«الزراعة»: تحصين أكثر من 8.5 مليون جرعة من الماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع ضمن الحملة القومية    رئيس الوزراء التشيكي: لن نشارك في أي تمويل مستقبلي من الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا    مصر تدعو إلى التهدئة والالتزام بمسار السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية    بيراميدز يخسر من فلامنجو ويودع كأس إنتركونتيننتال 2025    بالأسماء.. إصابة 14 شخصًا بحادث تصادم في البحيرة    بعد تداول أنباء عن تسرب مياه.. المتحف المصري الكبير يؤكد: البهو والآثار آمنة    «أفريكسيم بنك»: إطلاق مركز التجارة الإفريقي بحضور مدبولي يعكس دور مصر المحوري في دعم الاقتصاد القاري    رئيس مجلس القضاء الأعلى يضع حجر أساس مسجد شهداء القضاة بالتجمع السادس    غدا، بدء الصمت الانتخابي في 55 دائرة بجولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح المفاوضات    توافق مصرى فرنسى على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    وزير الشباب يشهد ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية باستاد القاهرة    جهاز تنمية المشروعات ومنتدى الخمسين يوقعان بروتوكول تعاون لنشر فكر العمل الحر وريادة الأعمال    ضبط 5370 عبوة أدوية بحوزة أحد الأشخاص بالإسكندرية    كثافات مرورية بسبب كسر ماسورة فى طريق الواحات الصحراوى    25 ألف جنيه غرامات فورية خلال حملات مواعيد الغلق بالإسكندرية    منال عوض: المحميات المصرية تمتلك مقومات فريدة لجذب السياحة البيئية    يوسا والأشكال الروائية    الشناوي: محمد هنيدي فنان موهوب بالفطرة.. وهذا هو التحدي الذي يواجهه    من مسرح المنيا.. خالد جلال يؤكد: «مسرح مصر» أثر فني ممتد وليس مرحلة عابرة    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    مستشار الرئيس للصحة: الإنفلونزا الموسمية أكثر الفيروسات التنفسية انتشارا هذا الموسم    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    توقف قلبه فجأة، نقابة أطباء الأسنان بالشرقية تنعى طبيبًا شابًا    استشهاد وإصابة 30 فلسطينيا في قصف إسرائيلي غرب مدينة غزة    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    منافس مصر - مدرب زيمبابوي ل في الجول: بدأنا الاستعدادات مبكرا.. وهذا ما نعمل عليه حاليا    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: الطفولة تمثل جوهر البناء الإنساني    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    قائمة الكاميرون لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    حبس مدرب أكاديمية كرة القدم بالمنصورة المتهم بالتعدي على الأطفال وتصويرهم    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    تعرف على إيرادات فيلم الست منذ طرحه بدور العرض السينمائي    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار الخلاف المصري القطري
نشر في صوت الأمة يوم 11 - 06 - 2017

رغم حقائق التاريخ التي عشناها، إلا أن عدم تدوينها بشكل فوري أوصلنا إلى سؤال نسمعه يومياً من أبناء الأجيال الجديدة، عن السبب الحقيقي للخلاف بين مصر وقطر، وما وصلت إليه الأمور من قيام مصر مع حلفائها بشن حصار اقتصادي وسياسي على قطر.

وعلى عكس الديباجات المتناثرة في الفضاء الرقمي، لم يكن هنالك خلافات أو مشاحنات بين أمراء قطر والرئيس جمال عبد الناصر أو الرئيس أنور السادات، وكافة الأقوال المنسوبة لكلاهما عن قطر كاذبة، فلم تكن قطر في هذه الأزمنة إلا مستعمرة بريطانية، ولما استقلت كان لها موقف عروبي بقطع النفط القطري عن العالم بالتزامن مع حرب أكتوبر 1973 كما فعلها الملك فيصل والشيخ زايد.

بدأ الخلاف المصري القطري عام 1995 بانقلاب ولى العهد وزير الدفاع حمد بن خليفة آل ثاني على ابيه الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وهو انقلاب كانت مصر والسعودية والامارات تخشاه، بل وعملت بعض الأطراف داخل قطر على إقناع الشيخ خليفة بتنحية ابنه عن ولاية العهد نظراً لما يضمره من شر للعالم العربي.

