جولة الحسم.. الناخبون يختارون 8 مرشحين لمجلس النواب بقنا| فيديو    رفعت فياض يكتب: القضاء على الدروس الخصوصية بترخيص "مزاولة المهنة"    توسيع صلاحيات وزارة التعليم العالي للنهوض بسوق العمل    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    القبض على أجنبي لتحرشه بسيدة في عابدين    سعر كرتونة البيض اليوم السبت في بورصة الدواجن    اتحاد الغرف السياحية يصدر مجموعة من القرارات قبل انطلاق العام الجديد    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية فى مصر    سفير إيران في بغداد: طائرات أمريكية تتجسس علينا من الأجواء العراقية    بلديات محافظة شمال غزة: الاحتلال حوَّل المنطقة إلى منطقة منكوبة    جماهير المغرب تهتف لمنتخب مصر وتمنحه دعماً غير مسبوق فى أمم أفريقيا    طلائع الجيش يصطدم بطموح كهرباء الإسماعيلية في كأس مصر    12 رقما من فوز مصر على جنوب إفريقيا    برئاسة محمد سلامة.. انتخاب مجلس إدارة جديد ل الاتحاد السكندري    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    النقض تسدل الستار على قضية طبيب الساحل    الداخلية تضبط سيدة توجه الناخبين بمحيط لجان إدكو بالبحيرة    انهيار جزئي لعقار قديم في منطقة رأس التين بالإسكندرية    الثقافة وقفزة خارج الصندوق!    خالد عبد الغفار: أكثر من مليون عضو بالقطاع الصحي يقدمون نموذجا فريدا للإخلاص    أسس وقواعد الريجيم الصحي والمتوازن خلال الامتحانات    متحدث الوزراء: توجيهات بتخصيص الموارد لتطوير التأمين الصحي الشامل و«حياة كريمة»    دفاع المجني عليه يكشف كواليس الطعن على أحكام قضية طبيب الساحل    الداخلية: ضبط 866 كيلو مخدرات و157 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    بسبب خلافات أسرية.. التصريح بدفن شاب تخلص من حياته في عين شمس    إصلاح كسر خط مياه بشارع 17 بمدينة بنى سويف    وكيل «بحوث المحاصيل الحقلية»: المختبر الحي لسلسلة قيمة القمح يجمع كل الشركاء    مازال في المستشفى.. تطورات الحالة الصحية للفنان محيي إسماعيل |خاص    وزارة الدفاع العراقية: 6 طائرات فرنسية جديدة ستصل قريبا لتعزيز الدفاع الجوي    جامعة سوهاج عضوًا بأول ميثاق أخلاقي مشترك للتطوع في مصر    الغش ممنوع تماما.. 10 تعليمات صارمة من المديريات التعليمية لامتحانات الفصل الدراسي الأول    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    زيلينسكى: روسيا هاجمتنا بما يقرب من 500 طائرة مسيرة و40 صاروخا خلال الليل    تايوان ترصد 13 طائرة عسكرية و12 سفينة بحرية تابعة للصين حول أراضيها    انطلاق جولة الإعادة لانتخابات النواب بدوائر الفيوم وسط تأمين أمني    انطلاق الدورة 37 لمؤتمر أدباء مصر بالعريش    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    عندها 100 سنة.. معمّرة في قنا تدلي بصوتها في انتخابات النواب على كرسي متحرك    اسعار ألسمك اليوم السبت 27ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    البورصة تحقق أعلى مكاسب في تاريخها بأكثر من 780 مليار جنيه خلال 2025    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم.. الطماطم ب8 جنيهات    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    مفتي مصر بدين الهجوم على مسجد بحمص السورية    حجاج عبد العظيم يشعل السوشيال ميديا قبل العرض.. «لعبةوقلبت بجد» ينطلق 10 يناير على Watch It وDMC    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    يايسله: إهدار الفرص وقلة التركيز كلفتنا خسارة مباراة الفتح    جيسوس يعزز قائمة النصر بثلاثي أجنبي قبل مواجهة الأخدود    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المذاهب الاسلامية وضرورة التقريب بينها
نشر في صوت الأمة يوم 22 - 01 - 2016

تشغلنى عدة قضايا أحسبها حيوية ، ومهما كانت المعاناة فى سبيل تحقيقها ، فلن اكسل ولن أهمل فيها . هذه القضايا تشمل الفتنة الطائفية والفتنة المذهبية ، والتخلف والفساد ، وقصة الصراع والوقوف فيه، كذلك الاهتمام بالحوار بدلا من الوقوع فى الصراع المدمر المتطور المهلك تقنيا. وتشغلني كذلك قضية النموذج الوطنى والعربى والاسلامى، وقضية التقريب بين المذاهب، من القضايا المهمة جدا سعيا لتوحيد الأمة. حتى لا نستورد كل شيئ ونشارك فى صنع الحضارة القائمة.
