الرؤية التي يتم الترويج السياسي لها توريث له مكسبات لون وطعم ومذاق الانتخابات الديمقراطية وهو نفس ما يتبناه السيناريو لم يستطع الرقيب "علي أبو شادي" أن يتخذ قرار نهائياً في فيلم "ابن الرئيس".. أحال الرقيب "علي أبو شادي" السيناريو إلي أمين عام المجلس الأعلي "علي أبو شادي" فكر الأمين فاكتشف أن الفيلم يقف علي الحافة.. إنه في النهاية يؤازر ابن الرئيس ويقول إنه سوف يكتسح الانتخابات لو رشح نفسه.. هذا هو ما يقوله سيناريو "يوسف معاطي" ولكن حتي يصل إلي هذه النقطة الساخنة التي تردد ما تردده الرئاسة دائماً بأن لا يوجد توريث ولكن انتخابات ومن حق ابن الرئيس أن يدخلها كمواطن مصري عليه كل الواجبات ومن حقه بالتالي كل الحقوق ومن بينها التقدم للرئاسة.. وجدها الأمين فرصة ليست له ولكن للوزير أيضاً فقرر ولأول مرة أن يصعد بالسيناريو إلي الوزير "فاروق حسني" ليس فقط من أجل أن يحقق الوزير هدفاً للدولة ولكن أيضاً لأن السيناريو مكتوب بروح ساخرة - كعادة معاطي - وهو لا يدري هل ابن الرئيس يتمتع بروح الدعابة التي تؤهله لكي يوافق علي مثل هذه الأعمال الفنية التي تنتهي إلي تأييد ابن الرئيس ، أم أنه ربما يغضب وفي هذه الحالة تتم الإطاحة به رقيباً وأميناً.. تظل المشكلة في روح الدعابة هل يوافق عليها ابن الرئيس أم لا ووجد "أبو شادي" أنها مسئولية الوزير هو القادر علي تحديد جرعة الضحك المطلوبة عندما قرأ الوزير السيناريو ضرب لخمة هو أيضاً، ولم يدر ماذا يفعل سوي أن يحمل السيناريو إلي رئاسة الجمهورية.. والكرة في ملعب الرئيس أو إن شئت الدقة ابن الرئيس، فهو هذه المرة بطل السيناريو الحقيقي.. وعندما تتحدث عن مؤسسة الرئاسة يصعد علي الفور دور "عادل إمام" وهذه المرة هو صاحب مصلحة مباشرة ابنه "محمد عادل إمام" بطل الفيلم في أول بطولة مطلقة ولا يشاركه هذه المرة "عادل إمام" مثلما حدث في «حسن ومرقص» حتي ينسب له كل النجاح.. ثم إن القصة مغرية جداً لأن "معاطي" يصل إلي الذروة وهي الحديث عن ابن الرئيس بعد أن شاهد الناس أفلاماً تتحدث عن الرئيس مثل "ظاظا" لهاني رمزي و "طباخ الرئيس" لطلعت زكريا و خالد زكي.. بالفعل الفكرة مغرية لما تتمتع به من إحساس جماهيري ينتظر أن يحقق رواجاً في شباك التذاكر؟! ما الذي نراه في هذه الحكاية.. نري أولاً أن لا أحد قادر علي اتخاذ القرار ونعود 40 عاماً للخلف دُر ونتذكر كيف أنه حتي "د. ثروت عكاشة" الوزير القوي أحد رجال الثورة والذي تربطه صداقة بجمال عبد الناصر لم يستطع أن يصدر قرار عرض فيلم "شيء من الخوف" لحسين كمال بطولة "شادية" و "محمود مرسي" وكان يبغي أن يتخذ القرار "جمال عبد الناصر" لأن بعض الرقباء رأوا أن "عتريس" محمود مرسي هو "جمال عبد الناصر" وأن "فؤادة" شادية هي مصر وأن جواز "فؤادة" من "عتريس" باطل أي أن شرعية رئاسة "عبد الناصر" لمصر باطلة.. هكذا قرأ بعض الرقباء الفيلم.. رغم