نتابع المشهد المصري الآن بعد انتزاع د.محمد مرسي - منصب رئيس الجمهورية - من منافسه الفريق أحمد شفيق ،ونري أن هناك من يحاول أن يزج بالفصائل الثورية الإسلامية ومن بينها حزب الحرية والعدالة في مواجهة مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وذلك بعد انتزاع مرشح الثورة لهذا الفوز المستحق ،ومن يحرضون تلك الفصائل علي التحرك من أجل رفض الإعلان الدستوري المكمل ،ورفض قرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة بحل مجلس الشعب ،لاتعنيهم في شيء مصلحة التيار الإسلامي الثوري أو مصلحة الإخوان ولا حتي مصلحة الوطن ،ومن هنا يطرحون وجهة نظر ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب . ولقد أكد اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة أمس أن المجلس العسكري سيسلم السلطة للرئيس المنتخب كاملة غير منقوصة ،وذلك رداً علي ما ذكره البعض بأن المجلس أصدر الإعلان الدستور المكمل وانتقص خلاله سلطات من رئيس الجمهورية ،ولذلك انتفت مبررات المحرضين علي التحرك والتظاهر ضد المجلس الاعلي للقوات المسلحة ،ويتبقي أن نشير الي أن عدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب يعني بطلان الإنتخابات لكون أن ما بني علي باطل فهو باطل ،وهي قاعدة قانونية معروفة،والعيب هنا ليس في المجلس العسكري أو المحكمة الدستورية ،لكون أن كلا من قضاة المحكمة واعضاء المجلس العسكري يلتزمون بالقانون .
ونفس المنهاج ينسحب علي قانون العزل والذي قام بتفصيله برلمانيين علي مقاس عناصر بعينها من رموز النظام السابق ،وهو ما جعل القانون يولد وبه شبهة بطلان ،ومن الغريب هنا أن د.عمرو حمزاوي وهو من النواب الذين أعدوا القانون ،يعمل في معهد كار ينجي الأمريكي ككبير باحثين،وهذا المعهد تموله دوائر صهيونية ،كما أن عمرو حاصل علي جنسية ألمانية يقال أنه تنازل عنها ،وعلي الرغم من ذلك شارك في أعداد القانون لكي يفرض عزل علي رئيس المخابرات المصرية ونائب رئيس الجمهورية السابق اللواء عمر سليمان ،وبغض النظر عن رأينا في عمر سليمان وسياساته ،فإن هذا نعتبره نوع فيه مهانة لمخابراتنا الوطنية ،وفيه انتقائية ،وشبهة تصفية حسابات ،وكل تلك الأمور كانت أسباب مهمة في حكم الدستورية ببطلان قانون العزل.
ولذلك نتمنى أن يتفهم الإخوان وتتفهم الفصائل الثورية الإسلامية تلك الأمور وتفتح حواراً جاداً وموسعاً مع الإخوة في المجلس الأعلي للقوات المسلحة ،للتغلب تلك الفصائل من خلال هذا الحوار معهم علي كل المشاكل العالقة والتي تعرقل إتمام العملية الديمقراطية في مصر ،وتتوصل الي جدول أعمال في هذا السياق يضع نهاية لكل تلك المشاكل.والأهم من كل ذلك يفوت الفرصة علي الذين يعتقدون أن التاريخ يعيد نفسه،ويحاولون إعادة إنتاج النظام ،أو هدم المعبد علي من فيه،ولكون أن الحوار يخلق أجواء إيجابية بين الشعب وجيشه.
ونعتقد أن جيشنا أجري حتي الآن انتخابات رئاسية نزيهة ،وانتخابات برلمانية نظيفة ،وخلال تلك الإنتخابات التزم الحياد ،وحافظ علي نظافة الإنتخابات ونزاهتها ،ولم تشهد الساحة المصرية واقعة عنف أو بلطجة واحدة بسبب وجود الجيش علي اللجان الانتخابية،وكان قضاة مصر هُم من يشرفون علي تلك الإنتخابات وأخرجوها بنزاهة وحيادية غير مسبوقة ،وما كان ذلك ليتم لولا إيمان قادة المجلس الأعلي للقوات المسلحة وفي مقدمتهم السيد المشير بالديمقراطية وإصرارهم علي إجراء إنتخابات نزيهة وتسليم السلطة للشعب في أقرب وقت ممكن ،ونقل بلادهم إلي مصاف الدول المتحضرة.
