وزير العمل: غرامة تصل إلى 200 ألف جنيه للأجنبي الذي يعمل بدون تصريح بدءا من سبتمبر    خالد الجندي: أعدت شقة إيجار قديم ب3 جنيهات ونصف لصاحبها تطبيقا للقرآن الكريم    وزير العمل: سأعاقب صاحب العمل الذي لا يبرم عقدا مع العامل بتحويل العقد إلى دائم    طيران الاحتلال يشن سلسلة غارات وسط مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة    زيلينسكي ل الأوكرانيين: يجب تحديد مسار السلام في أوكرانيا معًا    مصادر طبية بغزة: استشهاد أكثر من 50 فلسطينيًا 40 منهم من منتظري المساعدات    عبد المنعم سعيد: إسرائيل خدعت العالم بعدم امتلاكها قنبلة نووية.. وتطبق الكتاب النازي في غزة    "هدف وحصد جائزة".. ماذا قدم ياسين مرعي في مباراته الرسمية الأولى مع الأهلي؟    حكيمي: أستحق حصد الكرة الذهبية.. وتحقيق الإحصائيات كمدافع أصعب كثيرا    مؤتمر ريبيرو: التعادل أفضل من الخسارة رغم أنه ليس طموحنا.. وهذه رسالتي للإعلام    «مش عايز تتعودوا على كدة».. تفاصيل غضب ريبيرو المفاجئ في المؤتمر الصحفي    مترو الأنفاق: عودة تشغيل محطة شبرا الخيمة وانتظام حركة القطارات بالخط الثاني للمترو    "الحبل التف حول رقبته".. مصرع طفل أثناء لهوه داخل منزله في بني سويف    القبض على بلوجر في دمياط بتهمة التعدي على قيم المجتمع    وسط حضور جماهيري كامل العدد.. حمزة نمرة يتألق في مهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية    أشرف زكي خلال لقاءه بشعبة الإخراج: المهنة فقدت هيبتها.. كنا نقف احترامًا لجلال الشرقاوي    مراد مكرم: تربيت على أن مناداة المرأة باسمها في مكان عام عيب.. والهجوم عليَ كان مقصودا    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    الصحة: إجراء 1350 تدخلا قلبيا دقيقا مجانا بمستشفى الشيخ زايد التخصصي في 6 أشهر    ياسين مرعي رجل مباراة الأهلي ومودرن سبورت    ريبييرو: أداء الأهلي تحسن في الشوط الثاني أمام مودرن.. وهدفنا التركيز بالمباريات القادمة    محافظ الإسماعيلية يشيد بمشاركة الشباب والمتطوعين بمهرجان المانجو    ترامب يعين «تامي بروس» نائبة لممثل أمريكا في الأمم المتحدة    محافظ كفر الشيخ يؤدي واجب العزاء في والدة حرم مدير أمن البحيرة    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    بلاغ للنائب العام ضد البلوجر «مانجو» بتهمة نشر محتوى غير أخلاقي    بسبب خلافات الجيرة.. مصرع سائق بطلق ناري في مشاجرة بالقليوبية    ارتفاع وفيات «الكوليرا» في السودان إلى 225 حالة    محافظ الإسماعيلية: نصدر 81 ألف طن مانجو و مُصنعات    هل هناك مد لتسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية؟.. مكتب التنسيق يجيب    سهام فودة تكتب: أسواق النميمة الرقمية.. فراغ يحرق الأرواح    محمود سعد يطمئن مجددًا محبي أنغام على صحتها.. «بخير وبتتعافى»    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    رئيس مياه الغربية: استمرار تنفيذ مشروعات المياه بكفر الزيات وبسيون بلا توقف    هل يفاجئه ترامب بلقاء بوتين؟، البيت الأبيض يدرس دعوة زيلينسكي إلى ألاسكا    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    السيطرة على حريق التهم محلات قرب محطة مترو شبرا الخيمة -صور    منها محل كشري شهير.. تفاصيل حريق بمحيط المؤسسة فى شبرا الخيمة -صور    حدث بالفن | سبب نقل أنغام لغرفة عزل وبيان من هدى الإتربي عن نادي الزمالك    نرمين الفقي بفستان أنيق وكارولين عزمي على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    تكريم 12 شخصية.. تفاصيل الدورة 33 من مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    يسري جبر: "الباء" ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    ما حكم قراءة القرآن والتسبيح دون حجاب؟.. أمين الفتوي يجيب    مفيش مشروب اسمه الخمر.. أحمد كريمة: يعلق على فتوى الحشيش    بعد تعادل الأهلي.. جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز موسم 2026/2025    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    الكليات المتاحة وفق مؤشرات التنسيق ل دبلوم صنايع 3 سنوات 2025    اليوم، موقع تنسيق الجامعات يختتم تسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية    آخر تحديث لأسعار السيارات في مصر 2025.. تخفيضات حتى 350 ألف جنيه    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    الدكتور محمد ضياء زين العابدين يكتب: معرض «أخبار اليوم للتعليم العالي».. منصة حيوية تربط الطلاب بالجماعات الرائدة    فضل صلاة قيام الليل.. تعرف عليه    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي    محافظ الإسماعيلية يستقبل سفير الهند ويتفقدان مصنعا بالمنطقة الحرة الاستثمارية    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بالشكاوى المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة    24 أغسطس.. فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات الربيع العربى والمستقبل الغامض
نشر في صوت الأمة يوم 05 - 10 - 2012

عد العذاب والضنا.. ولو كان بإيدى يا مولانا كنت أفضل جنبك.. وأجيب لصوتى ألف صوت وانتخبك، نجح الدكتور محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة، بعد أن ظل أنصار كل مرشح، يحلفون على المصحف أن مرشحهم هو الذى ركب حمارة الوطن بالصلاة على النبى، والمرشح التانى.. ركب الهوا والمراجيح، فى سابقة لم تحدث فى أى دولة فى العالم، ويبدو أنه كان هناك اتفاق وكلام رجالة إن اللى ربنا يقدره ويصحى بدرى يطلع على القصر الجمهورى، ثم اكتشفوا أن الدكتور مرسى بيصحى بدرى بالطبع عشان يصلى الفجر، فقالك خلاص.. واحد يستلم وردية الصبح، ويحاسب قبل ما يمشى.. والتانى يستلم وردية بعد الضهر، ويروح يبات فى بيتهم بعد ما يسلم الأطباق والسكاكين والكوبايات بالعدد، بعد الشقا والبهدلة وسؤال اللئيم وصوتك يا حرامى بعشر حسنات، نجح الدكتور محمد مرسى، ليس لأنه الزعيم والقائد الملهم لثورة 25 يناير، أو لأن الشعب الغلبان اللى كان بياخد على قفاه، طوال تلاتين سنة، خرج إلى الشوارع يغنى.. يا مرسى يا غرامى.. يا دمعى وابتسامى.. مهما زادت آلامى.. قلبى يحبك يا مرسى، ولكن.. لأن المرشح المنافس، كان رئيس وزراء موقعة الجمل، ورفع شعار.. أبعت بونبونى للثوار.. وميه جمل وحمار.. وعلى القرافة هانكمل المشوار.
بعد فتاوى المشايخ بتوع مرسى لازم ياخد الكرسى لأنه المهدى المنتظر، نجح الدكتور مرسى وبقدرة قادر.. نجح معه مولانا الحاج محمد بديع المرشد العام صاحب فلسفة الصحفيين ولاد أبالسة، ولا تشترى الصحفى إلا والعصا معه.. ان الصحفيين لأنجاس مناكيد، لأنهم يلبدون للمشايخ فى الدرة، عشان يخطفوا العمة من فوق دماغهم، مولانا الحاج صفوت حجازى صاحب مدرسة الولايات الإسلامية المتحدة، وعاصمتها القدس، وبلادها القاهرة اللى مليانة زبالة وتقرف الكلب، ولما العيال تحب تطلع مظاهرة ياخدوا البيچو لحد حائط المبكى، يعيطوا، ويرزعوا بعض القفا، ويرجعوا بالسلامة، ونجح أيضا الحاج خيرت الشاطر الذى يؤمن بأنه كان أولى من الاستبن.. بس النصيب بقى لذلك فهو يتصرف على أساس إنه الرئيس الفعلى، وقائم مقام ميليشيات المشايخ العسكرية، ونجح معهم مكتب الارشاد ومشايخ الحرية والعدالة، وخدوا الجمل بما حمل، ووقف الشعب المصرى يصرخ على طريقة عم أيوب.. كلكوا علىّ ولا إيه؟! فيرد عليهم المشايخ.. تحالا لحمو يا حبيبى.. والله حى.. مرسى جاى.
