· كثيرا مايضرب المثل بقوة ومتانة وتميز العلاقة بين الدكتور سيد طنطاوي شيخ الأزهر، والبابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة المرقسية. وكيف أنها خير تعبير عن علاقة عنصري الأمة ووحدة الهلال والصليب. «صوت الأمة» تكشف جوانب جديدة من أوجه الاتفاق بين الرجلين، بعد أن قامت بزيارة مسقط رأسيهما. الأول بقرية سليم بسوهاج والثاني بقرية سلام بأسيوط وتقدم من خلال الزيارتين صورة عن قرب للقريتين اللتين ينتمي إليهما الإمام والبابا. ومثلما يتشابه الرجلان تشابهت القريتان اللتان لا تزالان تحتفظان بالطابع الريفي القديم، الشوارع الضيقة والمنازل المبنية من الطوب اللبن، وبساطة أهلها . في السطور القادمة نقدم صورة عن قرب من داخل القريتين. · عائلة الإمام تنشق عليه وبعضهم قاطع الصلاة في مسجده بعد توليه مشيخة الأزهر.. طنطاوي كافأ قريته بمعهد ديني ومدافن ومخبز ورصف شوارعها البابا ترك قريته في الثامنة من عمره ابن عم والده كان ينصب «مشنقة» ليقتل مخالفيه في الرأي نكشف لأول مرة.. اسم والدة البابا ومرضعته · وقائع انهيار أملاك «جيد روفائيل» والد البابا · الإمام والبابا اتفقا في نسيان قرية الميلاد في قرية سليم الشرقية التابعة لمركز طما بمحافظة سوهاج ولد الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر. ذهبنا للقرية للوقوف علي ملامحها عن قرب المواصلات اليها صعبة جدا. من مركز طما أخذت «توك توك» للقرية التي تبعد حوالي 10 كيلومترات عن طما - في بدايتها شوارع ضيقة لا يتجاوز عرضها 3 أمتارو المنازل أغلبها قديم، لايتجاوز الطابقين امتزجت ببعض المباني الحديثة ذات الأدوار الثلاثة ، القرية الصغيرة تضم مجموعة قري أخري تابعة لها مثل سليم الغربية ونجع سليم. سألت أحد الاطفال عن أقرباء الشيخ محمد سيد طنطاوي فدلني علي منزل أخيه «رضوان» الذي لم يكن موجودا فقابلنا ابنه «حسين» فأخذني لاستراحة الشيخ طنطاوي التي بناها حديثا لاستقبال ضيوف العائلة. جلست معه وسألته عن أصل «سليم» فقال : سليم الشرقية مسقط رأس الإمام الأكبر شيخ الأزهر هي رأس القري فكل القري تتبع لها والعمدة لابد أن يكون منها وأصل القرية عائلة واحدة تدعي عبدالنبي بن عباس بن فرناس السلمي والذي أنجب 4 أولاد هم حمد وموسي وجامع وعبد الحفيظ، وتشعبت القرية من أولاد حمد وهم حمزة وأبوزيد وعبد الفتاح وحسين - جد طنطاوي - وهؤلاء انجبوا 4 آلاف فرد هم قوام قرية سليم - أما سليم الغربية ونجع سليم. فاختلطت بها العائلات الأخري مثل العزازية والغنايم،.... وأشارحسين إلي أن أساس العائلة من قبيلة في شبه الجزيرة العربية جاءت لمصر مع الفتح العربي. سألته عن الشيخ طنطاوي وعلاقته بالقرية؟ وهل يزورها أم لا؟ فأكد أنه يأتي في المناسبات كالعيد القومي لسوهاج والافطار السنوي بشهر رمضان وإذا كان هناك واجب أو عزاء لأحد الاقارب.. وسألته عن اخوته.. فرد قائلا: لا يوجد أحد منهم حاليا في القرية غير والده رضوان الذي يعمل «مزارع» بالأرض واخوته بالترتيب من الأكبر سنا هم «علي» يعمل تاجر فاكهة ثم «رضوان» مزارع ثم «حسين» رئيس قسم الحاسبات وأستاذ بكلية الهندسة جامعة الأزهر، ثم «حسن» وكيل وزارة الكهرباء سابقا ثم «أحمد» فني تحاليل بمستشفي الاسكندرية التخصصي ثم «عطية» مدرس علوم اعدادي ومعار بالسعودية منذ 20 عاما. التقيت العمدة «أحمد عبد العزيز محمد السلمي» الذي أكد أن «الإمام» ينتمي لأكبر عائلات القرية «حمد» وأن «طنطاوي حسين» جده هو أول عمدة للقرية منذ عام 1850 تقريبا بعد أن كانت تتبع قرية «كوم شقاو» المجاورة لهم مضيفا أن القرية كان بها تعليم الكتاب قبل سنة 1926 حيث تم انشاء أول مدرسة ابتدائي باسم «محمد أحمد السلمي» وهو أبو التعليم في سليم، وهي مدرسة حكومية. ولكن والد الشيخ أراد له تعليما دينيا فبعدما ولد في 1928 بسنوات جعله يذهب لكتاب مركز طما ليتلقي التعليم الديني علي يد الشيخ «محمد عبدالله» ثم ذهب ليدرس بجامعة الأزهر فرع الاسكندرية حتي تخرج فيها. وأشار العمدة إلي أن القرية لا يوجد بها إلا هذه المدرسة الابتدائي أما الاعدادية والثانوية فهي في قرية شقاو. وأوضح العمدة أن القرية خرجت منها مناصب عليا كثيرة من أبناء عم الشيخ طنطاوي مثل المهندس «محمد نجيب السلمي» وكيل وزارة الاتصالات السابق، ومهندس «صفوان السلمي» نائب رئيس الشركة القابضة للانشاء والتعمير و«محمد أحمد السلمي» وكيل وزارة التربية والتعليم عام 1950 . واللواء طبيب «محمد بهاء الدين السلمي» قائد بمستشفي المعادي العسكري سابقا.. و«نبيل السلمي» رسام الكاريكاتير الشهير. سألته هل القرية قبل أن يتولي فضيلة الشيخ منصب شيخ الأزهر كانت بنفس الشكل. أم أن هناك اهتمامات خاصة علي الجانب الاجتماعي والديني اختصت بها «قرية الإمام» عن باقي القري المحيطة....؟ فأكد العمدة أن هناك اصلاحات كثيرة شهدتها القرية علي يد فضيلة الشيخ منها أنه أنشأ «المعهد الديني» وهو قسمان معهد فتيات سليم، معهد بنين سليم.. «ابتدائي، اعدادي، ثانوي». والمعهد يحمل اسم «مجمع فضيلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي». بالاضافة إلي أنه تم رصف القرية وشوارعها بالأسفلت وانشاء مخبز آلي، كما حول جزءا من أرضه إلي وحدة صحية - وأضاف: منذ أن بدأت الدراسة بالمعهد انتهت الأمية من القرية لأنه يقع علي رأس البلد وأول مبني فيها فوفر الذهاب لقرية شقاو حيث يدرس الاطفال بالمدرسة الاعدادية والثانوية هناك والمعهد به تعليم أزهري.! وأضاف: أن «الإمام» أنشأ مدافن لكل عائلات القرية فأعطي كل عائلة 6 مدافن واشتري أرضها من ماله الخاص وأشار إلي رغبته في عمل مشروعات أخري ولكن هناك عجز في عدم وجود أراضي ملك الدولة قريبة من القرية... بالاضافة إلي الذبائح التي يذبحها ويوزعها علي الفقراء والقرية بها صيدلية واحدة. كان العمدة.. يحاول إقناعي أن القرية «يد واحدة» لا مشاكل فيها.. فخرجت