يقول العالم الجليل الدكتور مصطفى الشكعة فى آخر فصل أو قسم من كتابه العظيم : إسلام بلا مذاهب، يقول الآتي: المذاهب التى تعرضنا لها بالحديث فى هذا الكتاب بعضها مندثر ، وبعضها قائم، وبعضها تداخل فى مذاهب قائمة، فأما المذاهب المندثرة فهى: الأزارقة والصفرية والنجدات والبيهسية والعجاردة والثعالبة من الخوارج ، ولم يبق منهم إلا الاباضية الذين يعيشون الآن فى عمان وطرابلس وتونس والجزائر وشرق إفريقية ، وهؤلاء يغضبون ممن يطلق عليهم اسم الخوارج ، والمذاهب المندثرة من الشيعة كثيرة، مثل السبئية والكيسانية والمغيرية والكاملية والمنصورية والنعمانية والطابية والهشامية واليونسية ، ولم يبق منهم إلا الامامية والزيدية والاسماعيلية والدروز والعلوية.
وأما المعتزلة فقد اندثر حزبهم كمذهب قائم بذاته ، فلم نعد فى عصرنا الحديث نسمع عن الواصلية أو الهذيلية أو النظامية أو الجاحظية أو البشرية أو الجبائية الى غير ذلك من المدارس الاعتزالية الفرعية، وإنما ذاب المذهب فى تعاليم الشيعة الاثنى عشرية والشيعة الزيدية ، بحيث أخذ المذهبان أطيب ما عند المعتزلة من افكار، واطرحا ما قد تورط فيه علماء الاعتزال من تطرف واندفاع.
واذن نستطيع أن نعد من المذاهب الاسلامية المعاصرة أهل السنة والاباضية ،والشيعة الزيدية " الاثنى عشرية"
وإذا انعمنا النظر جيدا، واطرحنا الافكار البالية الجامدة، خلف ظهورنا ، فإننا لن نجد كبير خلاف بين كل من مذهب السنة ومذهب الشيعة الزيدية ، وكذلك لن نجد كبير خلاف بين السنة وبين الاباضية ، فالامام أبو حنيفة السنى كان تلميذا للامام زيد ابن على، الذى إليه ينتسب المذهب الزيدى ، أخذ عنه الفقه وأصول العقائد، والامام زيد تلميذ لواصل بن عطاء أحد رؤس المعتزلة ، وكان ملازما له، وقد ليم فى ذلك، لأن واصلا لا يوافق الشيعة فى كل ما قالوه عن الامامة، ولكن زيدا صاحب الافق الواسع والمدارك السمحة، ضرب بكل ذلك عرض الحائط، وظل مخلصا لتعاليم واصل بن عطاء وأخذ عنه، ولذلك فإننا نرى الكثير من سمات الاعتزال طافية واضحة على صفحة المذهب الزيدى، وبذلك نرى كيف أخذ الامام أبو حنيفة السنى، عن الامام زيد الشيعى، عن واصل بن عطاء المعتزلى.
وليس ذلك فحسب ، بل إن إماما سنيا آخر يأخذ عن امام شيعى أخر ، وذلك هو مالك بن أنس، الذى كان تلميذا للامام جعفر الصادق راس الشيعة الامامية أو الجعفرية ، وكان إماما فاضلا ورعا له من الايمان والثقافة الدينية الشئ الكثير والقدر الكبير، ولذلك فإن فقهه الذى لم يتعرض للتشوية ونظراته محل احترام جميع أهل السنة، ومن هنا لا يبدو الأمر غريبا ، أن يتفقه الامام مالك السنى على الامام جعفر الشيعى، ويأخذ عنه هو وغيره من الائمة الذين عرفوا فيما بعد باسم السنة.
وإذا فليس ثمة خلاف واسع بين السنة والشيعة الزيدية، طالما أن أئمة هذه المذاهب قد ارتبط بعضهم ببعض فى ثقافته وعقيدته وأفكارة على النهج الذى ذكرنا.