وفي ذات السياق نطالب قائد الثورة رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي أن يبدأ من الآن وضع تصور لتكريم الأخوة في المجلس الأعلي للقوات المسلحة ،وفي مقدمتهم السيد المشير محمد حسين طنطاوي ،وذلك علي الدور الذي لعبوه لوجه الله ولوجه الوطن ،ونطالبه أن يُعلن في اليوم الأول لتوليه منصبه أن شاء الله تنكيس الأعلام والحداد علي شهداء الثورة لمدة ثلاثة أيام وتكريم الجرحى والمصابين ،ويبدأ في إجراءات القصاص للشهداء ،وذلك لكون أن الشهداء علي الرغم من مرور ما يقرب من عام ونصف علي الثورة لم يتم تكريمهم كما ينبغي أو ينالوا حقوقهم ويقتص لهم من القتلة،وهذا أبسط شيء ينتظر من قائد انتخبه الثوار رئيساً، لكون أن هذا الأجراء سيعيد الثقة للثوار في مسيرتهم وفي رجال وطنهم وفي قواه السياسية الحرية والحية ،ويؤكد لمن خانوا الثورة أنهم كانوا مخطئين ،وأن دكتور مرسي هو الأجدر بقيادتها وتحقيق مطالبها.
أن التيار الإسلامي تحديداً ارتكب مجموعة من السلوكيات السلبية خلال تواجده في البرلمان هي التي أثرت علي شعبيته بقوة بين الناس ،وهي التي وضعت دكتور مرسي في منافسة صعبة مع الفريق شفيق علي الموقع الرئاسي ،ولولا تلك الممارسات لكانت إنتخابات الرئاسة سارت علي نسق إنتخابات مجلس الشعب وكان د.مرسي اكتسح الفريق شفيق بفارق كبير من الأصوات ،ولذلك من المهم أن يحدد التيار الإسلامي ما وقع فيه من أخطاء خلال الثلاثة شهور المقبلة استعدادا لإنتخابات مجلس الشعب القادمة ،وأننا لانميل للرأي الذي يحمل الإعلام تشويه سمعة التيار الإسلامي ،لأن الإعلام كان ضد التيار الإسلامي في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية ،وخلال إنتخابات مجلس الشعب الفائتة ولم يؤثر في الناس ،إنما الذي اثر فيهم سلوكيات أعداد من البرلمانيين الإسلاميين غير السوية ،الي جانب دور الحكومة في عدم تلبية مطالب النواب وإظهارهم بمثابة الفشلة أمام الشعب.
للأسف توجد نماذج غير متزنة السلوك من الإسلاميين تسيء للتيار الإسلامي ككل ،وعلي سبيل المثال فإننا في محيط نلمس ذلك من خلال الشتائم التي ترد إلينا لمجرد إننا نطرح وجهات نظر مخالفة ،وللأسف فإن هؤلاء الشتامين يسيئون أبلغ الإساءات للتيار الإسلامي بما يفعلونه لأن الإيمان ينهي عن الفحشاة والمنكر والبغي ،وهو ما نلمسه أيضا من قبل بعض العناصر المنتمية لفصائل إسلامية علي شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي ظل هذا الحراك نجد عناصر لها أجندات خاصة تدعونا للخروج في مليونيات بالتحرير ضد المجلس الأعلي للقوات المسلحة بسبب الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره وبسبب حل مجلس الشعب ،بينما ترد إلينا أنباء بخرق تل أبيب لاتفاقية كامب ديفيد وحشدها لعناصر من جيش حربها علي حدودنا ،وادعاء قادة جيش الحرب الصهيوني أن عناصر انطلقت من داخل سيناء وهاجمت منشأة أمنية بفلسطين المحتلة،وكل ذلك يستهدف بالطبع الضغط علي التيار الإسلامي الثوري ،وعلي مصر الثورة بشكل عام .
إننا لانمانع من حدوث تظاهرات سلمية واحتجاجات ،واستغلال القانون للطعن علي قرار حل البرلمان ،لكن ما نرفضه مواصلة سباب الجيش وقياداته وأهانتهم بشكل مرفوض،في وقت تواجه خلاله البلاد المخاطر الخارجية ،وفي وقت يجتهد فيه قادة جيشنا و أمام أعينهم مستقبل العملية الديمقراطية في مصر وبناء مؤسسات الوطن ،وتسليم السلطات كاملة للشعب في إطار سليم من الدستور والقانون يحفظ كيان الوطن ووحدته وأمنه القومي .وقد لاحظنا أن البنتاجون يحذر بأن أمريكا تشعر "بقلق عميق" بشأن الإعلان الدستوري المكمل ،ولا نعرف لماذا يصر الأمريكان علي التدخل بشئون مصر ،ولماذا لم نستمع لآراء أية قوة سياسية تدين هذا التصريح من قبل متحدث باسم وزارة الحرب الأمريكية. ************************* صور شهداء ثورة " 25 " ينايرالمجيدة [email protected]