أن الفيلم إنتاج الدولة أي أنها وافقت علي السيناريو بالإضافة إلي أنها قصة "ثروت أباظه" قبل أن يشرع في تنفيذه "حسين كمال" ولم ير أي منهم أي تعريض بجمال عبد الناصر، إلا أنه الخوف ليصبح كل شيء في يد الرئيس.. الآن أصبح الأمر أشد خطورة لأنه في يد ابن الرئيس.. "عادل إمام" هو أحد أبناء مؤسسة الرئاسة أعني ابناً روحياً وهو كثيراً ما يزايد في مواقفه السياسية ليصل إلي أقصي يمين السلطة ولهذا تأتي اتصالاته مع الدولة وهي تحمل إمكانية أن يتم إيجاد الحل النهائي ويحصل لابنه علي الموافقة، خاصة أن كل عناصر الفيلم لها علاقة وثيقة بمؤسسة الرئاسة بداية من منتج الفيلم "عماد الدين أديب" و "عادل إمام" له سوابق عديدة في الحصول علي موافقة رئاسة الجمهورية علي أفلامه مرتين متتاليتين وسبق لعادل أن أعلن ذلك فهو الذي صرح بفيلم "الجردل والكنكة" الجزء الثاني و "بخيت وعديلة" بعد أن اعترضت الرقابة استطاع أن يصل إلي الرئيس ووافق ولا ندري لماذا توجست الرقابة من "الجردل والكنكة" هل فكر الرقيب كعادته في موقعه الوظيفي وشعر بأن الرئاسة ربما تغضب من شيء ما يخفيه الفيلم فآثر السلامة وهو ما تكرر أيضاً بعد ذلك مع "السفارة في العمارة" الفيلم يتعرض للسلام البارد مع إسرائيل ويقدم وجهة نظر الدولة الرسمية، فهي لا تقطع علاقتها مع إسرائيل ولم يحدث أننا استمعنا إلي صوت داخل النظام يطالب بطرد السفير وهو ما يؤكد عليه الفيلم ورغم ذلك فإن الرقيب - الذي يصفونه دائماً بالمستنير - رفض التصريح تحسباً لأي مشكلة ورفع الأمر إلي مؤسسة الرئاسة ووافق الرئيس لأن الفيلم يعبر بالضبط عن رأي وتوجهات الدولة.. ولا ندري هل شاهد الرئيس الفيلم أم أنه أسند تلك المهمة لابنه لأنه قبل نحو 10 سنوات تعرض فيلم "جواز بقرار جمهوري" لمأزق عندما رفض الرقيب السابق "مدكور ثابت" الموافقة فذهب مخرج الفيلم "خالد يوسف" إلي أمين عام المجلس الأعلي للثقافة وكان في تلك السنوات "د. جابر عصفور" ورغم تفتح الرجل إلا أنه يعلم بالطبع أن الرئاسة لديها منطق خاص لا يستطيع أحد أن يقرر بالطبع ما هو المسموح، إلا الرئيس أو من ينوب عنه.. وشاهد "جمال مبارك" الفيلم ووافق علي عرضه.. هذه المرة يبدو الأمر يحمل قدراً من الحساسية بالطبع لأنه ابن الرئيس الذي يراه الجمهور لأول مرة في الفيلم الذي تجري أحداثه في مصر.. أشعر أن تدخل "عادل إمام" لدي الرئاسة سيسفر عن موافقة قادمة.. لأن الدولة في النهاية تدرك أن "معاطي" و "عادل" وأبناءه لا يمكن سوي أن يدعموا النظام والمقصود هو الترويج للتوريث وفي نفس الوقت نفي أنه توريث.. وهذه هي بالضبط الرؤية التي يتم الترويج السياسي لها توريث له مكسبات لون وطعم تمنحه مذاق الانتخابات الديمقراطية!! رغم ضبابية الصورة الآن حول مصير السيناريو والكل ضارب لخمة من الرقيب للوزير إلا أن الفيلم قادم لا محالة وابن الزعيم سوف يؤدي دور ابن الرئيس!!