من عنده بصحبة «حسين» الذي أحضر لي رمضان عبد النبي بعربيته «ربع نقل» ليوصلني لطما.. واثناء سيري معه كشف النقاب عن مشاكل العائلات في القرية التي وصلت للشيخ طنطاوي بنفسه. حيث اختلف أفراد العائلة لدرجة أن هناك من يريد بناء أكثر من مسجد مستقل عن مسجد «الرحمن» الرئيسي للقرية، وأن الشيخ طنطاوي رفض كثيرا بناء أي مسجد آخر ليتم لم شمل كل العائلات فيه. ولكن الاختلافات اشتدت. وضرب «عبد الرؤوف سليمان عبد الرؤوف من نفس عائلة حمد «عائلة الشيخ» بكلام الشيخ عرض الحائط وأنشأ مسجدا مستقلا بغرب البلد لم يفتتح بعد! وهناك أكثر من 3 مساجد من المحتمل بناؤها في الفترة القادمة. في قرية «سلام» التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط ولد بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية البابا شنودة الثالث، في 3 أغسطس 1923 . القرية تبعد نحو 360 كيلو مترا عن القاهرة. لكن علاقة البابا انتهت بمسقط رأسه وهو في الثامنة من عمره حيث انتقل إلي دمنهور ثم القاهرة التي استقر بها حتي يومنا هذا. ورغم ذلك فللقرية ذكريات عن الطفل «نظير جيد روفائيل» الذي صار بعد ذلك البابا شنودة الثالث، سافرت إلي القرية لأتعرف عن قرب علي قرية البابا وحالها! دلني أحد أبناء القرية علي منزل عادل بسطا، في طريقي اليه لاحظت أن الشوارع ضيقة غير مرصوفة لا يتجاوز عرض الواحد منها 3 أمتار، المنازل بالية أو عتيقة ريفية من الدرجة الأولي. أمام منزل بسطا اخبرتني «تريزا» أن البابا ابن خالة والدتها. حضر عادل بسطا ليبدأ حديثه مؤكدا أن البابا من عائلة «جاد الله» وهي من أكبر عائلات القرية. وبعد إلحاح شديد استمر لدقائق كثيرة كشف تفاصيل عن عائلة البابا شنودة وأكد أنها أول مرة يفصح عنها لأحد.. منها أن أحد أحفاد «جاد الله» «رأس عائلة البابا شنودة» كان راهبا في دير المحرق ولكنه ترك الدير. والمفاجأة أن أقوي فروع العائلات هو «جاد الله» ترك القرية منذ سنوات طويلة ليعيش في «غيض العنبة» بالاسكندرية، والفرع الآخر، فهو عائلة بسادة وكانوا جبابرة قساة وكان مقرهم منزل عادل بسادة الذي من جبروته نصب مشنقة. فكان ذو أطيان وهيبة لا أحد يخالفه، وأكد عادل أن غرفة المشنقة تم هدمها وبناء جزء من المنزل بالمسلح - مضيفا أن كل القرية تسمع وتتحاكي عن جبروت بسادة الذي وزع أرضه علي أهل القرية فبمجرد أن تأتي سيدة تقول له ابني غلبان، يعطيها فدانا مثلا! وكان له خيول يطعمها سكر وحلويات ويسقيها ماء ورد وحتي الآن أغلب أراضي القرية مكتوبة في هيئة المساحة باسم بسادة رغم أن الملاك الحاليين مسيحيون ومسلمون وليسوا أقرباءه. وقال عادل: إن البابا شنوده اسمه الحقيقي نظير جيد روفائيل وأن والده «جيد» كان يمتلك حوالي 300 فدان من زمام الأرض التي تبلغ حوالي 700 فدان. وأن البابا ترك القرية وعمره 8 سنوات كان يأتي خلالها لمنزلهم القديم - قبل مغادرة البلد نهائيا مع أخيه الكبير