أفضل لنفسي ألا أكون فاهما بدلا من مجهود لا يفيد في التوصل إلي فهم لما يجري بشأن هذا الموضوع، فنحن أيها الناس في مصر لنا شهور وشهور نقرأ ونسمع كل ما يكرس التضارب والارتباك!، فيما يخص ترشيح وزير ثقافتنا فاروق حسني لمنصب مدير عام اليونسكو الدولي، خاصة أننا قد حوصرنا في دائرة ضيقت الفضاء الذي يسبح فيه الوزير فجعلت منه مجرد مرشح لليونسكو فقط!، وراحت سيول التصريحات والحوارات والأخبار تتدفق في اتجاه قبلة اليونسكو حتي أن «الحوار الاستراتيجي» الأمريكي المصري الذي جري مؤخرا - بعد زيارة أوباما - قد ظن بعضهم أنه سيشمل في مناقشاته مسألة ترشيح الوزير المصري لليونسكو!، كما ظن بعض البسطاء أن ضمن ما دار بين الرئيس مبارك والرئيس أوباما تعلق بهذا الترشيح المصري!، وقد عرفت الدنيا كلها أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد أعلنت دون مواربة وبشكل قاطع صريح أنها ضد ترشيح فاروق حسني لليونسكو!، ويبدو أن هذا الرفض الأمريكي للوزير لم تعرف به دوائر الدبلوماسية المصرية!، وإذا طالعت ما نسب إلي مصادر دبلوماسية مصرية لجريدة المصري اليوم - الاثنين 8 يونيو - عن أن الجانب المصري لا يتحدث مع الجانب الأمريكي في موضوع الترشيحات للمناصب الدولية سواء من جانبنا أو من جانبهم ومع أن الجانب الأمريكي قد أوضح موقفه بالكامل، فإن ذات المصادر أضافت للمصري اليوم أن الجانب الأمريكي لا يكشف عن موقفه تجاه أي مرشح، وفي المقابل نحن أيضا لا نكشف عن مواقفنا للولايات المتحدة تجاه أي ترشيح، وعندما تطرح الولاياتالمتحدة أي ترشيح دولي وتطلب التأييد المصري لها، يكون ردنا أننا لا نكشف مواقفنا فنحن نتعامل في هذا الأمر انطلاقا من مبدأ المعاملة بالمثل، وهكذا أضيف الموقف الأمريكي إلي قائمة أسرار مواقف الدول التي لا تريد أن توضح حتي الآن عن الرفض أو القبول لترشيح الوزير!، مع أنني - كما ذكرت - أحمد للأمريكيين أنهم قد أعلنوا رفضهم بوضوح!، تماما كالموقف الفرنسي الذي بدا للبعض متذبذبا، ولكن فرنسالم تتردد في إعلان أن ما اشاعته مصر من تأييد فرنسي للترشيح لا يعدو أن يكون رغبة لمصر!، وأن الفرنسيين - حسبما فهمت - مثل «جاك لانج» صديق وزيرنا وهو وزير سابق لثقافة بلاده والمطرب الفرنسي الشهير «شارك أزنافور» لا يمثل تأييدهم لوزيرنا أي قيمة!، وفرنسا - حسبما فهمت مؤخرا - وليكن فهمي «علي قدي» ستندفع بالطبع مع القبيلة الأوروبية لتأييد ترشيح المفوضية الأوروبية للعلاقات الخارجية «بينتافيريرو فالدنر» لليونسكو حسبما أعلن قبل إغلاق باب الترشيح!، وإن كانت فرنسا قد رأت علي لسان المتحدث باسم الخارجية الفرنسية «أربك توفالييه» «أن أي قرار لم يتخذ بعد، وباريس لن تعلن موقفها في الوقت الحاضر»! ونحن - كما نري - أمام عملية خداع كاملة!، أوروبا تباغت مرشحنا المصري بعفريت العلبة - كما نري - أمام عملية خداع بمرشحة أوروبية لليونسكو في آخر لحظة!، وأمريكا مازالت علي رفضها المعلن حتي الآن، ولا دخل لأوباما الرئيس ولا أي رئيس أمريكي غيره في موضوع التأييد أو الرفض للترشيح الدولي!، ويكفي أن وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق «مادلين أولبرايت» كانت ضد التجديد للدكتور بطرس غالي سكرتير عام الأممالمتحدة معلنة ذلك دون أن ينبث الرئيس الأمريكي أيامها بكلمة واحدة حتي تم إجلاء بطرس غالي عن المقعد الدولي! والتأييد الدولي لفاروق حسني الذي أتاه من بعض الدول الافريقية والأمريكية اللاتينية لا أظنه قد أصبح «في جيب الوزير» حيث التصويت سريا ولا ضمان له! والضغوط لا يمكن حصارها وتتنوع ما بين السياسي والاقتصادي خصوصا، وإسرائيل الرسمية تبدو - بعد اعتذار وزيرنا الشهير في «لوموند» الفرنسية - أنها ملتزمة باتفاق - مبارك - نتنياهو - في القاهرة علي توقف إسرائيل عن مقاومة ترشيح الوزير المصري، رغم أن مصر لم تقدم حتي الآن المقابل المعقول «الذي طلبه نتنياهو للسكوت عن الوزير!، فالجماعات اليهودية مازالت مطلقة السراح في الهجوم علي الوزير!، الذي شهد هو نفسه بأننا «علي أعتاب معركة عنيفة»!، وإن كنا نشك في أن تكون المعركة في النور!