• «الشروق» ترصد 3 تجارب ناجحة لم نسمع عنها فى مصر الموسيقى الجيد هو الذى يحاول دائما التحليق خارج السرب، ليغرد منفردا بمفردات جديدة تعكس موهبته الفنية وموروثه الثقافى، وبالتالى يجد رد فعل إيجابى خاصة لو حصن موهبته بالمغامرة، وقرر أن يقدم فنه للغرب، حيث الحكم على الموهبة بفكر مختلف، وهناك لا يفرق معهم الشكل أو الموضة أو تصفيف الشعر. كل ما يهمهم هو الاستماع إلى نغمة جديدة غير متداولة، لذلك هناك تجارب نجحت عندما ذهبت إليهم حاملة فكر الشرق، أما الذين ذهبوا إليهم ب«الجيتار» و«البرنيطة» فلم يجدوا هناك من يستمع إليهم. «الشروق» ترصد ثلاث تجارب موسيقية حققت بعض النجاحات، ربما لم نسمع عنها فى مصر، لأنهم لا يملكون أبواقا إعلامية مثل من ادعوا العالمية. • وائل سامى من فرق الموسيقى العربية إلى «أبعاد» سويسرا: صاحب هذه التجربة هو مطرب اشتهر بأداء أغانى موسيقار الأجيال، وبرع فى تقديمها على مسارح دار الأوبرا، وكان الكثير من عشاق الموسيقى يرون فيه مشروع مطرب، يمكنه استكمال مسيرة جيل الوسط: الحلو والحجار وثروت، نظرا لإمكانيته الصوتية الكبيرة التى وضعته على رأس مطربى الموسيقى العربية بالأوبرا، لكن وائل كان يرى أن وجوده فى جلباب عبدالوهاب ربما يقتل طموحه الفنى كمطرب وكملحن ومؤلف موسيقى له بعض الأعمال، وبالتالى خاض تجربة ألبوم غنائى مع شركة إنتاج تبنته مع رفقاء المشوار ريهام عبدالحكيم ومى فاروق، لكن التجربة لم ترق لوائل، لأن الشركة حاولت أن تمسخ شخصيته الفنية، وتجعله واحدا مثل مئات المطربين الذين تواجدوا على الساحة فى نهاية التسعينات من القرن الماضى. ومع مرور الوقت بدأ يشعر بأن تجربته الفنية تحتاج إلى مكان يستوعب فكرة الخروج عن المألوف وعدم التكرار، كان يريد حياة فنية أكثر تحررا تمنحه فرصة التعبير عن ذاته، وتقديم الموسيقى المصرية فى إطار عالمى. فكانت رحلته إلى سويسرا.. وعنها يقول وائل سامى: سافرت سنة 2008 فى منحة مع المؤسسة الثقافية السويسرية لجامعة برن كفنان مقيم، وكانت مدتها 3 أشهر، تعرفت فيها على المشهد الموسيقى المعاصر هناك، وكان المشرف على المنحة هو المؤلف السويسرى كريستيان هينكينج، وهو موسيقى يقدر معنى الموهبة ويعشق الموسيقات المختلفة. وبعد انتهاء فترة المنحة اقترح علىَّ استكمال دراستى هناك، والحصول على الماجستير من جامعة برن للفنون. وتقدمت للمقابلة، وتم قبولى، وبدأت الدراسة فى نوفمبر 2008، وحصلت على الماجستير الأول فى التأليف الموسيقى المعاصر، والنظريات عام 2010. ثم حصلت على الماجستير الثانى فى المسرح الموسيقى عام 2012. عملت بعدها كمساعد فى قسم التأليف والنظريات بجامعة برن للفنون من 2012 إلى 2015، قسم التأليف والنظريات. والقسم معنى بدراسة الموسيقى المعاصرة الكلاسيكية الأوروبية والأوروبية الحديثة. وائل سامى مع فريق ابعاد خلال الدراسة كان هدفى هو الوصول إلى لغة موسيقية خاصة بى، أمزج فيها خبراتى السابقة فى الموسيقى الشرقية مع ما درسته من أسس وفنون التأليف الموسيقى الأوروبى المعاصر، شاركت بمؤلفاتى فى العديد من المهرجانات فى سويسرا وأوروبا، ووجدت هناك قدرا كبيرا من الاحترام لما أقدمه، وهذا شجعنى كثيرا على المواصلة بشكل آخر بخلاف الدراسة، ألا وهو عمل موسيقى يجمع الغربى والعربى. ومن 2011 بدأت فى تأسيس فريق«أبعاد» للموسيقى التقليدية الحديثة. والفكرة نشأت عندما