نجح الدكتور مرسى بخمسة وعشرين بالمائة من مجموع أصوات الناخبين يعنى يا دوب اللى انتخبوه المشايخ، وجماعة 6 ذى القعدة 6 أبريل سابقا وجماعة العمم والدقون..أطعم من الفلول بالخل والليمون، يعنى سيادته لا يمتلك تفويضا من عموم المصريين، ليحول حياتنا هو ومشايخه الى مارشات عسكرية وقرآن، وفى الاستراحة يذيعون أسماء المطلوبين لإقامة الحد عليهم، والجلوس على الخازوق، وتحديد مواعيد رضاعة الكبار، وكيفية مضاجعة الوداع، والطرق السليمة والآمنة.. عشان تبوس المزة بعيدا عن الأكمنة، بدل ما يقفشك المخبرين بلبوص، فإذا كان الدكتور محمد مرسى الذى يمثل الحمائم فى جماعة المشايخ، يبدو رجلا بسيطا طيبا، على استعداد لقبول الآخر، فإن بقية المشايخ والذين يمثلون الصقور سوف يواصلون رحلة الاستيلاء على الوطن دفعة واحدة، وسحبه إلى شعاب قريش ونركب الحمير والبغال، لأن العلم والتكنولوجيا حرام، وبدعة.. وكل بدعة ضلالة..وكل ضلالة فى النار، وسوف يحاولون فرض سطوتهم على الراجل الطيب، حتى يجد نفسه أخيراً خليفة للمسلمين الذين يرعون المعيز، ويأكلون الثريد ويضاجعون الموتى ويقفون بالدور أمام المصالح الحكومية من صباحية ربنا، عشان يلحقوا يرضعوا وثورة ثورة حتى أول خرابة.
وقعت ثورات الربيع العربى فى تونس أولاً، رحم الله تعالى البوعزيزى الذى أشعل موته تلك الثورة العظيمة. كم من الوزراء والمسئولين فى تونس يتذكرونه اليوم، ويدعون له بالرحمة والمغفرة إثر الصلوات، أو يزورون قبره ترحماً عليه. وقد حرك موته الشعب التونسي، فخرج ثائراً حتى هرب ابن على وزوجته كل إلى جهة مختلفة، فراراً بحياتهما، حاملين معهم كل ما خف حمله وغلا ثمنه، مما استطاعا حمله، حتى يفقرا الشعب أكثر وهما خارج السلطة.
ثم كانت مصر فى إثر تونس، وكانت ثورة مصر حضارية سلمية كأختها فى تونس، رسمت صورة الشعب الصابر الذى عانى طويلاً، وخصوصاً على مدى الثلاثين سنة الأخيرة فى عهد المخلوع مبارك، الذى يرقد اليوم على سرير المرض أو سرير التمارض، يقضى حكماً بالسجن المؤبد فى قضية قتل المتظاهرين، وتنتظره قضايا أخرى تتهمه بالخيانة العظمى. يرقد الرئيس البائد وهو يرى رجلاً ممن اعتبرهم ألد أعدائه، يراه، فى السلطة وكرسى الرئاسة، طالما سجنهم أى الإخوان المسلمين وبعض أهل الرأى الآخرين، وطالما قيد حرياتهم لأنهم قالوا قولة حق يوماً ما، ونبهوه إلى الفساد المحيط به فلم يستجب لهم، وكانت كلماته للمعارضة كلها بعد انتخابات الرئاسة المزورة فى2010 وتحت ظل الحزب الوطنى «خليهم يتسلوا».
