أكدت دراسة حديثة للمركز الإقليمي للدراسات بالقاهرة ،أن تمدد تنظيم "داعش" في المنطقة، من خلال التحاق بعض التنظيمات الجهادية به، وتأييد بعض التنظيمات الأخرى له عدد من التداعيات المختلفة ، أولها : المساهمة في توفير التمويل والمقاتلين للتنظيم بشكل فعال، إضافة إلى خلق حالة من التعبئة في أوساط الجهاديين في المنطقة من أجل مناصرة التنظيم وتقديم الدعم المعنوي له في مواجهة التحالف الدولي الذي بدأ يتشكل لوقف تقدمه، وهو ما سوف يستفيد منه التنظيم على المدى القصير، أما على المدى البعيد، فإن التنظيم، من خلال هذا التأييد، سيحظى بنفوذ واسع في المنطقة، يمكن أن يستخدمه في المستقبل، فى حالة دخوله فى صراع مع العديد من الأنظمة السياسية في المنطقة، وهو ما سوف يحوله إلى خطر عابر للحدود خلال المرحلة القادمة. والثاني سيطرة التنظيم على خريطة التيارات الجهادية المنتشرة في أنحاء مختلفة من العالم، لا سيما بعد تحول توجهاته إلى المرجعية الفكرية لمعظم التنظيمات الجهادية في العالم، خاصة أن التنظيم الجهادي الأقوى والأكثر قدرة على تنفيذ سياساته هو الذي يفرض أفكاره ومفاهيمه على التنظيمات الأخرى. ويتمثل الثالث في تشكل نوع من "الحزام الجهادي" في المنطقة، بشكل يمكن أن يهدد كل الأنظمة السياسية إذا ما استمر تمدد "داعش" داخل المنطقة بهذه الصورة الحالية، لا سيما أنه سيشجع التنظيمات الجهادية الموالية له، على تكثيف هجماتها ضد الدول التى تقيم فيها، من أجل إسقاط الأنظمة السياسية التي تنظر إليها على أنها نظم علمانية تعادي الإسلام، وبالتالي يجب القضاء عليها. وأخيراً، فإنه من المتوقع أن يؤدي تمدد تنظيم "داعش" في المنطقة ونجاحه في السيطرة على مناطق أخرى، إلى تزايد أعداد التنظيمات الجهادية المناصرة له، وهو ما سوف يدعم من احتمالات اندلاع موجة جديدة من العنف، خاصة أن غالبية تلك التنظيمات سوف تسعى إلى الالتزام بتوجهاته العنيفة باعتباره التنظيم الأكثر قدرة على تنفيذ أهدافه، لا سيما بعد إعلانه قيام "الخلافة الإسلامية". وأضافت الدراسة أن التوسع الملحوظ لتنظيم "داعش" أثار تساؤلات عديدة حول مدى قدرة التنظيم على التمدد في مناطق أخرى بالإقليم وعلى التحالف مع تيارات جهادية أخرى، لا سيما بعد حالة الانقسام التي بدت عليها الأخيرة تجاه السياسات والأهداف التي يتبناها التنظيم، حيث رفض بعضها تلك السياسات وأعلن تمرده عليها، فيما أيدها البعض الآخر، خاصة فيما يتعلق بإعادة إحياء "الخلافة الإسلامية"، التي تعد الهدف الأسمى الذى تسعى إليه كل التيارات الجهادية بمختلف أطيافها. وأشارت الدراسة إلى أنه بدأت بعض التنظيمات الجهادية المنتشرة في المنطقة في إعلان تأييدها لتنظيم "داعش" دون الانضمام إليه على غرار تنظيم "القاعدة في اليمن"، وبعض المجموعات التي تنتمي لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، حيث أعلن أبو عبد الله عثمان العاصمي، قاضي المنطقة الوسطى في التنظيم الأخير، أن رفاقه يعلنون "نصرتهم" لمن سماهم "المجاهدين" في تنظيم "داعش" بالعراق، مشيرًا إلى أنهم "يريدون وصل حبل الود بيننا وبينكم"، وموجهًا في الوقت نفسه انتقادات قوية للتنظيمات الأخرى، لا سيما تنظيم "القاعدة"، بسبب عدم تأييدها ل"داعش". كما أعلن مؤخرًا تنظيم "جند الخلافة" انشقاقه عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ومبايعته ل"داعش"، وأشار قائد التنظيم خالد أبو سليمان إلى أن "تنظيم القاعدة الأم وفرعها في المغرب حادا عن جادة الصواب". هذا بالإضافة إلى عدد من التنظيمات المحلية في المنطقة، التى أعلنت تأييدها ل"داعش" وأصبحت تقدم له الدعم، مثل تنظيم "لواء أحرار السنة" في لبنان، الذي يعتبر نفسه امتدادًا ل"داعش" في لبنان، وتنظيم "مجلس شورى أنصار الشريعة" بالأردن، الذي يقوم بالحشد الدعوي والمعنوي من أجل مناصرة "داعش"، إضافة إلى جماعة "أنصار الإسلام" بغزة. ويمكن القول إن هذه التنظيمات التي أعلنت تأييدها ل"داعش" ربما تتحول إلى أذرع للتنظيم في الفترة القادمة، لأن التعاطف والتأييد في أوساط التنظيمات الجهادية سرعان ما يتحول، في كثير من الأحيان، إلى تعاون ثم إلى مبايعة، على غرار ما حدث مع تنظيم "القاعدة" بعد تأسيسه. وقد ساهمت عوامل عديدة في دعم هذا التمدد "الداعشي" في المنطقة، يمكن تناولها على النحو التالي: 1- إنجازات "داعش" غير المسبوقة، حيث نجح في السيطرة على مناطق مترامية الأطراف عبر حدود دولتين، وأعلن عن قيام دولة "الخلافة الإسلامية"، وبذلك يكون التنظيم قد حقق، خلال وقت وجيزة، ما عجزت عنه التيارات الجهادية على مدار أكثر من ثلاثين عامًا، وهو ما جعل بعض التنظيمات ترى أن هذا التنظيم أحق بالتأييد والنُصرة أكثر من غيره من التنظيمات الأخرى التى لم تحقق إنجازات مماثلة على أرض الواقع. 2- تراجع دور التنظيمات المنافسة في المنطقة، وعلى رأسها تنظيم "القاعدة" بقيادة أيمن الظواهري، الذي ضعف تأثيره على التنظيمات التابعة له في المنطقة، ما أدى إلى تقلص قدرته على التأثير في مجريات الأحداث والتحول إلى رقم مهم في المشهد الإقليمي كما يفعل تنظيم "داعش". 3- إعلان قيام "الخلافة الإسلامية"، وهو الهدف الأهم الذي تسعى إليه التيارات الجهادية، بشكل دفعها إلى تأييد تنظيم "داعش" والانشقاق عن بعض التنظيمات الأخرى التي لم تتمكن من تحقيق الهدف ذاته.