تفاصيل عملية التصويت في 55 دائرة بإعادة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    ببلاغات من العمال| الكشف عن تلاعب صاحب مصنع في أوزان أنابيب البوتاجاز    أسعار اللحوم في أسوان اليوم 17 ديسمبر 2025    أسعار السمك في أسوان اليوم 17 ديسمبر 2025    تعرف علي سعر صرف الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025    هزة أرضية بقوة 5 درجات تضرب ألاسكا والسلطات الأمريكية تتابع الوضع    هل نفذت إسرائيل استحقاقات المرحلة الأولى كي تبدأ " الثانية"؟    موعد مباراة الأهلي وسيراميكا في كأس عاصمة مصر    رحلة استعادة عرش أفريقيا.. منتخب مصر يطير اليوم إلى أغادير بطائرة خاصة    ملثمون يلقون «مية نار» على 3 طلاب بجامعة بنها    طقس اليوم: معتدل الحرارة نهارا بارد ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 20    مصرع شخص بطلق ناري في إدفو    مواعيد قطارات المتجهة من أسوان إلى القاهرة اليوم 17 ديسمبر 2025    صدمة.. ضحايا غرق مركب الهجرة المصريين "أطفال".. نجا منهم 2 من أصل 27    طرح الحلقة الأولى من الموسم الثاني لمسلسل Fallout    القضاء الفرنسي يطالب بغرامة تاريخية على لافارج بتهمة تمويل الإرهاب بسوريا    واشنطن: لن نسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية    صحة أسيوط تنفذ 40 ألف زيارة وسحب 21 ألف عينة مياه لتوفير بيئة آمنة    اليوم انطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب في 13 محافظة    البريد المصري يستضيف ورشة عمل "نظم وأدوات تكنولوجيا المعلومات"    واشنطن تهدد الاتحاد الأوروبي بالرد على قيود الشركات الأمريكية    في غياب مرموش، مانشستر سيتي يواجه برينتفورد في ربع نهائي كأس الرابطة الليلة    محمد رمضان: أمتلك أدلة تثبت أحقيتي بلقب «نمبر وان»    محمد علي السيد يكتب: عن العشاق.. سألوني؟!    حسن مصطفى: منتخب مصر قادر على التتويج ببطولة أمم إفريقيا    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بحلوان    حبس المتهمين باستغلال نادى صحى لممارسة الرذيلة بالقاهرة    إنطلاق المهرجان الشبابي الرياضي للتوعية بالأنشطة المالية غير المصرفية    سيد محمود ل«الشروق»: رواية «عسل السنيورة» تدافع عن الحداثة وتضيء مناطق معتمة في تاريخنا    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    إعلان أسماء الفائزين بجائزة مسابقة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي لعام 2025    رئيس محكمة النقض يترأس لجنة المناقشة والحكم على رسالة دكتوراه بحقوق المنصورة    حملة تشويه الإخوان وربطها بغزة .. ناشطون يكشفون تسريبا للباز :"قولوا إنهم أخدوا مساعدات غزة"    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    أحمد مراد عن فيلم «الست»: إحنا بنعمل أنسنة لأم كلثوم وده إحنا مطالبين بيه    نصائح تساعدك في التخلص من التوتر وتحسن المزاج    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    انفجارات في كييف وإعلان حالة إنذار جوي    «كان مجرد حادث» لجعفر بناهي في القائمة المختصرة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    عمر كمال وأحمد بيكام يشاركان أحمد عبد القادر حفل زفافه بالدقهلية.. صور    