«التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 4 جمعيات في القاهرة والجيزة    «زي النهاردة».. وفاة قديس اليسار المصرى المحامى أحمد نبيل الهلالي في 18 يونيو 2006    جامعة المنيا تحتل المرتبة 641 عالميًا وال21 إفريقيًا بالتصنيف الأمريكي للجامعات    ارتفاع أسعار الذهب وسط ترقب قرار الفيدرالي الأمريكي    أسعار النفط تواصل الصعود مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025    مدير الطاقة الذرية يتراجع: لا دليل على تطوير سلاح نووي بإيران    إسرائيل: هبوط أول رحلة طيران تعيد مواطنين إلى بلادهم في مطار بن جوريون    ماميلودي صنداونز يحقق أول انتصار أفريقي في مونديال الأندية 2025    مجانا برقم الجلوس.. اعرف نتيجة الشهادة الإعدادية بالقاهرة    طلاب الثانوية بمدارس المتفوقين يؤدون غدا امتحان اللغة الثانية    صحة إسرائيل: 94 مصابا وصلوا إلى المستشفيات الليلة الماضية    نائب وزير الصحة تزور قنا وتشدد على تنفيذ برنامج تدريبي لتحسين رعاية حديثي الولادة    وول ستريت جورنال: ترامب لم يتخذ قرارا نهائيا بعد بشأن مهاجمة إيران    مواعيد وقراء تلاوات إذاعة القرآن الكريم اليوم الأربعاء    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام الهلال في كأس العالم للأندية 2025    تليفزيون اليوم السابع يرصد عمليات إنقاذ ضحايا عقار السيدة زينب المنهار (فيديو)    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025 ؟ قائمة أعلى شهادات الادخار الآن    كيف نجح الموساد في اختراق إيران.. وخطط ل«الأسد الصاعد»؟    تمكين الشباب في عصر التكنولوجيا والثقافة الرقمية على طاولة الأعلى للثقافة، اليوم    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 18-6-2025 بعد الارتفاع الجديد    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 18 يونيو 2025    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    "أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي    من الكواليس.. هشام ماجد يشوّق الجمهور لفيلم «برشامة»    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد قرية الطويل بمركز العريش    مؤتمر جوارديولا: كرة القدم ازدهرت في شمال إفريقيا وأعلم أين خطورة الوداد.. وهذا موقف جريليتش    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    «طلع يصلي ويذاكر البيت وقع عليه».. أب ينهار باكيًا بعد فقدان نجله طالب الثانوية تحت أنقاض عقار السيدة زينب    السكة الحديد.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى مختلف المدن والمحافظات الأربعاء 18 يونيو    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    "إنفجار أنبوبة".. إصابة 7 أشخاص بحروق واختناقات إثر حريق شقة بالبحيرة    إسرائيل تهاجم مصافي النفط في العاصمة الإيرانية طهران    معدن أساسي للوظائف الحيوية.. 7 أطعمة غنية بالماغنسيوم    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    تموين دمياط يضبط 7.5 طن مخللات غير صالحة للاستهلاك    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    مسؤول إسرائيلي: ننتظر قرار أمريكا بشأن مساعدتنا فى ضرب إيران    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    علي الحجار يؤجل طرح ألبومه الجديد.. اعرف السبب    «الربيع يُخالف جميع التوقعات» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأقباط الموحدون
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 08 - 2009

بعد أن نجّى الله سبحانه وتعالى عبده ورسوله المسيح عيسى ابن مريم من كيد اليهود ورفعه إليه انطلق حواريوه فى البلاد يبشرون بالملكوت وينشرون دين الحق الذى جاء به المسيح كما جاءت به رسل الله أجمعين ويخرجون الناس من ظلمات الوثنية والشرك إلى نور التوحيد الخالص لرب واحد خالق الكون والملكوت بلا شريك له فى الخلق أو الأمر.
ولقد كانت لمصر مكانة مهمة فى المسيحية فإليها فرت العائلة المقدسة المكونة من مريم العذراء وطفلها الرضيع يسوع ويوسف النجار هربا من هيرودس ملك اليهود الذى أراد قتله حين أخبره مجوس المشرق القادمين إلى أورشليم أنهم رأوا نجم صبى وُلد فيها وأنه سوف يصبح ملكا لليهود، وقد حملت تلك الرحلة الميمونة البركة إلى أرض مصر فبعد ذلك بسنوات وبعد رفع المسيح عليه السلام وصلها واحد من السابقين الأولين من المؤمنين برسالة المسيح وأحد حوارييه المخلصين هو يوحنا مرقس الذى أسس أول كنيسة بالإسكندرية عام 62م وراح يدعو الناس إلى عبادة الله الواحد لا شريك له فتآمر عليه الوثنيون وقيدوه وعذبوه حتى قضى شهيدا.
