مع اقتراب الإنتخابات الأمريكية، تتزايد حالة الإستقطاب في الداخل الأمريكي، في ظل احتدام المنافسة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب، ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون؛ إلا أن العديد من عواصم العالم تبدو أكثر ترقبًا للحدث. وهنا نرصد كيف ترى دول العالم هذا الحدث بحسب رؤيتها ومصالحها. المكسيك الوضع الاقتصادي المتردي في المكسيك يبدو مُهددًا بصورة كبيرة إذا ما فاز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية، حيث يرى قطاع كبير من الخبراء أن انتصار "ترامب" يعني انخفاض قيمة العملة المكسيكية "البيزو"، وهو الأمر الذي دفع السلطات المكسيكية إلى إعداد خطة طوارئ للتعامل مع الموقف. ويقول محافظ البنك المركزي في المكسيك أوجستين كارستينز، في تصريحات صحفية، أن فوز "ترامب" بالرئاسة في الولاياتالمتحدة، هو بمثابة الإعصار بالنسبة للاقتصاد المكسيكي، الأمر الذي دفع الحكومة إلى إعداد خطة طوارئ، لا تتمنى اللجوء إليها. وعلى الرغم من أن المسؤول المكسيكي لم يفصح عن بنود الخطة المذكورة، إلا أن التوقعات تصب في اتجاه تغيير بعض السياسات الاقتصادية في المكسيك، بحسب "فاينانشال تايمز" البريطانية، حيث أن تقلبات السوق المكثفة ربما تدفع السلطات إلى التدخل في سوق العملات في المرحلة الراهنة. ان المكسيك تبدو مهتمة بالإنتخابات الرئاسية الأمريكية في هذه المرة، ربما أكثر من أي وقت مضى، بسبب تصريحات المرشح الجمهوري والتي تعهد خلالها بإلغاء اتفاق التجارة الحرة بين دول أمريكا الشمالية، وفرض رسوم عقابية على صادرات السيارات بالإضافة إلى ترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعي، وبناء جدار عازل على الحدود بين الولاياتالمتحدةوالمكسيك. الصين يختلف بالنسبة للرئيس الصيني شي جين بينج يبدو، حيث أن المنافسة في الإنتخابات الأمريكية الحالية، في رؤية القادة الشيوعيين في بيكين، تنحصر بين الشيطان الذي يعرفونه، وأخر لا يمكن التنبؤ بمواقفه، هكذا تقول صحيفة "ديلي شينا" الصينية. وتدرك الحكومة الصينية المتاعب التي سوف تلقاها من جراء انتخاب "كلينتون"، لأنها ليست بالأمر الجديد تمامًا، حيث ستركز على أوضاع حقوق الإنسان في الصين، بالإضافة إلى دعم المطالب الإقليمية المثارة في منطقة بحر الصين الجنوبي. إلا أنها تبقى في الوقت نفسه قلقه للغاية من نوايا "ترامب"، في ضوء التعهدات التي قطعها خلال حملته الإنتخابية، وأهمها إقامة حواجز تجارية، وفرض عقوبات على بكين لخفضها قيمة عملتها "الرنمينبي". السعودية ان وصول "ترامب" للبيت الأبيض يُعد بمثابة القشة التي تقصم ظهر العلاقات الأمريكية السعودية، خاصة وأن خطاب المرشح الجمهوري يبدو عدائيًا تجاه المملكة؛ بل والمسلمين بشكل عام، خاصة وأن قدومه سوف يتزامن مع توترات غير مسبوقة في العلاقات بين البلدين في ضوء تمرير قانون "جاستا" من قبل الكونجرس الأمريكي، والذي يستهدف المملكة. وتقول صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن تصريحات "ترامب" حول منع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة، ومطالبته للمملكة بدفع مبالغ مالية مقابل الحصول على الحماية العسكرية من قبل الولاياتالمتحدة، أثارت غضب مسؤولي السعودية بصورة كبيرة. في حين أن "كلينتون"، في منظور المملكة، تبدو أكثر ادراكًا باللاعبين الرئيسيين في منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت خلال وجودها في وزارة الخارجية الأمريكية أكثر حذرًا من الرئيس الأمريكي باراك أوباما في التعامل مع حلفاء أمريكا التاريخيين. الإتحاد الأوروبي والناتو وتشعر المؤسسات الدولية في بروكسيل، بقلق بالغ حيال نوايا المرشح الجمهوري، خاصة حلف شمال الأطلسي "ناتو"، حيث أن هناك شعور لدى قيادات التحالف من إقدام "ترامب" على نقض السياسات الأمريكية التي تأسس "الناتو" على أساسها، بحسب ما ذكرت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية، حيث اتكأت المنظمة لعقود طويلة على الإلتزامات العسكرية التي قطعتها الولاياتالمتحدة، ونفوذها من أجل تعزيز الدفاع المشترك بين دول الكتلة الغربية. أما الإتحاد الأوروبي، فهناك مخاوف كبيرة من جراء تحسن في العلاقات الأمريكية الروسية على خلفية فوز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية، وهو الأمر الذي من شأنه تقويض التوافق السياسي بين الولاياتالمتحدة وأوروبا حول العديد من القضايا وعلى رأسها روسيا وأوكرانيا. إيران أما بالنسبة لإيران فتبدو الإنتخابات الأمريكية علامة فارقة في العلاقات بين واشنطنوطهران، حيث ستحدد نتيجتها إما اتخاذ خطوات أسرع في تطبيق الإتفاق النووي، الذي عقدته إيران مع القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة، في يوليو 2015، أو قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الضبابية. ترى صحيفة "فاينانشال تايمز" أن الإصلاحيون بقيادة الرئيس الإيراني حسن روحاني يأملون في فوز "كلينتون"، على اعتبار أنها ستمارس نفس السياسة التي سبق وأن تبناها "أوباما" تجاه طهران، ما يصب في النهاية لصالحهم، خاصة وأن "روحاني" سيخوض الإنتخابات الرئاسية المقبلة في شهر مايو القادم. بينما يبقى "ترامب" فرس الرهان بالنسبة للمتشددين، حيث أن فوزه سوف يساهم بصورة كبيرة في زيادة أسهمهم للعودة من جديدة إلى صدارة المشهد في الدولة الفارسية، خاصة وأنهم دائمًا ما يروجون لأنفسهم باعتبارهم الأقدر على الوقوف أمام السياسات المعادية لإيران، وبالتالي تقويض الإتفاق النووي الذي يُعد أبرز انجازات روحاني.