«الأسقفية الأنجليكانية» تهنئ الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب بابا الفاتيكان    منح الدكتوراه الفخرية للنائب العام من جامعة المنصورة تقديرًا لإسهاماته في دعم العدالة    رئيس "إسكان النواب": الدولة ملزمة بتوفير سكن بديل حال تعديل "الإيجار القديم"    رينو تكشف عن Boreal SUV جديدة تستهدف أكثر من 70 سوقًا عالميًا    تسلا تضيف موديل «Y» بنظام دفع خلفي بسعر يبدأ من 46.630 دولارًا    ترامب يدعو أوكرانيا وروسيا إلى وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما ويتوعد بعقوبات    مقربون من ترامب: الرئيس الأمريكي يقطع الاتصال مع نتنياهو لهذا السبب    الاحتلال يقتحم الخضر جنوب بيت لحم ويصيب شابًا وطفلًا فلسطينيين بالرصاص    موعد نهائي دوري المؤتمر الأوروبي بين تشيلسي وريال بيتيس    ملف يلا كورة.. فوز الأهلي.. رسائل الرمادي.. وتأجيل حسم أزمة القمة    أموريم: الدوري الأوروبي يختلف عن بريميرليج.. ومواجهة توتنهام ستكون رائعة    عهد جديد من النعمة والمحبة والرجاء.. الكنيسة الكاثوليكية بمصر تهنئ بابا الفاتيكان    اجتماع بين الهيئة القومية لسلامة الغذاء المصرية واللجنة الوطنية للمستهلك بجنوب إفريقيا لتعزيز التعاون في حماية المستهلك وسلامة الغذاء    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    ب«زفة روحية».. تطييب رفات القديس مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية ب«كاتدرائية الإسكندرية»    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    سفير باكستان لدى مصر: باكستان دولة مسلمة ولا تقبل العدوان    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    كيم جونغ أون يشرف على تجربة صاروخية ويؤكد جاهزية السلاح النووي    متحدث الكنيسة الكاثوليكية: البابا الجديد للفاتيكان يسعى لبناء الجسور من أجل الحوار والسلام    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    في عطلة البنوك .. آخر تحديث لسعر الدولار اليوم بالبنك المركزي المصري    مفاجأة بعيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    موعد مباراة بيراميدز ضد البنك الأهلي في الدوري    مؤتمر النحاس: نلعب مباراة كل 4 أيام عكس بعض الفرق.. ورسالة لجماهير الأهلي    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    موجة شديدة الحرارة .. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم الجمعة 9 مايو 2025    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    تفحم سيارة نقل أعلى "صحراوي الجيزة"    في اليوم العالمي للحمار.. "بيطري" يكشف استخدامات جلده وأكثر الدول المستوردة    السجن المؤبد ل 4 متهمين قاموا بخطف طفل وطلب فدية 4 مليون جنيه    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    حدث في الفن- انهيار كارول سماحة ونصيحة محمود سعد بعد أزمة بوسي شلبي    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    مطاردات ولغز غرفة الهرم السرية.. طرح الإعلان التشويقي لفيلم "المشروع X"    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. انتخاب الكاردينال الأمريكى روبرت فرنسيس بريفوست بابا للفاتيكان.. إعلام عبرى: ترامب قرر قطع الاتصال مع نتنياهو.. وقيمة عملة "بتكوين" تقفز ل100 ألف دولار    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    جامعة القاهرة تكرم وزير العدل ورؤساء الهيئات القضائية    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتمردون الجدد
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 01 - 2016


الحق فى التمرد مكفول لكل جيل جديد بقوانين الحياة.
بعض التمرد غضب مجانى وبعضه الآخر يصنع التاريخ.
كيمياء التاريخ لا تعرف المعامل المعقمة وفق معادلات معدة سلفا.
تلك حقيقة يستحيل المجادلة فيها.
مصادرة الحق فى التمرد تفضى مباشرة إلى جمود لا يحتمل فى الفكر والروح والخيال وتقويض أى أمل فى المستقبل.