قبيل انقلابه، تواصل حمد مع إسرائيل وإيران على حد سواء، وتلقت طهران وتل أبيب وعداً بأن تكون قطر بوابة كلاهما إلى الخليج العربي، وان الدوحة سوف تكون عرابة التطبيع الخليجي الإسرائيلي وتدفق الاستثمارات الخليجية على إسرائيل، بعد ان ظلت العلاقات الخليجية الصهيونية خلف الستار وبعيدا ً عن ملف الاقتصاد، ووعدت الدوحة حكام طهران بأن زمن الخطوط الحمراء الخليجية بوجه إيران سوف ينتهي حال تولى حمد السلطة.

كان هذا الاختراق الإسرائيلي – الإيراني ولا يزال خطيراً على الأمن القومي العربي، وكلاهما – أي إسرائيل وإيران – أدركا أن طموحات قطر يمكن استغلالها في لعبة فرق تسد، بمعني أن تنفذ قطر توترات وازمات في الدول العربية لطالما سعت إيران وإسرائيل على حد سواء في تدبيرها لأضعاف الدول العربية، فالمد الفارسي والمد الصهيوني كلاهما يعتمد على أضعاف الدول العربية وضربها من الداخل، وإذا كان حمد ينوي هذا الامر في إطار أحلامه الإمبراطورية فأهلا وسهلا.

فاليد عربية والأجندة غربية إيرانية إسرائيلية، كما أن إسرائيل لم تنسي للشيخ المخلوع خليفة بن حمد آل ثاني أنه وقف بجانب مصر وسوريا في حرب 1973 وقطع النفط القطري عن العالم، هكذا عاقبت إسرائيل الأب بأبنه، بعد ان تطوع هذا الابن بالشذوذ عن الفطرة السوية وخلع الأب.

كما كان لظهور جوقة من الإسلاميين في قطر حول حمد، مؤشراً خطيراً إلى ان قطر الجديدة تنوي افساح دور أكبر للإسلاميين في المنقطة بعيداً عن التوازن السعودي في التعاون مع الإسلاميين دون ضرب العمق العربي عموماً والمصري – السوري خصوصاً.

كان التحرك المصري الأول هو دعم انقلاب مضاد يعيد الشيخ خليفة آل ثاني الى عرشه، ولم يكن الامر جديداً في الخليج، فقد سبق وان انقلب عبد العزيز بن محمد القاسمي عام 1987 في إمارة الشارقة وخلع أخيه الحاكم الأمير سلطان القاسمي، ولكن الخليج العربي تدخل وعزل المنقلب بعدها بستة أيام فحسب وعاد الأمير التنويري سلطان القاسمي الى عرشه حتى اليوم.

ولكن لسوء حظ قطر قبل أي طرف آخر، فشلت محاولة إعادة الأب والحكم الشرعي إلى قطر عام 1996، فشل الانقلاب وعرف حمد تفاصيله، وبدأ يكمل مخططاته حيال الشرق الأوسط.

يرى حمد أن لقطر إمكانيات اقتصادية مذهلة تجعل الدوحة قادرة على سيادة المشرق، ولأن ألف باء تاريخ يعلمنا أن الصعود في المشرق يعني ضرب مصر، تماماً كما فعل الرومان والآشوريين والفرس والعرب وصولاً إلى بريطانيا وفرنسا، أدرك حمد أن هيمنة قطر على الشرق الأوسط لن تحدث إلا بضرب مصر، من الخارج ومن الداخل، وسحب أرصدتها السياسية من كافة قضايا العالم وتقديم قطر دائماً باعتبارها البديل الجاهز والأكثر حيوية والأقل تعقيداً عن حسابات الامن القومي المصري.

تأسست قناة الجزيرة، وكانت مصر المعنية الأولى من الخطاب الإعلامي للشبكة التي تفرعت لاحقاً إلى عدد من الشاشات والمواقع الالكترونية، الخطاب العام لتنظيم الجزيرة وأخواتها هو تأليب الراي العام المصري والعربي على مصر حكومة وشعب، ويخدم سيادة الإسلاميين على مصر فحسب، رغم أن التنظيم الإعلامي وفر منبر إعلامي وصحفي مهم لكل مصري وعربي تسول له نفسه التطاول على مصر، علماني سواء ليبرالي أو يساري قبل أن يكون إسلامي، ولكن في النهاية كانت الجائزة الكبرى هي حرق مصر ثم تسليمها مكبلة وضعيفة لحكومة إسلامية لا تأتمر إلا من الدوحة.