لاحظت أن الموسيقى الأوروبى معزول فى فكر جمالى معين، لا يقبل تبديله أو الإضافة إليه وهذا ينطبق على كل ما يتعلق بموسيقى الشعوب أو الموسيقى التقليدية العالمية عامة والشرق أوسطية خاصة.. وقررت أن أعطى الحق لنفسى للتعبير عن موسيقانا، وقمت بتطبيق هذا مع فريق «أبعاد» بتقديم مزيچ من الموسيقى الشرقية التقليدية، بما تحتوى من منظومة سلمية وإيقاعية مع أسس التفكير الموسيقى فى التأليف المعاصر فى أوروبا، بمعنى أننا نستخدم المقامات والإيقاعات الشرقية ونصيغها بفكر المؤلف الموسيقى الأوروبى مع الاحتفاظ بالناتج السمعى القريب إلى أذن المستمع دون التعمق فى التغريب والتجريب . وفريق «أبعاد» مكون من 3 عازفين هم: إمرى إيدين «باص وجيتار» وتيتوس بلفالد «إيقاع» وأنا غناء وعود وأغلب النصوص عربية من شعر الحلاج وأحمد شوقى ومنتصر حجازى وهو صديق لى ويمثل جيلى. ومن هذه الأعمال «لبيك» من ديوان الحلاج و«أريد سلوكم» لأحمد شوقى والألبوم اسمه «حب قديم» وسوف نبدأ جولة فنية فى سويسرا وأوروبا من أبريل القادم، منها حفلات فى فيينا وباريس. وعن استقبال الجمهورلأعمالهم، قال وائل: الحمد لله ردود الأفعال إيجابية ورائعة. ومن أسبوع تم تقديم الألبوم بشكل رائع فى الراديو السويسرى، وكان هناك استحسان كبير من المستمعين. وحول مغامرة السفر لأوروبا قال: حلم استكمال الدراسة فى أوروبا ظل يراودنى من فترة كبيرة، لأننى شعرت بأن المؤسسات الموسيقية فى مصر حصرت المناهج والجماليات على مرحلة تاريخية معينة لم تتجاوزها منذ زمن. ومن مكانى هنا فى وسط أوروبا، وجدت أننى أستطيع من خلال مشاريع ثقافية مشتركة تجاوز ذلك، وحاولت التعاون مع كل المؤسسات الموسيقية فى مصر ولا ينقصنى إلا عقول راغبة فى تطوير الثقافة الموسيقية المصرية وأنا بصدد إقامة ورشة عمل فى القاهرة بالتعاون مع المؤسسة الثقافية السويسرية مع موسيقى وفنان سويسرى فى شهر مارس القادم، وموضوعها يدور حول أعمال المؤلف الأمريكى چون كيچو عن كيفية استخدام عناصرها فى خلق أعمال حديثة. وعن تعاونه الفنى مع المؤسسات الفنية المصرية، قال حصلت بالفعل على مقابة مع د. إيناس عبدالدايم رئيس الأوبرا فى يوليو الماضى وتقدمت بطلب لإقامة مجموعة من الحفلات لفريق «أبعاد» ولم أتلق أى رد حتى الآن، وسوف أجدد الطلب فى مارس إن شاء الله، وحاليا هناك تواصل مع مكتبة الإسكندرية. • حسام شاكر.. وعلى الأصل دور: حسام شاكر، عازف قانون متمرد منذ ظهوره على الساحة، ودائما أعماله الفنية التى يقوم بتأليفها تحمل هذا الطابع. له تجارب كثيرة فى كل أنحاء أوروبا تقريبا إلى جانب بعض دول الشرق الأقصى فى أسيا، تجربته خارج الحدود بدأت منذ فترة طويلة واسم فرقته التى أسسها ويقودها تحمل كثيرا من فكره، فهو يعمل بمنطق الموسيقى الرحال، لذلك أطلق عليها «رحالة ». حسام شاكر المقيم فى ألمانيا قال «إذا أردت أن تعى لماذا يهتم الأوروبيون والغرب بالموسيقى المصرى. طبق مقولة «على الأصل دور» هناك هم يبحثون عن الجديد، لذلك عندما تذهب لهم بموسيقاك والتى تعبر عن الجذور تجدهم منبهرين بها، أما هنا فالناس تريد أن ترتدى ملابس الغرب فى كل شىء ، بداية من البنطلون الجينز إلى الآلات الغربية. على الرغم من أن الغرب كله مجنون بموسيقانا المصرية، الفلكور المصرى كنز بالنسبة لهم، وعندما يستمعون إليه يحدث إبهار سمعى خاصىة عندما نستخدم الآلات التقليدية