واستمر الشرك والإيمان يتصارعان على أرض مصر التى كانت فى ذلك الوقت خاضعة للإمبراطورية الرومانية الوثنية وكلما ازداد انتشار المسيحية بين القبط اسم يطلق منذ القدم على سكان مصر ازداد حقد قياصرة الرومان وولاتهم فأخذوا يضطهدون المؤمنين ويسومونهم سوء العذاب، لكن قسوة الاضطهاد وبشاعة التعذيب واستشهاد ألوف المؤمنين والتمثيل بجثثهم ما زادتهم إلا إيمانا وتمسكا بدينهم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : (قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له فى الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد مادون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه) وتلك سنة الله النافذة فى خلقه التى لا تتغير ولا تتبدل وليميز الله الخبيث من الطيب، فاستمر الاضطهاد نحو قرنين ونصف القرن من الزمان تضاعف خلالها انتشار المسيحية وعرفت البلاد العديد من الشهداء الذين أصبحوا رموزا يهتدى بها حيث تحولوا إلى أمثلة للتضحية فى سبيل العقيدة تحث الآخرين على التقدم للسير على نهجهم، ومن أبرز شهداء تلك الفترة القديسة كاترين «سانت كاترين» والقديس تادرس والبابا بطرس وغيرهم، وقد بلغت بشاعة القتل أن كانت جثث الشهداء يُمثل بها ثم تُحمل على عربات وتُلقى أكواما متراكمة فى نهر النيل.
وكان من نتائج ذلك الاضطهاد الذى فاق كل وصف أن لجأ مسيحيو مصر الأوائل، الأقباط الموحدون، إلى الصحراء هربا من نير القهر والتعذيب فأقاموا كهوفا ومغارات يتعبدون فيها ويتبتلون إلى الله لينجوا بأرواحهم من شرور الحياة فكانت تلك هى اللبنة الأولى لنظام الرهبنة فى المسيحية، وعرفت سيناء والصحراء الغربية نمطا بدائيا من أديرة الرهبان كانت السبب المباشر فى دخول بعض بربر شمال أفريقيا فى المسيحية.
وقد أُطلق على تلك الفترة المبكرة من التاريخ القبطى اسم «عصر الشهداء الأول» تمييزا له عن «عصر الشهداء الثانى» الذى سيعرفه المصريون بعد فترة قصيرة اطمأنوا فيها واستراحوا وتمتعوا بممارسة شعائرهم فى جو من التسامح الدينى بعد أن أصدر الإمبراطور الرومانى قسطنطين الأول فى عام 313م قانونا أُطلق عليه «مرسوم ميلانو» نص فيه على إلغاء جميع العقوبات التى فرضها الأباطرة السابقون على من يعتنق المسيحية فى ربوع الإمبراطورية، وفى هذا السياق قام الإمبراطور بنقل عاصمة إمبراطوريته من روما حيث معقل الوثنية فى غرب أوروبا إلى مدينة فى الشرق حيث يكثر انتشار المسيحيين سماها روما الجديدة ثم أُطلق عليها بعد وفاته «القسطنطينية» تيمنا باسمه لتعتبر أول مدينة مسيحية فى العالم تضم بيوت الله ويُمنع فيها بناء المعابد الوثنية تماما منذ ذلك التاريخ، وقد حلت بها البركة بذاك التكريم حتى أصبحت بعد قرون طويلة «استامبول» عاصمة الخلافة الإسلامية وإحدى منارات التوحيد التى تستقطب مشاعر المؤمنين فى كل مكان.
إلا أن الأقباط ماكادوا يركنون إلى الراحة وينعمون بالتسامح حتى ابتلوا بعاصفة جديدة بدأت بواكيرها فى أثناء حكم قسطنطين ذاته، فتحمسا من الإمبراطور للديانة المسيحية التى اعتنقها أراد لها أن تنتشر فى ربوع الإمبراطورية الرومانية فوقف له الوثنيون بالمرصاد وكانت لرجال الدين فى المعابد الوثنية مكانة هائلة فى نفوس الناس وقوة روحية لم يتمكن الإمبراطور من ردعها أو الانتقاص منها فلجأ إلى مداهنتهم وعاونه بعض رجال الدين المسيحى الذين استندوا إلى ماجاء فى الأثر وبالأخص ما ذكره بولس الرسول فى سفر كورنثوس الأول آية 9 : «استعبدت نفسى للجميع لأريح الأكثرين فصرت لليهود كيهودى لأريح اليهود وللذين تحت الناموس كأنى تحت الناموس لأريح الذين تحت الناموس وللذين بلا ناموس كأنى بلا ناموس مع أنى لست بلا ناموس.. وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل».
ومن هنا بدأ رجال الدين المسيحيون يداهنون الوثنيين ليغروهم بالدخول فى الدين الجديد وقد كانت آلهة الرومان الوثنية ثلاثة خلافا للتعدد الواسع فى الآلهة الموجود عند اليونان وفى الوثنية الفرعونية التى كان كثير من القبط لايزالون متمسكين بها كان الثالوث الإلهى الفرعونى: أوسيرى، وهور، وإيس، ومن هنا وهناك تولدت فلسفة الأقانيم الثلاثة للإله الواحد (الآب والإبن والروح القدس) التى يسرت تخلى الوثنيين عن عقائدهم السابقة التى تمسكوا بها لقرون طويلة ودخولهم فى المسيحية، وعلى هذه الفلسفة كان تأسيس الكنيسة الكاثوليكية فى الغرب.
إلا أن أقباط مصر المؤمنين الذين تحملوا الاضطهاد والتعذيب والقتل والتشريد طوال قرنين ونصف القرن من الزمان من أجل عقيدة التوحيد الخالص التى بشر بها المسيح ودعاهم إليها مرقس البشير «مار مرقس» رفضوا هذا الخلط بينها وبين العقائد الوثنية القديمة فكان ذلك الرفض نقطة مفصلية فى التاريخ المسيحى عامة وفى تاريخ مصر خاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.