فيللا يملكها «العجيزي» الخليجي. العزبة التي تتوسطها فيللا فاروق حسني وأرض أخري لأمير كويتي.. فجأة أصبحت مطمعا للباحثين عن الاستثمار في النشاط الترفيهي والسياحي لأنها علي النيل مباشرة ولكن الاغراء لم يشمل بالطبع فيللا وزير الثقافة ولا الأرض فالعيون اتجهت لأصحاب البيوت الذين وجدوا أنفسهم مهددين بالتشرد وأن منازلهم وملكياتهم الخاصة منذ ما يزيد علي 150 سنة يجري عليها مزاد دون علمهم وأن هناك رجل أعمال اسمه طلعت حمودة عبدالعال دفع 15 مليون جنيه للشراء الذي لم يتم حتي الآن من قبل لجنة القسمة في وزارة الأوقاف الأمر الذي أدي إلي غضب الأهالي فور علمهم بماحدث وفي حينه تسربت المعلومات إلي وزارة الداخلية، وتفيد أن نية الأهالي تتجه إلي تصعيد أزمتهم بطرق الاحتجاج المختلفة وخشية استغلال الحدث في أعمال تخريبية توجه بعض القيادات الأمنية إلي عزبة البكباشي لتهدئة الأجواء عن طريق الحوار مع الأهالي الذين استجابوا ولجأوا إلي التصعيد عبر المعارك القانونية أمام القضاء. قصة الصراع علي هذه العزبة لم تكن جديدة وبدأت منذ 1977 في بداية عصر الانفتاح وظهور طبقة رجال الأعمال ففي هذا الوقت فوجئ الأهالي برعلان منشور في الصحف عن بيع بالمزاد العلني للعزبة. وفاء لدين قدرة 9 آلاف جنيه علي ورثة أحمد عبدالله البكباشي وتصدي وقتها كبار الأهالي من العزبة ولم يتم المزاد ولجأوا للقضاء الذي عاقب تأديباً بعض الموظفين، لخلطهم ما بين ممتلكات الأهالي الخاصة ومنازلهم، وممتلكات ورثة أحمد عبدالله البكباشي وأصدرت الأوقاف خطاباً رسمياً لشيخ البلدة ويفيد أن الأوقاف ليس لها أحقية في أراضي العزبة وأن منازل العزبة غير تابعة إلي الوزارة وغير مدرجة بسجلاتها. الخطاب المرسل من الأوقاف إلي الشيخ علي عبدالرحيم لم يكن وحده الذي ينفي تبعية العزبة للأوقاف فهناك خطابات أخري وردت في عام 1986 وعام 2004 من مديرية الضرائب العقارية لتحصيل العوائد بالاضافة إلي أن المرافق تم توصيلها منذ عام 1973 لبيوت العزبة مما يفيد أن الملكية مستقرة وهادئة وليس هناك ما يعكر صفو وضع اليد، إن لم تكن هناك عقود بالملكية. ولكن مرة أخري حدث مزاد في بداية العام الجاري وتم منعه إلا أن الأمر تكرر مرة أخري الأسبوع الماضي عندما فوجئ الأهالي أن هناك إعلاناً آخر بالمزاد العلني عن بيع العزبة الأمر الذي دفع جهات أمنية لإيقاف عمليات البيع، وبالاستفسار من وزارة الأوقاف تبين أن الإجراءات توقفت لنهاية العام ولم يدخل المزاد سوي شخص واحد تقدم للجنة القسمة برغبته في الشراء بمبلغ 15 مليون جنيه، والغريب في الأمر حسب وصف فاتن رضوان التي تواجدت مع الأهالي فور الأزمة أن لجنة القسمة تتبع وزارة الأوقاف، التي توجد وثائق ومستندات خرجت من سجلاتها تفيد عدم تبعية العزبة لها، وهو الأمر الذي طرح الكثيرمن علامات الاستفهام حول ما يجري في الخفاء من تدابير لتشريد الأهالي الذين يزيد عددهم علي 2500 فرد يقيمون منذ عشرات السنين ولم تخف فاتن رضوان استياءها من المحاولات التي تجري علي قدم وساق من بعض المستثمرين بمعاونة صغار الموظفين لتشريد أهالي العزبة لخدمة أصحاب المنتجعات السياحية. المثير أن ما يجري دفع الأهالي لحمل أوراقهم في جيوبهم لاخراجها لكل من يريد وأوضحوا أن التلاعب يتم الان بعد أن تغيرت ملامح المنطقة بتوسعة الشوارع، واقامة طريق القاهرةأسيوط واستقلال اسم الزمام «عزبة البكباشي» دون النظر إلي الملكيات المستقرة وشهادات ميلاد الآباء في المنطقة بالاضافة إلي عدم وجود أسانيد قانونية كما يقول صلاح الشيمي مدير عام بالشئون القانونية في وزارة التجارة والصناعة وأحد أهالي العزبة والذي يؤكد أن المتاعب التي تداهم الأهالي بدأت منذ زحف المستثمرين لانشاء منتجعات سياحية لايرغب أصحابها في أن يقطن بجوارهم بسطاء منازلهم لاتوحي بالثراء فبدأت الألاعيب والمفاجآت غير المطمئنة.. أما أكثر ما يثير الدهشة أن الإعلان تضمن 8 آلاف متر وهي مساحة العزبة كلها ماعدا فيللا فاروق حسني الذي اشتري من أحد الملاك عز الدين علي عبدالرحيم وهو ما يشير إلي أن الأمر تم تدبيره بليل فهل تتحرك الجهات المعنية لكشف الحقائق في هذه الفضيحة والكشف عن المتورطين فيها سواء داخل وزارة الأوقاف أو مسئولين آخرين وخاصة إذا ما علمنا أن قيادات الحزب الوطني ونوابه من هذه المنطقة لم يقتربوا من الأمر رغم علمهم وهو الأمر الذي يشير إلي أن ضغوطاً تتم في الخفاء لتمرير الصفقة وعلي من يحمل أوراقاً يحتفظ بها للذكري!!