مثل القانون على سبيل المثال. هم يندهشون أن تلك الآلات التى تبدو بسيطة يخرج منها هذا النغم الملىء بالمشاعر، دائما يتهامسون «الآلات دى تطلع الموسيقى دى» . حسام شاكر عازف القانون المصرى العالمى وأضاف حسام أن أحد الأسباب الرئيسية التى تجعلهم مجانين بموسيقانا هو اعتمادها على قوة المشاعر والإحساس. والعالم كله ينظر على أن أرض مصر مليئة بالروحانيات، لذلك إذا أردت أن تذهب للعالمية عليك أن تكون «أصلى» لا تقلد أحدا، تكون نفسك . وأنا شخصيا قمت بعمل دراسة كانت خلاصتها أن الجاز هذا اللون الموسيقى العالمى المبنى على الارتجال من خلال تيمة ويقوم باقى الموسيقيون بالارتجال حولها، نحن لدينا نفس الفكرة من قديم الأذل، وهى معروفة لدينا ب «التحميلة» وهى تيمة، كله يرتجل عليها من خلال ما يعرف بالتقاسيم . منطق على الأصل دور هو الذى صنع شعبية الشيخ الهلباوى صاحب فكرة استخدام الترانيم القبطية مع التواشيح والابتهالات الاسلامية، الفكرة التى جمعت المرنم والمبتهل، وقام بعمل جولات فى كل فرنسا وعمل ضجة كبيرة ايضا الشيخ ياسين التهامى والشيخ أحمد برين من إسنا وهذا الرجل قبل رحيله كانت هناك وفود من فرنسا تذهب إليه فى إسنا ليحضروا حفلاته لأنه يمتلك صوتا جبارا ويقدم صوت الربابة بصوته البشرى، تجربة فريدة لأصحاب الجلاليب فعلا جننوا اشهر صناع الموسيقى فى العالم . تجربتى مع رحالة فى الخارج تتلخص فى أننى شاركت فى اكبر مهرجانات اوروبا لاننى اقدم اعمالى الموسيقية التى تعبر عنى وعن وطنى حتى اطلقوا علىَّ العبقرى المصرى واشهر نجوم اوروبا يريدون التعاون معى لانهم دائما يبحثون عن الجديد وهو بالنسبة لهم موسيقانا الثرة بالايقاعات والمقامات الموسيقية، ومن خلال فرقتى هذه زرت اوروبا وافريقيا وشرق أسيا اليابانوالصينتايلاند وفى اكتوبر القادم سوف اشارك فى اكبر مهرجان جاز فى الصين. تضم فرقتى بيانو والدرامز وباركشن وكمان وتشيللو والقانون ولا اقدم سوى موسيقاى فقط التى اقوم بتأليفها وعمن يتحدثون عن العالمية من المطربين المصريين قال مع احترامى الشديد لهم هذا الكلام يتم ترويجه فى اعلامنا للمصريين ولكن على ارض الواقع لا يوجد شىء «مافيش حاجة برة». فى الخارج يهتمون فقط بمن يقدم اعمالا تعبر عنه لكن معظم مطربينا الذين يتحدثون عن العالمية يذهبون اليهم بموسيقاهم. اذن ما الجديد الذى يقدمونه للغرب، وكل من طرب يأتى لاوروبا من اجل التسوق أو تغيير جو يعود لمصر معلنا عن مشروع وهمى . • أحمد على الحجار.. العود يصاحب أوركسترا بوسطن: أحمد على الحجار، من اسمه يبدو انه ينتمى لعائلة غنائية كبيرة، والده المطرب على الحجار وعمه الملحن الكبير أحمد الحجار وجده الفنان الكبير ابراهيم الحجار .احمد الصغير رغم خروجه من وسط هذه العائلة العريقة، الا انه يعشق المغامرة الموسيقية ويريد ان يكون موسيقيا متكاملا يغنى ويلحن ويقوم بالتوزيع الموسيقى إلى جانب اجادته للعزف على آلات مختلفة منها البيانو، كون فرقة فى مصر قدمت اغانى تحمل فكره الشاب ومنذ عدة سنوات قرر ان يتوجه لامريكا لكى يدرس هناك. البدايه كانت عبر الدراسة فى احدى الجامعات الأمريكية ومن هناك بدأ الشاب أحمد على الحجار اولى خطواته نحو العالمية بشكل جاد وعملى من خلال التعاون مع المغنية الامريكية الشهيرة كارول كينج.
