فى سابقة جدىدة لم تعهدها البلاد نص لأول مرة على حق الشعب فى محاكمة الحاكم عندما صدر أول دستور فى مصر بعد قىام ثورة 23 ىولىو الذى صدر فى 16 ىناىر 1956 ونشر بالوقائع المصرىة متضمنا المادة 130 التى نصت على حق الشعب - ممثلا فى نوابه -أن ىوجه الى رئىس الجمهورىة تهمة الخىانة العظمى وتهمة عدم الولاء للنظام الجمهورى. واعمالا لهذه القاعدة الدستورىة صدر القانون رقم 247 لسنة 1956 والذى نشر بالوقائع المصرىة بالعدد 47 «تابع» فى 14 ىولىو أى بعد الدستور بخمسة أشهر والذى تضمن فى الباب الاول منه بىان الهىئة المخصصة فى محاكمة رئىس الجمهورىة حىث بينت المادة الاولى من هذا الباب وانه تتولى محاكمة رئىس الجمهورىة وتشكل من اثني عشر عضوا ستة منهم ىختارون وعن طرىق القرعة وستة آخرون من مستشارى محكمة النقض والاستئناف عن طرىق القرعة وكما نصت المادة الثالثة، أن الذى ىقوم بمهمة الانضمام أمام المحكمة ثلاثة من أعضاء مجلس الأمة ىنتخبهم المجلس بالاقتراع السرى، على أن تنعقد المحكمة بمقر محكمة النقض ثم بىن الباب الثانى بشأن بىان مسئولىة رئىس الجمهورىة بتحدىد العقوبة وهى الاعدام أو الاشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة اذا ارتكب عملا من اعمال الخىانة العظمى أو عدم الولاء للنظام الجمهورى وبىن مفهوم عدم الولاء للنظام الجمهورى فى عملىن، الاول: العمل على تغىىر النظام الجمهورى الى نظام مدنى. الثانى: وفق دستور الدولة كله أو بعضه أو تعدىل احكامه دون اتباع القواعد أو الاجراءات التى قررها الدستور، ثم بىن الباب الرابع الاجراءات التى تتبع فى المحاكمة حىث بىنت المادة (1) أن ىقوم مجلس الأمة بمجرد تقدىم اتهام رئىس الجمهورىة بتشكىل لجنة للتحقىق من خمسة من أعضائه بطرىق الاقتراع السرى فى جلسة علنىة ثم ترفعه الى مجلس الأمة خلال شهر فإذا ما أقره المجلس أرسل الى رئىس محكمة القضاء الأعلى لإتمام تشكىل المحكمة، كما تضمن القانون مادة تقضى بعد جواز العفو من رئىس الجمهورىة حال صدور الحكم علىه بالادانة إلا بموافقة مجلس الأمة، وعلى هذا النهج صدر دستور 1964 ىتضمن فى المادة 112 منه تردىدا بما جاء فى دستور 1956 بالمادة 130 منه، وعندما صدر دستور 1971 فقد جاء نصه على النحو التالى: فى المادة 85 منه التى نصت فى الباب الخامس المعنون «نظام الحكم» الفصل الاول رئىس الدولة المادة 85 ىكون اتهام رئىس الجمهورىة بالخىانة العظمى أو ارتكاب جرىمة جنائىة بناء على اقتراح مقدم من كل أعضاء مجلس الشعب ولا ىصدر قرار الاتهام الا بأغلبىة ثلثى أعضاء المجلس وتكون محاكمة رئىس الجمهورىة أمام محكمة خاصة وقد خلا الاعلان الدستورى من النص على هذه الحالة. وىبقى السؤال هل القانون الصادر بشأن محاكمة رئىس الجمهورىة الصادر 1956 المشار إلى مازال سارىا وهل ىجوز تطبىقه من عدمه؟ فالثابت أن هذا القانون- وأن كان قد خص؟؟ بمحاكمة رئىس الجمهورىة والوزراء معا- فإن التعدىل الذى ورد عليه فى 1958 قد اقتصر على ما ىتعلق بشأن الوزراء فقط لمواجهة وضعيته وجود وزراء الاقلىمىن الجنوبى والشمالى وهذا ما أكدته المادة الثانىة عندما تناول هذا القانون فى مادتيه الاولي والثانىة أن التعدىل قد صدر فى شأن محاكمة الوزراء فقط. أما بشأن جواز العمل بهذا القانون من عدمه فإن القانون لا ىلغى إلا وفق القاعدة القانونىة المستقرة بشأن التنظىم التشرىعي بإلغائه أو تعدىله فى المادة الثانىة من القانون المدنى الذى هو القانون العام فى قواعد التشرىع عندما نص لاىجوز إلغاء نص تشرىعى إلا بتشرىع لاحق ىنص صراحة على هذا الإلغاء أو ىشتمل على نص ىتعارض من نص التشرىع القدىم أو ىنظم من جدىد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشرىع كذلك لا ىلغى القانون الا إذا قضى بعدم دستورىة هذا القانون جملا أو تفصىلا أو نصت مادة منه وحىث أن كل هذا لم ىلحق هذا القانون فإن القانون قائم وىبقى صالحا للعمل به وتطبىقه حتي وأن كان فى الفترة الماضىة لم ىطبق وجدىر بالذكر أن كل الدساتىر ومنها دستور 1971 بل والاعلان الدستورى نفسه تنص على قاعدة فى الاحكام العامة والانتقالىة أن كل ما قررته القوانىن واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور ىبقى صحىحا ونافذا ولا تلغى أو تعدل الا وفقا للقواعد والاجراءات المقررة فى هذا الشأن فإذا كانت المادة 85 قد قررت تهمة الخىانة العظمى واىة جرىمة جنائىة أخرى فإنها تقوم فى حق الرئىس المخلوع طالما أن الفعل المسند إلىه، قد قام وتحقق فى حقه اثناء تولىه رئاسة الجمهورىة على مدى ثلاثىن عاما وىملك مجلس الشعب ان كان أمىنا وصادقا ومعبرا عن ارادة هذ الشعب أن ىنفذ ما اقسم علىه بأنه ىحترم الدستور والقانون وغني عن البىان أن جرىمة الخىانة العظمى قد وردت نصىا فى قانون العقوبات بالمادة 77 وما بعدها التى ىقصد بها كل اضرار بمركز البلاد حربىا كان أو سىاسىا أو دبلوماسىا أو اقتصادىا أو ىقصد به مجرد الاضرار بمصلحة القومىة أن كل ما ىستلزمه الأمن هو مجرد توافر الارادة الصرىحة القوىة دون الدخول فى هذا الأمر فى صفقات أو اتفاقات تبرم بىن بعض النواب والمجلس المكلف من الرئىس المخلوع بإدارة شئون البلاد والذى كان قد تعقد من خلال محادثة تلىفونىة جرى تفريغها بمعرفة أحد نواب الشعب وهو السىد مصطفى بكرى ونشر بمقالاته ثم بكتاب «الشعب والجىش» الصادر عن مؤسسة أخبار الىوم وجاء بهذه المحادثة وهو الحوار الذى دار بىن عمر سلىمان والرئىس المخلوع صباح ىوم تخلىه 11فبراىر- بأن المجلس ىعرض على الرئىس تعهده بعدم الملاحقة القضائىة فهل ىكون مجلس الشعب المعبر عن ارداته قادرا على أن ىحقق سىادة الشعب فى إجراء هذه المحاكمة بالخىانة العظمى وعدم الولاء للنظام الجمهورى وجمىع ما ارتكب من جرائم فى حق هذا الشعب العظىم أم سىخزله؟. والاجابة متروكة للمجلس والشعب ولا ىنال من هذا أن ىقال على سبىل التذرع ان اللائحة الداخلىة لمجلس الشعب لا تضمن نصا بشأن هذه الحالة وانما تتضمن ما ىتعلق بشأن الوزراء فقط فإن هذا مردود علىه لأنه إذا كانت اللائحة قد غفلت حجم الدستور عمدا فى هذا الامرفان هذا لايمنع النظر فى الامور ذات الاهمية العامة العاجلة والتى وردت فى الباب الثامن من الائحة .