قال الموسيقى باسم درويش: «لا شك أن بعض المنشدين المشايخ ومن يقدمون الغناء الشعبى بصفه عامة يحظون باهتمام كبير بين الأوروبيين، لأنهم يقدمون أعمال فنيه غير موجودة فى أوروبا، وتحمل طبيعه خاصة ودائما الأوروبيين مهتمين بالأعمال التى تنتمى للجذور، والتى تختلف شكلا ومضمونا عن أعمالهم وفكرهم الموسيقى. وأنا شخصيا باعتبارى مصريا من صعيد مصر فقد تربيت على الموسيقى الشعبية وعملت مع الريس «متقال» وغيرة ممكن يقدمون السيرة الشعبية، لذلك كنت متشبعا منذ صغرى بهذا الفن. وعندما وجدت الأوروبيين الذين تعاملت معهم فنيا مبهورين بفنونا الشعبية موسيقى وغناء، لم أتردد لحظة فى أن أقتحم هذا العالم القريب إلى قلبى وعقلى. وبالفعل خضت أكثر من تجربة فى هذا الأمر فى القاهرةوألمانيا وغيرها من دول أوروبا وأكثر من مرة جئت إلى مصر قاصدا الصعيد والصحراء الغربية مطروح وسيوة، وبالفعل كتبت مقطوعات موسيقية، تعبر عن تلك البيئة أشهرها سيوة وعزفها معى فريق كايرو ستبس وجميعهم ألمان. ثم انتقلت لمرحلة أخرى وهى مرحلة الاستعانة بعدد من المنشدين منهم «على الهلباوى» وآخرهم الشيخ «زين محمود» وهذا الرجل له قصة معى حيث إننى سمعته فى مصر وأوربا فقررت دعوته لعمل ورشة عمل معه فى ألمانيا، وخلال رحلتى معه فى القطار من فرانكفورت إلى كولن، قام بالغناء وانبهرت به الناس وتجمعوا حوله ثم استمع إليه أعضاء الفريق وانبهروا أيضا، وقالوا هذا اختراع، كل المقامات الموسيقية صوته راكب عليها. ويضيف درويش: «جاء واستمع إليه الألمان الذين انبهروا لأن هذه الحالة الروحية التى يقدمها نادرة وليست موجودة هناك، القائد الموسيقى الألمانى المايسترو سباستيان بمجرد أن استمع له قال يجب أن نتعاون مع هذا الرجل فى حفلاتنا فى أوروبا وبالفعل قمت بالاتصال بمتعهدة الحفلات المسئولة عن كايروستبسو التى تحمست له بعد أن شاهدته ب«الجلابية» و«العمة» إلى جانب صوته وتحمست لتقديمه فى أوبرا فرانكفورت. وقالت يجب أن يكون معكم فى حفلكم القادم، وقالت بالحرف أنا أريد هذا الرجل. وقال باسم، إن أهم ما يميز المزيكا عند زين، الحالة الفطرية التى يمتلكها هو يهتم بأشعار القرن ال11و 12 و13 يحفظها عن ظهر قلب خاصة أعمال بن العربى ورابعة وبن الفارض هو يخرج الأشعار على المزيكا حسب حالته، هو يدخل إلى المسرح دون أن يعد برنامجا معينا هو يدخل على المزيكا وكل مرة يرتجل أشعارا مختلفة عن الأخرى يرتجل على المزيكا. الألمان انبهروا. وهو يتحدث الفرنسية لأنه يمتلك مركزا فى مارسيليا لتعليم الفنون الشعبية كلها التنورة الغناء الشعبى والمديح والإنشاد كل شىء هناك، وفرنسا أعطته دعما. كما أنه تخصص فى السيرة الهلالية التى كان يقدمها شيخنا الكبير سيد الضو، واستطاع زين أن ياخد عنه السيرة. وقال اهتمام أوروبا والفرنسيين جعلهم يقدمونها فى معهد العالم الغربى واحنا هنا فى خبر كان. وأضاف باسم، شارك زين معى فى حفلات بالأوبرا المصرية، أهمها