في ما وصفه البعض بأنه اجتماع الناتو الأهم منذ جيل، يقرر الرئيس الأمريكي وقادة 27 دولة عضو في الحلف كيفية اعادة تنظيم الحلف العسكري لمواجهة مجموعة من التهديدات الحديثة بدءا من كرملين عدائي الى عنف ديني وهجمات الكترونية. ويلتقي القادة في العاصمة البولندية وارسو يوم غد الجمعة في قمة تستمر يومين. وقال أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ للأسوشيتد برس "نحن نعيش في عالم أكثر خطرة، مع الإرهاب والاضطرابات وخاصة في دول جنوبي الحلف، في العراقوسوريا وشمال أفريقيا. لكن أيضا مع روسيا التي باتت اكثر حزما، روسيا التي تضاعف انفاقها العسكري ثلاث مرات منذ عام 2000، والتي استخدمت القوة ضد دولة مستقلة في اوروبا هي أوكرانيا." وأضاف "ان ذلك غير من بيئتنا الأمنية. وعلى الناتو الرد. عندما يتغير العالم علينا نحن ان نتغير." وفي الآونة الأخيرة، ظهر عامل آخر من عدم اليقين داخل مجتمع عبر الأطلسي مع قرار البريطانيين سحب بلادهم من الاتحاد الأوروبي - والناتو هو من يقود القوة العسكرية الأوروبية- في وقت يخطط الاتحاد والحلف الذي تقوده الولاياتالمتحدة الى تعاون غير مسبوق في مجالي الأمن والدفاع. وقال مايكل بارانوفسكي، مدير مكتب وراسو في مركز صندوق مارشال الألماني، هذا الأسبوع ان قرار الناخبين البريطانيين في 23 يونيو حزيران خيار "يضع الثقة في الغرب محل تساؤل. قد يقرر البريطانيون مشاركة اكبر في الناتو وأن يكونوا مفيدين جدا للناتو طالما انهم خارج الاتحاد الأوروبي." اجتماع القادة في وارسو سيدفع باتجاه تعزيز الدفاع الجماعي للحلف هو الأكبر منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، من بين ذلك نشر اربع كتائب متعددة الجنسيات، تترأسها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا، في بولندا ودول البلطيق. الوحدات الجديدة، التي يبلغ مجموعها نحو 4000 جندي، ستكون بمثابة طمأنة لحلفاء يشعرون بالتهديد من جانب موسكو بأن الناتو يقف بجانبهم، ولتكون كذلك بمثابة تحذير لروسيا من أن أي توغل عسكري داخل أراضي الخط الأمامي للناتو قد يجعلها في مواجهة مباشرة مع الحلف بأكمله. وقال شتولتنبرغ "يقوم الناتو على الفكرة الأساسية القائلة بأن الفرد للجميع، والجميع للفرد". إلى الجنوب، من المخطط أيضا نشر لواء متعدد الجنسيات بقيادة رومانية كبداية لوجود متزايد للناتو يهدف إلى طمأنة وحماية الحلفاء القلقين من الوجود العسكري الروسي المتزايد في البحر الأسود. وقال السفير البولندي للناتو ياسك نايدر في مؤتمر صحفي قبل انعقاد القمة في بروكسل، إن التدابير التي سيتم اتخاذها في وارسو والتي تكمل الإجراءات الوطنية من قبل الولاياتالمتحدة وبعض حلفائها الآخرين، تشكل "الإنجاز الأكثر أهمية لردع ودفاع التحالف منذ عقود". وتعهد المسؤولون الروس بالرد المناسب على إجراءات الناتو. فقد صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا أن "الاتحاد السوفياتي لم يعد له وجود وحلف وارسو لم يعد له وجود"، في اشارة الى التحالف العسكري المنحل بين موسكو والدول التابعة لها في أوروبا الشرقية والذي كان مشكلا أيضا في العاصمة البولندية. وقال "لكن لسبب ما، يواصل الناتو توسيع بنيته التحتية والتقدم نحو الحدود الروسية". لكن محللا مستقلا في واشنطن وصف تحركات الناتو ب"القليلة جدا، والمتأخرة جدا،" وتوقع أنها ستكون غير فعالة إلى حد كبير ضد الجيش الروسي. وقال خورخي بنيتيز، الزميل في مركز برنت سكوكروفت لشؤون الأمن الدولي، للاسوشيتد برس "إنه الحد الأدنى من الجهد، ويأتي بخطوات تدريجية. القليل الذي نقوم به يأتي عليه سريعا ما يفعله الروس." ومن المتوقع صدور مجموعة رئيسية ثانية من القرارات في قمة وارسو تخص ما يدعوه مسؤولو الناتو تصور الاستقرار خارج حدود الحلف. الشاغل الأساسي هنا هو تنظيم الدولة الإسلامية الذي استغل الأراضي التي سيطر عليها في سورياوالعراق لتنفيذ هجمات انتحارية في باريسوبروكسل عاصمتا دولتين عضوتين في الناتو. التنظيم الإسلامي المتطرف يشتبه أيضا في أنه وراء هجوم الأسبوع الماضي الذي قام به ثلاثة انتحاريون ما أسفر عن مقتل 44 شخصا في مطار اسطنبول. ومن المتوقع أن يوافق قادة الحلف "على كيف يمكننا فعل المزيد أيضا في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك تعزيز تبادل معلوماتنا الاستخباراتية"، حسبما قال ستولتنبرغ في وارسو. ومن المرجح أن تصدر أوامر لطائرات استطلاع أواكس التابعة للحلف للدخول في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في سورياوالعراق لمساعدة قوات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة لقتال التنظيم، ربما ابتداء من هذا الخريف. ومن المتوقع أيضا أن يأمر القادة الناتو بتدريب وعمليات بناء القدرات داخل العراق لجيش تلك الدولة، والتعهد بتجديد التزاماتهم بالتمويل والتدريب لقوات الأمن الحكومية في أفغانستان، والتي تتعرض لضغط متزايد من قبل مسلحي طالبان. مسؤولو الناتو والاتحاد الأوروبي سوف يوقعون أيضا على تعهد لتعزيز التعاون ضد مجموعة من التهديدات الأمنية، بما في ذلك الهجمات على مواقع الإنترنت وحملات التضليل المنظمة. ويتوقع أن يقوم قادة الناتو أيضا بالأمر بإنشاء شعبة استخبارات جديدة في مقر التحالف لتبسيط عملية جمع وتبادل المعلومات الاستخبارية المدنية والعسكرية وتمكين الحلف من أن يكون أكثر فعالية في مكافحة التهديدات المتطرفة المتحالفة ضد الدول الأعضاء وشعوبها. من جانبه قال السفير البريطاني في الحلف آدم تومسون: "إننا بحاجة لاستمرار الناتو في مواصلة التكيف من أجل أن يكون قادرا على التفاعل مع التآكل المستمر في أمن أوروبا."