●● قبل المباراة بلحظات صاح المذيع الداخلى لاستاد سانتياجو بيرنابيو بشعار الرئيس الأمريكى أوباما فى الانتخابات: «نعم نستطيع». وهتف خلفه 76 ألف متفرج: نعم.. نعم.. وقبل بداية الشوط الثانى بلحظات عاد المذيع الداخلى للاستاد وهتف: «نعم نستطيع».. فلم يتلق نفس الرد، وساد الصمت المطبق على أركان المدرجات. فقد أدرك جمهور ريال مدريد أن الفرص الثلاث التى ضاعت فى ربع الساعة الأولى من المباراة من هيجوين وكريستيانو رونالدو ومسعود أوزيل.. كانت إشارة درامية فى الفيلم تقول: «لن نستطيع». ●● كان ريال مدريد نجح من قبل 6 مرات فى تجاوز هزيمة ثقيلة بالجولات الأولى للمسابقات الأوروبية. ومنها الخسارة أمام ديربى كاونتى الإنجليزى 4/1 ثم الفوز فى العودة 5/1. والخسارة أمام إندرلخت البلجيكى 3/صفر ثم الفوز 6/1. والخسارة أمام بروسيا مونشن جلاباخ 5/1 ثم الفوز فى العودة 4/صفر.. وتكررت نفس القصة ثلاث مرات أخرى. حتى أن الصحف الإسبانية أخذت تروج لفكرة العودة السابعة لريال مدريد قبل مواجهة بروسيا دورتموند، وأشارت إلى ما يعرف بروح خوانيتو أحد نجوم ريال مدريد السابقين الذى توفى عام 1992 فى حادث سيارة، وهو الذى قال: «إن 90 دقيقة على استاد سانتياجو برنابيو تعد وقتا طويلا للغاية أمام المنافس». ●● إن كل مباراة من المباريات الكبرى لكرة القدم يمكن أن تشهد دراما فى أى لحظة. ففى البداية هربت ثلاثة أهداف من نجوم الريال. وقبيل النهاية سجل بنزيمة الهدف الأول فى الدقيقة 81 ثم اضاف راموس الهدف الثانى فى الدقيقة 88.. (أيها المخرج المبدع ألم يكن ممكنا أن تأتى الأهداف مبكرا قليلا؟). ●● المواجهة كانت حسمت من الجولة الأولى التى شهدت تفوق بروسيا دورتموند بأربعة أهداف مقابل هدف. ومارس الفريق الألمانى نفس الضغط الذى مارسه على لاعبى ريال مدريد فى مباراة الذهاب، إلا أن ثلاثى الوسط المدريدى نجحوا فى فرض سيطرتهم، وصنعوا الفرص، ومرحوا فى المساحات الخالية.. وفشلت الهجمات الألمانية المضادة. وكانت إصابة جوتزة من أسباب هذا الفشل، فهو العقل وصانع الألعاب. وفى المقابل لجأ جوزيه مورينيو إلى الخطة (ب) هو دائما لديه خطة بديلة لاسيما حين يطارد فوزا صعبا. فأجرى تغييرات هجومية وأشرك كاكا كصانع ألعاب. وكريمة بنزيمة رأس حربة. واستغنى عن الظهير الأيمن وكلف خضيرة بالواجبات الدفاعية والتغطية فى هذا الجانب.. وكانت تلك الخطة مغامرة ولكنها كادت تنجح إلا أن الوقت لم يكن كافيا. ●● مشهد النهاية الرائع المتكرر كان شرحا وافيا للفارق بين الرياضة، وبين «الخناقة».. بين كرة القدم، وبين كرة الندم. بين القيم النبيلة، والروح الرياضية، وبين أجواء الاحتقان والكراهية.. لقد انتهت معركة المجالدين على حلبة سانتياجو بيرنابيو. انتهى الصراع الشرس. وتصافح المتصارعون (اللاعبون) وعلى الرغم من خروج ريال مدريد من البطولة الأوروبية، هتف وصفق جمهور الفريق للاعبيه تحية لهم على كفاحهم وعلى شرف المحاولة.. لم يهتف الجمهور ضد لاعبيه لم يسبهم. لم يلق عليهم بزجاجات المياه غضبا وقرفا.. ولكن الجمهور المساند المؤمن بالرياضة وبقيمها.. رمى لاعبيه بالحب وبالورد.