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الحكومة هدفها خفض الدين العام والخارجى    ترامب يعلن أنه سيوجه خطابا هاما للشعب الأمريكي مساء غد الأربعاء    جزار يقتل عامل طعنا بسلاح أبيض لخلافات بينهما فى بولاق الدكرور    مسؤول إيرانى سابق من داخل السجن: بإمكان الشعب إنهاء الدولة الدينية في إيران    ضياء رشوان: ترامب غاضب من نتنياهو ويصفه ب المنبوذ    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    "الصحة": بروتوكول جديد يضمن استدامة تمويل مبادرة القضاء على قوائم الانتظار لمدة 3 سنوات    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    مجلس النواب 2025.. محافظ كفر الشيخ يتابع جاهزية اللجان الانتخابية    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات الربيع العربى والمستقبل الغامض
نشر في صوت الأمة يوم 05 - 10 - 2012

عد العذاب والضنا.. ولو كان بإيدى يا مولانا كنت أفضل جنبك.. وأجيب لصوتى ألف صوت وانتخبك، نجح الدكتور محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة، بعد أن ظل أنصار كل مرشح، يحلفون على المصحف أن مرشحهم هو الذى ركب حمارة الوطن بالصلاة على النبى، والمرشح التانى.. ركب الهوا والمراجيح، فى سابقة لم تحدث فى أى دولة فى العالم، ويبدو أنه كان هناك اتفاق وكلام رجالة إن اللى ربنا يقدره ويصحى بدرى يطلع على القصر الجمهورى، ثم اكتشفوا أن الدكتور مرسى بيصحى بدرى بالطبع عشان يصلى الفجر، فقالك خلاص.. واحد يستلم وردية الصبح، ويحاسب قبل ما يمشى.. والتانى يستلم وردية بعد الضهر، ويروح يبات فى بيتهم بعد ما يسلم الأطباق والسكاكين والكوبايات بالعدد، بعد الشقا والبهدلة وسؤال اللئيم وصوتك يا حرامى بعشر حسنات، نجح الدكتور محمد مرسى، ليس لأنه الزعيم والقائد الملهم لثورة 25 يناير، أو لأن الشعب الغلبان اللى كان بياخد على قفاه، طوال تلاتين سنة، خرج إلى الشوارع يغنى.. يا مرسى يا غرامى.. يا دمعى وابتسامى.. مهما زادت آلامى.. قلبى يحبك يا مرسى، ولكن.. لأن المرشح المنافس، كان رئيس وزراء موقعة الجمل، ورفع شعار.. أبعت بونبونى للثوار.. وميه جمل وحمار.. وعلى القرافة هانكمل المشوار.
بعد فتاوى المشايخ بتوع مرسى لازم ياخد الكرسى لأنه المهدى المنتظر، نجح الدكتور مرسى وبقدرة قادر.. نجح معه مولانا الحاج محمد بديع المرشد العام صاحب فلسفة الصحفيين ولاد أبالسة، ولا تشترى الصحفى إلا والعصا معه.. ان الصحفيين لأنجاس مناكيد، لأنهم يلبدون للمشايخ فى الدرة، عشان يخطفوا العمة من فوق دماغهم، مولانا الحاج صفوت حجازى صاحب مدرسة الولايات الإسلامية المتحدة، وعاصمتها القدس، وبلادها القاهرة اللى مليانة زبالة وتقرف الكلب، ولما العيال تحب تطلع مظاهرة ياخدوا البيچو لحد حائط المبكى، يعيطوا، ويرزعوا بعض القفا، ويرجعوا بالسلامة، ونجح أيضا الحاج خيرت الشاطر الذى يؤمن بأنه كان أولى من الاستبن.. بس النصيب بقى لذلك فهو يتصرف على أساس إنه الرئيس الفعلى، وقائم مقام ميليشيات المشايخ العسكرية، ونجح معهم مكتب الارشاد ومشايخ الحرية والعدالة، وخدوا الجمل بما حمل، ووقف الشعب المصرى يصرخ على طريقة عم أيوب.. كلكوا علىّ ولا إيه؟! فيرد عليهم المشايخ.. تحالا لحمو يا حبيبى.. والله حى.. مرسى جاى.
