قال الدكتور أشرف العربي عضو مجلس النواب ورئيس مصلحة الضرائب الأسبق أن نظام الاعفاءات الضريبية لها تأثير سلبي علي الاقتصاد، حيث تعد حافزا لزيادة حالات التهرب الضريبي بأنها تدفع الممولين للتحايل للاستفادة من الاعفاء وهو ما يؤدي الي تضخم حجم الاقتصاد غير الرسمي الذي يقدره بعض الخبراء في مصر بنحو 70 إلي 80% من حجم الاقتصاد الرسمي. جاء ذلك في ختام جلسات الحوار النقاشية التي نظمها المجلس الوطني المصري للتنافسية، حول الإدارة المالية الحكومية ومبادرات الاصلاح وشارك فيها عدد من أعضاء مجلس النواب والدكتور محمد معيط نائب وزير المالية لشئون الخزانة واللواء رفعت قمصان مستشار رئيس مجلس الوزراء لشئون الانتخابات. وأضاف العربى أن مصر عرفت نظاما ضريبيا معقدا قبل عام 2005، كان يفرض ضريبة بنسبة 34% علي النشاط الصناعي و42% للتجاري مع منح خصم من الوعاء الضريبي ما يعادل قيمة الفائدة البنكية علي رأس مال الشركات وهو ما كان يؤدي إلي خفض نسبة الضرائب الحقيقية المسددة من الشركات الكبري إلي 18% فقط والمتوسطة إلي 24%، ولذا عندما تم اصلاح النظام الضريبي بقانون الضرائب علي الدخل الجديد وتوحيد السعر الضريبي عند 20% زادت الحصيلة الضريبية بصورة ملموسة وماتزال تتزايد حتي الآن. وحول المطالب بالعودة إلي الاعفاءات الضريبية مرة أخري خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أكد «العربي» أن هذا خيار خاطئ لأن مصر عرفت من قبل نظام المناطق الاقتصادية الخاصة والتي كان سعر الضريبة بها 10% فقط ومع ذلك لم تؤسس في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالقناة سوي 4 شركات فقط طوال السنوات الماضية ولذا لم نشهد تنمية حقيقية ، كما ان الدولة تسعي لجذب كبري الشركات العالمية المالكة للتكنولوجيا المتقدمة التي لن تستفيد من الاعفاء الضريبي في هذه الحالة لأنها ستدفع عن أرباحها في مصر ضرائب ولكن في دولها الأم وبالتالي تكون مصر دعمت خزانة تلك الدول الأجنبية. وأشار «العربي» إلى أن النظم الضريبية حاليا اصبحت عالمية بفضل توسع أعمال الشركات لتمتد إلي أسواق عديدة ولذا فإن اصلاح الإدارة الضريبية وليس الاعفاء الضريبي هو العامل الأكثر أهمية في قرار الاستثمار ببلد ما، حيث ينظر المستثمرون الدوليون إلي مناخ الاستثمار من حيث الوضع الاقتصادي وسهولة الإجراءات والخدمات التي تقدمها الإدارة الضريبية لتسهيل آداء الضرائب، لافتا إلي أن الضرائب قبل عام 2005 كانت تتصدر التقارير الدولية عن مناخ الاستثمار بمصر باعتبارها ابرز عائق أمام الاستثمار، وعندما تم الاصلاح اختفت تماما من تلك التقارير بل أن الضرائب عام 2006 كانت الجهة الحكومية الوحيدة التي حصلت علي تصنيف جيد في التقارير الدولية بعد أن كانت تحصل علي تصنيف سلبي من قبل. وبالنسبه لما اثارة احد نواب البرلمان حول الحاجة لنظام ضريبي خاص للمشروعات الصغيرة والمتوسطة اكد العربي ان مصر كان لديها نظاما ضريبيا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة حيث كانت تدفع المشروعات الصغيرة ضريبة مقطوعة، ولكن بشرط ان تثبت تلك المشروعات انها صغيرة الحجم فعلا وتلتزم ببعض الضوابط الضريبية حتي لا تتحول الي منفذ للتهريب، لافتا الي انه في روسيا احد كبار رجال الاعمال استغل تيسيرات المشروعات الصغيرة وقسم اعماله الي شبكة ضخمة من المشاريع الصغيرة كي يتهرب من الضرائب. وحول الاتجاه للتحول الكامل لنظام الضريبة علي القيمة المضافة أكد «العربي» أن العالم المتقدم يطبق حاليا الضريبة علي القيمة المضافة والتي تعد مطبقة في مصر بنسبة 85% من خلال نظام الضريبة علي المبيعات، مطالبا بعدم تحريك السعر العام للضريبة الحالي سوي بنسبة 1% فقط