روفائيل. وبعد قليل جاء «نزيه صديق» يحمل معه مفاتيح منزل البابا الذي اشتروه والتقينا بعدها ب«لطيف رياض ملك» رئيس حسابات بنك التنمية والائتمان بأسيوط سابقا فسألته عن منزل البابا ومن يملكه الآن. فقال إن المنزل مقسم ل 3 أجزاء «او منازل» حيث تم بيعه ل 3 أشخاص يملك كل منهم جزءا، الأول «صديق متياس معوض»، والثاني «وجيه نجيب مرقص» (ابن عم البابا مباشرة» والذي باعه لي. والثالث «رسمي معوض متياس». وتم بناء جزئين من المنزل بالمسلح ولم يتبق إلا جزء صديق متياس كما تركه البابا بالطوب اللبن. ذهبت مع «نزيه» عبر شارع البحر «علي ضفاف النيل» لندخل شارعا فرعيا يوصلنا لمنزل البابا. الشارع ضيق جدا لا يتجاوز عرضه مترا واحدا، كثير الانحناءات، منازله قديمة بالطوب اللبن لا تزيد علي طابقين، وصلنا منزل بطريرك الأقباط الأرثوذكس. واجهته قديمة جدا عبارة عن طابقين، و«سطوح» المنزل بمثابة غرفتين وصالة فقط. الواجهة هي الغرفة الأولي تليها الصالة ثم غرفة أخري. الغرفتان ضيقتان لا تتجاوز مساحة الواحدة 3 أمتار، واجهة المنزل 3 أمتار هي الأخري. مدخل ثم سلم علي اليمين وفي المؤخرة نهاية المنزل - السلم ضيق جدا صعدته لأجد علي اليسار غرفة نوم متهالكة هي غرفة نوم البابا وهي صغيرة، وأمام السلم طرقة صغيرة وعلي اليمين غرفة صغيرة دون سقف. وامتداد السلم يوصل للسطوح. .. علي اليسار مدخل لباقي منزل البابا وسلم آخر تصعده لتجد أمام السلم غرفة يمينها غرفة أخري ويمين السلم غرفة ثالثة «وهو الجزء الثاني من المنزل» وأسفل المنزل باب آخر يطل علي واجهة أخري للمنزل «المنزل له واجهتان» أما الجزء الثالث من المنزل فمبني بالطوب الأحمر. مساحة المنزل حوالي قيراط ونصف القيراط لم يتبق إلا جزء بسيط منه يحمل تاريخ أسرته، المنزل يتكون من واجهتين لمنزلين متداخلين أحدهما واجهته علي شارع والآخر واجهته علي شارع آخر.. صورت المنزل.. وخرجت مع «نزيهة» لاستقل سيارة لأسيوط لالتقي ب«كامل نان رشدي» أمين تنظيم الحزب الوطني بقرية سلام، شرح لي قصة انهيار أملاك والد البابا موضحا أن «جيد روفائيل» «والد البابا» كان شيخ البلد بالقرية ويملك حوالي 300 فدان . واشتري في الثلاثيينات - كل قطن المنطقة «سلام والقري المجاورة لها» بسعر 30 جنيها للقنطار وكان الثمن مرتفعا، لكنه بعد الشراء انخفض القطن ليصل إلي 10 جنيهات، فرفض البيع وأودع القطن بالبنك بضمان الأرض ليبيعه في السنة القادمة التي حدث بها كساد اقتصادي، فانخفض السعر أكثر. فقام البنك بالحجز علي أرضه وباع القطن في مزاد علني. وقام باشوات من أسيوط بشراء الأرض ومنهم الحجار باشا والعسال باشا ومازال ورثتهم يملكون الأرض. وأفصح كامل عن اسم والدة البابا وهو «بلسم جاد» من «أبنوب الحمام» توفيت بعد ميلاده ب 3 أيام فتولت سيدات القرية ارضاعه وأكثر واحدة أرضعته اسمها «حليمة حمدان الجراب» من عائلة الجر - حاولنا الوصول لأي من أولادها ولم نفلح .