سيناريو لقاء مبارك وأوباما تنفس النظام المصري الصعداء والتقط أنفاسه بعد طول «انحباس» بسبب ابتسامة الإدارة الأمريكية له بعد فترة تجهم طويلة وتوترات متتالية. الابتسامة الأمريكية تمثلت في اختيار أوباما القاهرة ليلقي منها كلمته إلي العالم الإسلامي وهو الأمر الذي أثلج صدر النظام المصري لكن الابتسامة لم تكن «مجانية» فوراءها قائمة مطالب إصلاحية ستمليها واشنطن علي القاهرة التي يبدو أن نظامها مستعد للمثول بين يدي أوباما لنيل رضاه ولاعتماد المشهد الأخير لمسرحية التوريث! والمعروف أن القاهرة كانت في ترقب شديد فور تولي أوباما ترقبا لرؤية انطباعات إدارته عن العلاقات بين البلدين، و للتعرف علي ذلك أعطي مبارك لوزير خارجيته الضوء الأخضر للتحرك الدبلوماسي وجمع المعلومات واعداد التقارير حول ملامح هذه الإدارة وموقفها من الحكومة المصرية وتوصيل رغبة مبارك في زيارة واشنطن ولقاء أوباما. بعد نحو 5 أشهر من العمل الدبلوماسي، واللقاءات بين الجانبين وافق أوباما علي تحديد موعد لقاء مبارك والقاء خطابه المنتظر إلي العالم الإسلامي من القاهرة باعتباره بداية لعودة مياه العلاقات إلي مجاريها، وجهة النظر الرسمية المصرية ممكن أن نستقيها من مفاوضات ترتيب الزيارة قادها المجلس المصري للشئون الخارجية - الذي يضم 130 من رجال الأعمال والدبلوماسيين والأكاديميين وهو الذي أكد ان مصر يهمها إزالة خطر الأسلحة المحظورة من المنطقة كشرط أساسي لتحقيق الأمن والسلام فيها. وأن القاهرة حريصة علي تنشيط العلاقات مع واشنطن ليس في صورة معونات فقط، وإنما بمشروعات استثمارية مشتركة وتعاون تكنولوجي. علي الجانب الآخر أوضح الأمريكيون أن واشنطن ترحب بزيارة مبارك وحريصة علي توثيق الصداقة مع القاهرة لكن هذه الصداقة مرتبطة بمدي استعداد القاهرة لتقبل المطالب الأمريكية باتخاذ خطوات لترسيخ الديمقراطية. وأن أوباما سيطالب مبارك بقائمة اصلاحات في مقدمتها الغاء العمل بقانون الطوارئ، ووقف المطاردات الأمنية للنشطاء السياسيين واستقلال القضاء واجراء انتخابات نزيهة باشراف دولي. الإدارة الأمريكية التي تدرك أن مبارك في حاجة لدعمها فإنها متأكده أنه سيستجيب لهذه المطالب طالما أن واشنطن ستدعم نجله «جمال» في الوصول للحكم. وأكد المستشار «كاري» المعني بملف الديمقراطية في مصر في تقرير رفعه إلي الرئيس الأمريكي تضمن تنصل مبارك من كافة وعوده الاصلاحية فلم يقم بإلغاء العمل بقانون الطوارئ ولم تتوقف مطاردة المعارضين ولم يرفع النظام الحاكم يده عن القضاء بل حاربه بشدة للسيطرة عليه وتقييد سلطاته وأن النظام المصري يمارس حيله لتطويع الاصلاحات لصالحه فمثلا قد يستخدم نظام القوائم الحزبية لزيادة الأمر صعوبة علي الإخوان المسلمين والمستقلين، وأن مبارك أعطي مساحة للمعارضة في الفترة الأخيرة بعد أن علم أنها لن تهدد سيطرته الشاملة علي الأمور لكن ليس لديها مبارك - أي نوايا للتنازل عن مساحة أخري. من ناحية أخري أكدت مصادر مطلعة أن جماعة الإخوان المسلمين أرسلت وفداً من أعضائها للتشاور مع دبلوماسيين بالبيت الأبيض قبل زيارة مبارك لتوصيل وجهة نظرهم للإدارة الأمريكية، وعرض الضغوط التي يتعرضون لها من نظام مبارك وعلي رأسها محاكمتهم عسكريا وملاحقتهم أمنياً وتأميم أرصدة أعضاء الجماعة ونشطائها، وأشارت المصادر إلي أن الوفد الإخواني كان علي رأسه كل من سعد الكتاتني وسعد الحسيني نائبي الشعب وعضوي مكتب الإرشاد وقد وعدتهم الإدارة الأمريكية بمناقشة مبارك في أمرهم باعتبارهم يمثلون المعارضة