علي أن تستمر تلك الزيادة بنسبة 1% كل عام لمدة 4 أو 5 سنوات حتي لا يحدث زيادة كبيرة في الأسعار تدفع للتهرب من اداء الضريبة وبالتالي انخفاض حصيلتها. واتفق عبد المنعم مطر الرئيس الحالي لمصلحة الضرائب المصرية مع هذا الرأي حيث أشار إلي أن مصر طبقت ضريبة علي الاستهلاك منذ عام 1981 وحتي 1991 وذلك علي 124 سلعة فقط ، ثم تحولت إلي الضريبة علي المبيعات والتي شملت معظم السلع المتداولة إلا أن السلع الأساسية والتي تم إعفائها ووضعها بجدول الإعفاءات بجانب إخضاع خدمات محددة للضريبة ما رفع من حصيلة الضرائب من ملياري جنيه عام 1991 إلي 6.5 مليار جنيه عام 1992. وقال أنه مع التحول لنظام الضريبة علي القيمة المضافة ستخضع جميع السلع والخدمات ما عدا بعضها سيتم إعفاءه وسيحدد نصا بالقانون مراعاة لمحدودي الدخل، إلي جانب التوسع في نظام خصم ما سبق سداده من ضرائب علي المواد الخام والتكاليف المباشرة وغير المباشرة أيضا وهو ما سيسهم في تخفيض العبء الضريبي الحقيقي وهو ما نتوقع معه امتصاص جانب كبير من أي زيادة في السعر العام للضريبة وبالتالي عدم زيادة الأسعار علي المستهلك سوي بنسبة 1.5% كما يتوقع البنك الدولي. من ناحية أخري أكد عدد من أعضاء البرلمان المشاركين أن ما تضمنته رؤية مصر 2030 من اتجاه لارساء اللامركزية مالية وإدارية حقيقية من خلال منح دور أكبر للمحليات في إدارة الاستثمارات العامة أمر يتفق مع مبادئ الدستور المصري. وأشار الأعضاء إلي أن الإدارة المالية الحكومية تحتاج بالفعل إلي تطوير بما يتفق مع مبادئ الدستور والحوكمة والإدارة الرشيدة وهو ما سيعمل البرلمان مع الحكومة ومع منظمات المجتمع المدني مثل المجلس الوطني المصري للتنافسية لتنفيذه فلابد من التغيير والاصلاح. من جانبها أشادت د. منال ماهر عضو مجلس النواب عن سوهاج بمبادرة مجلس التنافسية بتنظيم جلسات نقاشية حول اصلاح الإدارة الضريبية، مشيرة إلي أن البرلمان يستعد لاستقبال مشروع قانون أول موازنة عامة سيصدرها البرلمان بعد غياب 5 سنوات، مشيرة إلي ضرورة تعاون منظمات المجتمع المدني مع أعضاء البرلمان جميعا وليس فقط لجنتي الخطة والموازنة من أجل ضمان مناقشة الموازنة الجديدة بصورة أكثر فعالية لضمان توافقها مع مبادئ الدستور ورؤية مصر 2030 ورغبة البرلمان والمجتمع والقيادة السياسية أيضا في الإصلاح والتغيير. من جانبها كشفت أمينه غانم المدير التنفيذي للمجلس الوطني المصري للتنافسية عن اتفاق المشاركين في الجلسات النقاشية علي أجندة لاصلاح إدارة المالية العامة من خلال العمل علي 5 محاور رئيسية بالتوازي، الأول اصلاح البنية التحتية للإدارة المالية من خلال الاسراع في تنفيذ مشروعات الميكنة والربط الشبكي بين وحدات الجهاز الإداري خاصة الوحدات الموازنية، والثاني العمل علي الارتقاء بكفاءة العنصر البشري بالجهاز الإداري للدولة من خلال اصلاح إداري حقيقي، إلي جانب تبني إطار متوسط الأجل لمشاريع الموازنات المالية مع وضع سقوف قصوي للانفاق العام للجهات المختلفة مع بداية إعداد الموازنات العامة. وقالت أن الأجندة تشمل أيضا ضرورة العمل علي إصلاح منظومة المشتريات الحكومية وتبني نظام للتدقيق المالي الداخلي والعمل علي تطوير جهاز المحاسبات بصورة شاملة مع فتح ملف الصناديق والحسابات الخاصة من خلال دراسة جادة تحدد مستقبل تلك الصناديق إما بالضم للموازنة العامة او استمرار بعضها حسب الضرورة. وأشارت إلي أن المجلس الوطني للتنافسية سيعد مذكرة تفصيلية بأجندة الإصلاح المقترحة من أعضاء البرلمان والأكاديميين والخبراء لرفعها لوزيرا المالية الدكتور عمرو الجارحي والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري الدكتور أشرف العربي.