نجح الدكتور مرسى بخمسة وعشرين بالمائة من مجموع أصوات الناخبين يعنى يا دوب اللى انتخبوه المشايخ، وجماعة 6 ذى القعدة 6 أبريل سابقا وجماعة العمم والدقون..أطعم من الفلول بالخل والليمون، يعنى سيادته لا يمتلك تفويضا من عموم المصريين، ليحول حياتنا هو ومشايخه الى مارشات عسكرية وقرآن، وفى الاستراحة يذيعون أسماء المطلوبين لإقامة الحد عليهم، والجلوس على الخازوق، وتحديد مواعيد رضاعة الكبار، وكيفية مضاجعة الوداع، والطرق السليمة والآمنة.. عشان تبوس المزة بعيدا عن الأكمنة، بدل ما يقفشك المخبرين بلبوص، فإذا كان الدكتور محمد مرسى الذى يمثل الحمائم فى جماعة المشايخ، يبدو رجلا بسيطا طيبا، على استعداد لقبول الآخر، فإن بقية المشايخ والذين يمثلون الصقور سوف يواصلون رحلة الاستيلاء على الوطن دفعة واحدة، وسحبه إلى شعاب قريش ونركب الحمير والبغال، لأن العلم والتكنولوجيا حرام، وبدعة.. وكل بدعة ضلالة..وكل ضلالة فى النار، وسوف يحاولون فرض سطوتهم على الراجل الطيب، حتى يجد نفسه أخيراً خليفة للمسلمين الذين يرعون المعيز، ويأكلون الثريد ويضاجعون الموتى ويقفون بالدور أمام المصالح الحكومية من صباحية ربنا، عشان يلحقوا يرضعوا وثورة ثورة حتى أول خرابة.
وقعت ثورات الربيع العربى فى تونس أولاً، رحم الله تعالى البوعزيزى الذى أشعل موته تلك الثورة العظيمة. كم من الوزراء والمسئولين فى تونس يتذكرونه اليوم، ويدعون له بالرحمة والمغفرة إثر الصلوات، أو يزورون قبره ترحماً عليه. وقد حرك موته الشعب التونسي، فخرج ثائراً حتى هرب ابن على وزوجته كل إلى جهة مختلفة، فراراً بحياتهما، حاملين معهم كل ما خف حمله وغلا ثمنه، مما استطاعا حمله، حتى يفقرا الشعب أكثر وهما خارج السلطة.
ثم كانت مصر فى إثر تونس، وكانت ثورة مصر حضارية سلمية كأختها فى تونس، رسمت صورة الشعب الصابر الذى عانى طويلاً، وخصوصاً على مدى الثلاثين سنة الأخيرة فى عهد المخلوع مبارك، الذى يرقد اليوم على سرير المرض أو سرير التمارض، يقضى حكماً بالسجن المؤبد فى قضية قتل المتظاهرين، وتنتظره قضايا أخرى تتهمه بالخيانة العظمى. يرقد الرئيس البائد وهو يرى رجلاً ممن اعتبرهم ألد أعدائه، يراه، فى السلطة وكرسى الرئاسة، طالما سجنهم أى الإخوان المسلمين وبعض أهل الرأى الآخرين، وطالما قيد حرياتهم لأنهم قالوا قولة حق يوماً ما، ونبهوه إلى الفساد المحيط به فلم يستجب لهم، وكانت كلماته للمعارضة كلها بعد انتخابات الرئاسة المزورة فى2010 وتحت ظل الحزب الوطنى «خليهم يتسلوا».
ثم كانت الثورة الليبية التى لاتزال تعانى حتى بعد ذهاب القذافى صاحب التاريخ الطويل فى اذلال الشعب الليبى الصابر، وامعاناً فى اذلالهم كان القذافى يسميهم بالجرذان. هذه هى صورة من حكموا شعوبهم بالحديد والنار، وهذه هى نهايتهم المأساوية، تصلح كل منها لتكون عدة أعمال درامية وليس دراما واحدة، وهذا التحدى ينتظر أهل الفن عموماً.
