شيعت محافظة الدقهلية أمس جنازة 4 شهداء من أبنائها الذين قتلوا بأيدٍ غادرة لا تعرف الرحمة أثناء تأديتهم للواجب المقدس على الحدود المصرية , في لحظة إفطارهم التي لم يهنأوا بها لتصعد أرواحهم الزكية إلى رب رحيم , وذلك بعد إقامة جنازة عسكرية لهم بالقاهرة . وكانت الدقهلية قد إستعدت لإستقبال 3 شهداء حسب ما أعلنت وسائل الإعلام والجهات الرسمية وهم الشهيد " محمد إبراهيم إبراهيم عبد الغفار " من قرية " الستايتة " التابعة لمركز المنزلة , والشهيد " حامد عبد العاطي عبد العزيز حامد " من قرية " تيرة " التابعة لمركز نبروه , والشهيد "وليد ممدوح زكريا قنديل " من قرية " بساط كريم الدين " التابعة لمركز شربين , إلا أن الأهالي فوجئوا بالشهيد الرابع " باسم عبد الله محمود محمد " من مركز دكرنس , أثناء إنزال نعوش الشهداء مسجاة بعلم مصر من الطائرة العسكرية التي حملتهم من القاهرة إلى المطار العسكري ب "شاوة " بالقرب من المنصورة , حيث كان في إستقبالهم محافظ الدقهلية وقيادات المحافظة التنفيذية والشعبية ؛ تم بعدها نقل الجثامين الأربعة في 4 سيارات إسعاف , و 4 ميكروباصات نقلت ذوي الشهداء الأربعة , لنقل جثثهم إلي مثواهم الأخير بمسقط رأسهم . وإحتشد أهالي قرى الشهداء في إنتظار جثث أبنائهم الشهداء في مشهد جنائزي مهيب لم يفارقه البكاء والدموع ؛ ففي قرية "تيرة " إستقبلت الإبن الشهيد " حامد عبد العاطي " 23 عاماً , حاصل على معهد السياحة والفنادق , في مسجد النور الإسلامي بالقرية بهتافات "لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله .. يا شهيد نام وإرتاح وإحنا نكمل الكفاح". وإنهارت والدة الشهيد عند رؤية ولدها عائداً في نعشه , وظلت تصيح "حسبى الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل .. ربنا ينتقم منكم ياكفرة .. خدتو مني حبيبي ونور عيني .. يارب ابنى أمانة عندك حقه رجعه ليه .. لا إله إلا الله .. الصبر من عندك يارب " . وإنهارت خطيبته التي عقد قرانه عليها مؤخراً في البكاء مرددة " منهم لله خدوا مني حبيبي .. كنا هنتجوز بعد العيد .. دة أنا جهزت فستان الفرح .. حسبي الله ونعم الوكيل .. حرام يارب .. حرام " . وبقي جثمانه لساعة بالمسجد في إنتظار وصول والده وعمه من القاهرة بعد حضورهما جنازته العسكرية الشعبية بالقاهرة , وبمجرد وصول الأب أقيمت صلاة الجنازة وشيع إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة بالقرية . وإصطف أهالي " بساط كرم الدين " على جنبات الطريق لإستقبال جثمان ابنها الشهيد "وليد قنديل " 22 سنة , حاصل علي بكالوريوس خدمة اجتماعية ، مرددين " الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله " , وأقيمت صلاة الجنازة بمسجد " خطاب الذهبي " بالقرية ، وعند خروج الجثمان من المسجد تعالت صيحات والدته التي لم تتحمل المشهد وسقطت مغشياً عليها , بينما إنتحب شقيقه "طارق " الأوسط عند وصول جثمان أخيه ، فيما تجمد والده في مكانه وهو يتأمل نعش ولده بمنتهى القهر ويحاول جاهداً أن يحبس دموعه التي غلبته ؛ وظل يردد " حسبي الله ونعم الوكيل .. سامحني يا وليد يابني .. كنت قلبك حاسس يا بني إنك هتموت ، وإحنا مصدقناش .. صعب أوي يارب .. صعب يابني " , وتحركت الجنازة بإتجاه مقابر الأسرة بالقرية , و وُري الجثمان الطاهر بالتراب. وفي قرية " الستايتة " أصرت والدة الشهيد وإخوته على كشف وجه الشهيد " محمد إبراهيم " 23 سنة ، دبلوم صنايع ، والتأكد من أن الجثمان لإبنهم فعلا وليس لشخص آخر , إذ أنهم ظلوا يسمعون الأنباء من وسائل الإعلام ولم يصلهم نبأ إستشهاده من الجهات الرسمية إلا قبل إقامة الجنازة بساعات , وهو ما إنتقده أخيه قائلاً كيف كان يمكن أن تقام جنازة أخينا دون علمنا , فنحن لم يصلنا الخبر من الجهات الرسمية إلا منذ ساعات فقط قبل إقامة الجنازة العسكرية بالقاهرة والحمد لله أننا إستطعنا اللحاق بها . وشيع الآلآف من الأهالي الشهيد في مشهد جنائزي مهيب حاملين صور الشهيد ومرددين هتافات ""وحياة دمك يا شهيد لناخد حقك يوم العيد" ؛ و " "يا شهيد اتهنا اتهنا واستننا على باب الجنة"و"الشعب يريد قصاص الشهيد" , ولم يستطيع والده أن يؤم المصلين في صلاة الجنازة لمرضه وسوء حالته . و ألقى فضيلة الشيخ "محمد فتحي" عضو الإتحاد العالمي لهيئة علماء المسلمين كلماته لأخذ العظة أمام قبر الشهيد ، بكى فيها المشيعين عندما تحدث عن إستشهاده وهو صائم قائم على حراسة وطنه محتسباً إياه من الشهداء لموته دون أرضه ، مستشهداً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) . بينما إستقبلت " دكرنس " شهيدها الرابع الشهيد " باسم عبد الله " الذي كان إستشهاده مفاجئاً لجميع الأهالي , وشيعت جنازته وسط حزن , ودموع , وبكاء , وذهول , ودفن بمقابر الأسرة بدكرنس .