مع كل حدث في مصر تعمل الجزيرة على عدداً من المحاور الثابتة، التشكيك في الداخلية المصرية بالقول إن الأمن المصري فشل في منع الحدث، التشكيك في الرئاسة المصرية بالقول إن الرئيس هو من دبر الحدث، التشكيك في القوات المسلحة المصرية بالقول إن الجيش مكبل بكامب ديفيد، التشكيك في الحكومة المصرية بالقول ان فشلها في القضاء على مشاكل المصريين اليوم هي السبب في الحدث.

ورغم أنهم يروجون لوجهات نظر متضاربة إلا أنها جميعاً وجدت طريقها إلى الوعي المصري، نعم.. تنظيمات قطر الإعلامية هي السبب في كل مشوه نفسي وجنسي يخرج علينا اليوم بالقول إن الحكومة تدبر حدثاً ضد نفسها، أو ديباجات الفشل الأمني التي يتداولها أشخاص جم خبرتهم الأمنية كانت الجري هربا من العساكر في المظاهرات.

وفتحوا وثائق وملفات التاريخ من عصر قدماء المصريين مروراً بمحمد على واسرته وصولاً إلى ناصر والسادات ومبارك، وعبر سلسلة أفلام وثائقية خلابة التنفيذ، قاموا بإعادة صياغة التاريخ المصري بما يتفق على هواهم وهوى التيار الإسلامي، ثم عبر برنامج شاهد على العصر تم استضافة كبار رجالات التيار الإسلامي أولا ً، ثم شخصيات عامة مصرية يعرفون جيداً أن آرائهم سوف تنال من الدولة المصرية، ثم ساسة وشخصيات عربية سوف تفعل الأمر ذاته خصوصاً ساسة سوريا في زمن فض الوحدة المصرية السورية.

في الفترة ما بين عامي 1996 وحتى اليوم، ما من ناشط مصري معارض إلا وعرفناه عبر شاشة الجزيرة، وما من سياسي مصري معارض إلا وذهب مرة واحدة على الأقل لمؤتمر وهمي في قطر ليعود ومعه التمويل اللازم لإكمال مشاريعه السياسية.

ومدت قطر بالمال أذرعتها إلى كافة قضايا المنطقة، مولت الحوثيين بالتنسيق مع إيران لشن ست حروب في اليمن اضعفت الدولة اليمنية وجعلتها هشة تمهيداً لإعصار الربيع العربي، وتدخلت في السودان لرعاية اتفاقية سياسية مهينة للأمن القومي العربي والمصري في دارفور، ثم التنسيق القطري مع حركتي حماس والجهاد في غزة لعدم الاستماع الى الوساطات المصرية والاستجابة للوساطات القطرية حتى لو ظفرت مصر باتفاقيات أو تعهدات دولية أفضل للشعب الفلسطيني الذي دفع ولا يزال ثمن تصعيد قطر لحماس على اكتاف القضية الفلسطينية.

وتوفير منبر إعلامي وظهير سياسي لحزب الله في مهاجمته المستمرة على مصر، ولاحقاً أصبحت قطر تقوم باستئجار طابور النشطاء والساسة المعارضين بأحزابهم وحركاتهم وصحافتهم الموالي لها في مصر لمن يدفع أكثر، فتارة الى إسرائيل وتارة الى تركيا وتارة إلى إيران، أصبحت الوكيل الدولي الذي يفاوض العالم نيابة عن المعارضة المصرية ويتلقى نسبة كبري من الصفقة على أن يوزع الأرباح لاحقاً لغلمانه في الداخل المصري.

ثم قرر حمد عقد مؤتمر الدوحة الاقتصادية عام 1997، وللمرة الاولي يتم دعوة رئيس وزراء إسرائيلي الى دولة خليجية، في أول تطبيق علمي من حمد لوعوده لزعماء الصهيونية بدمج إسرائيل اقتصادياً مع الخليج.

أعلنت مصر رفضها ومقاطعتها للمؤتمر علناً، وكان للمقاطعة المصرية تحديداً إثر قوي في فقد المؤتمر لزخمه حيث قاطعت أغلب الدول العربية للمؤتمر وسط دهشة رئيس الوزراء الإسرائيلي – وقتذاك – بنيامين نتنياهو من قدرة مصر على ضرب أولى خطوات التطبيع العلني القطري الإسرائيلي والتطبيع الاقتصادي الخليجي الاسرائيل.