ثم كانت الثورة الليبية التى لاتزال تعانى حتى بعد ذهاب القذافى صاحب التاريخ الطويل فى اذلال الشعب الليبى الصابر، وامعاناً فى اذلالهم كان القذافى يسميهم بالجرذان. هذه هى صورة من حكموا شعوبهم بالحديد والنار، وهذه هى نهايتهم المأساوية، تصلح كل منها لتكون عدة أعمال درامية وليس دراما واحدة، وهذا التحدى ينتظر أهل الفن عموماً.
وهناك ثورة اليمن التى لاتزال تعانى حتى بعد ذهاب على عبدالله صالح، والثورة السورية التى لا تزال فى المخاض العسير، وتتناهشها الأطراف المختلفة، وتتجاذب بعض قادتها الأهواء وخصوصاً من الخارج، بعد فشل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى فى إيجاد حل لهذه المشكلة الكبيرة. وأحياناً يكون العجز العربى والإسلامى للأسف الشديد هو بوابة دخول العالم الغربى أو الناتو بقيادة أمريكا إلى داخل بلادنا لتدميرها أو التحكم كاملاً فى مستقبلها. تشهد بذلك أفغانستان التى ما كان أحد من المجاهدين يظن أن كرازى هو من سيحكم أفغانستان بعد الجهاد العظيم والتحرير المكلف. والعراق مثال آخر واضح على ذلك، حيث جاء بعض الاسلاميين للأسف الشديد من الخارج على دبابة الأمريكان مع بريمر، وحالة الأمن المتدهورة فى العراق لا تخفى على أحد حتى اليوم.
الثورات لم تكتمل وإن كانت قد دفعت بحزب النهضة فى تونس إلى سدة الحكم، وبالإخوان المسلمين فى مصر إلى كرسى الرئاسة بعد قرار إبطال البرلمان الذى تمتع فيه حزب الحرية والعدالة ذو الأغلبية الإخوانية وحزب النور السلفى تمتعوا فيه بالأغلبية الكاسحة التى لم تدم طويلاً.
التحديات التى تواجه الحركات الإسلامية فى الحكم كثيرة، رغم أمانة الإسلاميين واستقامتهم على الطريق الاسلامى الوسطى وتضحياتهم الغالية لشعوبهم، ولكن الاستقامة والأمانة والتضحيات، هذا كله قد يساعد أكثر الحركات الإسلامية فى الدخول إلى الجنة بإذن الله تعالى، ولكنه لا يمكن أن يقهر كل التحديات التى ورثتها شعوبنا وبلادنا من ظلم وفساد وقهر وتبعية لعقود طويلة، إلا بشروط تكاد تكون تعجيزية بعد الفساد والظلم الطويل ولكنها غير مستحيلة فى حق العاملين للنهضة بحق.
خذ على سبيل المثال التحدى الاقتصادى فى مصر، وطبعاً فى كل بلاد ثورات الربيع العربى حتى النفطية منها مثل ليبيا. هناك جبل من التحديات الاقتصادية يأتى فى قمته المديونيات التى تستجلب ضغوطاً وتدخلاً من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، فى صورة الناصح الأمين، وهما من أدوات الهيمنة الغربية على بلادنا. وهناك الفساد المستشري، وارتفاع معدلات البطالة، والعجز فى الموازنة الذى ارتفع فى العام الحالى 2012 إلى ما يقرب من مائة وخمسين مليار جنيه مصري، أضف إلى ذلك زيادة التضخم وتدهور قيمة العملة، وتدنى معدلات الاستثمار، والخوف من الاستثمار الخارجى فى بيئة غير مستقرة. وهناك مشاكل اقتصادية حالة، تتمثل فى الفرق الهائل بين معدلات الأجور والتضخم.