وقال: قابلت كارول صدفة فى حفل تخرج جامعة، بيركلى، فى شهر مايو 2013. حيث وصلت إلى الجامعة لتتسلم جائزة الدكتوراه الفخرية من الجامعة. والجميل ان الجامعة كلفتنى بمرافقتها طوال فترة وجودها وهو تقليد داخل الجامعة وبالفعل اصبحت هى شغلتى فى الحفلة والمرافق الخاص طوال الحدث. وخلال تعارفى بها علمت اننى من مصر، ووجدتها تبدى اهتماما بذلك وعبرت عن اهتمامها بمصر وعن رغبتها فى زيارتها وعمل نوع من التبادل الثقافى بطريقة ما. وبصراحة وجدتها فرصة حتى تتعرف على إمكاناتى كموسيقى مصرى، وبالفعل ارسلت لها أغنية كنت طرحتها على يوتيوب اسمها Crazy، وهى أغنية انجليزية مشهورة قمت بإعادة توزيعها بشكل شرقى. واعجبت بها جدا. لكن كانت المفاجأة بالنسبة لى انها ارسلت رسالة عبر البريد الإلكترونى فى شهر سبتمبر لرئيس الجامعة التى ادرس فيها لتسأله عن مدى امكانية ان اقوم باختيار احدى اغانيها واعادة توزيعها وأقوم ايضا بالغناء معها فى حفل تكريمها الذى اقيم فى يناير 2014، وعندما سمعت هذا الخبر غمرتنى سعادة كبيرة لأننى لم اتوقع ان تحدث هذه النقلة معى فى بداية رحلة الدراسة فى امريكا. وبالفعل اخترت لها اغنية «كارول» Home Again وجهزتها على الطريقة المصرية الشرقية وظهرت معها وانا اعزف على العود المصرى وحققت الأغنية نجاحا ادهش الحضور. واضاف احمد: الاجمل ان الحفل حضره نجوم كبار مثل إليشيا كايز وبنك، وليدى جاجا، وجلورى استيفان جميعهم جاءوا لأداء أغانيهم فى هذا اليوم. وقال أحمد إن كارول كينج هى مؤلفة أغان ومغنية أمريكية فى رصيدها جوائز جرامى كثيرة، وصنعت أغانى لمغنين كثيرين. كما تم تكريمها فى مؤسسة اسمها MusicCares وهى توازى الGrammys. الحفل نفسه اقيم فى اسبوع الGrammys يوم 24 يناير الماضى. احمد على الحجار مع المغنية كارول كينج واضاف أحمد وجدت تقديرا كبيرا ايضا من ادارة الجامعة منذ دخولى، حيث قررت الجامعة منحى منحة مجانية لدراسة الموسيقى بها طوال خمس سنوات دون ان ادفع مليما. وهو ما يؤكد تقديرهم للمواهب الشابة. التجربه الثانية كانت فى حفلين مع المغنى الامريكى جيسون مراز حيث قدمت معه اغنيتين هما the remedy» ,» iam yours » وشاركت معه بالعزف على العود وكل منا غنى بلغته وحقق الحفلان ردود افعال ايجابة جدا والجميل ان احد الحفلين اقيم فى مسرح مدينة نيويورك وهو يشبه المسرح القومى عندنا، قام بالغناء عليه من قبل فرانك سيناترا وتوزع عليه جوائز الجولدن جلوب ويسع لخمسة آلاف مشاهد. كما قمت بعمل حفل مع اوركسترا بوسطن الذى اختارنى من جامعة بركلى لاداء عمل معهم واخترت اغنيتى موال الكروم وهى من مقام البياتى ووجدت استحسانا كبيرا منهم . واضاف ان نظرة الامريكيين للموسيقى الشرقية جيدة وهى بالنسبة لهم بمثابة شىء جديد لا يعلمون عنه شيئا لذلك عندما تقدمها لهم تجدهم فى حالة استعداد نفسى للاستماع وهذا اسعدنى كمصرى وشجعنى فى تجاربى هناك. هى بالنسبة لهم اكلة جديدة شهية. واضاف أحمد: طبيعة دراستى هى التوزيع الموسيقى لشتى الاساليب الموسيقية المختلفة فى مختلف العصور وهذا يفيدنى كثيرا عند التأليف الموسيقى للدراما إلى جانب دراسة كيفية التعامل مع الموسيقى المحملة على الكمبيوتر وكيف تم صياغتها وبأى طريقة. واضاف أحمد حتى الان لا اعرف ان كنت سوف استمر هناك ام لا لكننى فى كل الاحوال لن انقطع عن مصر، انا اريد ان انقل كل مادرسته إلى مصر حتى نستفيد منه فى موسيقانا، سواء المصاغة للاغنية أو للاعمال الدرامية.