وهناك ثورة اليمن التى لاتزال تعانى حتى بعد ذهاب على عبدالله صالح، والثورة السورية التى لا تزال فى المخاض العسير، وتتناهشها الأطراف المختلفة، وتتجاذب بعض قادتها الأهواء وخصوصاً من الخارج، بعد فشل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى فى إيجاد حل لهذه المشكلة الكبيرة. وأحياناً يكون العجز العربى والإسلامى للأسف الشديد هو بوابة دخول العالم الغربى أو الناتو بقيادة أمريكا إلى داخل بلادنا لتدميرها أو التحكم كاملاً فى مستقبلها. تشهد بذلك أفغانستان التى ما كان أحد من المجاهدين يظن أن كرازى هو من سيحكم أفغانستان بعد الجهاد العظيم والتحرير المكلف. والعراق مثال آخر واضح على ذلك، حيث جاء بعض الاسلاميين للأسف الشديد من الخارج على دبابة الأمريكان مع بريمر، وحالة الأمن المتدهورة فى العراق لا تخفى على أحد حتى اليوم.
الثورات لم تكتمل وإن كانت قد دفعت بحزب النهضة فى تونس إلى سدة الحكم، وبالإخوان المسلمين فى مصر إلى كرسى الرئاسة بعد قرار إبطال البرلمان الذى تمتع فيه حزب الحرية والعدالة ذو الأغلبية الإخوانية وحزب النور السلفى تمتعوا فيه بالأغلبية الكاسحة التى لم تدم طويلاً.
التحديات التى تواجه الحركات الإسلامية فى الحكم كثيرة، رغم أمانة الإسلاميين واستقامتهم على الطريق الاسلامى الوسطى وتضحياتهم الغالية لشعوبهم، ولكن الاستقامة والأمانة والتضحيات، هذا كله قد يساعد أكثر الحركات الإسلامية فى الدخول إلى الجنة بإذن الله تعالى، ولكنه لا يمكن أن يقهر كل التحديات التى ورثتها شعوبنا وبلادنا من ظلم وفساد وقهر وتبعية لعقود طويلة، إلا بشروط تكاد تكون تعجيزية بعد الفساد والظلم الطويل ولكنها غير مستحيلة فى حق العاملين للنهضة بحق.
خذ على سبيل المثال التحدى الاقتصادى فى مصر، وطبعاً فى كل بلاد ثورات الربيع العربى حتى النفطية منها مثل ليبيا. هناك جبل من التحديات الاقتصادية يأتى فى قمته المديونيات التى تستجلب ضغوطاً وتدخلاً من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، فى صورة الناصح الأمين، وهما من أدوات الهيمنة الغربية على بلادنا. وهناك الفساد المستشري، وارتفاع معدلات البطالة، والعجز فى الموازنة الذى ارتفع فى العام الحالى 2012 إلى ما يقرب من مائة وخمسين مليار جنيه مصري، أضف إلى ذلك زيادة التضخم وتدهور قيمة العملة، وتدنى معدلات الاستثمار، والخوف من الاستثمار الخارجى فى بيئة غير مستقرة. وهناك مشاكل اقتصادية حالة، تتمثل فى الفرق الهائل بين معدلات الأجور والتضخم.