هناك بالطبع وسائل عديدة لمواجهة التحديات، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: دعم التنمية الاقتصادية ومكافحة الفساد، حتى تتحقق العدالة الاجتماعية، وهو مطلب ثورى فضلاً عن العيش والحريات والكرامة الإنسانية. ومن اهم تلك الوسائل تشجيع الانتاج والتصدير والحد من الاستهلاك وتخفيض معدلات البطالة والتضخم المرتفعة، وتعزيز عمل وأداء كل القطاعات بما فيها طبعاً القطاع الخاص، وتشجيع الاستثمارات والسعى لاستقرار السوق، والسعى لخفض العجز فى الموازنة. ولكن ذلك كله يتطلب إلى جانب الكفاءة والمهنية، الشفافية فى الادارة والتصالح مع الشعب والقوى الوطنية والثورية، التى وقفت وراء مرسى موقفاً مشرفاً حتى لا يعود النظام القديم، بعيداً عما يسميه المجتمع الصفقات التى تتم وراء الأبواب المغلقة ولا يعرف عنها الشعب كثيراً، وبعيداً عن الثقة وحدها التى قد تفيد فى حالات شخصية، ولكنها لا تفيد فى مواجهة تلك التحديات الكبيرة والخطيرة.
وأرى أن من أهم تلك التحديات الحاكمة، التفاهم أو سبيل التعاون مع مؤسسات التمويل العالمية، التى غالباً ما تطلب تنفيذ اصلاحات هيكلية وتصر عليها وكأنها قدر محتوم، وذلك فى مقابل توفير ما يسمى بالدعم المالي، وانقاذ الاقتصاد. ولا ينبغى أن يصدق عاقل مثل هذه الأقوال، لأن تلك المؤسسات ليست هيئات خيرية ولا صناديق إغاثة، ولكنها أدوات من أدوات وأساليب الهيمنة العالمية، وللأسف كثير مناً يدرك بعد فوات الأوان.
لا تنسينا الفرحة بمجئ د.مرسى إلى كرسى الرئاسة، وإبعاد شبح النظام البائد، ضرورة استمرار الثورة حتى تتحقق الأهداف الكلية للثورة، ونحمد الله تعالى أن النظام القديم الذى نافس بشدة فى الانتخابات الرئاسية لم ينجح، ولكنه أثبت وجوده، ومحاولاته قوية للعودة إلى النظام البائد وإجهاض الثورة.
بعض تصريحات الإخوان تؤكد اليوم على ضرورة استمرار الثورة بل والاعتصام فى ميادين التحرير(أنظر تصريحات د.غزلان فى الحرية والعدالة يوم27/5/2012) وهذا ما طالبنا به من قبل وغضب بعضهم آنئذ. لقد كان انفصال الإخوان عن الميدان وعن الثورة ولو مؤقتاً، كارثة كبيرة نجانا الله تعالى منها بالتحام الإخوان مرة أخرى بعد زيادة التحديات وابطال البرلمان وقانون العزل السياسى إلى الشعب والقوى الثورية التى تحبهم، ووقفت وراءهم فى الانتخابات الرئاسية خصوصاً. تتمنى تلك القوى أن ينجح د.مرسى فى الوفاء بالتعهدات التى قطعها على نفسه وخصوصاً التحديات الخمس الأولى التى قال إنه سيقضى عليها فى المائة يوم الأولى، وقال مرة أخرى فى أسرع وقت ممكن. وهى إعادة الأمن والاستقرار، وضبط المرور، وتوفير الوقود، وتحسين رغيف العيش، وحل مشكلة القمامة. وهناك تعهدات أخرى تعهد بها د.مرسى قبل الفوز فى الانتخابات منها: تشكيل حكومة إئتلافية واشراك الشباب والمرأة والأقباط فى مؤسسة الرئاسة، وزيادة معاش الضمان الاجتماعى وتخفيف عبء الضرائب، وزيادة الرقعة الزراعية، وزيادة الانفاق على الصحة، وتوفير المزيد من فرص العمل، وتحسين التعليم وأحوال المعلمين، وعدم المساس بحرية الإعلام حتى لا يقصف قلم، ولا يمنع رأى، أو تغلق قناة، أو صحيفة فى عهد الرئيس مرسى.
