انتهت انتخابات الرئاسة.. فاز الدكتور محمد مرسى وخسر الفريق أحمد شفيق وكان الفارق أقل من 2٪! وإذا كنا نهنئ الفائز فإننا نشد على يد الذى لم يوفق ونقول له «خيرها فى غيرها» وكنت على قدر المسئولية وانت تعلن قبول النتيجة بسلوك الانسان المتحضر الذى ارتضى بحكم الصندوق ولم تطلب من انصارك الذين انتخبوك النزول إلى الشوارع اعتراضا على النتيجة! والتحية واجبة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى ادار المرحلة الانتقالية وحاول بقدر الإمكان الوصول بها إلى بر الأمان.. قد يقول البعض.. وأنا منهم إن هذه المرحلة شهدت اخطاء.. وماله.. هذه الاخطاء شاركنا فيها جميعا.. عندما قبلنا بعدم وضع الدستور أولا وجعلناه رقم 2 أو 3 فى أولوياتنا ! واعترف كمواطن من الفريق الذى قال نعم فى استفتاء مارس 2011 اننى قد اخطأت واعترف بأن الذين قالوا لا كانوا بعد نظرا منى ومن كل الذين قالوا نعم! المجلس الأعلى للقوات المسلحة انحاز إلي الأغلبية واجرى انتخابات مجلسي الشعب والشورى والتى شهد الجميع بأنها كانت انتخابات حرة ونزيهة.. والغريب أن بعض الذين اشادوا بهذه الانتخابات وبدور المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقالوا فى ذلك شعرا وغزلا! هم من يشككون الآن ويخونون ويؤلون الناس ويحشدونهم فى الميادين للاعتراض والانتقاص من الدور الذى قاموا به! ورغم حملات التشكيك والتخوين فى الجيش والقضاء إلا أن الجهتين ادارتا انتخابات رئاسة الجمهورية بمرحليها بحرفية- واعلنت النتيجة بفوز الدكتور محمد مرسى لتسقط كل الادعاءات التى كانت تتحدث عن التزوير!.. وكان من المفترض أن اعلان النتيجة الفصل الاخير والختامى لمرحلة بحلوها ومرها.. لتبدأ مرحلة أخرى للبناء وتعويض ما فات! ولكن البعض رأسه وألف سيف ألا تهدأ الامور وأن تظل الاوضاع مشتعلة واستغلال الحشد فى الميدان لتحقيق باقى مطالبهم والتى تتمثل فى اعادة النظر فى حل مجلس الشعب والغاء الإعلان الدستورى المكمل الذى تقول إحدى مواده إن الرئيس المنتخب يؤدى اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا.. وقد اصدرت رئاسة الجمهورية بيانا يوم الجمعة الماضى قالت فيه إن الرئيس المنتخب سيؤدى اليمين أمام المحكمة الدستورية صباح السبت داخل مقرها وليس فى مكان آخر! اما المطالبة بالنظر فى حل مجلس الشعب الذى اصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما ببطلان القوانين التى على اساسها اجريت الانتخابات فإن هذا المطلب من سابع المستحيلات والذين يطالبون به كمن يخبطون روءسهم فى صخرة! والشيء الذى يدعو إلى الدهشة أن هولاء هللوا للجنة القضائية التى أعلنت نتائج انتخابات الرئاسة واشادوا بالقضاء العادل وفى نفس الوقت يرفضون حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان انتخابات مجلس الشعب وبالتالى حله وانتقال السلطة التشريعية إلى المجلس العسكرى الذى اصدر الإعلان الدستورى المكمل مما يعنى أنه اذا كانت الاحكام فى صالحى ارحب واشيد بها وإذا كانت لاتعجبنى ارفضها واتظاهر واحشد لالغائها! خلاصة كل ما سبق أن الانتخابات الرئاسية كشفت عن حقائق كثيرة يجب أن تكون محل النظر والاعتبار.. فالرئيس المنتخب جاء بفارق ضئيل لا يتعدى 2٪ عن المنافس ولم يكن الفوز كاسحا وأن بعض من انتخبوه كان نكاية فى الفريق شفيق وبالمثل هناك من انتخب شفيق نكاية فى الدكتور مرسى والاخوان المسلمين وكشفت هذه الانتخابات ايضا عن حقيقة ادعاء فصيل أنه يمتلك اغلبية كاسحة فى الشارع ورغم كل ذلك علينا أن نعترف بقدر تيار الإسلام السياسي- وبالذات جماعة الإخوان المسلمين- على الحشد واستغلال هذه القدرة فى الضغط وتحقيق المكاسب! وأتمنى من القوى السياسية الاخرى وبالذات ما يسمى بالتيار الثالث الذى اعلن عن تأسيسه خلال الايام الماضية هذا التيار الذى لم ينتخب مرسى أو شفيق عليه أن يعى هذا الدرس جيدا ويبدأ من الآن فى الاستفادة من دروس الممارسة خلال الفترة السابقة ومحاولة معالجة الاخطاء التى وقعت فيها التيارات المدنية والليبرالية واهمها عدم الانخراط فى صفوف الجماهير والتعالى عليها والانفصال عنها بدعوى انهم يعرفون أكثر وبالتالى الاكتفاء بالتواجد فى القنوات القضائية. أيها السادة إذا اردتم إن يكون لكم دور فى الحياة السياسية والنيابية أمامكم فرصة ذهبية.. واتاح لكم حكم المحكمة الدستورية ببطلان انتخابات مجلس الشعب أن يكون لكم دور وتمثيل اكبر لو احسنتم التصرف ولن يحدث ذلك إلا بالنزول إلى الشعب والانخراط فى صفوفه ! اما اذا اكتفيتم بالكلام والمناقشات البيزنطية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع ! فلا تلوموا إلا انفسكم ! الشعب مهيأ الآن وبالذات بعد الممارسات الخاطئة للبرلمان السابق! انتهزوا الفرصة ولاتساهموا فى تسليم البلد تسليم مفتاح كما فعلتم فى مرات سابقة نشر بالعدد 603 بتاريخ 2/7/2012