هناك بالطبع وسائل عديدة لمواجهة التحديات، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: دعم التنمية الاقتصادية ومكافحة الفساد، حتى تتحقق العدالة الاجتماعية، وهو مطلب ثورى فضلاً عن العيش والحريات والكرامة الإنسانية. ومن اهم تلك الوسائل تشجيع الانتاج والتصدير والحد من الاستهلاك وتخفيض معدلات البطالة والتضخم المرتفعة، وتعزيز عمل وأداء كل القطاعات بما فيها طبعاً القطاع الخاص، وتشجيع الاستثمارات والسعى لاستقرار السوق، والسعى لخفض العجز فى الموازنة. ولكن ذلك كله يتطلب إلى جانب الكفاءة والمهنية، الشفافية فى الادارة والتصالح مع الشعب والقوى الوطنية والثورية، التى وقفت وراء مرسى موقفاً مشرفاً حتى لا يعود النظام القديم، بعيداً عما يسميه المجتمع الصفقات التى تتم وراء الأبواب المغلقة ولا يعرف عنها الشعب كثيراً، وبعيداً عن الثقة وحدها التى قد تفيد فى حالات شخصية، ولكنها لا تفيد فى مواجهة تلك التحديات الكبيرة والخطيرة.
وأرى أن من أهم تلك التحديات الحاكمة، التفاهم أو سبيل التعاون مع مؤسسات التمويل العالمية، التى غالباً ما تطلب تنفيذ اصلاحات هيكلية وتصر عليها وكأنها قدر محتوم، وذلك فى مقابل توفير ما يسمى بالدعم المالي، وانقاذ الاقتصاد. ولا ينبغى أن يصدق عاقل مثل هذه الأقوال، لأن تلك المؤسسات ليست هيئات خيرية ولا صناديق إغاثة، ولكنها أدوات من أدوات وأساليب الهيمنة العالمية، وللأسف كثير مناً يدرك بعد فوات الأوان.
لا تنسينا الفرحة بمجئ د.مرسى إلى كرسى الرئاسة، وإبعاد شبح النظام البائد، ضرورة استمرار الثورة حتى تتحقق الأهداف الكلية للثورة، ونحمد الله تعالى أن النظام القديم الذى نافس بشدة فى الانتخابات الرئاسية لم ينجح، ولكنه أثبت وجوده، ومحاولاته قوية للعودة إلى النظام البائد وإجهاض الثورة.
بعض تصريحات الإخوان تؤكد اليوم على ضرورة استمرار الثورة بل والاعتصام فى ميادين التحرير(أنظر تصريحات د.غزلان فى الحرية والعدالة يوم27/5/2012) وهذا ما طالبنا به من قبل وغضب بعضهم آنئذ. لقد كان انفصال الإخوان عن الميدان وعن الثورة ولو مؤقتاً، كارثة كبيرة نجانا الله تعالى منها بالتحام الإخوان مرة أخرى بعد زيادة التحديات وابطال البرلمان وقانون العزل السياسى إلى الشعب والقوى الثورية التى تحبهم، ووقفت وراءهم فى الانتخابات الرئاسية خصوصاً. تتمنى تلك القوى أن ينجح د.مرسى فى الوفاء بالتعهدات التى قطعها على نفسه وخصوصاً التحديات الخمس الأولى التى قال إنه سيقضى عليها فى المائة يوم الأولى، وقال مرة أخرى فى أسرع وقت ممكن. وهى إعادة الأمن والاستقرار، وضبط المرور، وتوفير الوقود، وتحسين رغيف العيش، وحل مشكلة القمامة. وهناك تعهدات أخرى تعهد بها د.مرسى قبل الفوز فى الانتخابات منها: تشكيل حكومة إئتلافية واشراك الشباب والمرأة والأقباط فى مؤسسة الرئاسة، وزيادة معاش الضمان الاجتماعى وتخفيف عبء الضرائب، وزيادة الرقعة الزراعية، وزيادة الانفاق على الصحة، وتوفير المزيد من فرص العمل، وتحسين التعليم وأحوال المعلمين، وعدم المساس بحرية الإعلام حتى لا يقصف قلم، ولا يمنع رأى، أو تغلق قناة، أو صحيفة فى عهد الرئيس مرسى.