وبالأمس القريب ألغى القضاء الادارى قرار الضبطية القضائية، التى منحها وزير العدل بقرار منه إلى ضباط وصف ضباط الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية قبل يوم واحد من إبطال البرلمان وإبطال قانون العزل السياسي، وقبل إصدار الاعلان الدستورى المكمل الذى يعطى صلاحيات واسعة للمجلس العسكرى ويترك الرئيس المنتخب من الشعب بصلاحيات غير كاملة. تحتاج مصر إلى توازن أكبر فى السلطات حتى لا تكون القوات المسلحة دولة داخل الدولة، ويستمر الحب الوثيق بين كل فئات وطوائف الشعب وفق الشعار العظيم: الشعب والجيش إيد واحدة ، ولكن لا ينبغى أن تكون هذه اليد ضاغطة أو أن تستأثر بالصلاحيات دون الأخرى. رفض الرئيس مرسى تعليق صوره فى المصالح الحكومية ورفض التهنئة المكلفة بالنشر فى الصحف كما كان أيام مبارك.
ولكن رسالة الطمأنة زادت عن حدها كما يقول المراقبون، عندما إلتقى الرئيس مرسى يوم الثلاثاء26/6/2011 وزير الداخلية وجميع أعضاء المجلس الأعلى للشرطة وطمأنهم بأنه لم يأت لتصفية الحسابات ورفض ما يسمى تطهير الوزارة، لأن جهاز الشرطة جهاز وطنى يجب الحفاظ عليه باعتباره أحد أركان الدولة المدنية الحديثة، ونسى د.مرسى أن هذا الجهاز الوطنى شأنه شأن كثير من اجهزة الدولة بما فيها القضاء تحتاج إلى تطهير وإزاحة الفاسدين وخصوصاً من شاركوا فى معارضة الثورة وقتل المتظاهرين فى موقعة الجمل و ماسبيرو وميدان التحرير وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها من الأماكن، وتطهير من هرّبوا الأمريكان وإلا إرتكبوا مزيداً من الفساد فى حق الدولة العظيمة.
أخيراً يسرنى أن أقتبس بعض نصائح د.عمار على حسن إلى د.مرسى حيث وجه إليه رسالة عبر المصرى اليوم بتاريخ26/6/2012 جاء فيها:
«السيد الرئيس أعلم أن الشعب هو الذى منحك ما أتاك، فافعل مالا يجعله يأخذ ما أعطى، ثم يزجرك وينهرك ويلحقك بمن سبقك، وإن خطفك زهو أو غرور فتذكر جيداً ما جرى لمن جلست مكانه وأعقبت زمانه، وكن اجيراً أو خادماً كما وعدت، فآخر القياصرة يلعق جراحه فى قفص على بعد خطوات من مخدعك ومقعدك».
ويقول د.عمار كذلك بلسانه ولسان عدد كبير من الوطنيين والثوريين:
«أنت طلبت فى خطابك الأول أن نعينك إن أحسنت ونقومك إن أسأت، وبالنسبة لى فإن إعانتك فى كل الأحوال هى نقدك، ليس بتعقب ما تفعله بحثاً عن كل زلل وخلل، وليس حباً فى المعارضة أو وقوعا فى فخها وهواها، وإنما هى الرغبة المتجددة دوماً فى طرح ما أعتقد أنه الأفضل دوماً لبلادي، بكل تجرد ونزاهة، فهى الأولى دوماً بأن نراعيها، تعاقب عليها الكثيرون من أمثالك فذهبوا وبقيت هى تاج العلاء فى مفرق الشرق، فساعد أهلها على أن تظل رؤوسهم مرفوعة، والله معنا جميعاً ومعك».
وتعليقى فقط على نصيحة د.عمار وهى جميلة جداً وواقعية، أن الذين تعاقبوا على مصر ليسوا من أمثال د.مرسي، ونطمح أن من يأتى بعد د.مرسى يكون أفضل منه لمصر وللعروبة والاسلام والانسانية.
والله الموفق
نشر بالعدد 603 بتاريخ 2/7/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.