سيناريو متشابه ودائرة مفرغة تدور بها الأزمة اليمنية".. هكذا يرى مراقبون الأوضاع في اليمن منذ بداية الأزمة عام 2011، وانتقالها إلى أروقة الأممالمتحدة، ومن ثم تعيين مبعوثًا أمميًا لتقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف التي اعتادت بدورها على توجيه الاتهامات للأمم المتحدة ومبعوثها. وخلال أكثر من 5 سنوات، هى عمر الأزمة اليمنية، عينت الأممالمتحدة مبعوثين، أولهما الدبلوماسي المغربي جمال بنعمر، والموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مفترضة أنهما يتمتعان بصفات الحيادية وعدم الانحياز التي يجب أن تتوفر في أي وسيط أممي. ولد الشيخ.. واتهامات من كافة الأطراف في أعقاب تقديم خطة أممية كخارطة للطريق اليمني، رفضت الحكومة الشرعية برئاسة عبدربه منصور هادي، المدعوم من التحالف العربي، تلك الخطة واصفًا إياها ب "بوابة نحو مزيد من الحرب والمعاناة" وليست خريطة سلام لافتًا إلى أن خطة "ولد الشيخ" لا تحمل إلا بذور حرب إن تم قبولها والتعاطي معها، وذلك لأنها "تكافئ الحوثيين وتعاقب الشعب اليمني وشرعيته"، على حد تعبيره. وترفض الحكومة اليمنية تنفيذ أية خطط بعيدًا عن القرار الأممي حول اليمن رقم 2216، الذي يطالب بتسليم الحوثيين السلاح، والانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها، قبل الإتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهي نقطة الخلاف مع الحوثيين الذين يطالبون أولًا بتشكيل الحكومة. منحاز وغير حيادي تبدو الإتهامات الموجهة إلى "ولد الشيخ"، فريدة من نوعها، حيث اتهمه كلا الطرفين بالإنحياز للطرف الآخر، فقد وصفته جماعة الحوثيين، هي الأخرى، ب "الإنحياز وعدم الحياد"، وذلك بعد إحاطته لدى الأممالمتحدة حول استهداف الحوثيين لمكة المكرمة، واصفة المبعوث الأممي ب "البوق الإعلامي" لدول التحالف، ومطالبة الأممالمتحدة بترميم ما أفسده "ولد الشيخ". جمال الحوثي هكذا أُطلِق على المبعوث الأممي الأول لليمن منذ عام 2011، جمال بنعمر، الذي نبذته كل من الدول العربية ودول التحالف وكذلك الحكومة الشرعية في كافة اجتماعاتهم حول الأزمة اليمنية، إلى أن استقال من منصبه في أعقاب "عاصفة الحزم" التي قادتها المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين العام الماضي". وجاء ما وُصِف ب "شرعنة انقلاب" الحوثيين من أبرز الاتهامات التي وجهت إلى "بنعمر"، الذي استبعدته دول مجلس التعاون الخليجي من حواراتها المنعقدة بشأن الأزمة اليمنية، كما انتقدته جامعة الدول العربية بقيادة الأمين العام حينها، نبيل العربي. إنجازات ل "ولد الشيخ" على الرغم من السيناريو المتشابه لكلا المبعوثين، إلا أن "ولد الشيخ" تمكن، على الأقل، من إقناع كافة الأطراف للجلوس حول مائدة الحوار فيما عرف ب "مشاورات الكويت"، والتي عقدت بعد أن دفعت العاصمة العُمانية، مسقط، بالحوثيين لحضور تلك المشاورات. وعلى الجانب الآخر، لم ينجح "بنعمر" في الوصول إلى أي اتفاق من شأنه أن يجمع كافة الأطراف، إلا أنه صرح في أعقاب استقالته أنه كان على وشك الخروج باتفاق لتقاسم السلطة قبيل شن التحالف العربي غاراته على الحوثيين. ضغوط الدول العظمى من جانبه، قال الإعلامي اليمني عبدالله إسماعيل لبوابة "صوت الأمة" أن المبعوث الأممي ينفذ فقط رغبات الأممالمتحدة التي يتحكم بها الدول العظمى في آليات إدارة كافة النزاعات، خاصة في دول الشرق الأوسط، مؤكدًا أن المبعوث الأممي قد يسعى فقط إلى تحقيق نجاحات بمهمته، وإن كانت تلك النجاحات "وهمية" لا تستند على معطيات واقعية. فيما أشار الصحفي اليمني، فؤاد مسعد، إلى أن كل طرف يحكم على المبعوث الأممي من وجهة نظره الخاصة، لافتًا إلى أن الاتهامات الأخيرة ل "ولد الشيخ" غير موضوعية، ولا تستند على معطيات واقعية، موضحًا لبوابة "صوت الأمة" أنه بالمنطق لا يمكن أن يكون نفس الشخص منحازًا للحوثيين وهو نفسه منحاز للحكومة والتحالف العربي، لافتًا إلى أنه إذا كانت الأطراف مقتنعة أنه غير محايد، لأوقفوا التعامل معه فورًا.