افتتاح مهرجان القلعة وحفل آخر بأوبرا الإسكندرية، وأرى أنه نقلنا نقلة كبيرة وأنتجنا فى ظرف 72 ساعة، أغنية 5 دقائق ووجدت منتجا تحمس للعمل، ودائما ما أحاول قدر المستطاع أن أجلس معه قى جلسات عمل، لأنه يمتلك جواهر، ودورى أنا هو توثيق أعماله. وأضاف أنا والشيخ زين من بنى مزار المنطقة التى شهدت خروج الصوفية والرفاعية والشاذلية، وكنا كل سنة فى المولد النبوى الشريف، نحضر الليالى مسلمين ومسيحيين، والجميل أن الرعاة وقتها كانوا عجلاتى وبقال وقهوجى، هم الذين كانوا يتولون أمر تنظيم الليالى والموالد، كانت حجرتى أمام المسجد الذى يستقبل المداحين منهم والد زين وأخيه وجده. وقال باسم إن مشروعى القومى الكبير هو توثيق التراث المصرى بكل ما يحتويه القبطى والإسلامى. هذا هو مشروعى الحلم. فالأوروبيون يزورون مصر لتجميع التراث ومعرفة الآلات الشعبية للمصريين، فقلت لنفسى لماذا لا أقوم كمصرى بالاتجاه نحو تراثى الشعبى لاننى سوف أكون أكثر حرصا عليه. تحدثت مع الشيخ زين محمود عن بدايته وكيفية الانتقال إلى أوربا وبالتحديد فرنسا، وكيف استطاع أن ينقل إليهم فنوننا الشعبيه. قال: «البدايه كانت المديح فى بنى مزار وأنا عندى 13 سنة، وبعد وفاة شقيقى أخذت مكانه، وكان الحلم الأكبر هو أن أغنى الموال الشعبى والقصصى والسيرة، كنت أسمع بدر أبو حسين فى إذاعة الشعب يغنى حواديت السيرة وبعد سن 24 سنة اتجهت إلى الموال القصصى والشعبى وتعلمت السيرة عند عم سيد الضو سنة 1994، وتعلمت الإطار العام لها أو أهم حاجة «أبوزيد كيف ولد ومتى وكيف عاش؟ ثم اتجهت لموال لحسن ونعيمة وأدهم الشرقاوى ونعسة وأيوبو شفيقه ومتولى والأغانى القديمة. ثم اتجهت للسينما فى فيلم باب الشمس قدمت فيها يبكى ويضحك و«جنينة الأسماك» و«الأوله فى الغرام» و«أحلام حقيقية» و«ألوان السما السبعة» و«أكبر الكبائر» و هو فيلم قصير. ثم سافرت إلى مارسيليا وهى محطتى الثالثة العالمية قدمت فيها نفس ما أقدمه المديح مع موسيقى معاصرة غربية، وكنت أزور فرنسا من سنة 94 حتى عام 1998، حيث كنت أقدم حفلات فى معهد العالم العربى مديح من صعيد مصر وعام 1998 قمت بإنشاء بيت الثقافة الشرقية فى مارسيليا، والحمد لله كانوا تلاميذى خليط من فرنسا وتونس والمغرب عملت الكورال الصوفى الذى يقدم الأعمال القديمة وكان يتكون من 6 فتيات فرنسيات كن يغنين من أشعار بن الفارض والحلاج وأخرى تراثية قديمة كما قمت بتكوين كورال آخر مهمته الفلكلور، وقال الحمد لله تغلبت على اختلاف اللهجة، لأن الله سبحانه وتعالى، أعطانى شيئا من عنده، وهو كسر اللغة الناس تاخدها منى بسرعه بما فيها تعطيش حرف ال«جيم». فكنت عندما تستمع إلى المغنية الفرنسية تشعر أنها من الصعيد. وكنت أدرس فى الورش تعليم الفن الشعبى القديم والأغانى مثل المنولوج والأراجوز والموال القصصى والسيرة ومنولوج شكوكو وإسماعيل ياسين لانه لا يجوز أن نترك تراثنا ينقرض وهناك أعمال أم كلثوم ايضا أقدمها