اعجاب صلاح نصر مدير جهاز المخابرات الاسبق ب«جوزيف جوبلز» وزير دعاية النازى «أدولف هتلر» جعله يعد كتاب «الحرب النفسية» طبقاً لشهادة استاذ الطب النفسى الدكتور أحمد عكاشة. الحرب النفسية واستخدام الشائعات والنكت لاغراض سياسية مدرسة قديمة منذ ايام «جنكيز خان» القائد المغولى الذى أثار رسله الرعب وكانوا يبشرون بقدوم جيش المغول القوى الذى لا يقهر. طوال هذا الاسبوع ضربت مصر شائعات عديدة انطلقت كلها فى توقيت واحد وهو ما يثير الريبة، منها موت المخلوع مبارك وهروب الفريق شفيق خارج مصر والتحقيق مع خيرت الشاطر فى قضية المطابع الاميرية والقبض على عناصر كانت تعتزم تخزين اسلحة فى مزرعة قيادى اخوانى بالمنوفية وحشد اسرائيل لقواتها على الحدود مع مصر، المدهش أن اللواء حسن الروينى عضو المجلس العسكرى اعترف قبل ذلك بأنه كان يطلق شائعات بميدان التحرير اثناء الثورة لتهدئة الميدان أو اشعاله حسب كلامه، فما الهدف من الشائعات المسربة طوال هذا الاسبوع، ومن يقف وراءها، ولماذا فى هذا التوقيت الملتهب الذى تمر به مصر؟. الدكتور صفوت العالم استاذ الاعلام السياسى بجامعة القاهرة يؤكد أن المجتمع المصرى يشهد تحولاً سياسىاً وانتخابات رئاسية وتنافساً بين اتجاهات سياسية اسلامية ومدنية وصدور احكام قضائية عليها الكثير من اللغط مما يخلق رواجاً للشائعات، حيث إن هذا المناخ يتسم بالغموض فى مجتمع غير مستقر ومضطرب سياسياً، لذلك تزيد شائعات الخوف والفزع من تولى تيار معين مثلاً بما يمثل خطورة على فئات معينة مثل نمط الحياة والحرية والممارسات الحياتية، وهناك نوعان من الشائعات، الأولى هى اثارة المخاوف والثانية هى الوعود والأمانى مثل أن تأمل بعض الفئات فى مكاسب حال حصول فصيل معين على امتيازات، فبدلاً من السجن قد يصبحون حكاماً، وتساءل العالم: كيف لفصيل أن يقدم 400 طعن على نتيجة الانتخابات فهو يعرف استحالة أن تفحص كل هذه الطعون فى فترة زمنية قصيرة من قبل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، وايضاً هناك فصيل آخر اطلق تأكيدات ونتائج قبل صدور قرار اللجنة، فالكل يحاول أن يدعم موقفه، وحذر العالم من استخدام بعض منابر الاعلام فى اطلاق الشائعات، حيث إن بعض وسائل الاعلام تعانى الازدواجية والشطط والفهم الخاطيء للحرية، فالبعض منغمس فى الدعاية لفصيل ولا يصح أن يعمل بعض الاعلاميين فى حملات مرشحين للانتخابات لأن الاعلام فى هذه الحالة قد يصبح أداة تدميرية أو فى صالح أى من المرشحين ولابد من الالتزام بالحيادية التامة فى تناول مثل هذه الموضوعات. وفى الكتاب الهام «صناعة الآلهة» دراسة فى اساليب الدعاية للقادة السياسيين للزميل محمد فتحى يونس، جاء فى فصل الشائعات والنكت أن الشائعة تتميز بعدة خصائص منها الوضع الذى تبدو فيه الشائعة فهو غالباً وضع ازمة تفقد فيه الجماعة امنها وتجانسها فقداناً مؤقتاً لفضيحة أو كارثة أو حرب وانتقال الشائعة غالباً ما يتم فورياً من شخص لآخر مرئيين من بعضهما ومشتركين فى وضع واحد بالتساوي، وأن محتوى الشائعة تطرأ عليه تشوهات خلال انتقالها وهو يعبر عن مضمون رغبة السكان، كما أنه يقيم علاقة مباشرة مع الحوادث الراهنة، كما أن الشائعة تكون سلبية غالباً فتعلن على الاغلب خيانات وشبهات وكوارث وفضائح وهزائم وتعزيز الصفات السلبية، ويصنف الكتاب انواع الشائعات إلى الشائعة الحابية وهى التى تنمو بصورة بطيئة وبطريقة غير علنية، والشائعة الفائقة وهى التى تروح وتخبو حتى يأتى الوقت المناسب لتطفو من جديد، وشائعة الأمانى والأحلام، وشائعة الكراهية، وشائعة الخوف، وفى اثناء الحرب العالمية الأولى سرت شائعة عن غدر جنود بلجيكا وتجردهم من الانسانية فى معاملة الاسرى وهناك شائعات جنسية وتدور حول الاشخاص وهى مؤثرة وقوية ويصعب الافلات منها، ويتطرق الكتاب إلى استخدام الشائعة فى الدعاية السياسية والتى تقوم بدور هام فى الدعاية السياسية خاصة اثناء الحملات الانتخابية للمرشحين والاحزاب السياسية وفى الفترات التى تسبق اجراء الانتخابات مباشرة، واستخدم نيرون الشائعة فى حرق روما عام 64 ميلادياً بأن اطلق شائعة بأن المسيحيين المكروهين فى هذا التوقيت هم من احرقوا روما ولذلك طارد الغوغاء المسيحيين وقتلوهم وكذلك كان »جنكيز خان» يرسل الرسل للبلاد التى ينوى فتحها حتي تهول من جيش المغول وتطلق الشائعات حول قوة المغول و وحشيتهم، أما عن النكتة فى الدعاية السياسية فقد استخدمت كسلاح دعائى ناجح اثناء العدوان الثلاثى على مصر واستخدمها الجهاز الدعائى المصرى بشكل بارع ضد أيدن رئيس وزراء بريطانيا وبن جوريون رئيس. نشر بالعدد 602 بتاريخ 25/6/2012