ليس من حق أى جيل، أيا كان إسهامه فى تاريخ بلاده، أن يحجب عن الأجيال التالية حقها فى الخروج عن المألوف والمعروف والموصوف.
لا يستطيع أحد أن «يفرمل» التاريخ عند لحظة لا يتعداها وتجربة لا يتجاوزها.
هذا وهم كامل.
كما لا يستطيع أحد أن يلغى خبرة الماضى بجرة قلم، كأنه لم يكن.
هذا وهم كامل آخر.
فى الفجوة بين الوهمين تتأكد أهمية الإصغاء، بلا تعالٍ إلى نداء المستقبل والحوار بلا وصاية مع الأجيال الجديدة.
عقدة كل الأجيال الشابة بأى مكان فى العالم النظر إليها من فوق وإملاء الأحكام النهائية عليها كآلهة الأوليمب فى الأساطير الإغريقية.
يبدو أحيانا أننا لا نقرأ التاريخ ولا نعرف شيئا عن الحوار مع الشباب.
من الشروط الأساسية لأى نجاح ممكن فى مثل هذه الحوارات الصعبة الدخول مباشرة إلى صلب الأزمة.
هناك شعور عميق شبه جماعى لدى الأجيال الجديدة بالخذلان، واعتقاد جازم بأن تضحياتهم الهائلة سُرقت مرتين.
الأولى، من جماعة الإخوان المسلمين.. والثانية، من أشباح الماضى.
الاستنتاج الأخير متعجل فى قراءة التاريخ ودروسه وحقائق «الشرعية الدستورية».
للخذلان تجلياته على شبكة التواصل الاجتماعى، والغضب عنوان لا تخطئه عين على الوجوه.
فى سبعينيات القرن الماضى انتهج جيلها العنوان نفسه.
‫تصدرت روحه العامة شعارا لأديب سكندرى: «نحن جيل بلا أساتذة».‬‬‬
لم يكن ذلك صحيحا، فلا جيل يبدأ من فراغ كأنه فى طلاق مع أسلافه من سياسيين ومفكرين ومثقفين.‬
الشعار فى توقيته عبّر عن ذروة الغضب من كل ما حوله وكل ما قبله.
فى تاريخ الثورات المصرية الحديثة حدث شىء من ذلك، فكل ثورة قللت من قيمة ما قبلها، كأنها ولدت فجأة لتبدأ التاريخ من جديد.
مال بعض جماعات شباب «يناير» إلى تكرار الخطأ نفسه فى نفى صلتها ب«يوليو» دون إدراك مغزى رفع صور «جمال عبدالناصر» فى التظاهرات الشعبية بلا تكلف أو اصطناع.
لم يسعوا إلى الاستماع إلى نبض الناس العاديين الذين كانوا القوة الضاربة فى إطاحة حكم «حسنى مبارك».
غير أن ذلك لا يلغى قيمة الدور الهائل الذى لعبوه فى الاستجابة لمتطلبات اللحظة التاريخية.
لامس تمردهم أسباب الثورة فتجلت الإرادة العامة فى التغيير.
إلهام التغيير صنعته مظالم لا تحتمل من نظام فقد صلته بعصره وجرف موارد مجتمعه وتصور أن بوسعه توريث الجمهورية من الأب إلى نجله الأصغر.
لكل ثورة أسباب تمردها، ف«الثورة العرابية» تعبير عن الضيق البالغ بالتمييز ضد المصريين.
صرخة زعيمها «أحمد عرابى»: «لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا» عبّرت عن شىء جوهرى يكاد يولد أجهضه الاحتلال البريطانى عام (1882).
بذات القدر عبرت صرخات مماثلة للزعيم الشاب «مصطفى كامل» بعد نحو عقدين من الهزيمة عن ميلاد الحركة الوطنية المصرية المعاصرة.
فى حركة «مصطفى كامل» تمهيد تاريخى لا شك فيه ل«ثورة 1919» التى جاءت استجابة لحقائق ما بعد الحرب العالمية الأولى ونداءات حق تقرير المصير.
كانت الثورة بقيادة «سعد زغلول» طلاقا نهائيا مع «العثمانية» وتوجها لدخول العصور الجديدة بهدفى «الاستقلال» و«الدستور».