ما هي إلا بضعة أسابيع، وارتجت مصر بمذبحة الأقصر يوم 17 نوفمبر 1997، حيث قتل 62 سائحاً أجنبياً على يد ستة مهاجمين ارتدوا ملابس الشرطة المصرية وأمطروا معبد حتشبسوت في الأقصر بالرصاص ثم بدأوا في قتل السياح بالأسلحة البيضاء في عملية استغرقت 45 دقيقة، ثم قام الجناة بالانتحار واحداً تلو الاخر في مغارة قريبة.

تفاصيل الحادث كانت تدل على أسلوب جديد، رغم ان بعض قيادات الجماعة الإسلامية في الخارج تبت الأمر، إلا أن التكتيك المستخدم يدل أن عناصر الجماعة تلقت تدريب مختلف عما سبق وعلى يد جهة قادرة على تمويل تدريبات غير مسبوقة في تاريخ إرهاب الإسلام السياسي، وكان واضحاً أن المدبر والمنفذ بل وحتى تلك العناصر قد تدربت في الخارج أولاً.

ثم أن مصر وقتذاك كانت قد شهدت فترة هدوء على ضوء مبادرة وقف العنف عام 1996، وهي مبادرة وافقت عليها الجماعات الإسلامية الإرهابية في مصر وحتى زعماء الإرهاب في السجون المصرية باركوا المبادرة، وبالفعل توقف الإرهاب وظلت المبادرة تعمل بكفاءة حتى يناير 2011.

الأجهزة الأمنية في مصر توصلت إلى أن قطر تقف خلف العمل الإرهابي، على ضوء مقاطعة مصر لمؤتمر الدوحة الاقتصادي، ويلاحظ أن أسلوب العمل الإرهابي في ضرب السياحة والاقتصاد الذي جرى في الأقصر عام 1997 بشكل مختلف عما سبق من عمليات إرهابية ظل يلازم كافة عمليات الإرهاب التي يدافع عنها الاعلام القطري ويحاول تارة نسبها الى حكومات تعمل ضد شعبها وتارة أخرى حكومات فشلت في حماية شعبها وتارة ثالثة حكومات تدفع بقمعها شعبها إلى الإرهاب، منذ عام 1997 إلى اليوم.

هذه الحقائق الأمنية التي سوف يكشف عنها قريباً بشكل تفصيلي، وبدأت بعض الجهات الأمنية الخليجية في حديث خجول عنها، جعلت القاهرة تدرك أن إرهاب الإسلام السياسي قد وجد له مكاناً في قطر بعد أن كانت إيران وبعض أمراء الخليج المتمردين هم المصدر الأول، وبالتزامن مع بدء مشاورات مصرية خليجية لحصر هذا الخطر الداهم، قررت القاهرة التحرك لصد كل كبيرة وصغيرة تقوم بها قطر في المنطقة.

كانت قطر تسعي إلى تصدير الغاز القطري إلى إسرائيل، بأثمان زهيدة، على أن يكون هذا الملف الأساس الذي يبني عليه مشاريع قطرية إسرائيلية هائلة تحقق قفزة اقتصادية إسرائيلية وقطرية، وهنا اقترح اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية أن تبادر مصر بتصدير الغاز إلى إسرائيل بدلا ً من قطر، ما يقطع على الدوحة وتل أبيب تحقيق هذا الاختراق.

ولمعرفة القاهرة أن تل ابيب سوف ترفض وتذهب إلى الدوحة، نسقت مصر مع أمريكا في هذا الملف، وبالفعل وجهت واشنطن بوصلة تل ابيب من الدوحة الى القاهرة في ملف الغاز، فكان ما كان من اتفاق بين البلدين، ورغم أن بعض المقربين من مبارك أخبروه أن الاتفاق سوف يؤدى إلى غضب شعبي، إلا أن القيادة السياسية رأت أن تحمل القيادة المصرية لغضب الشعب في صمت أفضل من السماح للتنسيق القطري الإسرائيلي ضد مصر أن يصل إلى ما كان يصبو اليه.