على أن الأمر لم يقف فى علاقات المذاهب بعضها وبعض عند هذا الحد ، بل إن الامام البخارى حافظ السنة، كان يجلس بين يدى عمران بن حطان الخارجى، يتلقى عنه الحديث ويدونه ، فتكون هذه صلة جديدة بين الخوارج والسنة، بل إن واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد، رئيس المعتزلة أخذا علمهما من الحسن البصرى الذى يعتبره الشيخ محمد عبده شيخ السنة من التابعين . والاعتزال – فى أول أمره، وقبل ان يدخل عليه التطرف، الذى جاءه من الثقافة اليونانية فى عصورة المتأخرة – لم يكن بعيدا عن السنة بعدا كبيرا، حتى إن الحسن البصرى يسأل عن عمرو بن عبيد رأس المعتزلة فيجيب سائله قائلا: " لقد سألت عن رجل كأن الملائكة أدبته وكأن الانبياء ربته، إن قام بأمر قعد به ، وإن قعد بأمر قام به، وإن أمر بشئ كان ألزم الناس له ، وإن نهى عن شئ كان أترك الناس له، ما رأيت ظاهرا أشبه بباطن منه، ولا باطنا أشبه بظاهر منه".
إن عالما جليلا مثل الحسن البصرى، لا يمكن أن يصف عمرو بن عبيد بهذه الاوصاف، لو كان فيه قيد شعرة من انحراف فى مذهبه واعتقاده،وإنما الانحراف جاء فيما بعد وعلى يد خلفائه ممن تأثروا بالفلسفة اليونانية كما ذكرنا ، فالاعتزال إذن فى أصله وروحه، ليس بعيدا عن السنة، ذلك البعد الذى ظهر فيما بعد.
وهكذا نجد تلك الروابط الكيدة التى تجمع بين السنة والامامية فى شخص مالك وجعفر ، وبين السنة والزيدية فى شخصى أبى حنيفة وزيد ، وبين السنة والمعتزلة فى أشخاص الحسن البصرى وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء، وبين الزيدية والامامية فى شخصى الأخوين زيد ومحمد الباقر، وبين السنة والخوارج فى شخصى البخارى وعمران بن حطان، الذى أملى الحديث على البخارى. والاباضية – بصفة خاصة – هم أول من جمع الحديث الذى يعتبر المصدر الثانى لفقه السنة وعقائدها.
هى إذن روابط أكيدة متينة لها وزنها وقداستها، تلك التى جمعت بين المذاهب سالفة الذكر التى يعتنقها عدد كبير من المسلمين ، أى السنة والامامية والزيدية والاباضية، وليس ثمة تنافر فى إمكان التقريب بين الاباضية والشيعة ، هذين المعسكرين اللذين يبدوان لأول وهلة أبعد ما يكون الواحد منهما عن الاخر، ذلك لأن الاباضية لا يعتبرون أنفسهم خوارج ، بل إنهم يغضبون أشد الغضب ممن يطلق عليهم هذه الصفة، وهم لا يلعنون عليَّا كما يشيع بعض الفقهاء، ولكنهم يعتبرون التحكيم الذى جرى بينه وبين معاوية باطلا،ويقولون إن الامامة لا ينبغى أن تكون مقصورة فى بيت علىَّ، بل هى جائزة فيمن تتوافر فيه شروطها من عامة المسلمين".
فالخلاف إذن بين الامامية والاباضية، لا يكاد يبعد كثيرا عن الخلاف بين الامامية والسنة، وهو الخلاف على الامامة، وهو خلاف يمكن تفاديه ، فليس هناك فى الوقت الحاضر نظام لحكام المسلمين عن طريق الامامة إلا فى اليمن ،والامام هناك طالما توفرت فيه الشروط فهو يجمع بين السلطتين الزمنية والدينية". وهنا أقول للقارئ لقد صدر هذا الكتاب " إسلام بلا مذاهب " أثناء نظام الامامة فى اليمن(وطبعا انتهى هذا النظام فى اليمن نهاية سيئة)
ثم يواصل الدكتور الشكعة حديثه الجميل فيقول:
"قد يثير سائل مسألة الامام المستور الذى يعتقد الامامية بظهوره ، ولا تأخذ برأيهم فيه بقية المذاهب ، ونحن نقول إن هذه أيضا مسألة لا تدعو للخلاف وتفرقة صفوف المسلمين ما دام الامام لم يظهر بعد ، وحين يظهر يمكن أن نتفق أو نختلف ، أما الخلاف على أمور لم تحدث بعد، فإن ذلك أمر لا يتفق مع تفكير العقلاء ، هذا فضلا عن أن عدم الاعتقاد بالإمام المهدى فى رأى الشيعة أنفسهم لا يدفع بصاحبه الى مزالق الكفر ومهاوى الضلال". إنتهى كلام الدكتور الشكعة وللحديث صلة . والله الموفق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.