وأنا أتابع بنفسى الطلاب ومعى ابنى ربيع الذى يعلم الأطفال ويزرع بداخلهم حب التراث. وقال زين ما يجذب الأوروبيين للفن الشعبى الأداء المختلف والموسيقى والزى الشعبى أيضا له دور. الموضوع عندهم مختلف. الغرب يندمج مع المزيكا بشكل رائع، فالبنات والشباب كانوا يتحركون معى وكأنهم فى حلقة ذكر وهذا دليل انسجام وتفاعل وكنت عندما أراهم متفاعلين ازداد الغوص داخل نفسى لاستخراج كل ما بداخلى من طاقه إبداعية. ودخلت أيضا مسارح كبيرة منها مسرح «لاموزيك» فى مارسيليا وهناك تجد الجمهور مختلفا صامتا، وبعد الانتهاء تجد عاصفة من التصفيق تستمر لعشر دقائق حتى نعيد أحد الأعمال. وحول ترشيحه للمشاركة فى أوبرا فرانكفورت ورهبة الأمر، قال الحكاية عندى لا تختلف، بالنسبة لى التراث هو التراث لا يهمنى المكان أو نوع الحضور سواء كان وزيرا أو خفيرا، الفن لا يختلف فى أوبرا أو فى حديقة. وقال زين فرقتى تتكون من عازفين للعود والكمان والناى والطبلة والرق وفرقتى تضم تونسى ومغربى وسورى وفرنسى. كما أننى أضم لها ما شئت حسب العمل المقدم سبق لى، أنا اشتلغت مع مغنيه فرنسية اسمها أرتين عام 2009 حيث قدمنا موال حسن ونعيمة فى أوبريت وقامت بغنائه بالفرنسية حتى يفهم الجمهور الحكاية، وكانوا سعداء بغناء هذه المغنية وأطلقوا علينا «ازيسو ازوريس» وكان الأوبريت غنا ورقص شعبى، والواقع أن الاهتمام فى الخارج أفضل والمهتمين بى ناس لهم ثقافات خاصة. وحول موهبته فى الارتجال باختيار اشعار تكون وليدة اللحظة سواء من تأليفه أو من أشعار تراثية، قال عندما أصعد للحفل اسمع المزيكا وأبدأ فى الغناء دون أن أكون قد قمت بتحضير شىء وأغنى الأشعار بعد سماعى للموسيقى وأحيانا أغنى من اشعارى الخاصة كارتجال. لذلك تجدنى فى حفل أغنى شيئا وفى حفل اخرتجدنى أغنى على نفس الموسيقى شيئا آخر. الموسيقى وحالتى وقتها هى التى توجهنى. وقال زين إن الموالد هى ميلادى أنا ولدت فنيا بداخلها مع أخى ومع جدى ومع أبى ذكر وفن شعبى ورقص التحطيب وأرجوز كل هذا أثر بداخلى لذلك كنت حزين أنها تنقرض لذلك قرت العودة لمصر أخيرا رغبة فى إعادة إحيائها. وعن كيفية التعامل فى أوروبا قال: «والله فنك هو الذى يقدمك طالما وصل المعنى والرسالة للناس ستجد كل الأبواب تفتح لك». وكان هدفى هو أن تصل رسالتى وتراث بلدى للناس فقدت كل ما هو جيد وإجادتى لفنى هى التى قدمتنى للعالم هناك لم أكذب عليهم كنت اعيش بطبيعتى وفطرتى التى ولدت عليها. وكنت عندما أدخل أى مكان لا أعتبر نفسى فى دولة غريبة لأن الفن يوحد الشعوب. وعن الذين يدعون العالمية قال الموضوع يتلخص فى كلمتين بعيدا عن الكلام الذى يعتمد على الشو وهو أنه من جد وجد ومن زرع حصد الناس الحكاية ليست تقديم أغنية «تفرقع» ثم تنام فى الخط. وعن كيفية الوصول للعالمية، قال تبدأ بحب الشىءالذى تقدمه إخلاص بعيدا عن التجارة والثراء والرغبة فى ركوب سيارة قدر الفن يقدرك. وقدم فنك أنت وليس فن الآخرين.