جن جنون جوقة حمد في الدوحة، وشنت الجزيرة هجوم مفاجئ على عمر سليمان لم ينتهي حتى اليوم، بل أن أفشل جنرال المخابرات المصرية أهم خطوة وصفقة اقتصادية في تاريخ قطر حتى اليوم، واستمرت قطر في دعم الإرهاب ضد مصر خصوصاً العمليات التي بدأت عام 2005، تمويل وسلاح وتدريب وارسال عناصر من غزة وليبيا والسودان، و دعم أحزاب وساسة و حركات ومرشحي للرئاسة، و صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وظهير إعلامي وصحفي بكل أسف شكل بالفعل جزءاً من الوعي المصري، و نهر من الدولارات لم ينقطع حتى اليوم على نشطاء السياسة والإعلام والصحافة والسوشيال ميديا والوسط الرياضي والعلمي والأثري والثقافي الذي لا يزال يهرول للظفر بدولارات الجوائز الأدبية القطرية المسيسة.

ومع تشكيل حركة كفاية ثم 6 إبريل، وحملة أيمن نور الرئاسية، وما تلاها من حراك القاهرة 2005، بدأت القاهرة تنزف وتخسر في صمت حتى أتى الربيع العربي إلى ميدان التحرير عام 2011، وبغض النظر عن الأخطاء الحكومية القاتلة، إلا أن الإعلام والنشطاء الموالين لقطر شكلوا الكثير من عوامل الاحتقان الداخلي، أما بالكذب أو تسويق الأخطاء الحكومية لتسخين المجتمع.

ويجب الإشارة هنا إلى أن الدور القطري عموماً والخلافات القطرية المصرية خصوصاً ليست قطرية خالصة، ولكن كما سبق هنالك جهات مثل إسرائيل وإيران وتركيا والإسلام السياسي وحتى الولايات المتحدة الامريكية وألمانيا وبريطانيا استخدموا قطر مراراً لتصفية الحسابات مع دول المنطقة عموماً ومصر خصوصاً.

مع استمرار الدور القطري وتمدده عبر دول الربيع العربي، قررت الدولة المصرية بعد ساعات من خلع مرسي في 3 يوليو 2013، تغير نمط المواجهة، خاصة ان حكام الامارات والسعودية أدركوا ان الجار القطري يستهدفهم بعد مصر، وهكذا بدأت مصر مخططاً سياسياً عالي المستوي وبعيد المدي، يهدف الى ما وصلت اليه قطر اليوم من حصار سياسي واقتصادي.

بقى أن أقول أن كافة معسكرات الإرهاب الموجود في غزة وليبيا لضرب العمق المصري هي من تمويل وتسليح ورعاية قطرية – تركية، وفى بعض الأحيان إيرانية، وان هنالك معسكرات قطرية – تركية في محافظة إدلب السورية التي تقع تحت سيطرة جبهة النصرة، هذه المعسكرات مهمتها الوحيدة تصدير الإرهاب والسلاح إلى شبه جزيرة سيناء، حيث تقوم البحرية التركية بنقلهم إلى سواحل غزة الفلسطينية، وتقوم حركة حماس وحركة أنصار السنة «داعش فلسطين» بتسلمهم وتهريبهم الى سيناء عبر الأنفاق.

مصر تعرف بأمر هذه المعسكرات، وهنالك توجه حال استمرارها بأن يتم التنسيق مع الحكومة السورية لقصف إدلب السورية إذا ما تأكدنا أن محاصرة قطر لم تفقد هذه المعسكرات زخمها.

هذه هي أصل الخلافات المصرية القطرية، أمراء فقدوا عقولهم أمام شهوة المال والسلطة، وظفوا كل كبيرة وصغيرة في قطر لإسقاط مصر حتى يصبحون سادة المنطقة، ونفذوا أجندات إسلامية – صهيونية – استعمارية لإسقاط الدرع الوحيد الذي حمى المنطقة يوماً من الصليبين والفرس والمغول في الزمن القديم، وأمريكا وبريطانيا وإسرائيل وفرنسا في الزمن الحديث، ومصر تتلقى الضربات ولا تريد أن تنساق إلى فخ ضرب قطر علناً، لمعرفة حكام مصر أن المجتمع الدولي ينصب لنا قطر فخاً تماماً كما نصبوا الكويت يوماً ما فخ لعراق صدام حسين، وهو الفخ الذي لم تنهض منه العراق حتى يومنا هذا.

وعلى إثر هذه الحقائق فأن مصر لن تذهب إلى قطر إلا بتحالف عربي أو دولي، ما جعل ساعة الحساب تتأخر كثيراّ من عام 1995 إلى 5 يونيو 2017، ولكن كلما تأخر الحساب كلما زادت فاتورة قطر، وهو ما نراه اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.