المنظمة للنظام المصري. ******** الأسئلة التي رفض مبارك الإجابة عنها للتليفزيون الإسرائيلي سيطرت حالة من الصدمة علي العاملين بالسفارة الإسرائيلية بالقاهرة عقب الحوار الذي أجرته القناة الأولي بالتليفزيون الإسرائيلي مع الرئيس مبارك بمناسبة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو لمصر. سبب الصدمة هو رفض الرئيس مبارك الإجابة عن عدد من الأسئلة التي طرحها المحاور الإسرائيلي نظراً لمساسها بقضايا الأمن القومي المصري وتعلقها بقضايا داخلية بحتة! ومن أبرز هذه الأسئلة ما تعلق بالأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر واحجام المستثمرين عن إقامة مشروعات لهم بمصر، وارتفاع معدل البطالة والفقر وظاهرة الاعتصامات والاضرابات التي تكررت في الآونة الأخيرة وتقوم بها مختلف الفئات وليس العمال وحدهم، وأيضاً سؤال آخر تعلق بقضايا اكتشاف خلية تابعة لحزب الله اللبناني وطبيعة العلاقة بين القاهرة والحزب وسؤال آخر عن سياسة وزارة الداخلية وفشلها في حماية الحدود المشتركة بين مصر وإسرائيل وتسلل أشخاص من مصر ودول أخري إلي إسرائيل عبر سيناء. أما أهم ما رفضه الرئيس مبارك خلال الحوار فهو إمكانية عمل مداخلة من «ليبرمان» وزير الخارجية الإسرائيلي ليشرح فيها وجهة نظره حول تصريحاته التي أدانتها مصر والتي دفعتها لرفض زيارته أو أن يصطحبه رئيس وزرائه معه. كما رفضت الخارجية المصرية الموافقة علي إجراء حوار صحفي تجريه المراسلة «خولة بنيامين» لصحيفة «يديعوت أحرونوت» حول أهم قضايا الشرق الأوسط، والأمور التي تشغل اهتمام الرأي العام المصري والعربي، ولكن الجهات الأمنية المختصة رفضت اجراء الحوار لأنه يعتبر اختراقاً لمعلومات أمنية. ******** صحيفة إسرائيلية: مبارك يصطحب ابنه جمال ل «التصوير» مع أوباما يكفي أن يأخذ «أوباما» «جمال» بين ذراعيه كحركة مألوفة وعادية، ويتم التقاط صور الاثنين في هذا الوضع، تنشر في مصر لكي يوضح للجمهور كيف تنظر الإدارة الأمريكية للوريث. هذه الفقرة كانت الأخيرة في التقرير الذي نشرته منذ بضعة أيام صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية وحمل عنوان «مبارك ينسق علاقة باراك أوباما مع ابنه جمال»، كاتب التقرير «تسيفي برنيل» أكد أن زيارة الرئيس مبارك المرتقبة لواشنطن هي الأولي منذ 6 سنوات ووصفها بأنها غير عادية وستكون رد فعل لما يسمي «السياسة الأمريكية المعادية لمصر» التي أدارها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وكان أهم مظاهرها استقطاع 200 مليون دولار من المعونة الأمريكية لمصر، وأشار التقرير إلي أنه منذ أن دعا «أوباما» الرئيس مبارك لزيارة واشنطن - فيما يعد فتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين ومستشارو مبارك بدءاً من أبوالغيط وزير الخارجية وصولاً إلي ابنه جمال، علي أهبة الاستعداد للزيارة. فجمال التقي الشهر الماضي كبار أعضاء اللجنة اليهودية الأمريكية ليفسر لهم طبيعة السياسة المصرية - الأمريكية. أما أهم ما ورد بالتقرير فهو أن مبارك سيزور واشنطن ليس فقط لبحث القضايا السياسية المهمة فالزيارة تنطوي أيضاً علي «نية» مبيتة من الرئيس المصري لتقديم ابنه جمال إلي «أوباما» ولكن لن يقولها صراحة «هذا وريثي» لأن مثل هذا القول من الممكن أن يؤدي علي الفور إلي مظاهرات عارمة تجتاح الشارع المصري، لكن مبارك يريد فقط خلال الزيارة أن يجس نبض الإدارة الأمريكية فيما يخص نجله الذي تم اسناد الكثير من المهام الحساسة له خلال العامين الأخيرين.