كما كانت ثورة «يوليو» التى قادها «جمال عبدالناصر» استجابة أخرى لحقائق ما بعد الحرب العالمية الثانية فى طلب الاستقلال الوطنى والعدل الاجتماعى.
الثورة تمرد على السياق العام وتحدٍ للسائد والمألوف من سياسات متبعة وأوضاع تبدو مستقرة.
وقد كانت «يناير» خروجا كاملا عن السياق وتمردا على الدولة والسلطة والمعارضة المعتمدة.
التمرد هو روح الثورات والثوار متمردون يعرفون أهدافهم ووسائلهم ويخاطبون المواطنون بما يلهم المخيلة ويستدعى التضحية.
بصورة مبهرة نجح ثوار «يناير» فى استدعاء الإلهام إلى الشوارع المفتوحة، كسروا النظام الأسبق لكنهم لم يؤسسوا لأوضاع جديدة تعلن القطيعة مع الماضى.
كانت لحظة الثورة التى تصدروها قبل خمس سنوات ذروة الدور قبل أن تستوفى الرؤى والتصورات نضجها.
وهذه مشكلة لم يتعرض لها جيل آخر.
جيل (1946) أخذ وقته فى إنضاج أفكاره وخياراته التى تمردت على السياسات التقليدية بعد أن وصلت إلى حائط مسدود فى طلب الاستقلال بالمفاوضات.
حمل السلاح فى قناة السويس ضد معسكرات الجيش البريطانى، وخرجت المرأة بصورة غير مألوفة للعمل الوطنى، وبدا أن مصر على موعد مع تغيير يعصف بقواعد اللعبة كلها.
ذلك ما حدث بعد ست سنوات فى يوليو (1952).
وجيل السبعينيات أخذ وقتا مماثلا فى بلورة شخصيته وذائقته الخاصة التى امتدت إلى الثياب والهيئة العامة.
صنع أطول حركة طلابية فى التاريخ بين عامى (1968) أثر النكسة العسكرية و(1977) الذى شهد تظاهرات الخبز فى (18) و(19) يناير التى كادت تطيح حكم الرئيس الأسبق «أنور السادات».
انتفاضة الخبز ثورة ناقصة.
هذه حقيقة يصعب إنكارها.
بمعنى آخر فإن الذين تقدموا الصفوف فى «يناير» يستحقون عن جدارة فرصة كاملة أمام التاريخ.
لم يكن لدى المتمردين الجدد مبادئ فكرية ولا برامج معروفة ولا كادرات أخذت وقتها فى اكتساب الخبرة اللازمة.
وذلك سهّل خطف جوائز الثورة ودخولهم فى دوامات الإحباط المبكر.
فى البدايات وصفت أجيال «يناير» بأنها أفضل أجيال مصر الحديثة قاطبة قبل أن تنعت بكل نقيصة سياسية وجرت لها أبشع عملية اغتيال معنوى.
ما بين المبالغة فى التكريم والتوغل فى التحطيم تفاقمت الكراهيات بين الدولة وشبابها.
كسر الأجيال الجديدة جريمة تاريخية متكاملة الأركان.
ذلك لم يحدث بهذه القسوة مع أى أجيال سابقة فى التاريخ المصرى الحديث رغم كل ما تعرضت له من مضايقات ومحن.
إذا لم يتسع المجال العام وتحترم القيم الدستورية فالاحتواء مستحيل.
وإذا ما جرى الإقصاء بالتنكيل، فالصدام مؤكد.
فى عصر ثورة الاتصالات، الحجر على ما فى الصدور خرافة.
كشأن كل جديد الخيال مختلف والذائقة الفنية جديدة والروح العامة أكثر تمردا من أى أجيال سابقة.
فى إبداعاتهم الأدبية والفنية نزوع قوى لفكرة «الحرية» والتعلق بها كمسألة وجود.
هذه القيمة جوهر أى رهان مستقبلى على بناء دولة حديثة، حرة وعادلة.
فى الانكار صدام مع المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.