وبالأمس القريب ألغى القضاء الادارى قرار الضبطية القضائية، التى منحها وزير العدل بقرار منه إلى ضباط وصف ضباط الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية قبل يوم واحد من إبطال البرلمان وإبطال قانون العزل السياسي، وقبل إصدار الاعلان الدستورى المكمل الذى يعطى صلاحيات واسعة للمجلس العسكرى ويترك الرئيس المنتخب من الشعب بصلاحيات غير كاملة. تحتاج مصر إلى توازن أكبر فى السلطات حتى لا تكون القوات المسلحة دولة داخل الدولة، ويستمر الحب الوثيق بين كل فئات وطوائف الشعب وفق الشعار العظيم: الشعب والجيش إيد واحدة ، ولكن لا ينبغى أن تكون هذه اليد ضاغطة أو أن تستأثر بالصلاحيات دون الأخرى. رفض الرئيس مرسى تعليق صوره فى المصالح الحكومية ورفض التهنئة المكلفة بالنشر فى الصحف كما كان أيام مبارك.
ولكن رسالة الطمأنة زادت عن حدها كما يقول المراقبون، عندما إلتقى الرئيس مرسى يوم الثلاثاء26/6/2011 وزير الداخلية وجميع أعضاء المجلس الأعلى للشرطة وطمأنهم بأنه لم يأت لتصفية الحسابات ورفض ما يسمى تطهير الوزارة، لأن جهاز الشرطة جهاز وطنى يجب الحفاظ عليه باعتباره أحد أركان الدولة المدنية الحديثة، ونسى د.مرسى أن هذا الجهاز الوطنى شأنه شأن كثير من اجهزة الدولة بما فيها القضاء تحتاج إلى تطهير وإزاحة الفاسدين وخصوصاً من شاركوا فى معارضة الثورة وقتل المتظاهرين فى موقعة الجمل و ماسبيرو وميدان التحرير وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها من الأماكن، وتطهير من هرّبوا الأمريكان وإلا إرتكبوا مزيداً من الفساد فى حق الدولة العظيمة.
أخيراً يسرنى أن أقتبس بعض نصائح د.عمار على حسن إلى د.مرسى حيث وجه إليه رسالة عبر المصرى اليوم بتاريخ26/6/2012 جاء فيها:
«السيد الرئيس أعلم أن الشعب هو الذى منحك ما أتاك، فافعل مالا يجعله يأخذ ما أعطى، ثم يزجرك وينهرك ويلحقك بمن سبقك، وإن خطفك زهو أو غرور فتذكر جيداً ما جرى لمن جلست مكانه وأعقبت زمانه، وكن اجيراً أو خادماً كما وعدت، فآخر القياصرة يلعق جراحه فى قفص على بعد خطوات من مخدعك ومقعدك».
ويقول د.عمار كذلك بلسانه ولسان عدد كبير من الوطنيين والثوريين:
«أنت طلبت فى خطابك الأول أن نعينك إن أحسنت ونقومك إن أسأت، وبالنسبة لى فإن إعانتك فى كل الأحوال هى نقدك، ليس بتعقب ما تفعله بحثاً عن كل زلل وخلل، وليس حباً فى المعارضة أو وقوعا فى فخها وهواها، وإنما هى الرغبة المتجددة دوماً فى طرح ما أعتقد أنه الأفضل دوماً لبلادي، بكل تجرد ونزاهة، فهى الأولى دوماً بأن نراعيها، تعاقب عليها الكثيرون من أمثالك فذهبوا وبقيت هى تاج العلاء فى مفرق الشرق، فساعد أهلها على أن تظل رؤوسهم مرفوعة، والله معنا جميعاً ومعك».
وتعليقى فقط على نصيحة د.عمار وهى جميلة جداً وواقعية، أن الذين تعاقبوا على مصر ليسوا من أمثال د.مرسي، ونطمح أن من يأتى بعد د.مرسى يكون أفضل منه لمصر وللعروبة والاسلام والانسانية.
والله الموفق
نشر بالعدد 603 بتاريخ 2/7/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.